Teachings Stories
Teachings Stories
Teachings Stories
اا
ا
ا ا
وزارة ا ا وا ا
"! وه
ان
ا<;
اف: إ6اد ا:89
ﺃ.ﺩ .ﻣﻄﻬﺮﻱ ﺻﻔﻴﺔ ﺩﺭﻗﺎﻭﻱ ﻣﺨﺘﺎﺭ
1
ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
2
ﺇﻫﺪﺍﺀ
ﺃﻫﺪﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻊ :
3
ﻣﻘﺪﻣـــﺔ
4
ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﳌﻌﲎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﺸﺮﻑ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺻﻌﺎﺑﺎ ﻋﻠﻰ
ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﳌﻔﻬﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ،ﻭﺗﻜﺎﺩ ﺗﺘﻤﺤﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻌﺎﺏ ﰲ ﺇﳚﺎﺩ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ
ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺘﺒﺔ ﻟﺘﺒﺼﺮ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺗﻌﻘﹼﻞ ﺩﻻﻻﺗﻪ ﺩﻭﻥ ﻋﻮﺹ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﳌﺸﻬﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻵﱐ
ﺍﺟﺘﺮﺍﺣﺎ ﻭﻏﺰﻭﺍ ﻟﻠﻤﻨﺎﻫﺞ ﻭﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﺪﻑ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﻫﺎﻥ ﻭﻛﺸﻒ ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ ﻋﻦ
ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺃﳕﺎﻁ ﺗﺸ ﹼﻜﻠﻬﺎ.
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﳝﺪﻧﺎ ﲟﺸﺮﻭﻉ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻫﺎﻡ
ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﲜﺴﺎﺭﺓ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﻭﲢﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻭﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ ،ﲟﺎ ﻳﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ
ﻓﻜﺮﻱ ﻋﻤﻴﻖ ﺍﳕﺎﺯ ﺑﻪ ﺃﻫﻠﻪ ،ﺇ ﹼﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﲟﻨﻬﺞ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ
ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ.
ﺇ ﹼﻥ ﻣﺴﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻗﺪ ﺗﺪﺭﺝ ﺿﻤﻦ ﺛﻼﺙ ﻧﻘﻼﺕ ،ﺍﺳﺘﻬﺪﻑ ﺃﻭﻝ ﻧﺸﺄﺗﻪ ﺇﺑﺮﺍﺯ
ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺍﹸﺳﺘﺜﻤﺮ ﻻﺣﻘﺎ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﻣﺒﺎﺷﺮﺓ
ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻴﻮﻡ -ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ -ﺭﺩﻓﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻭﻣﺎﺩﺓ ﻧﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﻨﺘﺄﻣﻠﻬﺎ
ﺴﺮﻫﺎ ﻭﻧﻘﺎﺭﺎ ﲟﺎ ﺍﺳﺘﺠﺪ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ.
ﻭﻧﻔ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻻ ﺗﻌﲏ ﺍﺟﺘﺮﺍﺭﺍ ﺃﺑﺪﻳﺎ ﻟﻔﺤﻮﺍﻩ ،ﻭﻻ ﺧﻠﻘﺎ ﻃﺎﺋﺸﺎ
ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﻮﺩﺓ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻣﻨﺎﺹ ﻣﻨﻬﺎ
ﻭﻫﻲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻣﻜﻮﻥ ﻓﺎﻋﻞ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺍﳍﺮﻡ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻷﻳﺔ ﺃﻣﺔ ،ﻭﺃﺛﺮ ﺃﺛﻴﻞ ﰲ ﻭﻋﻴﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ
ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﺭﻛﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ.
ﺗﻀﻄﺮﻧﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﱃ ﲢﺮﻳﻚ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﺮﺍﻛﺎ ﺟﺪﻟﻴﺎ ﺗﺄﻭﻳﻠﻴﺎ ،ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ
ﻣﺒﺪﺃ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺑﲔ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻄﻊ ﺷﺄﻭﺍ
ﺑﻌﻴﺪﺍ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﺎﻝ .ﰲ ﻛﻨﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﺐ ﻳﻨﺪﺭﺝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﳓﻦ
ﺑﺼﺪﺩﻩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻪ ﻳﻌﲎ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻌﻤﻖ ﰲ ﺍﳌﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ
أ
5
ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﻗﺎﺻﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺃﺑﻨﻴﺘﻪ ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﱵ
ﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﺟﻠﻮ ﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺇﺑﺎﻧﺔ ﻣﻘﺎﺻﺪﻩ.
ﻭﻳﻘﻮﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺭﺋﻴﺴﺔ ،ﺗﻠﺨﺼﻬﺎ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ
ﺍﻵﺗﻴﺔ :ﻛﻴﻒ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﳌﻌﲎ؟ ،ﻣﺎ ﻫﻲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﰲ
ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ؟ ،ﻭﻣﺎ ﻣﻮﻗﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﰲ ﻛﻨﻒ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ؟.
ﻭﻗﺪ ﺣﺮﺹ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺃﻫ ﻢ ﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﳌﻮﺯﻋﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ
ﻛﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ )ﺗـ204ﻫـ(،ﻭﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻟﻠﺠﻮﻳﲏ )473ﻫـ(،ﻭﺍﻷﺻﻮﻝ ﻟﺴﺮﺧﺴﻲ )490ﻫـ(
ﻭﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻷﰊ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ )505ﻫـ( ،ﻭﺍﶈﺼﻮﻝ ﻭﺍﳌﻌﺎﱂ ﻟﻔﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ )606ﻫـ(
ﻭﱂ ﻧﺸﺄ ﺣﺼﺮ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻭﺇﻋﺼﺎﻣﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻛ ﹼﻞ
ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻭﲡﺰﺋﺘﻪ ﻭﺑﺘﺮﻩ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻳﻌ ﺪ ﺗﺸﻮﻳﻬﺎ ﻟﻪ ﻭﺗﻀﻠﻴﻼ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ،ﻟﺬﻟﻚ
ﺍﹶﻋﺘﻘﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻜ ﹼﻞ -ﻭﺍﻟﻜ ﹼﻞ ﻫﻨﺎ ﺍﳌﻨﺘﺞ ﺍﻷﺻﻮﱄ -ﻳﻌﲏ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ
ﻭﺇﻧﺼﺎﻓﻪ.
-2ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ :ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻟﻠﻤﻌﲎ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﻘﹼﺐ
ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻟﻠﻤﺤﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﺑﺪﺀﺍ ﻣﻦ
ب6
، CH.S. PeirceﻭﻣﻮﺭﻳﺲCharles Morris ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ،De Saussureﻭﺑﲑﺱ
ﺇﱃ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﱪﻯ ،ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ
ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﲏ ﻟﻠﻤﻌﲎ ،ﻭﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ.
-4ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﻋﺎﻡ
ﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺘﻴﻢ ،ﺍﻟﱵ ﲣﺮﺝ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﺇﱃ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳋﻔﺎﺀ ،ﹼﰒ ﺗﺘﺒﻊ
ﺃﳕﺎﻁ ﺃﻭ ﻃﺮﻕ ﺍﳌﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﺘﺮﺣﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﻭﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﲣﺮﺝ ﻋﻦ
ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺮﻑ ،ﻭﺍﳊﺬﻑ ،ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ،ﻭﳌﹼﺎ ﻛﺎﻥ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ
ﳝﺜﹼﻞ ﺭﻣﺰﺍ ﻭﻣﻌﻠﻤﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ﰲ ﻣﲑﺍﺙ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺧﺼﺼﻨﺎ ﻟﻪ ﺣﻴﺰﺍ ﻧﻌﺮﺽ ﻓﻴﻪ
ﺭﻛﺎﻣﻪ ﺍﳌﺴﺎﻗﻲ ﺍﲡﺎﻩ ﺍﳌﻌﲎ.
-5ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﻳﺮﻧﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺇﱃ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﲔ
ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ،ﻭﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺗﻌﻘﹼﺐ ﻭﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ،ﰒ ﺟﻨﺤﻨﺎ ﺇﱃ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ
ﻭﺍﺳﺘﺤﺪﺍﺙ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻟﺴﺎﱐ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻋﺰﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﹼﰒ ﺧﺼﺼﻨﺎ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻧﻌﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻫ ﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﻗﻬﺎ
ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻣﻊ ﻣﻘﺎﺭﻧﺘﻬﺎ ﲟﺎ ﺍﺳﺘﺠﺪ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﺍﳌﻌﻴﺶ ﻣﻦ
ﻣﻌﺎﺭﻑ ﻭﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺕ.
ج7
-6ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ :ﹼﰎ ﲣﺼﻴﺼﻪ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻭﺃﻫﻢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ
ﺍﻟﱵ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻗﺎﻃﺒﺔ ،ﻣﺸﲑﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﻌﺒﻪ -ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ -ﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﻭﺗﺼﻮﺭ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻓﺄﺷﺮﻧﺎ ﺇﱃ :ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﳋﺼﻮﺹ ،ﻭﺍﳌﻄﻠﻖ
ﻭﺍﳌﻘﻴﺪ ،ﻭﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ،ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ.
-7ﺧﺎﲤﺔ :ﺿﻤﻨﺎﻫﺎ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﱵ ﺣﻘﻘﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﺘﻮﺍﺿﻊ.
ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﺍﳌﻨﺎﻫﺞ ﺍﳌﺴﺘﻌﺎﻥ ﺎ ﻟﺘﻌﺪﺩ ﻣﻨﺎﺣﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺗﺸﻌﺐ ﻣﺒﺎﺣﺜﻪ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ
ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﻮﺻﻔﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﰲ ﺗﻘﺼﻲ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺸﻘﻴﻬﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﻓﻘﺪ ﲤﺜﻠﻨﺎ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ :ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ
ﻭﺍﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﻠﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﳌﻘﺎﺭﻥ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎﻁ ﺍﻻﺋﺘﻼﻑ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺰﺧﻢ ﻭﺍﻟﺮﺻﻴﺪ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﻣﺜﻴﻠﻪ
ﺍﻟﻐﺮﰊ.
ه
9
ـ
ﻣﺪﺧﻞ ﻋﺎﻡ ﺇﱃ :
-ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ.
-ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ.
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ .
-ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
-ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
10
ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ :
ﻟﻘﺪ ﺃﻓﺮﺯ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﺷﺎﻣﻠﺔ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻔﺴﺮ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ
ﺗﻔﺴﲑﺍ ﻳﻀﻄﻠﻊ ﲟﻜﺎﻧﺔ ﻭﺭﺗﺒﺔ ﻫﺎﻣﺔ ،ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﲟﺪﻯ ﺃﳘﹼﻴﺔ ﺗﻜﺜﻴﻒ
ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺨﻠﻮﺹ ﲜﻼﺀ ﺇﱃ ﲢﻠﻴﻞ ﻣﺴﺘﺴﺎﻍ ،ﻭﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ
ﺍﳌﺘﻮﻃﹼﻨﺔ ﰲ ﻣﲑﺍﺙ ﻭﻣﻈﺎ ﹼﻥ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻃﺮﺣﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ
ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ،ﺃﻣﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻋﻮﺹ ﻭﻻ ﺣﻮﺹ) (1ﺍﺳﺘﻠﻬﺎﻡ ﻭﺟﻠﻮ
ﺩﻻﻻﺕ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺑﺈﻳﻐﺎﻝ ﻓﻜﺮ ﰲ ﻣﻘﺎﺻﺪﻩ ﻭﺃﳕﺎﻁ ﺗﺸﻜﹼﻠﻪ.
ﻳﻌ ﺪ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ) (2ﺑﻼ ﺷﻚ ﺣﻘﻼ ﺧﺼﺒﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻝ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺠﺎ
ﻟﻠﺘﻔﻜﲑ ﻭﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ،ﻓﻬﻮ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﲡﻞ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻜﺲ
ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺳﺎﻟﻔﺔ ﺫﺍﺕ ﺃﻓﻖ ﺭﺣﺐ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ .ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻣﺎﻓﺘﺌﺖ ﺗﺴﺘﻠﻬﻢ
ﺍﳉﻮﻫﺮ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻭﺗﻨﺘﺞ ﻟﻨﺎ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﺗﺮﻋﺮﻋﺖ ﻭﻠﺖ ﻣﻦ ﻣﻌﲔ ﺍﻟﻨﺺ
ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﺇﺷﻌﺎﻉ ﻭﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻮﺟﻴﻪ ﰲ ﺑﻌﺚ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﻜﻞ
ﺻﻨﻮﻓﻬﺎ.
)"-(1ﺍﳊﻮﺹ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺿﻴﻖ ﺍﻟﺸﻲﺀ" "،ﺍﻟﻌﻮﺹ ﺃﺻﻞ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺔ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ" .ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﲢـ
ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮﻭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.721-289
)-(2ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻢ ﻣﺆﱠﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﺼﻄﻠﺤﲔ ،ﺍﻷﺻﻞ ﻭﻫﻮ ﺍﶈﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﻫﻮ ﻓﻬﻢ ﻏﺮﺽ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻴﺎﺎ ﲝﻴﺚ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻮﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ .ﻭﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﲔ
ﻳﺼﺒﺢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﳎﻤﻮﻉ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻹﲨﺎﻝ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺎ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺴﺘﺪﻝ ﺎ .ﻳﻨﻈﺮ
ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢﻘﻴﻖ ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﻮﺩ ﻣﻌﻮﺽ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ2
ﺳﻨﺔ 1999-1420ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ،ﺹ.7-6-5
ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﻇﻬﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻊ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺘﻪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ
ﻭﺑﻌﺪﻩ ﱂ ﻳﺒﻖ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﺳﺎﻛﻨﺎ ،ﺑﻞ ﺃﺧﺬ ﻳﻨﻤﻮ ﻭﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮﺕ ﻣﺪﺭﺳﺘﺎﻥ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﲔ
ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻘﺪ ﺍﻣﺘﺰﺟﺖ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ ﻭﻛﺜﺮ ﺗﻔﺮﻳﻊ ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ
ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻭ ﺍﻟﺸﻮﺍﻫﺪ ،ﻭﺑﻨﻴﺖ ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻜﺖ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ .ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻤﺴﺘﻨﺪﻩ ﻣﺪﺍﺭﻙ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﰲ
ﲡﺮﻳﺪ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺃﻱ ﹸﻃﺮﻕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ.
ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﺪ ﻣﻔﻜﺮﻱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،1984 ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .88
11
ﻭﻗﺪ ﺃﻟﻔﻴﻨﺎ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﻘﻴﻤﺔ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﻭﻣﺮﺗﺴﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻵﱐ ﲟﺎ ﻳﻨﺒﺊ
ﻋﻦ ﺍﳊﻀﻮﺭ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻟﻠﻤﻮﺭﻭﺙ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﺩﻭﺭﹺﻩ ﰲ ﺇﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻓﻘﺪ
ﺫﻫﺐ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻔﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﺎ
ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻓﻘﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺣﲔ ﻧﻘﻮﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﺎ
ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻓﻠﺴﻔﺔ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ﺣﲔ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺑﺄﺎ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻋﻠﻢ ﻭﺗﻘﻨﻴﺔ.
ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﺄﻛﻴﺪﺍ ﺑﻘﻮﻟﻪ"ﺇﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺈﻥ ﻣ ﻬﻤﺔ
ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﻭﺣﺪﻩ؛ ﺑﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﻤﺎ
ﺗﻜﻮﻥ ﻭﻣﺎﺭﺱ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﰲ
ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻻ ﺗﻘﻞ ﺃﳘﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﳌﻨﻬﺞ
) (1
ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ".
ﰲ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻧﺘﻔﻖ ﰲ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﻊ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ﻭﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺃﻫ ﻢ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﻌﺮ ﹼ
ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺴﺎﻭﻯ ﰲ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﺇﻥ ﱂ ﻳﺰﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ
"ﻓﻜﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﺘﺴﻊ ﻭﻃﺮﻕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ ﻣﺘﺸﻌﺒﺔ ،ﻓﻜﺘﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﻀﺒﻂ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﱐ
ﺍﻟ ﹼﻈﺎﻫﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ
ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺇﺫﻥ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻻ ﻳﺘﻌ ﺮﺽ ﳍﺎ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻭ ﻻ ﺗﻘﺘﻀﻴﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻨﺤﻮ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ
)(2
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺧﺎﺹ ﻭ ﺃﺩﻟﹼﺔ ﺧﺎﺻﺔ".
ﻟﻘﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﳌﻌﲎ ﻻﺑ ﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻋﺪﺓ ؛ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﹼﻠﻖ
ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﹼﻠﻖ ﲟﻘﺼﻮﺩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ
ﻭﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ" :ﺍﻋﻠﻢ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻦ ﱂ ﳛﻜﻢ ﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻇﻬــﻮﺭ
) (1ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﺳﻨﺔ ، 1984ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .100
) (2ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﺪ ﻣﻔﻜﺮﻱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺳﻨﺔ ، 1984ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ . 91
12
ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺗﺎﺭﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺮﰲ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﺇﻣﺎ ﰲ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ
ﻭ ﺇﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﺮﻛﹼﺒﺔ ،ﻭ ﺗﺎﺭﺓ ﲟﺎ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻌﻠﻬﺎ ﳎﺎﺯﺍ ،ﻭ ﺗﺎﺭﺓ ﲟﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ
ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺘﻜﻠﱢﻢ ﻭ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﻭ ﺍﳌﺘﻜﻠﱠﻢ ﻓﻴﻪ ﻭ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﻦ ﺃﺣﺪ ﳏﺘﻤﻼﺕ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﺃﻭ ﻳﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﻫﻮ ﳎﺎﺯﻩ ،ﺇﱃ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻄﻲ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺻﻔﺔ
)(1
ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ،ﻭ ﺇﻻ ﻓﻘـﺪ ﻳﺘﺨﺒﻂ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ" .
ﻭﻗﺪ ﺗﺎﺑﻊ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺑﺘﺄﻛﻴﺪﻩ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺪﻻﻻﺕ ﰲ ﺇﺛﺒﺎﺕ
ﺃﳕﺎﻁ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :ﳌﹼﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ
ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﺻﺢ ﺍﻹﻓﻬﺎﻡ ﻭﺃﺳﻌﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﳋﻄﺎﺏ ﻣﺎ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻓﻴﻪ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ
ﻭ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻔﻘﻪ ")،(2ﺬﺍ ﺗﺒﻴﻦ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻔﻄﹼﻦ ﻭﺃﺩﺭﻙ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻟﻴﺲ ﻣﺴﻨﺪﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ )ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ( ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ
ﻻﺳﺘﺠﻼﺀ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭ ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺃﺧﺬ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ
ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻭﺍﺳﻌﺎ ،ﲝﻴﺚ ﺃﺻﺒﺢ ﻳﻌﲏ ﻭﻳﻔﺮﺽ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺪﻕ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻜﻠﹼﻢ ﻟﻐﺔ ﻣﺎ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ
)(3
ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺇﻻ ﲟﻮﺟﺐ ﺛﻼﺙ ﺁﻟﻴﺎﺕ:
-ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ :ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻜﺎﰲ ﻟﻠﻤﻮﺍﺿﻌﺎﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ؛ﺃﻱ ﲤﻠﹼﻚ ﺍﻷﻧﺴﺎﻕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ
ﲤﻠﻜﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺷﻴﺌﲔ ،ﺍﻷﻭﻝ :ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻭ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺣﺴﻦ ﺍﻹﺳﻘﺎﻁ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ .
) (1ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺔ :ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﲨﻌﻬﺎ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﻭﻭﻟﺪﻩ ﳏﻤﺪ ،ﲢﻘﻴﻖ ﻋﺎﻣﺮ ﺍﳉﺰﺍﺭ ﻭ ﺃﻧﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﺯ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ،ﻁ، 1997، 1ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ .129-128 /5ﻭ ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﲢﻘﻴﻖ ﳏﻤﺪ ﺭﺷﺎﺩ ﺳﺎﱂ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ
ﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ .10/1 ، 1983ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ 5،1399ﻫـ،ﺑﲑﻭﺕ
ﺹ .77
) (2ﺍﻟﺼﻮﺍﻋﻖ ﺍﳌﺮﺳﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻬﻴﺔ ﻭ ﺍﳌﻌ ﹼﻄﻠﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺣﻘﻘﻪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺪﺧﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،ﻁ، 3ﺳﻨﺔ
1998 1418ﻡ ،ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ،ﺹ .501-500
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ، 2004ﺑﲑﻭﺕ
ﺹ .38
13
-ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﲤﻜﹼﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﰲ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳌﻌﲎ.
-ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﺃ ﹼﱂ ﺑﺄﺻﻮﻝ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ،ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻌﻔﻨﺎ ﰲ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ
ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻭﺭ.
ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻻﺑ ﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﺍﻓﺮﻫﺎ ﰲ ﺍﺘﻬـﺪ
ﻭﺍﳌﻔﱵ ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭ ﺭﲰﻬﺎ ﻭ ﺑﻴﻨﻬﺎ ؛ﻟﻜﻲ ﻳﺴﲑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻭ ﻳﺒﲏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺘﺎﻭﻳﻪ
ﻭ ﻣﱪﺭ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺳﻌﺔ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭ ﻛﺜﺮﺓ ﻭﺟﻮﻫﻪ ﻭ ﲨﺎﻉ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻭ ﺗﻔﺮﻗﻬﺎ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ
ﺃﳕﺎﻃﺎ ﻭﺃﻧﺴﺎﻗﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﳏﺪﺩﺍﺕ ﺗﻜﺸﻒ ﺍﳌﺮﺍﺩ ،ﻭ ﻻ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﺇﺫ ﺫﺍﻙ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ
ﺃﻭ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺘﺠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳌﻌﲎ ﻫﻮ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ )ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ(
ﲟﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﲢﺮﻳﺮﻫﺎ ﺩﻻﻟﻴﺎ ﻭ ﺣﱴ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺎ.
ﻓﻤﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ" ﺇﻥ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﳌﱰﻝ ﻓﺄﻧﺖ ﻃﺎﻟﻖ"،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺪﻻﻟ ﹸﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ
ﺃﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌ ﻲ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﻄﻼﻕ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﲟﻨﻈﺎﺭ ﻣﻘﺼﺪﻳﺔ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺘﺨﻮﻳﻒ ﻻ ﺇﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﱂ ﻳﻘﻊ ،ﻭﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ
ﺤﺚ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺍﳉﺎﺯﻡ ﺣﺼﻞ ﺍﻟﻄﻼﻕ) ،(1ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﹼﰎ ﺗﺴﻄﲑ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺒ
ﺍﻷﺻﻮﱄ"ﺍﻟﻌﱪﺓ ﺑﺎﳌﻘﺎﺻﺪ" ﺍﳌﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑـ "ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ"). (2
ﻱ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﺨﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ،ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ،ﲢـ:ﳏﻤﺪ ﺣﺴﻦ
) (1ﻳﻨﻈﺮﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺍﻟﺪﺭ
ﻋﻮﺍﺩ ﺩﺍﺭ ﻋﻤﺎﺭ ،ﻁ، 1985، 1ﺍﻷﺭﺩﻥ ،ﺹ.205
) (2ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ "ﺑﺪﺀ ﺍﻟﻮﺣﻲ" (9/1):ﻭﻣﺴﻠﻢ ﰲ "ﺍﻹﻣﺎﺭﺓ (35/13):ﻭﻏﲑﳘﺎ.
14
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ:
ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎ ﻟﻠﺘﺨﺎﻃﺐ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﺩﺙ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻭﺭ pragmatiqueﻳﺘﺮﲨﻬﺎ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﻮﻥ ﺑﻌ ﺪﺓ ﺗﺮﲨﺎﺕ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ،ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﻭﻋﻠﻢ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ
ﻭﺍﻹﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻗﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺬﺭﺍﺋﻌﻴﺔ ،ﻭﺣﱴ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ .ﺗﻌ ﺪ ﻋﻠﻤﺎ ﻣﺘﻔﺮﻋﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ
ﺺ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﺭﻧﺎﺏ R.Carnapﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺑﻞ ﻫﻲ "ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ") (1ﻛﻤﺎ ﻧ
ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﺘﻜﻢ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ
ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﳌﺘﻠ ﻔّﻆ ﻭﺍﳌﺘﻠﻔﱠﻆ ﺑﻪ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ.
ﻭﺗﺮﻛﹼﺰ ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ ﻭﻋﻨﺎﺻﺮ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﳏ ﺪﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ
ﺇﱃ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺪﻯ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺪﻳﺔ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ
ﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﺑﲔ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻟﺴﺎﻧﻴﺎ ﻭﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻟﻠﻜﺸﻒ
ﻋﻦ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺤ ﹼﻜﻢ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺳﻴﺎﻗﻴﺎ).(2
ﻭﳍﺎ ﰲ ﺍﳌﺆﹼﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻋ ﺪﺓ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ:
-ﺷﺎﺭﻝ ﻣﻮﺭﻳﺲ ": Charles Morrisﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﰿ
ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻭﻣﺴﺘﺨﺪﻣﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ").(3
-ﺁﻥ ﻣﺎﺭﻱ ﺩﻳﻠﺮ ) (Anne Marie Dillerﻭﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍ ﺭﻳﻜﺎﻧﺎﰐ) François
": (Récanatiﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ").(4
ــــــــــ
(1)-La pragmatique, Françoise Armenguad ,puf ,4 em Édition
1999 ,p3.
)-(2ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻧﻘﺪﻳﺎ ،ﻣﻌﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﻲ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻷﺩﻳﺐ ،ﻉ ،58ﺳﻨﺔ ،2005ﺑﻐﺪﺍﺩ ،ﺹ.22
(3)-Fondements des théories des signes, Charles Morris, in langage. n
°35.Septembre 1974. P19.
)-(4ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍﺯ ﺃﺭﻣﻴﻨﻜﻮ ،ﺗﺮ :ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻮﺵ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺹ.80
15
-ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍﺯ ﺃﺭﻣﻴﻨﻜﻮ ) ":(Françoise Arminguadﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻭﺑﺘﻮ ﺳﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﻫﻲ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ").(1
-ﺟﻴﻒ ﻓﲑﺗﺸﲑﻥ ) (Jef Verschuerenﺫﻛﺮ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﻟﻠﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ
ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﺩﺃﺑﺖ ﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ ":ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻌﲏ ﺑﺎﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻢ
ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﲟﺆﻭﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻠﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ
ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﳊﻴﻮﻳﺔ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﻛﻞ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﺗﻈﻬﺮ ﰲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ").(2
ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺩﺩﺕ ﰲ
ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺑﺂﺧﺮ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﹼﺪ ﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ،ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺗﻴﻤﺔ ﻣﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﺗﺮﺍﺛﻨﺎ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﺴﺘﻘﻞ
ﺃﻭ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﻠﻤﺎ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺬﺍﺗﻪ ،ﰲ ﺣﲔ ﳒﺪ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻝ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻤﻴﺘﻪ ﰲ ﺗﺮﺍﺛﻨﺎ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﻳﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ
ﺣﻴﺰﺍ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻧﻌﺪﻡ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﳉﺎﺩﺓ ﻟﺼﻮﻍ ﻋﻠﻢ
ﻟﻠﺘﺨﺎﻃﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﺄﰐ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻭﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻪ ﻭﻣﻨﺎﻫﺠﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ
ﻋﻠﻲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ . Médiéval islamic pragmatics
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.11
) (2ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﲔ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻋﻴﺪ ﺑﻠﺒﻊ ،ﳎﻠﺔ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ،1ﻁ1
ﺳﻨﺔ ،2007ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.36
16
sémantique - pragmatique ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ:
ﺣﻮﻯ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﺼﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲢﻠﻴﻞ ﻭﺗﻔﺴﲑ
ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﲡﻠﹼﻴﺎﺗﻪ ،ﻭﻣﻦ ﺑﲔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻨﻔﺬ ﺇﱃ
ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻣﺎ ﲰﺎﻩ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﰲ ﻣﺼﻨﻔﺎﻢ ﺑﺎﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﻭﳘﺎ
ﺃﺩﺍﺗﺎﻥ ﺗﻨﻀﻮﻱ ﲢﺘﻬﻤﺎ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﺗﻜﻔﻞ ﻟﻨﺎ ﺗﻌﻴﲔ ﻣﻘﺼﺪﻳﺔ ﺍﳋﻄﺎﺏ
ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﳏﺘﻮﺍﺓ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻭ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﺧﺎﺭﺟﻪ.
ﻭﻣﺮ ﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻮﺯ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺃﻥ ﲦﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺑﲔ
ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﻭﺍﻟﻼﻓﻆ ،ﻭﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﻭ ﻣﻦ
ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﳏﺪﺩﺍﺕ ﺗﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ،ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ
ﻧﺸﺮﻉ ﰲ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﻭﺗﻠﻤﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃ ﹼﻥ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﰲ ﻛﻞ ﲝﺚ ﻟﻐﻮﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳌﺴﺘﻨﺒﻂ
ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﶈﻤﻮﻟﺔ -ﻻﺑ ﺪ ﺃﻥ ﻧﺼﻮﺏ ﺧﻠﻄﺎ ﻭﹶﻟﺒﺴﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺒﻌﺾ ﺃﻧﺴﺎﻕ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ،ﺍﻟﱵ ﳚﻌﻠﻬﺎ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺭﺳﲔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺪﻻﱄ* ،ﻭﻛﺄ ﹼﻥ
ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺬﺍ ﺍﻧﺼﻬﺮﺕ ﰲ ﺑﻮﺛﻘﺔ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺃﺻﺒﺤﺎ ﺳﻴﺎﻥ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﳓﻘﹼﻖ ﻋﻠﻤﺎ
ﺩﻻﺋﻠﻴﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻭﻋﻠﻤﺎ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﳓﺪﺩ ﺳﻠﻔﺎ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﳌﻌﻘﻮﺩﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﲨﻠﺔ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺗﻪ.
ــــــــــ
*ﻧﺸﲑ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺇﺩﻣﺎﺝ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﻟﺒﻌﺾ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﱂ ﻳﻜﻦ
ﻣﻦ ﺧﻮﺍﺀ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺗﺄﺛﺮﺍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻷﻗﺪﻣﲔ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﻛﹼﺰﻭﺍ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ -ﻭﺣﱴ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺇ ﹼﻻ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺒﺎﺣﺜﻪ ﺍﺧﺘﻠﻄﺖ ﲟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻮﺿﻊ ،ﻭﺇﺫ ﺗﻘﺮﺭ ﺇﳊﺎﻕ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﳌﻔﺴﺮﺓ ﻟﻘﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﻱ ﺑﻨﺎ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎﺴﺮﺓ ﻟﻠﻨﺺ -ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ -ﺑﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﺤﺮ ﺍﳌﻔ
ﳑﺎ ﺍﺳﺘﺠﺪ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺭﻑ .
17
ﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﲔ ﻳﻬﺘﻤﺎﻥ ﻭﻳﺴﻌﻴﺎﻥ ﺇﱃ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌ ﺪ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﳋﺼﺐ ﻻﺷ
ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﳍﻤﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺗﻮﺍﻓﻘﺎ ﰲ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺗﻌﲎ ﲟﺒﺎﺣﺚ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ؛ ﺃﻱ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺒﺎﺣﺚ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﰲ ﺣﲔ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ
ﻳﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﲎ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻳﻬﺘ ﻢ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳊﺮﰲ ﻟﻸﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﻭﺻﻔـﻬﺎ؛ﺃﻱ
ﺇﻧﻪ ﻳﺮﺍﻋﻲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻌﺠﻤﻲ ﻣﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪﻳﺔ )ﻣﻌﲎ ﺍﳉﻤﻠﺔ( ).(1
ﻭﻗﺪ ﻻﺣﻆ ﻣﻮﺭﻳﺲ Charles Morrisﺗﻘﺎﺭﺑﺎ ﺣﺎﺻﻼ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻨﺤﻮ ،ﻭﺭﺃﻯ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻣﻠﺤﺔ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﺇﺯﺍﺀ ﻋﻠﻮﻡ ﻭﻟﻴﺲ ﺇﺯﺍﺀ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻧﺴﺒﻴﺎ ،ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ
ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﻫﻲ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻓﺮﺿﻬﺎ ﺍﳊﻴﺰ ﺍﻷﺩﺍﺋﻲ ﻭﺍﺎﻝ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﻭﺍﳊﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﹼﰒ ﺧﻠﺺ ﺇﱃ
ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻳﺪﺭﺱ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻳﺪﺭﺱ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎﺀ
ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻝ ﻳﺪﺭﺱ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﲟﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻬﺎ).(2
ﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻤﲔ ﻫﻮ ﲤﻴﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﺑﲔ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ
ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺍﳉﻤﻞ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻛﻴﺎﻧﺎﺕ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﳎﺮﺩﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻌ ﺪ
ﲡﻠﻴﺎﺕ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻭﲢﻘﹼﻘﺎﺕ ﻭﲡﺴﺪﺍﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻼﻡ؛ ﲟﻌﲎ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻌﲎ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻳﺸﻜﹼﻞ
ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻣﻌﲎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻠﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ) ،(3ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ
ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﰲ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻭﺳﱳ
J.L.Austinﺣﻮﻝ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺪﺃ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻳﺘﻤﺤﻮﺭ ﺣﻮﻝ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ
ﳉﺮﺍﻳﺲ Paul Griceﰲ ﺳﻨﺔ ،1975ﻭﰲ ﺍﳌﺪﺓ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻮﺟﻪ ﳓﻮ ﻋﻠﻤﲔ
ﻭﺍﺳﻌﲔ ،ﻋﻠﻢ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﻘﺎﻡ ،ﻭﻋﻠﻢ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﺮﻧﺴﻮﺍﺯ ﺃﺭﻣﻴﻨﻜﻮ ،ﺗﺮ :ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻮﺵ ،ﺹ.21
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺹ.14-13
(2)- Fondements de la théorie des signes, Charles Morris .p 19.
)(3ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺹ.14
18
ﻭﺣﺼﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻤﲔ ﳝﻜﻦ ﺍﺧﺘﺰﺍﳍﺎ ﰲ ﻧﺺ ﻟﻴﺘﺶ ﺍﻵﰐ ":ﺍﻟﻔﺮﻕ
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ﺍﻟﻔﻌﻞ "ﻳﻌﲏ" ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺘﲔ ﺍﻵﺗﻴﺘﲔ:ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﲏ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﰲ ﺫﺍﺗﻪ؟
ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﲏ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ؟") ،(1ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﻨﺎ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﲑﻝ ﻣﻦ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺗﺒﺤﺚ ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻣﻘﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ) ،(2ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﻣﻌﲎ
ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ .ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻤﲔ ﺗﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺍﻵﰐ:
ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ
-1ﻳﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﲎ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﳜﺘﺺ ﲟﻔﺎﻫﻴﻢ -1ﻳﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ.
ﳜﺘﺺ ﺑﺎﻷﺛﺮ ،ﻭﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭﻳﺔ.
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻣﺘﻼﻛﻪ.
-2ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ:ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﲟﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻬﺎ -2ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ:
ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ -ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ-ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ. ﺃ-
ﺏ -ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ،ﻭﻋﻨﺎﺻﺮ ﺃﺧﺮﻯ.
-3ﻳﺪﺭﺱ ﺍﻟﻜﻼﻡ. ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ...
ﺕ -ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺑﺎﳊﻘﺎﺋﻖ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﱵ -4ﻳﺪﺭﺱ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ
ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﲡﻞ ﻓﻌﻠﻲ ﻭﲢﻘﻖ ﻭﲡﺴﺪ ﻋﻤﻠﻲ ﻟﻠﺠﻤﻞ ﺗﺸﲑ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻭﻳﺼﻨﻒ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ).(3 -3ﻳﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﻐﺔ.
-4ﻳﺪﺭﺱ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﳉﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﳉﻤﻠﺔ
ﻛﻴﺎﻧﺎﺕ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺔ).(3
ﻭﻟﻮ ﺃﻣﻌﻨﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ –ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ -ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻘﺎﺕ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺔ ﻭﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﺇﺳﻘﺎﻃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﻣﺆﺳﺲ ﻭﻣﻔﺼﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻧﺪﺭﻙ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻫﻮ
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﲔ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻋﻴﺪ ﺑﻠﺒﻌﻦ ﺹ.40
) (2ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ،ﺹ.40
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ،ﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ -ﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ ،ﺗﺮ:ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺩﻏﻔﻮﺱ
ﻭﳏﻤﺪ ﺍﻟﺸﻴﺒﺎﱐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.55
19
ﺗﻔﺮﻳﻖ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺘﻔﺮﻳﻖ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺑﲔ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ،ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ
ﻭ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻳﺪﺭﺳﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻳﺪﺭﺳﺎﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ
ﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺎ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ*.
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ :
ﻟﻘﺪ ﺗﻨﺒﻪ ﻋﻠﻤﺎﺅﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺇﱃ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ،ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﳌﺘﻘﺎﺭﺑﺔ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻋﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﰲ ﻣﺪ ﻭﻧﺘﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ »ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ « ﺇﱃ ﺗﻌﺮﻳﻒ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺧﺎﺻﺘﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺑﻪ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ،ﻭﻏﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ
ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺣﺼﺮ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺘﻘﺎﻃﻌﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻳﻼﺑﺴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ
ﻛﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ،ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ،ﻭﺍﻷﻣﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ":ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺗﻜﻮﻥ
ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻭﺟﻪ :
ﺼ ﺪ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﺃﻭﱂ ﻳﻘﺼﺪ )ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ -ﺃﺣﺪﻫﺎ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺑﻪ ،ﹶﻗ
ﺣﺪﺛﻬﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﻗﺼﺪ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ(.
*ﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻧﺸﲑ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺑﲔ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﺸ ﹼﻜﻞ ﺣﺴﺐ ﺑﻮﻝ ﺭﻳﻜﻮﺭ »ﻣﻔﺘﺎﺡ ﻣﺸﻜﻠﺔ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ«*،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﻝ ﺑﻪ ﻏﺮﳝﺎﺱ»:ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎﺕ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺗﺘﻤﺤﻮﺭ ﻭ ﺗﻨﺘﻈﻢ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ
ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ«**.ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻧﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﺮﻭﻕ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻤﲔ ﰲ ﻛﱪﻱ ﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ،ﻳﺮﻯ ﺑﻮﻝ
ﺭﻳﻜﻮﺭ ﺃﻥ "ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎﺕ ﻣﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ،ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﻤﻌﲏ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﲟﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻌﲎ"***.ﻭ ﻗﺪ ﺃ ﹼﻛﺪ ﺑﻴﺎﺭﺟﲑﻭ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺑﻮﻝ
ﺭﻳﻜﻮﺭ ،ﻓﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪﻩ »ﻳﺪﺭﺱ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﺭﺱ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ
)ﻟﻐﺔ،ﺭﻣﺰ،ﻣﺪﻟﻮﻝ( «****،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﺑﻪ ﺁﻥ ﺇﻳﻨﻮ »ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺪﻟﻮﻻﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ
ﻭﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺪﻟﻮﻻﺕ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ «*****.
*ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ-ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﻓﺎﺋﺾ ﺍﳌﻌﲎ، -ﺑﻮﻝ ﺭﻳﻜﻮﺭ ،ﺳﻌﻴﺪﺍﻟﻐﺎﳕﻲ ،ﺍﳌﻜﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ،2ﺳﻨﺔ ،2006ﺹ.248
**Sémiotique, dictionnaire raisonné de la théorie du langage, grimas et courtés
paris, éd, hachette, 1979, p352.
*** ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ،ﺑﻮﻝ ﺭﻳﻜﻮﺭ ،ﺗﺮ :ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻐﺎﳕﻲ،ﺹ .248
**** la sémantique, pierre Guiraud, éd, puf, paris, 1972, p5.
*****Les enjeux de la Sémiotique, Anne Hénault, éd, puf, 1979, p184.
20
-ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠﻤﺴﺆﻭﻝ» :ﺃ ﻋ ﺪ ﺩﻻﻟﺘﻚ«.
ﺸﺒﻬﺔ ،ﻳﻘﺎﻝ :ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ ﻛﺬﺍ ؛ﺃﻱ ﺷﺒﻬﺘﻪ. -ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟ
)(1
-ﻭ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻷﻣﺎﺭﺍﺕ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ :ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻛﺬﺍ «.
ﺇ ﹼﻥ ﺃﺩﱏ ﺗﺄﻣﻞ ﰲ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺃﰊ ﻫﻼﻝ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻤﻊ ﺍﻷﻭﺟﻪ
ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ؛ ﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺳﺒﻴﹸﻠﻚ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ.ﻭﻫﺬﺍ ﻇﺎﻫﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﻭﻗﺪ
ﳜﺘﻠﻂ ﻭﻳﻠﺘﺒﺲ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭ ﻫﻮ
ﺸﺒﻬﺔ ﻓﻬﻲ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ -ﻭ ﺇﻥ ﺍﻟ
ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﲞﻼﻑ ﺫﻟﻚ -ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷﻣﺎﺭﺓ ﻓﻬﻲ ﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﻭﺍﳌﻼﺑﺴﺔ ،ﻭ ﺇﻻ ﻓﺈﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻔﺎﺭﻗﺎ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ »ﻓﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﺎ ﻳﺆ ﺩﻱ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﺇﱃ
)(2
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻷﻣﺎﺭﺓ ﻣﺎ ﻳﺆ ﺩﻱ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﺇﱄ ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻟﻈ ﻦ «.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻓﺠﻤﺎﻉ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻴﻪ »ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﺎ ﻳﻤ ﹼﻜﻦ
ﻛﻞ ﻧﺎﻇﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻛﺎﻟﻌﺎﱂ ﳌﹼﺎ ﻛﺎﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﻞ
ﻣﺴﺘﺪ ﹼﻝ ﺑﻪ ،ﻭﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻪ ﺍﳌﹸﻌﻠﱠﻢ ﻟﻪ ،ﻭﻣﻦ ﺷﺎﺭﻛﻪ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﻛ ﹼﻞ
ﻭﺍﺣﺪ ،ﻛﺎﳊﺠﺮ ﲡﻌﻠﻪ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺪﻓﲔ ﺗﺪﻓﻨﻪ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻙ ،ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﻏﲑﻙ
ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﹼﻟﺎ ﺇﺫﺍ ﻭﺍﻓﻘﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ،ﻛﺎﻟﺘﺼﻔﻴﻖ ﲡﻌﻠﻪ ﻋﻼﻣﺔ ﻲﺀ ﺯﻳﺪ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ
ﺫﻟﻚ ﺩﻻﻟﺔ ﺇﹼﻟﺎ ﳌﻦ ﻳﻮﺍﻓﻘﻚ ﻋﻠﻴﻪ ،ﹼﰒ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﺰﻳﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﲔ ﺻﺎﺣﺒﻚ
ﻓﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﻪ ﻭ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﲣﺮﺝ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ
)(3
ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺎﻟﻌﻼﻣﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﺎﻻﻗﺘﻀﺎﺀ «.
)(1ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ،ﲢﻘﻴﻖ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﲏ ﻣﺪﻏﻤﺶ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ 1422ﻫـ
2002ﻡ ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ . 95
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ . 96
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ. 99 -98
21
ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﻨﻔﺎﺩ) (1ﺑﻮﻋﻲ ﺇﱃ ﺣﺼﺮ ﺍﺎﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻲ
ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳊﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ ﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﲟﺪﻯ ﺇﺩﺭﺍﻛﻬﻢ
ﳌﻀﺎﻣﲔ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺎﺕ ﻣﻬﻤﺎ ﺍﻟﺘﺒﺴﺖ ﻭﺍﺧﺘﻠﻄﺖ ﺑﻐﲑﻫﺎ ،ﻓﺎﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺍﳌﻘ ﺪﻣﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ
ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ،ﻓﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﳑﺎ ﻳﻼﺑﺴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ
ﳚﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺟﺎﻣﻊ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺩﻑ ،ﺃﻭ ﺍﺷﺘﺮﺍﻙ ،ﺃﻭ ﺗﻀﺎﺩ ،ﺃﻭ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﻓﻬﻲ ﲤﹼﺜﻞ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ
ﺗﺘﱰﻝ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﺟﻬﺎﺯ ﻋﻼﻣﺎﰐ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻭﺷﺮﻋﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ
ﻭﺍﻻﺻﻄﻼﺡ ،ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺑﻘﺎﺅﻩ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﲟﻌﲎ ﺃﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﳉﻬﺎﺯ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﰐ ﺭﻫﲔ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻭ ﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻭﺟﻮﺩ ﻭ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻳﺰﻳﻠﻮﺍ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺣﱴ "ﲣﺮﺝ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ
ﻋﻼﻣﺔ" ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﺷﺮﻃﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻘﻊ ﺍﻻﺻﻄﻼﺡ
ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﲔ ﻧﻔﺴﻚ »ﻛﺎﳊﺠﺮ ﲡﻌﻠﻪ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺪﻓﲔ ﺗﺪﻓﻨﻪ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻙ «
ﻓﻬﻲ ﺇﺫﻥ ﻓﻌـﻞ ﺍﺗﻔﺎﻗﻲ ﺗﻮﺍﺿﻌﻲ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﻌﻞ ﺍﻗﺘﻀﺎﺋﻲ.
ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻌﺮﺏ:
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻛﺸﺎﻑ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺗﻨﻘﺴﻢ ﺇﱃ ﻟﻔﻈﻴﺔ ﻭﻏﲑ ﻟﻔﻈﻴﺔ
ﻓﺎﻟﺪﺍﻝ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻔﻈﺎ ﻓﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﻟﻔﻈﻴﺔ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﲑ ﻟﻔﻆ ﻓﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﻏﲑ ﻟﻔﻈﻴﺔ ،ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ
ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﺗﻨﻘﺴﻢ ﺇﱃ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻭﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﻭﺿﻌﻴﺔ)،(2ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻨﻴﻨﺎ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻡ
ﺍﻷﻭﻝ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﺑﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺎ ؛ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳌﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻳﻌﺪ ﻧﺼﺎ ﻣﻠﻔﻮﻇﺎ
ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﻛﻤﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻌﻼﻣﺎﺕ ﻣﻨﻄﻮﻗﺔ ،ﻭﻣﻌﻈﻢ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ
ﺗﻘﻊ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ،ﹼﰒ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ ﻭﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ ﻋﻤﻮﻣــﺎ
)» (1ﻧ ﻔﺪ ...ﻧﻔﺎﺩﺍ ...ﺍﻧﺘﻔﺪﻩ :ﺍﺳﺘﻮﻓﺎﻩ« ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﺹ.291
) (2ﻛﺸﺎﻑ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ،ﺍﻟﺘﻬﺎﻧﻮﻱ ،ﲢـ:ﻋﻠﻲ ﺩﺣﺮﺝ ،ﺗﻘﺪﱘ ﻭﺇﺷﺮﺍﻑ ﻭﻣﺮﺍﺟﻌﺔ :ﺭﻓﻴﻖ ﺍﻟﻌﺠﻢ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ 1996ﺑﲑﻭﺕ .788/1،
22
ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺣﻮﳍﺎ ﺫﻟﻚ ﻟﺘﻌﺪﺩ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻓﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﺩﻻﻟﺔ ﳚﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻭﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻋﻼﻗﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻷﺟﻠﻬﺎ ﻣﻨﻪ
ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻛﻮﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﲢﻘﻖ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻣﺮ ﲢﻘﻖ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ
ﺑﺎﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺍﳌﻌﻠﻮﻝ ﻟﻠﻌﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ ﻟﻠﻨﺎﺭ ،ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،ﺃﻭ
ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻛﺎﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻟﻠﺤﺮﺍﺭﺓ).(1ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺩﻻﻟﺔ ﳚﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻭﺍﳌﺪﻟﻮﻝ
ﻋﻼﻗﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻷﺟﻠﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻛﺪﻻﻟﺔ ﺃﺡ ﺃﺡ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻊ ﺍﻟﺼﺪﺭ)،(2ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻫﻨﺎ
ﻃﺒﻊ ﺍﻟﻼﻓﻆ ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺒﻊ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﻃﺒﻊ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻠﻔﻆ.
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺘﲔ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ
ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﻜﺎﺩ ﻻ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺲ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﺳﻮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ
ﲡﺮﺑﺔ ﺑﺎﻃﻨﻴﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳉﺴﺪ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ
ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﰲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﳌﻌﺘﻤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ
ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﺇﱃ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻳﺘﻢ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﻔﻮﻳﺔ ﻭﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻛﹼﺪ ﺍﻟﺘﻬﺎﻧﻮﻱ ﺃﻧﻪ " ﻻ ﻳﻘـﺪﺡ ﰲ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻣﺴﺘﻨﺪﺓ ﺇﱃ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﳉﻮﺍﺯ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺪﻻﻟﺘﲔ
ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺘﲔ").(3
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻭﻓﻘﺎ ﳌﻘﺮﺭﺍﻢ ﺩﻻﻟﺔ ﳚﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻭﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻋﻼﻗﺔ
ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻷﺟﻠﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺒﺎﺀ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺃﻧﻬﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻮﺿﻊ
ﻣﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﻞ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻻ ﻳﺘ ﻢ ﺇﻻ ﲟﺮﺍﻋﺎﺓ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻣﻮﺭ ،ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﻫﻮ ﻧﻮﻉ
ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺎﺕ ﺍﳌﺴﻤﻮﻋﺔ ،ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﺈﺯﺍﺋﻪ ،ﻭﺇﺿﺎﻓﺔ ﻋﺎﺭﺿﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻫــﻲ
23
ﺍﻟﻮﺿﻊ ؛ﺃﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﺈﺯﺍﺀ ﺍﳌﻌﲎ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺨﺘﺮﻉ ﻗﺎﻝ ﺇﺫﺍ ﺃﻃﻠﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻓﺎﻓﻬﻤﻮﺍ
ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﲢﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻳﺪﺭﺝ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻛﻞ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ
ﳝﻴﺰﻭﻥ ﺩﺍﺧﻠﻪ ﺃﺻﻨﺎﻓﺎ ﺗﻔﻴﺪ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻭﻳﺴﺘﻨﺪ ﺗﺼﻨﻴﻔﻬﻢ ﺇﱃ ﻛﻤﻴﺔ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ
ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻟﻪ ﻭﻛﻤﻴﺔ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﻠﺤﻮﻅ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ).(1
ﻭﳚﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺃﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﱂ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﺘﻔﻘﺎ
ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﻋﺪﺓ ﲣﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﳌﺆﻭﻝ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ
ﻓﺎﳌﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﻄﺎﻟﻌﻨﺎ ﺑﺂﺭﺍﺀ ﻭﺗﻔﺮﻳﻌﺎﺕ ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻛﺘﻔﺮﻳﻊ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ،ﻭﺍﻹﳚﻲ ،ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺍﳌﻈﻔﺮ ،ﻭﺯﻛﺮﻳﺎ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﻭﻏﲑﻫﻢ ،ﻭﺧﺮﻭﺟﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻝ ﻭﺍﳌﺸﺎﻉ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪﻭ
ﻟﻌﺎﻃﻒ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻻ ﻳﻄﺎﻝ ﺟﻮﻫﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ "،ﺑﻞ ﻣﺮﺩﻩ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻗﺘﻀﺘﻬﺎ ﺍﳌﻴﻮﻝ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ").(2
ﻭﺍﺳﺘﺜﲎ ﻋﺎﻃﻒ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ )926ﻫـ( ،ﻓﻘﺪ ﻋﺪﻫﺎ ﺧﺮﻭﺟﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ
ﻋﻦ ﺟﻮﻫﺮ ﻭﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﻓﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ "ﺗﻨﻘﺴﻢ
ﺇﱃ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻛﺪﻻﻟﺔ ﺍﳋﻂ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﻭﻋﻘﻠﻴﺔ ﻛﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﻻﻓﻈﻪ ،ﻭﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻛﺪﻻﻟﺔ
ﺍﻷﻧﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻊ ،ﻭﻭﺿﻌﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﲝﻴﺚ ﻣﱴ ﺃﻃﻠﻖ ﻓﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﺍﳌﻌﲎ").(3
ﻭﻟﻌـﻞ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺗﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺸﺠﺮﺍﺕ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻋﺎﺩﻝ ﻓﺎﺧﻮﺭﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﻁ، 02ﺳﻨﺔ1994
ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.16
) (2ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﻋﺎﻃﻒ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ، 25ﺳﻨﺔ، 1983ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺹ.105
) (3ﺷﺮﺡ ﺇﻳﺴﺎﻏﻮﺟﻲ ،ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﺹ .11-10ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﻋﺎﻃﻒ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﺹ.105
24
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺘﻬﺎﻧﻮﻱ
ﺍﻝﺩﻻﻝﺔ
ﺍﻝﺩﻻﻝﺔ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﻣﺴﺎﺋﻠﻬﺎ ﻭﺳﻨﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﻛﻼﻣﻬﺎ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ،ﲢﻘﻴﻖ ﻋﻤﺮ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺍﻟﻄﺒﺎﻉ ،ﺩﺍﺭ ﻣﻜﺘﺒﺔ
ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﻁ ، 1ﺳﻨﺔ 1414ﻫـ1993 -ﻡ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .199 -198
25
ﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻨﺒﺎﺕ ﺣﺴﻦ « ﺇﺫﺍ ﺃﻧﺒﺘﺖ ﻧﺒﺎﺗﺎ ﺣﺴﻨﺎ ) (...ﻭﱂ ﺗﻌﻦ ﻫﺬﻩ -3ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ » ﻋﻨ
ﺍﻷﺭﺽ؛ ﺃﻱ ﱂ ﺗﻔﺪ ،ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ.
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ » :ﻓﺄ ﻣﺎ ﺍﳌﻌﲎ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ«)، (1ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻌﺪ ﻋﺮﺽ ﻣﺎ
ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ »ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻴﺪﻩ ﺍﻟﻠﻔﻆ «)، (2ﻭ ﻻ
ﻧﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻴﺪﻩ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻷﻧﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺗﻘﺎﺭﺏ ﺣﺎﺻﻞ
ﺑﺎﻹﻓﺎﺩﺓ ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ ﻳﺄﰉ ﺍﳉﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻻﺧﺘﻼﻑ ﺃﳕﺎﻁ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ »،ﻓﺎﻟﺼﻮﺭﺓ
ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﺎ ﺗﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺗﺴ ﻤﻰ ﻣﻌﲎ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺣﺼﻮﹸﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ
ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺗﺴ ﻤﻰ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﺎ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﰲ ﺟﻮﺍﺏ ﻣﺎ ﻫﻮ ؟ ﺗﺴ ﻤﻰ ﻣﺎﻫﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺛﺒﻮﺗﻬﺎ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﺗﺴﻤﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻣﺘﻴﺎ ﺯﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﺗﺴ ﻤﻰ ﻫﻮﻳﺔ«).(3
ﻭﳝﻜﻦ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻵﰐ :
ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ
26
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ:
ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻛﻨﻒ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ.
27
ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ :
ﺇﻥ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻭﻟﻴﺪ ﺑﻴﺌﺘﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻓﻌﻠﻤﺎﺅﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﺍﻟﻨﻔﺎﺩ ﺑﺒﺼﲑﺓ ﻭﻋﻤﻖ
ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻜﻨﺎﻩ ﻭﺍﺳﺘﺒﻴﺎﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ؛ﻓﺈ ﹼﻥ ﺩﳝﻮﻣﺔ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﳌﻀﻲ ،ﻭﺳﻨﻦ)(1ﺍﻻﺭﺗﻘﺎﺀ
ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﺗﻔﺮﺽ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺘﺠﺪﺩ ﰲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ
ﰲ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣ ﹼﻄﺮﺩﺍ )(2ﻧﻌﺖ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ ،ﻓﻬﻲ ﻣﺘﻄ ﻮﺭﺓ ﻭﻣﺘﻐﻴﺮﺓ
ﻭﻣﺘﺤ ﺮﻛﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻳﻠﻤﺲ ﺍﻟﺴﺠﻞ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻤﺲ ﺍﻟﺴﺠﻞ
ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﹼﻟﻒ ﻣﻀﺎﻣﲔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ .
ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺍﻗﺘﻀﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻦ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺐ ﻭﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﺗﻌ ﹼﻘﺐ ﺍﻟﺮﻭﺍﻓﺪ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﻗﺼﺪ
ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﻭﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻬﺒﻬﺎ ﺍﳌﻌﻄﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻵﱐ،ﻓﻬﻮ ﳝﻨﺢ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ
ﻓﻨﻮﻧﻪ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺧﺎﺹ ﺗﻨﺼﺎﻉ ﻟﻪ ﻭﺗﻠﺒﻲ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ ﺍﳌﺘﺠ ﺪﺩﺓ ﻭﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺗﻪ ﺍﳌﺘﻮﹼﻟﺪﺓ ﻟﻴﺘﺴﲎ ﻟﻪ
ﳑﺎﺭﺳﺔ ﻓﻌﻞ ﺍﻹﻓﺼﺎﺡ ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻹﺩﻻﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﲡﻠﻴﺎﺕ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ
ﺠﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻮﹼﻟﺪﺍ ﺟﺪﻳﺪ ﻧﺎﺳﺨﺎ).(3 ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﺗﻮﺳﻌﺔ ﳌﺎ ﻫﻮ ﻣﺄﻟﻮﻑ ﻭﻣﺴ
ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﳌﻨﻬﺠﻴﺔ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﰲ
ﺭﺣﺎﺏ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻭﺍﻟﺒﺪﺀ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﺪﻱ ﺳﻮﺳﲑ ،ﻭﺑﲑﺱ
ﻭﻣﻮﺭﻳﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ -ﻭﺣﱴ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺗﺪﻳﻦ ﳍﻢ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ
ﹼﰒ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻥ ﳍﺎ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻷﻛﱪ ﰲ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ﺍﻟﻌﻼﻣـﺔ
)"(1ﺳ ﻦ :ﺍﻟﺴﲔ ﻭﺍﻟﻨﻮﻥ ﺃﺻﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻄﺮﺩ ،ﻭ ﻫﻮ ﺟﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺍﻃﺮﺍﺩﻩ ﰲ ﺳﻬﻮﻟﺔ) (...ﻭ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﳍﻢ :ﺍﻣﺾ ﻋﻠﻰ
ﺳﻨﹺﻨﻚ ﻭ ﺳﻨﹺﻨﻚ؛ ﺃﻱ ﻭﺟﻬﻚ" ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ.474 ،
)"(2ﻃﺮﺩ ﺍﻟﻄﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺪﺍﻝ ﺃﺻﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺻﺤﻴﺢ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﻌﺎﺩ" .ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ .637
)"(3ﻧﺴﺦ ﺍﻟﻨﻮﻥ ﻭﺍﻟﺴﲔ ﻭ ﺍﳋﺎﺀ ﺃﺻﻞ ﻭﺍﺣﺪ ) (....ﻗﺎﻝ ﻗﻮﻡ :ﻗﻴﺎﺳﻪ ﺭﻓﻊ ﺷﻲﺀ ﻭ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻏﲑﻩ ﻣﻜﺎﻧﻪ ،ﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻗﻴﺎﺳﻪ
.ﲢﻮﻳﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ").ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ( ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﺹ .1026
28
ﺑﺸﻘﻴﻬﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﻛﺎﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ،ﻭﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﳉ ﺪﺓ ﻭﺍﳉ ﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﺡ .
ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ:
ﻗﺒﻞ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺘﺼ ﻮﺭ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻛﺎﻥ ﻭﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﺸﲑ ﺇﱃ ﻋﺎﺋﻖ ﻣﻨﻬﺠﻲ
ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﻜﺘﻨﻒ) (1ﻭﻋﻲ ﺍﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﲏ ﺟﻠﺪﺗﻨﺎ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ ﻫﻞ ﳝﹼﺜﻞ ﻃﻌﻨﺎ
ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻭﺍﺭﺗﺪﺍﺩﺍ ﻋﻨﻪ ؟ ﺃﻡ ﻳﻌﲏ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ﻭﺇﺛﺮﺍﺀ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ؟.ﻻ ﺷﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ
ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﲤﺜﻞ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﺘﻨ ﹼﻔﺴﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ﻭﻣﻠﻜﺎ ﺣﻀﻮﺭﻳﺎ ،ﻭﻟﺪﻯ
ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﺭﺗﺪﺍﺩﺍ ﻓﻜﺮﻳﺎ ﻭﻋﻘﻮﻗﺎ ﻭﻋﺠﺰﺍ ﻣﺒﻌﺜﻪ ﻋﺪﻡ ﺍﳌﻘﺪﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻮﺯ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﰲ ﲤﹼﺜﻞ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ -ﺍﻷﻣﺮ ﲞﻼﻑ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻌﺾ ،ﻓﺈﺫ ﻧﻘﻨﻊ ﺑﺄﻥ ﺗﻔﺴﲑ
ﻭﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺃﻣﺮ ﺇﻟﺰﺍﻣﻲ ﻭﻣﻄﻠﻮﺏ ،ﻧﺆ ﹼﻛﺪ ﰲ ﺍﻵﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ
ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻵﱐ ،ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ
ﺃﺳﲑﺍ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﲤﹼﺜﻠﻪ ﻭﻓﻬﻤﻪ ﻭﺗﻔﺴﲑﻩ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺕ ﳘﻮﻣﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ .
ﻓﺈﺩﺭﺍﻙ ﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻵﺧﺮ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺗﻮﺟﻬﺎ ﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﻓﻜﺮﻳﺎ
ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻭ ﻻ ﻋﺠﺰﺍ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﳌﻨﺘﻤﻰ ﺇﻟﻴﻪ ؛ﺑﻞ ﻫﻮ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﲡﺴﻴﺪ ﳌﺒﺪﺃ
ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻭﺗﻔﻌﻴﻞ ﳌﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻮﺃﻣﺔ ﻭﺍﶈﺎﻭﺭﺓ ،ﻓﻠ ﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻮﻥ ﳝﺜﹼﻞ
ﻗﻤﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺴﺎﻭﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﺍﻟﻜﻴﻔﻲ )ﺍﳌﻨﻬﺠﻲ( ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﻘﺼﻰ
ﻭﻳﻌﺰﻝ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﹼﰒ ﻳﺴﺘﺜﻤﺮ ﻭﻳﻔﻌﻞ.
ﻭ ﺇﺫ ﻧﺘﺒﻨﻰ ﻫﺬﺍ ،ﱂ ﻧﻜﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺧﺮﻗﻨﺎ ﺳﻨﻦ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ
ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺇﲨﺎﻻ ﺑﻞ ﻗﺪ ﺳﻠﻜﻨﺎ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻭﺠﻨﺎ ﺳﺒﻴﻠﻬﻢ ﻭﺍﻫﺘﺪﻳﻨﺎ ﺪﻳﻬﻢ ،ﻓﻤﺎ ﺗﻔﻌﻴـــﻞ
)" (1ﻣﻜﻨﻒ :ﺃﺣﻴﻂ ﺑﻪ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ".ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺍﻟﻔﲑﻭﺯ ﺁﺑﺎﺩﻱ ،ﺗﺢ :ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺒﻘﺎﻋﻲ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ ، 2008ﺑﲑﻭﺕ،
ﺹ.766
29
ﻭ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﻭﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ﻟﻠﻤﻨﻄﻖ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﻢ
ﻭﺣﻮﺍﺭﺍﻢ ﺍﳌﻨﺘﻈﻤﺔ ﻭﺍﳌﺴﺘﺪﺍﻣﺔ ﺇﻻ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﳌﺒﺪﺇ ﺗﻼﻗﺢ ﺍﳊﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﳌﻨﺎﻫﺞ
ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﲟﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻐﲑ ﻻ ﳝﹼﺜﻞ ﺍﺭﺗﺪﺍﺩﺍ ﻓﻜﺮﻳﺎ ؛ﺇﳕﺎ ﳝﺜﹼﻞ ﺗﻮﺳﻴﻌﺎ
ﻭ ﺗﻮﻃﻴﺪﺍ ﻭﺗﻜﺮﻳﺴﺎ ﳌﺒﺪﺇ ﺣﻮﺍﺭ ﺍﳊﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ.
ﻭﻟﻠﺠﺎﺑﺮﻱ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺭﺅﻳﺔ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﻭﺣﻞ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﺐ ﺑﲔ
ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ،ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ " ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻻ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻲ
ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﺞ ﺳﻮﻯ ﻧﻮﻉ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻲ ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ ،ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ
ﳛﺘﻮﻳﻬﺎ ﻭ ﻫﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﲢﺘﻮﻳﻪ ؛ﻷﺎ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻳﻜ ﺮﺭ ﻧﻔﺴﻪ"،ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻭﺿﻊ
ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ ﻻ ﳏﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻫﻲ »ﺟﻌﻞ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﻣﻌﺎﺻﺮﺍ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻓﺼﻠﻪ ﻋﻨﺎ،ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻣﻌﺎﺻﺮﺍ
ﻟﻨﺎ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﺻﻠﻪ ﺑﻨﺎ ؛ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺇﺿﻔﺎﺀ ﺍﳌﻌﻘﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻧﻘﻞ
ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﺇﱃ ﳎﺎﻝ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺘﻮﻇﻴﻔﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﰲ
ﺇﻏﻨﺎﺀ ﺫﺍﺗﻪ،ﺃﻭ ﺣﱴ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎﺋﻪ").(1
ﻭ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻧ ﻮﻩ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻻﺳﺘﺸﺮﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺨﺬ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩﺍﺎ ﺇﱃ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﺍﻟﻐﺮﺏ
ﻭﺗﻨ ﻮﻩ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻳﻬ ﻤﻬﺎ ﻫﻮ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ؛ﻭﺃﺎ ﺇﺫ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﺸﺮﻗﲔ ﻣﻨﻬﺠﻬﻢ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺗﺘﺮﻙ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻬﻢ -ﻓﻬﻲ ﺗﻨﺴﻰ ﺃﻭ ﺗﺘﻨﺎﺳﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﳌﻨﻬﺞ ،ﻭﻫﻞ
)(3
ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ؟(2).ﻭﺗﺄﺳﻴﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺗﻘ ﺮﺭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻄﺮﻳﻘﲔ:
ﺃﻭﻻ -ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻔﻬﻢ :ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﳚﺐ ﺍﳊﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻛﻜﻞ ﲟﺨﺘﻠﻒ
ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻪ ﻭﻣﺮﺍﺣﻠﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﻓﻌﻞ ﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﻭﺍﻹﻟﻐﺎﺀ.
)(1ﻳﻨﻈﺮ ﳓﻦ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺙ -ﻗﺮﺍﺀﺍﺕ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﰲ ﺗﺮﺍﺛﻨﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ، -ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ ، 6ﺳﻨﺔ
،1993ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺹ .13- 12
)(2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .14
)(3ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .47
30
ﺛﺎﻧﻴﺎ -ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻭﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ :ﺑﻌﺪ ﻓﻬﻢ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﻭﺍﺳﺘﻠﻬﺎﻡ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﻭﺍﳌﺨﻄﻮﻁ
ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺗﺄﰐ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻧﺘﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻭﺍﳌﻘ ﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﳍﺎ
ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻘﻄﺔ ﲢ ﻮﻝ ﻭ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺃﻱ ﺣﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻝ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ.
ﺗﺼﻮﺭ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ:
ﺇ ﹼﻥ ﺃ ﻭﻝ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺟﺎﺩﺓ ﰲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ) ( 1914 -1857ﻭﺗﺸﺎﺭﻟﺰ
ﺳﺎﻧﺪﺭﻳﺲ ﺑﲑﺱ)،(1914 -1839ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﻢ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﲢ ﻮﻝ ﺟﺮﻱﺀ
ﻭﻋﻤﻴﻖ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻗﺎﻃﺒﺔ .ﻭ ﻫﻲ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﺧﺬﺕ ﺷﺮﻋﻴﺘﻬﺎ ﰲ
ﳎﺎﻝ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺭﻛﺎﺋﺰ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻮ ﹼﻃﻨﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﻘﺒﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺭ ﹼﻛﺰ "ﺳﻮﺳﲑ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺭ ﹼﻛﺰ ﺑﲑﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ" )، (1ﻭﳒﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺘﻨ ﻮﻉ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﺮﻭﺯ ﻣﻨﻮﺍﻝ ﺇﺟﺮﺍﺋﻲ ﻭﺗﺮﺍﻛﻤﺎﺕ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻳﺘﺠﻠﻰ ﺍﳌﻨﻮﺍﻝ
ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﰲ ﻇﻬﻮﺭ ﻋﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺪﻋﻰ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ la sémiologieﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ
)(2
la sémiotiqueﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺎ.
ﻳﻌﺘﱪ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻛﻴﺎﻧﺎ ﺛﻨﺎﺋﻲ ﺍﳌﺒﲎ ،ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺻﻮﺭﺓ ﲰﻌﻴﺔ image
acoustiqueﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ، conceptﻭﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺼﻮﺕ
ﺍﳌﺴﻤﻮﻉ ﺃﻱ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻣﻨﻪ ،ﻭ ﺇﳕﺎ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﺍﻟﺼﻮﺕ
ﻓﻴﻨﺎ)،(3ﻭﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺘﻼﺯﻡ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻝ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﰲ ﻋﺮﻑ
ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻤﲔ ،ﺑــﺪﺍ
)(1ﻋﻠﻢ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ –ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، -ﺑﻴﺎﺭﺟﲑﻭ ،ﺗﺮ ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﺩﺍﺭ ﻃﻼﺱ ،ﻁ ، 1ﺳﻨﺔ ، 1988ﺩﻣﺸﻖ ﺹ.25
)(2ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻭ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ،ﺁﺭﺕ ﻓﺎﻥ ﺯﻭﺳﺖ ،ﺗﺮ :ﺃﻧﻄﻮﺍﻥ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ، 5ﺷﺘﺎﺀ ، 1989ﻣﺮﻛﺰ
ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .52
)(3ﳏﺎﺿﺮﺍﺕ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻓﺮﻧﺪﻧﺎﺩ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻨﻴﲏ ،ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺃﲪﺪ ﺟﻴﱯ ،ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ 1987،
،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺹ .86
31
ﻟﺪﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﺍﻹﺑﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﻇﻬﺮ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﺰﻭﻑ ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺻﻮﺭﺓ ﲰﻌﻴﺔ
)(1
ﺇﱃ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺪﺍﻝ ،signifieﻭﻋﻦ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺇﱃ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﺪﻟﻮﻝ signifiant
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﺗﻘﺮﻥ ﺑﲔ ﺩﺍﻝ ﻭﻣﺪﻟﻮﻝ ﻭﳘﺎ ﻳﺸﺒﻬﺎﻥ ﻭﺟﻬﻲ
ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﻋﺰﻝ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮ .
)( 2
ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﳏﺎﺿﺮﺍﺕ ﺳﻮﺳﲑ ﳍﺎ ﺻﻔﺘﺎﻥ:
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻷﻭﱃ :ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟ ﺪﺍﻝ ﻭﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ؛ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺻﻠﺔ
ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﲡﻤﻊ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﲟﺪﻟﻮﻟﻪ ،ﻓﻠﻔﻆ ﺃﺧﺖ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﲔ ﺃﺻﻮﺍﺗﻪ )ﺃ،ﺥ،ﺕ( ﺻﻠﺔ ﲡﻤﻌﻪ
ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺃﻭ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺜﲎ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﺍﻣﻦ ﺫﻟﻚ:
ﺃ -ﺍﻟﺮﻣﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﲰﺎﺗﻪ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻛﻠﻲ ،ﻓﺮﻣﺰ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﳌﻴﺰﺍﻥ
ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻟﻪ ﺑﺄﻱ ﺭﻣﺰ ﺁﺧﺮ.
ﺏ -ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﶈﺎﻛﻴﺔ ﻟﻠﺼﻮﺕ ،ﻛﺨﺮﻳﺮ ﺍﳌﺎﺀ ،ﻭﻣﻮﺍﺀ ﺍﻟﻘﻄﺔ.
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ )ﺍﳋﻄﻴﺔ ( ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﳍﺎ ﺑﻌﺪ
ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻘﻂ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺰﻣﲏ ،ﻭﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﺍﻟﺴﻤﻌﻲ ﻳﻌﻘﺐ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ،ﻓﻬﻲ
ﺗﺆﻟﻒ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺪﻭﺍﻝ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،ﻛﺈﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﻼﺣﺔ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻟﺘﻌﻘﻴﺪﺍﺕ ،ﺇﺫ
ﻧﻠﺤﻆ ﺗﻼﺣﻘﺎ ﺧﻄﻴﺎ ﰲ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﻟﺰﻣﲏ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ ﰲ ﺧﻄﻴﺔ
ﺠﻞ ﻋﻠﻰ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﻣﻦ ﻧﻘﺪ ﺇﻗﺼﺎﺅﻩ ﻭ ﺇﻏﻔﺎﻟﻪ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻣﻄﺮﺩﺓ .ﻭﻣﺎ ﻳﺴ
ﺍﻟﺬﻱ ﲢﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ،ﻓﻌﻼﻗﺔ ﺍﻹﺭﺟﺎﻉ ﻣﻌﺘﱪﺓ ﻟﺪﻯ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻤﻴﺎﺋﻴﲔ
ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﲔ .
32
ﺗﺼﻮﺭ ﺑﲑﺱ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ :
ﺃﻣﺎ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺃﻭ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﲑﺱ ﻓﺘﻮﺳﻢ ﺑﺎﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﺃﺩﻣﺞ ﻣﺎ ﺃﻗﺼﺎﻩ
ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﻣﻦ ﺣﻘﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ، objetﻓﺎﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﺗﻔﺼﺢ
ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﺛﻼﺛﻴﺔ ﺗﺘﺮ ﹼﻛﺐ ﻣﻦ ﺍﳌﺼ ﻮﺭﺓ ، representamenﻭﺗﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻨﺪ ﺳﻮﺳﲑ
ﺴﺮﺓ interprétantﻭﺗﻘﺎﺑﻞ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻋﻨﺪ ﺳﻮﺳﲑ،ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ،objetﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻭﺍﳌﻔ
ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﻨﺪ ﺳﻮﺳﲑ ،ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﻭﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ
ﻭﺣﺪﺓ ﺛﻼﺛﻴﺔ ﺍﳌﺒﲎ ﻏﲑ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺧﺘﺰﺍﻝ ﰲ ﻋﻨﺼﺮﻳﻦ .ﻭﱂ ﻳﻜﺘﻒ ﺑﲑﺱ ﺑﺮﺻﺪ ﻋﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺑﻞ ﺟ ﺰﺀ ﻛ ﹼﻞ ﻋﻨﺼﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺇﱃ ﺗﻔﺮﻳﻊ ﺛﻼﺛﻲ.ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻀﺢ
)(1
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻵﰐ:
+ /$دة $. /$
+$ /$
Sin-signe
2 Quali-signe
Legi-signe 3 1
ا)-ـ+ة
1
33
ﺻﻞ ﺑﲑﺱ ﺇﱃ ﺳ ﻦ ﻭﺇﺑﺮﺍﺯ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﳊﻴﺜﻴﺎﺕ ﺗﻮ
ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺄﹼﻟﻒ ﻣﻨﻬﺎ /ﻭﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻭﺍﺷﺘﻐﺎﳍﺎ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻌﲎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻓﺰ ﺃﻭﱄ ﺇﱃ ﲨﻴﻊ ﺍﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﺍﻷﺑﻌﺪ ﺷﺄﻭﺍ ،ﻧﻨﻄﻠﻖ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﰲ ﲨﻠﺘﻬﺎ ،ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﰲ
ﻃﻮﺭ ﺍﻟﺘﻮﹼﻟﺪ ،ﻭﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻣﺮﺍﺣﻠﻬﺎ ﺍﻷﻭﱃ ﳑﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻭ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ
ﺗﺄﻭﻳﻠﻬـﺎ ﺇﺫﻥ ﲤﹼﺜﻞ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺑﲑﺱ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻭﻳﺴﺎﻫﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺭﻓﻊ
ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ،ﻭﻣﻦ ﱠﰎ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ ﺍﳌﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﰲ
ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭ ﲢﻠﻴﻼﺗﻪ.
-1ﺍﳌﺼﻮﺭﺓ :representamenﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﻧﻮ ﹼﻇﻔﻬﺎ ﻟﺘﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ) ،(1ﻓﻬﻲ
ﺷﻲﺀ ﳏﺴﻮﺱ ﺣﺎﺿﺮ ﻳﺮﺷﺪﻧﺎ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﻏﺎﺋﺐ ؛ﻭﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺎﺟﻌﺔ ﻭﺻﺎﺩﻗﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ
)(2
ﺃﻥ:
-ﲢ ﹼﻞ ﳏ ﹼﻞ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ.
-ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺩﺍﺓ ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ.
-ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺇﻟﹼﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﲢﻴﻴﻨﻬﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﺎ .
ﺴﺮ ﳝﻨﺢ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﺻﺤﺘﻬﺎ
-ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ ﺇﹼﻟﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻔ
)ﲡﺴﺪ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ (.
ﻭﺬﺍ ﺑﺎﻥ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺼﻮﺭﺓ ﳍﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﰲ ﺗﺼﻮﺭ ﺳﻮﺳﲑ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺇﺎ ﲤﺜﻴﻞ ﻟﺸﻲﺀ ﻣﺎ ﻏﺎﺋﺐ ،ﻓﺎﳌﺘﻮﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﺗﻴﺔ) ﺵ،ﺝ،ﺭ،ﺓ( ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺼ ﻮﺭﺓ ﲢﻴﻞ ﻋﻠﻰ
ﺴﺮﺓ )ﺃﻭﻣﺪﻟﻮﻝ( ﻣﺪﺭﻙ ﺫﻫﻨﺎ . ﻣﻔ
34
ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﻌﺒﻪ ﺍﳌﺼ ﻮﺭﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺳﲑﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺮﺗﻜﺰ
ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺴﺎﻕ ﻭﲰﺖ ﲟﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﹼﰎ ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﺼ ﻮﺭ
ﺠﺔ ،ARGUMENTﻳﻘﻮﻝ ﻋﺎﺩﻝ ﻓﺎﺧﻮﺭﻱ ،RHEMEﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ،DICENTﻭﺍﳊ
»ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ RHEMEﻭ DICENTﻭ ARGUMENTﻫﻲ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻖ
ﻭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ،ﻭﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﱄ) :ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ( ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ،ﺍﻟﻘﻮﻝ )ﺍﻟﺘﺎﻡ(
ﺍﳊﺠﺔ «)،(1ﻭﺳ ﺮ ﺗﺮﲨﺔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﲔ ﺍﻷﻭﻟﲔ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺃﻤﺎ»ﻳﻨﻄﺒﻘﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ
ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﲔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ،ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻳﻮﺍﺯﻳﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻌﲎ
؛ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺑﲑﺱ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﱃ ﺣ ﺪ ﻣﺎ «). (2
ﺃﻭﻻ – ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ : RHEMEﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﻮ ﹼﻇﻒ ﰲ ﺣﻘﻮﻝ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺘﻐﺎﻳﺮﺓ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﺗﻘﺎﺭﺑﺎ ﰲ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻓﻴﻄﻠﻖ ﺍﻟﺘﺼ ﻮﺭ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﰲ ﺍﻟ ﹼﺬﻫﻦ )،(3ﻭﻳﻄﻠﻖ
ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﻨﺎﻃﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﻭ ﺣﺼﻮﻝ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﳌﻔﺮﺩ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻞ )، (4ﺃ ﻣﺎ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﻓﻬﻮ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﺮﺩ ﻭﻗﺪ ﻳﻨﻌﺖ ﺑـ .(5) CONCEPT
) (1ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻋﺎﺩﻝ ﻓﺎﺧﻮﺭﻱ ،ﺹ .38
)(2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .38
)(3ﻳﻨﻈﺮ ﳏﺎﺿﺮﺍﺕ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ،ﺗﺮ ﻋﺒﺪﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻨﻴﲏ ،ﺹ.86
)(4ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻵﻣﺪﻱ ،ﺹ .18
)(5ﻳﻨﻈﺮ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻷﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ،ﺳﻴﺰﺍ ﻗﺎﺳﻢ -ﻧﺼﺮ ﺣﺎﻣﺪ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ،ﺩﺍﺭ ﺇﻟﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،1986،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ
ﺹ.19
)(6ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺼﲑﻳﺔ ،ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺳﻬﻼﻥ ،ﻁ ﺑﻮﻻﻕ ،ﺳﻨﺔ 1316ﻫـ ، 1898ﻣﺼﺮ ،ﺹ.4
35
ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺑﲔ ﻣﻔﺮﺩﻳﻦ ﺇﳚﺎﺑﺎ ﺃﻭ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻔﻴﺪﺍ
ﻛﺎﳊﻜﻢ ﲝﺪﻭﺙ ﺍﻟﻌﺎﱂ ،ﻭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ،ﻭﺭﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮﻟﺔ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺑﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ.
ﺛﺎﻟﺜﺎ -ﺍﳊﺠﺔ ) :(ARGUMENTﺃﻭ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻋﻤﻞ ﻋﻘﻠﻲ ﻣﺆﹼﻟﻒ ﻣﻦ ﻳﻘﻴﻨﻴﺎﺕ ﺗﻜﻔﻞ ﺇﻧﺘﺎﺝ
ﻣﺎ ﻫﻮ ﻳﻘﻴﲏ )، (1ﻭﺍﻟﱪﻫﻨﺔ ﺍﳌﻌﺘﱪﺓ ﲡﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﲢﺪﺙ ﺗﻐﻴﲑﺍﺕ
ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ،ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻤﻊ ﺑﲔ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ )ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ -ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ( ﻭﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ
ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻀﺎﻳﻒ )(2؛ﺇﺫ ﻻ ﻧﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻭﺟﻮﺩ
ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻷﺧﲑﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺣﺼﺮﺍ ﻟﻠﻤﺠﺎﻝ ﺍﻹﺩﺭﺍﻛﻲ ﻟﻠﱪﻫﺎﻥ ﻭ ﺗﻘﻨﻴﻨﺎ ﻟﻪ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﻳﺴﻌﻔﻨﺎ
ﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺎﻭﻝ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﺎ ﺍﻟﺒﻮﺡ ﺎ .
ﻭ ﻣﺎ ﳚﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺼﻄﻠﺢ ARGUMENTﺗﺮﺟﻢ -ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺁﻧﻔﺎ-
ﺑﺎﳊﺠﺔ ﻭﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺮﲨﺔ ﺗﺸﻌﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺷﺞ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﳒﺪ ﻣﻦ
ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﲔ ﻣﻦ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ،ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﻃﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳊﺠﺔ ﺗﻄﻠﻖ
ﻭ ﻳﺮﺍﺩ ﺎ »ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻭ ﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺼﻢ ،ﻣﻊ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﳊﻖ
ﺃﻭ ﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ«)، (3ﻓﻬﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﲣﺘﺺ ﺑﺄﻣﺮﻳﻦ :
ﺍﻷّﻭﻝ :ﺇﻓﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺼﺪ .
ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺇﻓﺎﺩﺓ ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﺑﻨﺼﺮﺓ ﺍﳊﻖ ﺃﻡ ﺑﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ.
)(4
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻓﻠﻪ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻳﺘﺼﻒ ﺎ:
ﺃ-ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺆ :ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺧﻠﻮ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﱪﻫﺎﱐ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﺛﺮ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻠﺒﺲ ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﻛﺎﻻﺷﺘﺮﺍﻙ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ،ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ،ﺹ .103ﻭ ﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺼﲑﻳﺔ ،ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺳﻬﻼﻥ ﺹ .471
)" (2ﺍﳌﺘﻀﺎﻳﻔﺎﺕ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴﺘﲔ ﺗﻌ ﹼﻘﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻻ ﻳﺘ ﻢ ﺇﻻ ﻣﻊ ﺗﻌ ﹼﻘﻞ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻛﺎﻷﺑﻮﺓ ﻭﺍﻟﺒﻨﻮﺓ ".ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺕ
ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻋﻤﺎﺭ ﻃﺎﻟﱯ ،ﺹ .68
) (3ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﳌﻴﺰﺍﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻜﻮﺛﺮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻃﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ ، 1ﺳﻨﺔ ، 1998ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺹ .137
) (4ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .138 -137
36
ﻭﺍﻹﲨﺎﻝ ﻭﺍﻹﺷﻜﺎﻝ ،ﻭﺍﳋﻔﺎﺀ ،ﻓﺎﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻣﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺑﻮﺟﻪ
ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﺛﺎﱐ ﻟﻪ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺃﻭ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻔﻆ
ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺆ.
ﺏ-ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ:ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﲝﺎﻝ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺭ ﺩﻩ ﺇﱃ
ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻴﺐ ،ﺃﻭ ﻗﻞ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻐﲏ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻋﻦ
ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﻸﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﺒﺪﻟﺖ ﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻴﺐ.
ـﺎ ﺍﻧﺒﲎ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺆ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ،ﺍﺭﺗﻔﻊ ﺍﻟﺘﺮﺩﺩ ﺃﻭ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻋﻦﺝ-ﺍﻟﻘﻄﻌﻴﺔ :ﳌ ّ
ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ؛ﲟﻌﲎ ﺃﻥ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﳊﻖ .
ﺩ-ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ :ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﱪﻫﺎﱐ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﺑﺮﻫﺎﻧﻪ ،ﺣﱴ ﻳﺴﺘﻘﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻴﻊ
ﻋﻨﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ ﺑﻪ ﺣﱴ ﻭ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﰲ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻭ ﺑﻨﺎﺀ
ﻗﻮﺍﻋﺪﻩ ﻓﺘﺘﻮﻻﻩ ﺍﻵﻟﺔ ﻟﺘﺤﺴﺒﻪ ﺣﺴﺎﺑﺎ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﻀﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﻻ ﺗﻌﻠﻖ ﻟﻪ ﺑﺎﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﻪ.
37
ﺍﻟﱵ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻭ ﺑﺬﻟﻚ ﻏﺪﺕ ﺍﳌﻔﺴﺮﺓ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﹼﺔ ،ﻭ ﻣﻜﺎﻥ
ﺗﻮﻟﹼﺪ ﺍﳌﻌﲎ .
ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﰐ ﻟﻠﻤﻔﺴﺮﺓ ﻻﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻧﺴﺎﻕ ﺗﺘﻔﺮﻉ ﻋﻨﻪ ،ﻭ ﺗﻜﻮﻥ
ﳏﺪﺩﺍﺕ ﻟﻜﻴﺎﻧﻪ ﻭ ﲤﻈﻬﺮﺍ ﻟﻪ ،ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﺪﺩﺍﺕ ﳐﺘﺰﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
1-2ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ :quali –signeﻫﻲ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ
ﺗﺘﺼﺮﻑ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﺣﱴ ﺗﺘﺠﺴﺪ ،ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺇﻃﻼﻗﺎ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻣﻦ
ﺣﻴﺚ ﻛﻮﺎ ﻋﻼﻣﺔ) ،(1ﻓﺎﻟﻀﻮﺀ ﺍﻷﲪﺮ ﰲ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﳌﺮﻭﺭ ﻋﻼﻣﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ؛ ﲟﻌﲎ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻱ
ﺩﺧﻞ ﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﳌﻤﻴﺰ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ .
-2-2ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ :sin-signeﻫﻲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻜﻞ
ﻋﻼﻣﺔ،ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻼﻣﺔ ﺇﻻ ﻋﱪ ﻧﻮﻋﻴﺘﻬﺎ )، (2ﻭﳍﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﺮﻓﻴﺔ
،ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻋﺮﻓﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ،ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺸﻜﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﺇﻻ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻓﻌﻠﻴﺎ.
-3-2ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓﻴﺔ :legi –signeﻫﻲ ﻋﺮﻑ ﻳﺸﻜﻞ ﻋﻼﻣﺔ ،ﻭﻛﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﺘﻮﺍﺿﻊ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﺮﻓﻴﺔ).(3
ﻱ ﺑﻨﺎ
ﻭﳌﹼﺎ ﻗﺪ ﺗﻮﻃﹼﻦ ﺃﻥ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻳﺆﰐ ﺃﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ،ﻓﺤﺮ
ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﳌﺰﻳﺪ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻭ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ .ﺃﺷﺎﺭ ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﺮﺿﻪ ﻟﺘﺼـﻮﺭ
38
ﺑﲑﺱ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻂ ،ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻀﻴ ﻮ ﹸﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻨﻮﺭ ؛ﺃﻱ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻋﻼﻣﺔ ﰲ ﺫﺍﺗﻪ
ﻫﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ،ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﳜﻠﹼﻔﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ
ﻭ ﻏﲑﻩ ،ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻣﻔﺮﺩﺓ). (1
ﻭ ﲢﻴﻴﻨﻬﺎ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴﺘﻬﺎ ،ﻭ ﺍﻟﻘﻂ ﺃﻳﻀﺎ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﺍﳌﺼﺮﻳﻮﻥ
ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﻭ ﻫﻮ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪ ﺃﻛﻠﻪ ﻃﺒﻘﺎ ﺷﻬﻴﺎ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﳊﺼﺎﺭ ﺍﻟﱪﻭﺳﻲ ،ﻭﻫﻮ
ﲎ ﺑﻪ ﺑﻮﺩﻟﲑ (2)Baudelaireﺇﱃ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ،ﻭ ﻫﻲ ﻛﹼﻠﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻋﺮﻓﻴﺔ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻐ
ﲣﻀﻊ ﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭ ﻋﺮﻑ ﻭﺍﺻﻄﻼﺡ.
)(3
-3ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ : objetﳝﻴﺰ ﺑﲑﺱ ﺑﲔ ﻧﻮﻋﲔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ.
ﺃ -ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ :ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ
ﻭ ﲢﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﲤﺜﻠﻪ.
أ -ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ :ﻳﺸﻜﻞ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﺍﳌﻜﻮﻧﺔ
ﺃﻭ ﻫﻮ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﻣﺎ ﲢﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺫﺍﺎ ﻳﺪﻋﻰ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺍ.
ﻭ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻉ ﺗﺘﻔﺮﻉ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺒﺪﺋﻴﺎ ﺛﻼﺙ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﳑﻜﻨﺔ:
:ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻮﺭﺓ )ﺍﻟﺪﺍﻝ( icon 1-3ﺍﻷﻳﻘﻮﻥ
ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻉ )ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ( ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ )،(4ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺔ ﺗﺘﺮﻛﺐ
ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﻝ )ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ( ،ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﳛﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﻣـﺎ )ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻭ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ( ﰲ
) -(1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ،ﺗﺮﲨﺔ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺼﻤﻌﻲ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ
2005ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .187
) -(2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.188
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻵﺧﺮ :ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ –ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻐﺎﳕﻲ –ﻋﻮﺍﺩ ﻋﻠﻲ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ
ﻁ، 1ﺳﻨﺔ ، 1990ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺹ.78
4-Ecrit sur le signe, Peirce, p 32 -230.
39
ﺍﳋﺎﺭﺝ ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ.
2-3ﺍﳌﺆﺷﺮ :indexﻋﻼﻣﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼ ﻮﺭﺓ ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺒﺒﻴﺔ
ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ )،(1ﻣﺜﻞ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ.
3-3ﺍﻟﺮﻣﺰ :symbolﻋﻼﻣﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻮﺭﺓ ﻭ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺻﻠﺔ ﳏﺾ
ﻋﺮﻓﻴﺔ ﻭ ﻏﲑ ﻣﻌﻠﹼﻠﺔ ؛ ﺃﻱ ﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻠﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﺃﻭ ﺃﻱ ﺭﺍﺑﻂ ﻃﺒﻴﻌﻲ ،ﺃﻭ ﲡﺎﻭﺭ،ﻳﻘﻮﻝ
ﺑﲑﺱ ":ﺍﻟﺮﻣﺰ ﻫﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺸﲑ ﺇﱃ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻋﱪ ﻋﺮﻑ ،ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﺮﻥ
ﺑﺎﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻓﻊ ﺇﱃ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺮﻣﺰ ﲟﻮﺿﻮﻋﻪ ")، (2ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻋﺮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ
ﺍﳊﻤﺎﻣﺔ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ ،ﻭ ﺍﳌﻴﺰﺍﻥ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ،ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﺎﳊﺮﻳﺔ.
ﻭ ﻳﺪﻧﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﳌﺄﻟﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﻟﻌﺮﺏ؛ ﻭ ﻧﻘﺼﺪ
ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ،ﻭ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻭ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .ﺇﻥ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺑﲑﺱ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺗﻴﺔ
ﻳﺴﺘﻌﺼﻰ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﲟﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ
ﻭ ﻫﻲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﺭﻋﺖ ﻭ ﳕﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺭﺍﺅﻩ ﻭ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﺣﱴ ﺃﺿﺤﺖ ﳐﺎﺿﺎ ﻭ ﻣﺼﺪﺭﺍ
ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻹﻓﺮﺍﺯﺍﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﲔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻴﲔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ،ﻣﻦ ﺗﻠﻚ
ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻧﺬﻛﺮ:
-1ﺍﳌﻨﻄﻖ :ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺑﲑﺱ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ
ﻣﻮﻛﻮﻝ ﻟﻪ ﻣﻬﺎﻡ ﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻭ ﻻ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻋـــﻦ
1-Ibid. p 32-230
Et voir théorie et pratique du signe- introduction a la sémiotique de
Cs Peirce, Gerrard Deledalle, Ed, Payot, paris 1979, p75-76-77
-2ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ،ﺳﻴﺰﺍ ﻗﺎﺳﻢ ،ﺹ .142
40
ﺍﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ) (1ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺪ ﻣﻨﻄﻘﺎ ﺻﻠﺒﺎ ﳛﺪﺩ ﲟﻮﺟﺒﻪ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭ ﺳﲑﻭﺭﺍﺗﻪ ﻭ ﳊﻈﺎﺗﻪ).(2
-2ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﺯﻳﺲ :semiosisﺇﻥ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻻ ﺗﻨﻔﺼﻢ ﻋﻦ
ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺇﱃ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﺎﺩﻱ ،ﻭ ﰲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻳﻘﺘﺮﺡ ﺑﲑﺱ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﻇﺎﻫﺮﺍﺗﻴﺎ ﻟﻺﺩﺭﺍﻙ ،ﻳﺮﻯ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺳﲑﻭﺭﺓ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻭ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ،ﻭ ﳒﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﻟﹼﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺇﻧﺘﺎﺝ
ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺳﲑﻭﺭﺓ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﳍﺎ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﳉﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ،ﺗﺪﻋﻰ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺴﲑﻭﺭﺓ ﰲ ﺳﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﺑﲑﺱ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﺯ " semiosﻭﻫﻲ ﺍﻟﺴﲑﻭﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ
ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﻛﻌﻼﻣﺔ" ).(3
ﻭ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺇﱃ ﻧﺴﻖ ﻳﺘﺤﻜﹼﻢ ﰲ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﻭ ﺗﺪﺍﻭﳍﺎ
)ﻭ ﻫﻲ ﺍﳌﺼﻮﺭﺓ ،ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ،ﺍﳌﻔﺴﺮﺓ ( ،ﻭﺃﻓﺮﺯ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻮﺍﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ
ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺛﺒﻮﺎ ﻭ ﺳﻜﻮﺎ؛ ﺇﳕﺎ ﰲ ﺣﺮﻛﻴﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﻭ ﻋﻼﺋﻘﻬﺎ ﺍﳌﻮﹼﻟﺪﺓ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ
ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ.ﺑﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﺳﺦ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻭ ﺍﺳﺘﻨﺒﺖ ﻭ ﺃﲤﺮ ﺃﻥ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺳﻴﻤﻴﺎﺀ ﺑﲑﺱ
ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺫﺍﺎ ،ﻭ ﺇﳕﺎ ﺍﺷﺘﻐﺎﳍﺎ ﻭﺣﺮﻛﻴﺘﻬﺎ ،ﳍﺬﺍ ﺭﺃﻯ ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺜﻠﺚ ﺑﲑﺱ
ﻫﻮ ﺍﳌﺜﻠﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﺇﻻ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﻨﻄﻘﺎ ﳊﻔﺮ ﺃﻋﻤﻖ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭ ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ
)(4
ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭ ﻣﺪﻟﻮﳍﺎ.
-1ﺍﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ)ﺃﻭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺍﺗﻴﺔ( :ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻧﺸﺄﺕ ﰲ ﺃﳌﺎﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﺍﺳﺘﻨﺪﺕ ﺇﱃ ﻣﺬﻫﱯ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ ﻭ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻌﻮﺩﺍﻥ ﰲ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺇﱃ ﻃﺎﺋﻔﺘﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ،ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﺗﺸﻤﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﳏﺴﻮﺳﺔ ﻫﻲ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭ ﺍﻷﺧﺮﻯ
ﺗﺸﻤﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،ﻭ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ ﺇﺎ ﺣﺎﺻﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﺇﺎ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺑﻔﻌﻞ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻋﻲ
،ﻓﺘﻔﺼﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﺑﲔ ﺻﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﳌﻜﺘﺴﺐ ﺑﺎﳊﺲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻭ ﲡﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻻﺗﻨﺎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﻠﻢ
ﻭﺍﺣﺪ ﺷﺎﻣﻞ ﻫﻮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻳﻨﻀﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﻛﺄﺣﺪ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺣﲔ ﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺻﻒ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭﻳﺔ
،ﻭ ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻭ ﺇﻥ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻣﻌﻴﺎﺭﻳﺔ .
ﻳﻨﻈﺮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻳﻮﺳﻒ ﻛﺮﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻠﻢ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .462-459
-2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎﺕ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬﺎ ﻭ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺎ ،ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﻜﺮﺍﺩ ،ﺹ .58
3-Ecrits sur le signe, ch.s. Peirce, p 126.
-4ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ،ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺼﻤﻌﻲ ،ﺹ .187
41
-3ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺍﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ :
ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻌﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻗﺘﺮﺣﻬﺎ ﺑﲑﺱ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻣﺎ
ﺳﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺭﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭ ﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﻻﺑ ﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺛﻼﺛﻲ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ
)(1
-ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺘﺜﻠﻴﺚ -ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﻟﹼﺪ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻜﻮﺛﺮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻣﻘﻮﻻﺕ ﻇﺎﻫﺮﺍﺗﻴﺔ ﻫﻲ:
ﺃ -ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻤﻜﻨﺎﺕ ﻭ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻷﻭﻻﻧﻴﺔ .firstness
ﺏ -ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻭ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺎﻧﻴﺔ .secondness
ﺝ -ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .thirdness
ﺣﻴﺚ ﺗﻌﲏ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ؛ﺃﻱ ﻛﻴﻨﻮﻧﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭﱄ ﻭ ﺳﺎﺑﻖ ﻷﻱ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺃﻭ
ﺗﻮﻟﻴﻒ ﻭ ﻫﻮ ﺷﻲﺀ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻜﻨﻪ ﳛﻤﻞ ﰲ ﺫﺍﺗﻪ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﻭ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﲡﻌﻠﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻭ ﻻ
ﻳﻮﺟﺪ ﻳﺘﺤﻴﻦ ﺃﻭ ﻻ ﻳﺘﺤﻴﻦ)، (2ﻓﺎﻟﻜﺂﺑﺔ ﻣﺜﻼ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻛﺌﻴﺐ ﱂ ﺗﻜﻦ
ﺳﻮﻯ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﻌﻮﺭﻳﺔ ﳏﺘﻤﻠﺔ،ﺇﻥ ﺍﻷﻭﻻﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻤﻜﻨﺎﺕ، les possiblesﻭﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺎﺕ
qualitéﺍﺮﺩﺓ .ﻭﺗﻌﲏ ﺍﳌﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ؛ ﺃﻱ ﲡﺴﺪ ﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲ ﻭ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺎﺕ
ﰲ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﳐﺼﻮﺻﺔ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭ ﺍﳌﻜﺎﻥ )،(3ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ
ﻭﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ "ﻭﻗﻮﻉ ﺍﳋﺴﻮﻑ ﻣﺜﻼ".
ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻘﻮﻟﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ ،ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻓﻬﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﳚﺮﺩ ﺍﳌﻌﻄﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﶈﺴﻮﺱ ﻟﻜﻲ
ﻳﻜﺴﻮﻩ ﺑﻐﻄﺎﺀ ﻣﻔﻬﻮﻣﻲ ) (4؛ﺃﻱ ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻟﲑﺑﻂ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻮﺻﻔﻪ
ﺇﻣﻜﺎﻧﺎ ﻛﻴﻔﻴﺎ ﳎﺮﺩﺍ ﻭﺑﲔ ﲢﻘﹼﻘﻪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺎﺕ "،ﺭﺅﻳﺔ ﺍﳋﺴﻮﻑ
ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﻛﻤﻮﻧﻪ ﻭ ﲡﻠﹼﻴﻪ ،ﳑﺎ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻪ ،ﻭ ﺬﺍ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ
42
ﻧﺆﻭﻝ ﺳﻠﻮﻛﺎ ﻣﺎ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺂﺑﺔ ﻻ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ.ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﻠﹼﻢ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻓﻬﻢ
ﺗﺼﻮﺭ ﺑﲑﺱ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﺇﻻ ﺑﺎﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﳌﻨﻮﺍﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺗﻔﺴﲑﺍﺗﻪ
ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺗﻴﺔ ،ﻭ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﻮﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻮﻱ ﻭ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻵﻧﻔﺔ .
ﻟﻘﺪ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﲑﺱ ﺃﻥ ﺗﻄﺒﻖ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻛ ﹼﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ،ﻭﳍﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻛﺎﻥ ﲝﺎﺟﺔ
ﺇﱃ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺃﺑﺪﻉ ﳍﺎ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻣﻦ ﻓﻜﺮﻩ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ ﺍﳋﺎﻟﺺ ،ﻧﺸﺄ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﻓﺮﺍﺯ
ﻣﻘﻮﻻﺕ ﻣﻮﻟﹼﺪﺓ ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﲡﺴﺪ ﻭ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺔ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﻭ
ﺑﺮﺍﻋﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻞ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻪ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻟﻘﻴﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻘﺪ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺮﺩﻩ -ﰲ
ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ -ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﳌﻌﻮﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺗﻴﺔ .
ﻓﻤﻦ ﻣﺆﺍﺧﺬﺍﺕ ﺑﻨﻔﻨﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﲑﺱ ﺃﻧﻪ ﳛﻮﻝ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﱃ ﻋﻼﻣﺎﺕ ،ﻭ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ
ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺑﺄﺳﺮﻩ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻨﻔﻨﺴﺖ ﰲ ﻣﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ " ﺳﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻠﻐﺔ " "ﺇ ﹼﻥ
ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﻣﻦ ﳛﺎﻭﻝ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺑﲑﺱ )(...ﻫﻲ ﺇﻥ ﺑﲑﺱ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ
ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﻌﺎﱂ ﺑﺄﺳﺮﻩ ،ﺇﺫ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻫﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﲏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻛ ﹼﻞ
ﻋﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺓ ﻭﻫﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻜﻢ ﺗﻔﺴﲑ ﳎﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ،ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻧﺖ
ﻫﺬﻩ ﺍﻤﻮﻋﺎﺕ ﳎﺮﺩﺓ ﺃﻡ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ،ﺇ ﹼﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺑﲑﺱ ﰲ ﻛﻠﻴﺘﻪ ﻋﻼﻣﺔ ،ﻭ ﻓﻜﺮﻩ
ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻼﻣﺔ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ،ﻭ ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﺎﻳﺔ ﺍﳌﻄﺎﻑ ﻻ ﲢﻴﻞ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ
ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﻜﻴﻒ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﲢﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻋﻼﻣﺔ ؟،ﻫﻞ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ
ﺃﻥ ﳒﺪ ﻧﻘﻄﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺮﺳﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ؟.
ﺇﻥ ﺍﳌﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺸﺄﻩ ﺑﲑﺱ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ،ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺣﱴ ﻻ ﻳﻠﻐﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻜﺎﺛﺮ
ﲤﺘﺪ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻻﺎﻳﺔ")، (1ﻭﺬﺍ ﻳﻨﻜﺸﻒ ﺍﻟﻄﱠﺮﻕ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ،ﺇﺫ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﺑــﻪ ﺍﶈﻠﻞ
) -(1ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ :ﺳﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺇﻣﻴﻞ ﺑﻨﻔﻨﻴﺴﺖ ،ﺗﺮ:ﺳﻴﺰﺍ ﻗﺎﺳﻢ ،ﺹ .173-172
43
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺑﲑﺱ ﻫﻮ ﲢﻠﻴﻞ ﻭ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ،ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳚﻌﻠﻨﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﰲ
ﻓﻠﻚ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﳓﺘﻮﻳﻬﺎ ﻭ ﲢﺘﻮﻳﻨﺎ ،ﻭﺍﳋﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺭ) (1ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ ﻭ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻄﻠﺐ
ﺿﺮﻭﺭﻱ ،ﻭ ﻋﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﺃﻥﹼ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﲨﻠﺘﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻭﻻ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ
ﻧﻈﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﲡﻤﻌﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﺃﻭ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻀﺎﺩ.
Charles Morris ﺷﺎﺭﻝ ﻣﻮﺭﻳﺲ
ﺇ ﹼﻥ ﺗﺼﻮﺭ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﺷﺮﻋﻴﺘﻪ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺭﺍﻓﺪﻳﻦ ﺃﺳﺎﺳﲔ ،ﺃﺣﺪﳘﺎ
ﺳﻠﻮﻛﻲ) (behavioristeﻣﺘﻮﺍﺭﺙ ﻋﻦ ﻟﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺑﻠﻮﻣﻔﻴﻠﺪ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺳﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻣﻨﻈﻮﺭ
ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺃﺭﻏﺎﻧﻮﻧﺎ ) (organonﻟﻠﻌﻠﻮﻡ " .ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﺑﻨﻴﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﺗﻌ ﻢ
) (2
ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﳌﺴﺠﻠﺔ ،ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭﺍﺕ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﻛ ﹼﻞ ﻣﻮﺣﺪ ﻭﻣﻨﺴﺠﻢ ".
ﻭﺍﻟﺒﺪﺀ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﺯﻳﺲ ؛ﺃﻱ ﺍﻟﺴﲑﻭﺭﺓ ﺍﻟﱵ
ﲟﻮﺟﺒﻬﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﻼﻣﺔ)،( 3ﻭﻫﻮ ﺬﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﻭﻳﺆﻛﹼﺪ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺑﲑﺱ ،ﻓﺴﺮﻳﺎﻥ
ﻭﺍﺷﺘﻐﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻫﻮ ﺗﺮﲨﺔ ﻟﻠﺴﻴﻤﻴﻮﺯ ﻭﲢﻴﲔ ﳍﺎ ،ﹺﺑ ﻌ ﺪ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﳏﺪﺩﺍ ﻟﺸﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﻋﻦ
ﻃﺮﻳﻖ ﺷﻲﺀ ﺛﺎﻟﺚ.
ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻷﻭﻝ :ﻫﻮ ﺣﺎﻣﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ؛ﺃﻱ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺜﲑ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺇﱃ ﻧﻔﺴﻪ
ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻋﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻔﺴﲑﻳﺔ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻪ.
ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﻫﻮ ﺍﳌﻌﻴﻦ) ( designatumﺃﻱ ﻣﺎ ﳛﺪﺩﻩ ﺣﺎﻣﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﻳﺔ.
ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻓﻬﻮ ﺍﳌﻔﺴﺮﺓ )، (4).(INTERPRETANTﺃﻱ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺪﺛﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ
ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﳌﻔﺴﺮ).(L'interprète
44
ﻭﳚﺪﺭ ﺑﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺣﺮﺹ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﻴﻦ)(designatum
ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳌﻌﻴﻦ )، (designataﻓﺎﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﳌﻌﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﻌﻴﲔ ﻫﻮ ﺗﻠﻚ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺑﺎﻃﻨﻴﺔ ﺃﻱ ﻣﺴﺘﺘﺮﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﳒﺪ
ﲤﻴﻴﺰﺍ ﺁﺧﺮ ﺑﲔ ﺍﳌﻔﺴﺮﺓ ﻭﺍﳌﻔﺴﺮ ﲜﻌﻞ ﺍﻷ ﻭﻝ ﺍﻟﺒﺼﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺛﻬﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺸﺨﺺ
ﺍﻟﺸﺎﺭﺡ .ﻭﺭﲟﺎ ﻣﻨﺸﺄ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻣﺮﺩﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻓﺪ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﺮﺎ ﻓﺄﺣﻜﻤﺖ ﺗﺼ ﻮﺭﻩ
ﻒ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﳝﺜﹼﻞ ﰲ ﺍﻵﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﳌﻔﺴﺮﺓ ﻭﺍﳌﻔﺴﺮ ،ﻭﳍﺬﺍ ﺗﻌ ﺪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﻜﻮﻧﺎ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎ ﻓﻤﻮ ﹼﻇ
ﰲ ﺍﳌﻨﺸﺄ.
)(1
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﺠﻠﹼﻰ ﻭﻳﺪﻟﹼﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻋﻴﻨﺔ ﺍﻟﻜﻠﺐ:
-ﺍﻟﻜﻠﺐ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﺴﻠﻮﻙ ﻣﻌﻴﻦ )ﺣﺎﻣﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ(.
-ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻣﻨﺤﲎ ﺳﻠﻮﻛﻲ ﻫﻮ ﺇﻓﺮﺍﺯ ﺍﻟﻠﻌﺎﺏ )ﺍﳌﻔﺴﺮﺓ(.
-ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ )ﺍﳌﻌﻴﻦ(.
-ﻭﺍﻟﱵ ﲢﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﳌﺘﺠﺴﺪ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ )ﺍﳌﻌﻴﻦ (.
ﻭﺑﺘﺘﺒﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﺑﲔ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﲤﻜﹼﻦ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻣﻦ ﻓﺤﺺ ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﱵ
)(2
ﺗﺆﻟﹼﻒ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﰐ ﻭﻫﻲ:
ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﱯ) :( syntaxiqueﻳﺪﺭﺱ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ .
ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻻﱄ) :( sémantiqueﻳﺪﺭﺱ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎﺀ.
ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ) :(pragmatiqueﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﲟﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻬﺎ.
45
ﻓﺎﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﱯ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ،ﻭﰲ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﲢﻴﻞ ﻋﻠﻰ
ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻭﰲ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﳌﺘﻠﻔﹼﻆ
ﺎ ،ﻭﻧﻠﺤﻆ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﺟﻨﻮﺣﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﻄﻰ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﺩﻣﺎﺝ ﺍﻟﻨﺘﺎﺝ
ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ،ﳑﺎ ﺳﻨﺢ ﺑﻈﻬﻮﺭ ﺳﻴﻤﻴﺎﺀ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﳊﺎﻓﺰ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ .ﻛﻤﺎ
ﺃﻋﺎﺩ ﻣﺎ ﺗﻮﻃﹼﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺒﲑﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺼﺎﺋﻪ ،ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺠﺒﺘﻪ
ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺍﺗﻴﺔ)،(1ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﱂ ﻧﻠﻔﻪ ﰲ ﺣﻮﺍﺭﺍﺕ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﺇﺫ ﻧﻠﻔﻲ ﺗﻔﻌﻴﻼ
ﻟﻠﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻭﲣﻔﻴﻔﺎ ﻣﻦ ﻭﻃﺌﻪ ﻭ ﺣﺪﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺍﺗﻴﺔ .
ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ﻣﻦ ﺳﻴﻤﻴﺎﺀ ﻣﻮﺭﻳﺲ:
ﺃ ﹼﻛﺪ ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﺭ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻳﻌ ﺪ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﻗﻴﻤﺔ ﻭﻭﺟﺎﻫﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻗﺎﺋﻢ
ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻳﲑ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﺟﻠﻴﺔ،ﻭﻗﺪ ﺑﺪﺍ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺷﻲﺀ ﻳﺜﲑ
ﺳﻠﻮﻛﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﲟﻮﺿﻮﻉ ﻻ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻣﺜﲑﺍ (2 ).ﻭﺳﺒﺐ ﺍﳉﻨﻮﺡ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﻄﻰ
ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻫﻮ ﺭﻏﺒﺔ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﰲ ﻋﺪﻡ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﱃ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﺍﻻﺳﺘﻴﻬﺎﻣﻲ -ﺃﻭ
)(3
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ -؛ﻷ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﰲ ﻧﻈﺮﻩ ﻟﻪ ﺣﻴﺎﺓ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻏﲑ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﺔ.
ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻗﺎﺩﻩ –ﺣﺴﺐ ﺇﻳﻜﻮ -ﺇﱃ ﺍﳋﻠﻂ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﳌﺜﲑ ،ﻓﺎﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄ ﹼﻥ
"ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻫﻲ ﻣﺜﲑ ﲤﻬﻴﺪﻱ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﰲ ﻏﻴﺎﺏ ﻣﺜﲑ ﻓﻌﻠﻲ ،ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻫﻲ ﻣﺜﲑ ﳛ ﹼﻞ ﳏﻞ
ﻣﺜﲑ ﺁﺧﺮ ﳏﺪﺛﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﻵﺛﺎﺭ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺒﺖ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺑﻐﺜﻴﺎﻥ ﺣﺎﺩ ﻛﻠﹼﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖ
ﻓﺘﺎﺓ ﲨﻴﻠﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺷﺮﺍﺀ ﻣﺜﲑ ﻟﻠﻘﻲﺀ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ،ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺭﻳﺲ
ﻳﻘﺼﺪ ﻫﺬﺍ ،ﺇﻻ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻗﺪ ﳛﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ")، (4ﺇﺫﻥ ﺇﺩﻣﺎﺝ ﻣـﺎ
46
ﺃﻗﺼﺎﻩ ﻣﻮﺭﻳﺲ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﳌﻔﻬﻮﻡ ﻫﻮ ﻓﺘﺢ ﻭﺗﻮﺳﻌﺔ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻭ ﺳﺒﻴﻞ
ﻣﺴﻌﻒ ﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻬﺎ .
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ:
ﳚﺪﺭ ﺑﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻗﺒﻞ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﺑﺎﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻮﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﻭﻳﺪﻋﻤﻪ ﻧﻈﺮﻳﺎ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺎ ،ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻌﺘﱪﻩ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﻮﻥ ﻓﺮﻋﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﲡﺮﻳﺒﻴﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻫﺪﻓﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻙ
ﻭﺿﺒﻄﻪ ﻭﻻ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻻﺳﺘﺒﻄﺎﻥ) (Introspectionﺃﻱ ﺩﻭﺭ ﺟﻮﻫﺮﻱ ﰲ ﻣﻨﺎﻫﺠﻪ ،ﻭﻻ
ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺻﻼﺣﻴﺘﻪ ﻟﺘﻔﺴﺮ ﲟﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻮﻋﻲ).(1
ﻭﻳﻨﺪﺭﺝ ﲢﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﻋﺪﺓ ،ﻟﻌ ﹼﻞ ﺃﳘﻬﺎ ﻭﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﻳﺘﺮﺃﺳﻬﺎ ﻭﺍﻃﺴﻦ ،Watsonﻓﻬﻮ ﻳﻌﺪ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﳌﻨﺤﻰ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻟﻠﻤﺪﺭﺳﺔ
ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺧﻀﺎﻉ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻟﺸﺮﻭﻁ ﲡﺮﻳﺒﻴﺔ ﳑﺎﺛﻠﺔ ﻣﺎ ﺃﻣﻜﻦ
ﺫﻟﻚ ) ،(2ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺳﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ،ﻓﺴﺎﻗﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﻟﻜﻲ
ﻳﻔﺴﺮﻭﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﺗﻔﺴﲑﺍ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻹﺛﺎﺭﺓ ﻭﺭﺩﻭﺩ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺕ
ﻭﺗﻨﻮﻋﺎﺎ.
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ J-LYONSﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺇﱃ ﺭﺅﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﺃﻣﻜﻨﻬﺎ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ
)(3
ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ،ﻭﻣﻦ ﺑﲔ ﻣﺎ ﺃﳌﺢ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ ﻫﺮﻣﺎﻥ ﺑﺎﻭﻝ ﺣﱴ ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺑﺮﳚﺘﻪ ﺑﺎﺭﺗﺸﺖ ،ﺗﺮﺩﺩ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﺴﻨﻪ ﲝﲑﻱ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ
ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻁ 1425ﻫـ 2004 -ﻡ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ . 205
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .205
(3)-Sémantique linguistique, Lyons(John). tra. J. Durand et Do. Boulonnais
Librairie Larousse, 1980, p : 133-150.
-ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.205
47
-1ﻧﻈﺮﺓ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﲔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻧﻈﺮﺓ ﺁﻟﻴﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ ،ﺗﺮﻯ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﻥ
ﳏﺪﺩﺍ ﺑﻘﻮﺍﻧﲔ ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ،ﻭﺳﺮﻳﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﻭﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﻞ ﺩﺭﺟﺔ
ﻭﺃﳘﻴﺔ ﻋﻦ ﺳﺮﻳﺎﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﻏﲑ ﺍﳊﻴﺔ ﻭﺗﻐﻴﲑﺍﺎ ،ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﹼﰎ ﺇﻋﻼﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ
ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﺎ ﺃﻳﻀﺎ.
-2ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺭﺩﻭﺩ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ
ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺭﻓﺾ ﺍﻻﺳﺘﺒﻄﺎﻥ ﻭﻋﺪﻩ ﺁﻟﻴﺔ ﻏﲑ ﻧﺎﺟﻌﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺑﻴﺎﻧﺎﺕ ﺻﺤﻴﺤﺔ
ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﰲ ﺍﻵﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻋﻮﺓ ﻟﻠﺮﻛﻮﻥ ﺇﱃ /ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻮﻗﺎﺕ
ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈﺘﻬﺎ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺘﺠﺖ ﻓﻴﻪ ،ﻭﰲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻗﻴﺎﺳﻪ ﲟﻨﺎﻫﺞ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ
ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻳﻌﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﲝﺘﻴﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﳚﺐ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﺔ
ﻫﻮ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺼﻮﺭﺍﻢ ﻭﻗﺪﺭﺍﻢ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ؛ﻷ ﹼﻥ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﳋﱪﺍﺕ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻭﺣﺪﻩ ،ﻭﻻ ﺃﳘﻴﺔ ﳍﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻷﺎ ﻏﺎﻣﻀﺔ.
-3ﻻ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻟﻮﺿﻊ ﻓﺎﺭﻕ ﺟﻮﻫﺮﻱ ﺑﲔ ﺳﻠﻮﻙ ﺇﻧﺴﺎﱐ ﻭﺳﻠﻮﻙ ﺣﻴﻮﺍﱐ.
-4ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛﻞ ﺍﳌﻴﻮﻝ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ،ﰲ ﺣﲔ ﰎ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺩﻭﺭ
ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﳕﺎﺫﺝ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ.
ﻭﺑﻌﺪ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﻭﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﻃﺴﻦ ﺃﻋﻠﻦ ﺑﻠﻮﻣﻔﻴﻠﺪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﳍﺎﻡ "ﺍﻟﻠﻐﺔ" ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ
ﺑﺎﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻭﺍﻋﺘﱪﻩ ﺇﻃﺎﺭﺍ ﻛﻔﻴﻼ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﻭﺻﻒ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ
ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻗﺮﺭ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺘﻨﺒﺄ ﺃﻥ ﻣﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻜﹼﻠﻢ،
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﳝﻜﻦ – ﰲ ﺭﺃﻳﻪ ﺃﻳﻀﺎ – ﺃﻥ ﻧﺘﻨﺒﺄ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺑﺪﻗﺔ
ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳉﺴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ،ﻭﻣﻦ ﹼﰎ ﺣﺪﺩ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ
48
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ).(1
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻟﻠﺴﻠﻮﻙ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ ﻛﻞ
ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺪﺱ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ،ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺗﻘﺼﻲ ﰲ ﲢﻠﻴﻼﺎ ﻭﺩﺭﺍﺳﺘﻬﺎ
ﻛﻞ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ ،ﻛﺎﻟﺘﺼﻮﺭ ،ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ،ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ
ﻭﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺮﺻﺪ ﺩﻗﻴﻖ ﳌﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩ ﻣﻮﺟﻪ
ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ )ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ( .
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺟﻠﻴﺎ ﺃﻥ ﺁﺭﺍﺀ ﺑﻠﻮﻣﻠﻔﻴﺪ ﻫﻲ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﳌﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﻭﺍﻃﺴﻦ؛ ﻷﺎ ﺗﺴﺘﻨﺪ
ﰲ ﳎﺎﳍﺎ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻋﻨﺪ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ ﺇﱃ ﻣﻔﻬﻮﻣﲔ ﺍﺛﻨﲔ ﻣﺮﻛﻮﺯﻳﻦ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ
ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﳘﺎ ﺍﳌﺜﲑ ﻭﻳﺴﻤﻰ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳊﺎﻓﺰ ، stimulusﻭﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ، Réponseﺣﻴﺚ ﻳﻄﻠﻖ
ﺍﳌﺜﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺒﻖ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﱵ
ﺗﺘﺒﻊ ﺃﻭ ﺗﻠﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﺘﺪﻋﻰ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺍﻵﰐ:
ﺃ -ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ "ﺍﳌﺜﲑ".
ﺏ -ﺍﻟﻜﻼﻡ.
ﺝ -ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﻠﻜﻼﻡ "ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ".
ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﻒ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻋ ﺪ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺳﻠﻮﻛﻴﺔ ﳊﻮﺍﻓﺰ ﺃﻭ ﻣﺜﲑﺍﺕ ﻓﻌﻠﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﳊﺎﻓﺰ )ﺍﳌﺜﲑ( ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻠﻔﹼﻆ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﱃ
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﳚﺎﺩ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻔﺴﺮ ﺎ ﺍﻟﺘﺸﺎﺎﺕ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﻛﻠﹼﻴﺔ ﺗﺮﺑﻂ
ﺍﳊﻮﺍﻓﺰ ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺕ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺟﻮﺩﻳﺖ ﺟﺮﻳﻦ ،ﺗﺮ:ﺩ .ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ،ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ ،1992ﺹ .47/42ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺪﺧﻞ
ﺇﱃ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺭﻭﻧﺎﻟﺪ ﺇﻳﻠﻮﺍﺭ ،ﺗﺮﺩ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺩﻣﺸﻖ1400 ،ﻫـ1980 -ﻡ ،ﺳﻮﺭﻳﺎ ،ﺹ:
.107
49
ﻭﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻧﺸﲑ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﻣﻬ ﻢ ﻭﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻇﻞ ﺳﺎﺋﺪﺍ ﻟﺴﻨﲔ ﻋ ﺪﺓ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﳏﺘﺬﻯ ﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﳋﻄﺎﺑﺎﺕ
ﻓﺈﻧﻪ ﻋﺮﻑ ﻧﻘﺪﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﲔ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺭﺟﻊ ﺟﻲ ﰊ ﺗﻮﺭﻥ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﲏ ﺑﻪ
ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ– ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ -ﻟﻼﲡﺎﻫﺎﺕ ﺍﳌﺘﻄﺮﻓﺔ
ﺍﳌﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ .ﻭﻗﺪ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﺣﺼﺮ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ ﰲ ﺍﻷﺳﺎﺱ
ﺑﺎﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﺭﺑﻄﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺍ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ).(1ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺑﺎﳌﺮ ﻳﻌﺘﱪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺴﺘﺨﻒ
ﺑﺎﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻭﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﺫﻫﻨﻴﺔ).(2
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺩﰊ :ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻷﺳﻠﻮﰊ ،ﺟﻲ ،ﰊ ،ﺗﻮﺭﻥ ،ﺗﺮﺩ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻐﺎﳕﻲ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1993ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺹ .80:
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺇﻃﺎﺭ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻑ ،ﺭ ،ﺑﺎﳌﺮ ،ﺗﺮﺩ ﺻﱪﻱ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،1999 ،ﺹ.84 :
50
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ:
ﺣﻈﻴﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﲟﻜﺎﻧﺔ ﻭﺭﺗﺒﺔ
ﻫﺎﻣﺔ ﺃﻫﻠﺘﻬﺎ ﻟﺘﺤﺘﻞ ﺍﻟﺼﺪﺍﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻧﻈﺮﺍ ﳌﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﻨﻈﲑﻳﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ
ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ
ﻫﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ 1ﺗﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﺎﻻﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﺍﳌﻨﻄﻖ
ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﹼﰎ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﺪﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﻭﺑﲑﺱ
ﻓﻬﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺘﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﰲ ﻣﻨﺠﺰﺍﺗﻪ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﰲ
ﺃﻥ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻗﻮﺽ ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻢ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﺑﻨﺎﺀ ﺁﺧﺮ ﺣﺼﻴﻔﺎ
2
ﳜﺘﻠﻒ ﰲ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻻﺧﺘﻼﻑ ﻧﻈﺮﺗﻪ ﺇﱃ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ.
ﻓﻨﺠﺪﻩ ﻳﻘ ﺪﻡ ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﻣﻌﺮﻓﻴﻪ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻨﻤﺎﺯ ﺑﻨﻘﺪﻫﺎ ﻟﻠﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺄﺳﺲ
ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻭﺍﻟﺴﻄﺤﻲ ﻟﻠﹼﻐﺔ ،ﻛﻤﺎ ﳒﺪﻩ ﻳﺪﺃﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻤﻖ ﰲ ﺍﳌﻘﺘﻀﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻜﹼﻠﻢ ﺍﳌﺒﺪﻉ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻠﻬﺎﻣﻪ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻳﻌﺪ ﺇﻃﺎﺭﺍ ﻣﺮﺟﻌﻴﺎ ﺣﺪﺩ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ
ﲟﻮﺟﺒﻪ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻩ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺘﺄﺗﻰ ﺇﻻ ﻭﻓﻖ ﻣﺒﺪﺃﻳﻦ ﺍﺛﻨﲔ ﳘﺎ
ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ.
ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻭﺍﻟﺒﻨﻮﻳﺔ:
ﺇﺫﺍ ﺗﺄ ﻣﻠﻨﺎ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺗﻌﻘﺒﻨﺎﻩ ﻣﺬ ﺑﺪﺍﻳﺘﻪ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺒﻠﻮﺭ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﻱ ﻧﺪﺭﻙ
ﺩﻭﻥ ﺃﺩﱏ ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺳﻮﻣﺎ ﻭﻣﺴﻴﻄﺮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﺔ ،ﺫﻟﻚ ﺃﺎ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ
ﻛﺎﻥ ﺳﺎﺋﺪﺍ ﻗﺒﻞ .ﻭﻗﺪ ﺗﺒﻠﻮﺭﺕ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﳕﺖ ﰲ ﻇﻞ ﻋﻘﻠﻴﺎﺕ ﻭﲰﺖ-ﰲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﳌﻌﺮﰲ
ﺍﻟﻌﺎﻡ -ﺑﺎﻻﻧﻔﺘﺎﺣﻴﺔ ﻭﺍﻷﻛﺜﺮ ﺩﺭﺍﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﻻ ﺑ ﺪ ﳍﺬﺍ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﲡﺎﻩ ﺁﺧﺮ
ﻳﻜﻮﻥ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﱰﻋﺔ ﺍﺎﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻜﻤﻴﻠﻴﺔ؛ ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ،ﺍﻟﱵ ﻻ
1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ –ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ،-ﺟﻴﻔﺮﻱ ﺳﺎﻣﺒﺴﻮﻥ ،ﺗﺮ :ﺃﲪﺪ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﺍﻋﲔ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ،
ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1993ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.151-134
2ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻋﺒﺪﻩ ﺍﻟﺮﺍﺟﺤﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻁ ،1979ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.51
51
ﲣﺮﺝ ﰲ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﻮﱄ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻷ ﻭﻝ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻ
ﻳﻌﲏ ﺗﺒﻨﻴﻬﺎ ﳌﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﲔ ،ﺇﺫ ﻧﻠﺤﻆ ﻧﻘﺪﺍ ﻭﺇﻗﺼﺎﺀ ﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﱵ
ﺠﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﺔ.
ﺳ
ﻭﳑﺎ ﺳﺠﻠﻪ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻣﻦ ﻧﻘﺪ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﺔ ﺍﻛﺘﻔﺎﺅﻫﺎ ﺑﺎﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﻟﻠﹼﻐﺔ
ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ»:ﺗﻨﺤﺼﺮ )ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﺔ( ﰲ ﲢﻠﻴﻞ ﻣﺎ ﲰﻴﻨﺎﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ،ﻭﰲ
ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ ﰲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﰲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﻠﻴﺔ ﰲ
ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ Signalﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻄﻴﻊ ﻭﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﳓﺼﺎﺭ ﻫﻮ ﻛﺎﻣﻞ
ﺍﻟﻮﻋﻲ« 1ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻰ ﺑﻪ ﰲ ﻇ ﹼﻞ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ»،ﻳﺒﺪﻭ ﺃ ﹼﻥ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﻀﻌﻒ
ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﲔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﲔ ﻫﻲ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄ ﹼﻥ
ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺑﺴﻂ ﰲ ﺑﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﻀﻮ ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃ ﹼﻥ ﺃﻭﱃ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﺍﺕ
ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﻔﺴﲑ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻼﺣﻆ«.2
1
Le langage et La pensée, Chomsky, tra Louis jean Calvet, payot, parais. p36.
2
Ibid. P45.
3ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ،ﺃﲪﺪ ﻣﻮﻣﻦ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺹ.204
52
ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻋﻦ ﺣﺼﺮ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ ﰲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺑﺎﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﺭﺑﻄﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺍ
ﲟﺎ ﻫﻮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ .ﻭﻟﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻷﳘﻴﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻌﻨﻴﺔ
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻭﻗﺎﺋﻊ"ﺍﻟﺒﲎ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ" ﻫﺬﻩ ﲟﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑـ"ﺍﻟﺒﲎ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ" ﻟﻠﻐﺔ؛ ﺃﻱ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ
ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﻭﺻﻠﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﺔ.1
ﺇﺫﻥ ﺍﻟﺘﺮﻣﻴﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﰲ ﺇﳕﺎﺀ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺗﻮﻃﻴﺪ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ،ﻫﻮ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺟﺎﺩﺓ ﻹﳚﺎﺩ ﻧﺴﻖ ﺗﻔﺴﲑﻱ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﻲ ﲟﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ
ﻭﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﺎﱐ -ﺍﳌﻌﲎ -ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻌﻂ ﺣﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ
ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻌﻴﺔ .ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﳌﻮﻇﹼﻒ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻣﻨﻬﺞ ﻭﺻﻔﻲ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ
ﻟﻠﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻠﻔﻮﻇﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺩﻭﻥ ﺇﻳﻐﺎﻝ ﺃﻭ ﲡﺎﻭﺯ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ
ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻤﻖ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺴ ﻤﻰ ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ.
ﻭﳍﺬﺍ ﺣ ﺪﺩ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺍﳋﻄﻮﻁ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺘﻪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﰲ
ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ"ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ") (LSLTﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺍﳍﺪﻑ
ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻭﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﱂ ﺗﻜﻦ
ﻣﻄﺮﻭﺣﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﻨﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ
ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ »ﺃﻥ ﺗﻌﺮﺝ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺞ ﻳﺘﻮﺧﻰ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ
ﺇﱃ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﻘﻠﻲ ﳘﹼﻪ ﺇﺯﺍﺣﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ،ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﻣﻦ
ﺃﺟﻞ ﺗﻌﻠﻴﻠﻪ ﻭﺗﻔﺴﲑﻩ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻭﺻﻔﻪ ﻭﺻﻔﺎ ﺷﻜﻠﻴﺎ«.2
ﻟﻌﻞ ّ ﺍﻟﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﺣﺪﺛﺘﻬﺎ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ
ﻛﺎﻥ ﻫﺪﻓﻬﺎ -ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ -ﺳﺪ ﻫﺎﻧﺎﺕ ﻭﻓﺠﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺒﻨﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﻌﻼﺝ
ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻨﻄﻮﻗﺔ ،ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﺗﺆ ﹼﻛﺪ ﻭﺗﻔﺮﺽ
1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺩﰊ :ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻷﺳﻠﻮﰊ ،ﺟﻲ ﰊ ﺗﻮﻥ ،ﺗﺮ :ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻐﺎﳕﻲ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻁ،1
ﺳﻨﺔ ،1993ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺹ.80
2ﻣﺒﺎﺣﺚ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺃﲪﺪ ﺣﺴﺎﱐ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﻁ ،1999ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺹ.119
53
ﺴﺪﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳌﺒﻨﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ،ﲟﻌﲎ ﲢﻮﻳﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺒﺤﺚ
ﻧﻘﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍ
ﺴﺪﺍ ﺇﱃ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ
ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌ ﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﳎ
ﺍﶈﺼﻠﺔ ﻭﺍﳌﻤﺜﻠﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻞ.
ﻭﻳﺆ ﹼﻛﺪ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺃﻥ ﻭﺿﻊ ﻧﻈﺎﻡ ﳏﺪﺩ ﺛﺎﺑﺖ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ ﻫﺪﻑ
ﻃﻤﻮﺡ ﺟﺪﺍ ،ﻭﺃﻥ ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻄﻤﺢ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻳﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﻘ ﺪﻡ ﻣﻌﻴﺎﺭﺍ
ﺃﻭ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺗﻘﻮﳝﻴﺎ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﱃ ﺭﺑﻂ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺑﺎﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﲝﻴﺚ ﻳﺘﺒﲔ ﺃﻥ ﻟﻠﻌﺎﻣﻞ ﺍﳉﻴﲏ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﻲ ﺗﺄﺛﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻣﺎ
ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺃﻥ
1
ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﳝﺘﻠﻚ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ،ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ.
1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ،ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺗﺮ :ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ،ﺹ .70-15
2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .16
3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ .61
54
ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻣﺆ ﺳﺲ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻐﺮﰊ
ﻭﳝﺜﻠﻪ ﻟﻮﻙ Lokeﻭﺑﺮﻭﻛﻠﻲ brokelyﻭﻫﻴﻮﻡ ،humeﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﻮﻥ ﻣﻦ
ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﹼﻠﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﻌﻴﺪ-ﺑﺪﻭﺭﻩ-
1
ﺷﻲﺀ ﻗﺎﺭ ﻭﺛﺎﺑﺖ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﳝﺜﻠﻪ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ .Descart
ﺇﺫﺍ ﳓﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺟﺪﻝ ﻣﻌﺮﰲ ﻭﻓﻖ ﺭﺅﻯ ﻭﻣﻨﺎﻫﺞ ﺁﻧﻴﺔ ﳝﻜﻦ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻼﺀﻣﺔ
ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﰲ ﺣﻮﺍﺭ ﺟﺪﱄ ﻫﺪﻓﻪ ﺗﻮﺿﻴﺢ
ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻻ ﺗﻠﺒﻴﺴﻬﺎ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﳝﻜﻦ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻵﰐ:
-ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺒﻨﻮﻱ:
-ﻣﻨﻬﺞ ﻭﺻﻔﻲ.
-ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ . Inductive
-ﻳﻌﲎ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ ﻟﻠﻜﻼﻡ.
-ﺍﻟﱰﻋﺔ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﻪ . Empirisme
-ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﻛﻨﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺗﻌﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺁﻟﻴﺔ.
-ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻨﻪ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﺼﻨﻴﻔﻬﺎ )ﻣﻮﺭﻓﻴﻤﺎﺕ-ﻓﻮﻧﻴﻤﺎﺕ(.
-ﺇﳘﺎﻝ ﻭﺇﻗﺼﺎﺀ ﻟﻠﺪﻭﺭ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ.
-ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﰲ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﻭﻧﺔ . Corpus
-ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺎﺕ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﺍﳌﻼﺣﻈﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﻭﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﻜﻞ ﻟﻐﺔ.
-ﻳﻬﺘﻢ ﲟﻈﻬﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ )ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ(.
-ﳛﺎﻭﻝ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻵﰐ :ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ؟.
1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ،ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺗﺮ :ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ،ﺹ .66
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻣﺸﻜﻼﺕ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺗﺮ :ﲪﺰﺓ ﺑﻦ ﻗﺒﻼﻥ ﺍﳌﺰﻳﲏ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1990ﺍﳌﻐﺮﺏ
ﺹ .122ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺗﺮ :ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻣﺸﺮﻭﺡ ﻭﻣﺼﻄﻔﻰ ﺧﻼﻝ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻴﻤﻨﻞ ،ﻁ ،1ﻣﺮﺍﻛﺶ ،ﺹ .23
55
-ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻱ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻲ:
-ﻣﻨﻬﺞ ﻧﻈﺮﻱ ﺗﻔﺴﲑﻱ.
-ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻃﻲ .Déductive
-ﻳﻌﲎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﺒﻖ ﺍﻟﻜﻼﻡ.
-ﺍﻟﱰﻋﺔ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ Mentalismeﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ Rationalismeﺃﺳﺎﺳﻪ.
-ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﻛﻨﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ.
-ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ،ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻋﺪﺩ ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ.
-ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﳋﻠﻖ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻲ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ.
-ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ ﺣﺪﺱ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﺍﳉﻤﻞ.
-ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ )ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ( ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻔﺴﲑ
ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ.
-ﻳﻬﺘﻢ ﲟﻈﻬﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳊﺮﻛﻲ ،ﺩﺍﺧﻞ ﺫﻫﻦ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ.
-ﳛﺎﻭﻝ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻵﰐ :ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳌﻌﲎ؟.
ﻻ ﳒﺎﻭﺯ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﻗﺮﺭﻧﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ
ﻫﻲ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻮﺍﻓﻘﺎ ﻭﻣﻄﺎﻭﻋﺔ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻘﻴﻢ
ﻟﻮﻻ ﻣﺮﻭﺭﻫﺎ ﺑﻔﺘﺮﺍﺕ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﲡﺪﺩﺕ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﺪﺩ ﺍﻗﺘﻀﺎﻩ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻗﺼﺪ ﺇﻋﺎﺩﺓ
ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﺜﻐﺮﺍﺕ ﻭﺍﳍﺎﻧﺎﺕ ﺍﳌﻼﺣﻈﺔ ،ﺇﺫ ﺇﻥ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻻﺳﺘﺪﺭﺍﻙ ﻭﺟﱪ
ﺿﺢ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺪﻑ ﺗﻘﺪﱘ ﺃﳕﻮﺫﺝ ﻧﻈﺮﻱ ﻳﻔﺴﺮ ﻭﻳﻮ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ.
56
-ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ :ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳌﺒﺎﱐ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ).(1965-1957
ﺑﻈﻬﻮﺭ ﺃﻭﻝ ﻛﺘﺎﺏ ﻟﺘﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ :ﺍﳌﺒﺎﱐ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ Structures Syntaxiques
ﺴﺮ
ﻭﻗﺪ ﺗﻀﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻨﻒ ﺃﻫﺪﺍﻓﺎ ﻛﻤﺎ ﺍﺣﺘﻮﻯ ﻗﻮﺍﻋﺪ-ﻭﺗﺴﻤﻰ ﺃﳓﺎﺀ ﺃﻭ ﳕﺎﺫﺝ -ﺗﻔ
1
ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ.ﺃ ﻣﺎ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﻓﺈ ﹼﻥ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻳﺮ ﹼﻛﺰ ﺇﲨﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
-ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻷﻭﱃ:
ﻳﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺎﺻﻴﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺍﳌﻔﺘﻮﺣﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ؛ ﲟﻌﲎ ﺃﻥ
»ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﻘﺪﻡ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﻟﺘﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩﺓ« 2.ﻭﻫﺬﺍ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ
ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﰲ ﺃﻱ ﻧﺺ ﻣﺪ ﻭﻥ ﻫﻲ ﲨﻞ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺒﻘﻰ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻣﻬﻤﺎ
ﻃﺎﻝ ﺗﺴﺠﻴﻠﻨﺎ ﳌﺎ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻭﺣﺴﺐ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺗﻮﹼﻟﺪ ﲨﻴﻊ ﺍﳉﻤﻞ ﰲ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻻ ﲤﻴﺰ ﺑﲔ ﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﱂ ﻳﺘﻢ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ.
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺟﻠﻴﺎ ﺗﺄﺛﺮﻩ ﺑﺪﻳﻜﺎﺭﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﱃ ﺃﳘﻴﺔ ﻟﻠﻤﻈﻬﺮ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ ﻟﻠﻐﺔ،ﻳﻘﻮﻝ
ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ» :ﺃﺣﺪ ﺍﻹﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﲰﻴﻨﺎﻩ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻜﺎﺭﺗﻴﺔ ﺃﻥ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻟﻴﺴﺖ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﳌﺜﲑ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﺃﻭ ﺍﳊﺎﻻﺕ
ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻌﻴﲔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻭﻟﻴﺴﺖ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ«.3
ﻓﺎﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ »ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ﺍﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻟﻔﻬﻢ ﻭﺇﻧﺘﺎﺝ ﻋﺪﺩ ﻻ ﺎﺋﻲ ﻣﻦ
ﺍﳉﻤﻞ ﱂ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﺗﻠﻔﻈﻬﺎ ﺃﻭ ﲰﺎﻋﻬﺎ« 4ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻋﺪﺩ ﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ
ﻓﻬﻲ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺗﱪﺯ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭﺗﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﻣﺒﺪﻉ »ﻓﺎﻣﺘﻼﻙ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻠﻜﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻨﻮﻋﻪ ﻫﻲ ﳕﻮﺫﺝ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻓﻜﺮﻱ ﻭﺣﻴﺪ .ﻻ ﳜﺘﺺ ﺑﺄﻋﻀﺎﺀ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﻭﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ
1
Structures Syntaxiques, Chomsky, tr: Michel braudeau, paris, le seuil, 1991
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺒﲎ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ،ﻧﻮﻡ ﺟﻮﻣﺴﻜﻲ،ﺗﺮ:ﻳﺆﻳﻞ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺰﻳﺰ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ،ﻁ،1ﺳﻨﺔ،1987ﺑﻐﺪﺍﺩ،ﺹp10...35
2
La Linguistique Cartésienne, Noam Chomsky, tr: E.Delannoe et D.Seperber
édition du seuil, paris. P56.
3
Ibid. P45.
4
Dictionnaire de Linguistique, jean Dubois et autres, Paris, Larousse 1994,
p131.
57
l'aspect ﺑﺎﻟﺬﻛﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻴﻪ "ﺍﳌﻈﻬﺮ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ"
Créateurﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻣﻴﺰﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻠﻜﺔ ﺃﺎ ﺗﻔﺘﺢ ﳎﺎﻝ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﺪﻭﺩ
ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻣﺜﲑ« 1ﻭﻫﺬﺍ ﳛﻴﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻜﹼﻠﻢ ﻻ ﻧﻨﺘﺞ ﲨﻼ ﻗﺪ
ﲰﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻧﺒﺪﻉ ﲨﻼ ﺟﺪﻳﺪﺓ.
-ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:
ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺎ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﻭ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ
ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﻛﻠﻪ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺑﺎﳊﺪﺱ ﺃﻭ ﺍﳌﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ
ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﲔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺃﻭ ﺍﳉﻤﻞ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻠﺒﺲ
2
ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ.
ﻓﺎﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﳓﻮﻳﺎ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﱃ ﺣﺪﺱ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻭﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺪﺳﻪ
ﺇﻃﺎﺭﺍ ﻣﺮﺟﻌﻴﺎ ﳛﺘﻜﻢ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻫﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﺿﺤﺖ
ﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻓﺮﺩﻫﺎ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻟﻠﺤﺪﺱ ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺒﺖ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ
ﺍﻷﲝﺎﺙ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺩ ﺍﳌﻌﲎ –ﻛﻤﺎ ﺃﺳﻠﻔﻨﺎ -ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﺍﶈﻴﻄﺔ
ﺑﺎﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﻟﻠﻤﺘﻜﹼﻠﻢ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻭﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻛﻤﺎ
3
ﺭﺩﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳌﻌﲎ.
ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:
ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺒﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﰲ )ﺍﳌﺒﺎﱐ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ(ﻫﻲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ
ﺳﻠﻜﻪ ﺍﻟﺒﻠﻮﻣﻔﻴﺪﻳﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﲡﺎﻩ ﻏﲑ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ﻭﻻ ﻣﺠﺪ .ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃ ﹼﻻ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﱃ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺎ ﻛﺘﺎﺏ ﳚﻤﻊ ﻋﺪﺩﹰﺍ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﳌﻔﻴﺪﺓ ،ﺍﻟﺸﻲﺀ
1
La Linguistique Cartésienne, Chomsky. P20.
2ﻳﻨﻈﺮ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﻣﺎﺯﻥ ﺍﻟﻮﻋﺮ ،ﳎﻠﺔ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﺩﰊ ،ﺍﻟﻌﺪﺩﺍﻥ ،213-212ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ -1988 ،ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﱐ 1989
ﺹ .63
3ﻳﻨﻈﺮ ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺭﻭﻧﺎﻟﺪ ﺇﻳﻠﻮﺍﺭ ،ﺗﺮ :ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ،ﺹ .140
58
ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﺃﻥ ﻧﺼﻞ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻭﻧﱪﺭﻫﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﱃ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﰲ
ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺎﻗﺶ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﻳﲑ ﳝﻜﻦ ﰲ ﺿﻮﺋﻬﺎ
ﺍﻟﺒﺖ ﰲ ﻣﺪﻯ ﺳﻼﻣﺔ ﺻﻴﻐﺔ ﳓﻮﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﺗﻔﻀﻴﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺍﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﺪﻑ ﻭﺻﻒ
1
ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ.
ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ:
ﻭﻫﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺃﻥ ﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺗﻔﻮﻕ ﰲ ﻃﻤﻮﺣﻬﺎ ﻃﺮﻭﺣﺎﺕ
ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻮﻩ ،ﻓﻤﺎ ﺃﻭﺟﺪﻩ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﺍﳌﺘﻨﺎﻫﻴﺔ
ﺍﳌﺘﻮﺧﺎﺓ ﰲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ،ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ
2
ﺑﺎﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳊﺴﺎﺑﻴﺔ ﺇﺫ ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ.
ﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ ﺫﻛﺮﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﻣﻮﺟﻪ ﳓﻮ ﺍﳉﻤﻠﺔ
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻣﱪﺭ »ﻓﺎﳉﻤﻞ ﻓﻘﻂ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﻣﻌﲎ ،ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎﺕ
ﻣﻌﺎﻥ ﺇﺷﺎﺭﻳﺔ ﻓﺈﺎ ﺗﻜﺘﺴﺒﻬﺎ ﺇﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﻮﺎ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﲨﻞ ،ﻭﺇﻣﺎ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ،ﻏﲑ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻌﺎﱐ
3
ﺍﳉﻤﻞ«.
ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﱵ ﺍﻗﺘﺮﺣﻬﺎ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ )ﺍﳉﻤﻠﺔ( ،ﻓﻬﻲ ﳏﺼﻮﺭﺓ ﰲ ﺛﻼﺙ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ
ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ،ﺗﺮﲨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺘﺮﺍﺟﻢ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻵﰐ:
59
4 3 2 1
ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ﻣﺎﺯﻥ ﺍﻟﻮﻋﺮ ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ
ﺍﳉﺪﻭﻟﻴﺔ -ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ -ﳓﻮﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ -ﳕﻮﺫﺝ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ -ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ
ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ. ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ. ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ.
-ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ. -ﳓﻮ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ. -ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ. -ﳕﻮﺫﺝ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ.
-ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ. -ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻲ. -ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻲ. -ﳕﻮﺫﺝ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ
60
ﳚﺮﻱ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ1.ﻭﳝﻜﻦ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺑﺎﻹﺟﺮﺍﺀﻳﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﲔ
ﺍﻵﺗﻴﲔ:
-ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﺍﻷﻭﻝ :ﻣﺜﺎﻟﻪ» :ﻫﺬﻩ ﺳﲑﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺧﻠﺼﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﻞ
ﻭﺟﻮﺭ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﲝﻜﻤﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﻗﺒﺲ ﻧﻮﺭﺍﱐ ﻧﻔﺬ ﺇﱃ ﻗﻠﻮﺏ.«...ﻣﺎ ﻧﻠﺤﻈﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺜﺎﻝ
ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻫﻮ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﲤﺪﻳﺪ ﺍﳉﻤﻞ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻻ ﺎﻳﺔ ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﺍﳌﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻪ
ﻋﻨﺪ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺑﺆﺭﺓ ﺃﻭ ﺣﻴﺰ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻓﻨﺤﻦ ﻣﻠﺰﻣﻮﻥ ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ ﲨﻞ ﳏﺪﻭﺩﺓ
ﺍﻟﻄﻮﻝ ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﻭﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﻄﻮﻝ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﲝﻴﺚ ﻻ ﳚﻮﺯ
ﺗﻌﺪﻳﻪ ﻭ ﲡﺎﻭﺯﻩ.
ﻭﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻠﺤﻈﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻳﻮﻇﹼﻒ ﻋﺪﺓ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﰲ
ﺴ ﻢ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻜﺮﺭﺓ )ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺃﲰﺎﺀ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﻭﺣﺮﻭﻑ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﳉﻤﻞ ،ﻭﻣﺎ ﻳ ِ
ﺍﻟﻌﻄﻒ ،(...ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﱪﺭ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻧﻪ »ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻳﺘﺄﻟﹼﻒ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺮﺩﺍﺕ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﻔﺮﺩﺍﺕ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻋﺪﺩ
ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃ ﹼﻥ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻻ ﺑ ﺪ ﺃﻥ ﻳﺼﻠﺢ
ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ ،ﻭﺗﺴﻤﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻴﺐ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻟﹼﺪ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻴﺐ
ﺃﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﳌﻜﺮﺭﺓ«.2
ﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻓﻘﺪ ﻧﻔﺬ ﺍﻟﺮﻣﺎﱐ ﺇﱃ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﺆ
ﺑﻨﻴﺔ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ،ﻭﺭﺃﻯ ﺃﻧﻪ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻼﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺗﻮﻟﻴﺪﻳﺎ ﻭﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﻣﺎﱐ»:ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ،ﻓﺄﻣﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻠﻴﺲ ﳍﺎ ﺎﻳﺔ« ﻭﻳﺒﺮﺭ
1ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ :ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﺹ .103
2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ .97-96
61
ﻒ
ﺫﻟﻚ »ﻷ ﹼﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﺎﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺎﻳﺔ ﻳﻮﹶﻗ
ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺰﺍﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ«.1
-ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻣﻘﻮﻟﺔ "ﻟﻴﻮﻧﺰ" ﰲ
ﺗﻌﺮﻳﻒ ﳓﻮ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻝ ﺎ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ .ﻭﻫﻲ»ﺃ ﹼﻥ ﺍﳉﻤﻞ ﺗﻮﻟﹼﺪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ
ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻤﲔ )ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻛﻤﺎ ﰲ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ (؛ ﺃﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﺈ ﹼﻥ ﻛﻞ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻳﺄﰐ ﻋﻘﺐ
ﺫﻟﻚ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺃﻭ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺳﺒﻖ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﺑﻨﺎ ًﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﳚﺮﻱ
ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ«،ﻟﻮ ﺗﺪﺑﺮﻧﺎ ﺍﳌﺜﺎﻟﲔ ﺍﻵﺗﻴﲔ:
ﺍﳌﻜﻠﹼﻒ ﺍﳌﻮﻇﹼﻒ
ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﺟﺎﺀ
ﺍﳌﻜﻠﹼﻔﻮﻥ ﺍﳌﻮﻇﹼﻔﻮﻥ
1ﺍﻟﻨﻜﺖ ﰲ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺮﻣﺎﱐ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﺪ ﺧﻠﻒ ﺍﷲ ﻭﳏﻤﺪ ﺯﻏﻠﻮﻝ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1968ﻣﺼﺮ ،ﺹ .107
2ﻳﻨﻈﺮ ﻣﺒﺎﺣﺚ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺃﲪﺪ ﺣﺴﺎﱐ ،ﺹ.121
62
ﻭﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﳕ ﺪ ﺍﳉﻤﻠﺔ ،ﲝﻴﺚ ﺗﺘﻔﻖ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻛﺎﻵﰐ:
ﳘﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻭﻟﻘﺪ ﻭ ﺟﻪ ﳍﺎ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﳓﺎﺀ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻣﻦ ﺃ ﹼ
ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺣﺴﺎﺏ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﳉﻤﻞ ،ﺣﱴ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻨﺎ
ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﲢﻠﻴﻼﺕ ﻏﲑ ﻣﺴﺘﺴﺎﻏﺔ ،ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣﻊ ﲢﻠﻴﻼﺕ ﻻ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ
ﺍﳊﺪﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻠﻜﻪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻓﺠﻤﻠﺔ»ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻴﻨﻪ ﻭﺍﻗﻔﺔ« ،ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻠﺔ
ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﲔ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ،ﻭﻫﻲ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﻟﻔﻈﺎ -ﺃﻱ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﳓﻮﻳﺎ-ﻭﻏﲑ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺍﳌﻌﲎ
ﻓﻜﻠﻤﺔ"ﻋﲔ" ﻭﻛﻠﻤﺔ "ﻭﺍﻗﻔﺔ" ﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﺮﺍﺑﻂ ﺩﻻﱄ ،ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﺻﻔﺖ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﱵ
1
ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﺑﺄﺎ ﻟﻐﺎﺕ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﳕﻮﺫﺝ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ.
-2ﳓﻮ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ:
ﺧﻠﺼﻨﺎ ﺁﻧﻔﺎ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ ﳝﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ
ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻜ ﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳉﻤﻠﺔ ،ﻭﻛﺬﺍ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﻭﻧﻔﺬﻧﺎ
ﺃﻳﻀﺎ ﺇﱃ ﺃﻥ ﳕﻮﺫﺝ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﲣﺬ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﺘﻘﻌﻴﺪﻱ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻟﻪ
ﻏﲑ ﻛﺎﻑ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﳓﻮ ﺛﺎ ﻥ ﻭﻫﻮ ﳓﻮ
ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﺷﺪ ﺗﻼﺅﻣﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻮﻟﹼﺪ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﰲ ﻏﲑ
ﻣﻘﺪﻭﺭ ﳓﻮ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ ﺃﻥ ﻳﻮﻟﹼﺪﻫﺎ.
1
Voir structures syntasciques, Chomsky, Tra Michel Braudeau ,ed, Paris, le
seuil,1991,p26-28.
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ :ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﺹ .109
63
ﺇﺫﻥ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﳓﻮ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺑﻘ ﻮﺓ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﳉﻤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘ ﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺎ ﳓﻮ
ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻤﺎﺯ ﺑﺎﻟﺪﻗﺔ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﺍﳌﺘﻮﺧﺎﺓ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ
ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻛﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﲰﺎ ﺃﻭ ﻓﻌﻼ ،ﲟﻌﲎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ
ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﲢﺪﻳﺪﺍ ﺩﻗﻴﻘﺎ ،ﻓﺈﺧﻀﺎﻉ ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻔﺌﺔ ﳓﻮﻳﺔ ﺃﻭ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﳓﻮﻳﺔ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺷﻲﺀ
ﻗﺎﺭ ﻭﺛﺎﺑﺖ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ.ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻣﺪﻧﺎ ﺎ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﳓﺎﺀ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﰲ "ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ" ،ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﺎ »ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ
ﺍﻟﱵ ﲤ ﹼﻜﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻔ ﺮﻉ ﻣﺒﺘﺪﺋﺎ ﺑـ)ﺝ( ﺭﻣﺰ ﺃﻭﱄ ﺇﱃ ﳐﺘﻠﻒ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ
ﺿﺢ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺎ ﺣﱴ ﺗﺘﻮﹼﻟﺪ ﺍﳉﻤﻞ«.1ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻮ
ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
ﻣﺮﻛﺐ ﺍﲰﻲ +ﻣﺮﻛﺐ ﻓﻌﻠﻲ. -1ﺍﳉﻤﻠﺔ
ﻡ ﺍ +ﻡ ﻑ. ﺝ
ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ +ﺍﺳﻢ. -2ﺍﳌﺮﻛﺐ ﺍﻻﲰﻲ
ﺍﻝ +ﺍﺱ. ﻡﺍ
ﺍﻟﻔﻌﻞ +ﺍﳌﺮﻛﺐ ﺍﻻﲰﻲ. -3ﺍﳌﺮﻛﺐ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ
ﻑ ) +ﺍﻝ +ﺍﺱ(. ﻡﻑ
ﺍﻝ. -4ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ
)ﺍﺱ(. )ﺭﺟﻞ ،ﺍﻣﺮﺃﺓ(... -5ﺍﻻﺳﻢ
ﻑ. )ﺟﻠﺲ ،ﻗﺮﺃ(... -6ﺍﻟﻔﻌﻞ
ﻳﺮ ﹼﻛﺰ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﺷﺘﻘﺎﻕ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ
(؛ ﺃﻱ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻣﻨﻬﺞ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻣﺰ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺑﺎﻟﺴﻬﻢ )
ﻳﻌﺎﺩ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ﲟﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻭﺫﻟﻚ ﻷﺟﻞ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﲔ ﻣﻜ ﻮﻧﺎﺕ ﺍﳉﻤﻠﺔ.
1ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ،ﻣﺎﺯﻥ ﺍﻟﻮﻋﺮ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ،06ﺳﻨﺔ 1982ﺹ
.29
64
1
ﻭﻟﻌﻞ ﺗﻴﺴﲑ ﻭﺗﺒﻴﲔ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺸﺠﺮﻱ ﺍﻵﰐ:
ﺝ
ﻡﻑ ﻡﺍ
ﺍﺱ ﺍﻝ
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺗﻔﺮﻳﻌﺎﺕ ﻭﺃﳕﺎﻁ ﻛﺜﲑﺓ ﻭﳐﺘﻠﻔﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺴﻊ ﻭﳝﺘﺪ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﻟﻨﺤﻮ ﺑﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ )ﺍﳉﻤﻞ( ،ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻭﻛﺎﻓﻴﺔ
ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﻭﺻﻒ ﲨﻴﻊ ﺍﳉﻤﻞ ﺍﻟﱵ ﻧﺮﻯ ﺃﺎ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﳓﻮﻳﺎ؟ .ﻳﺮﻯ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺃﻥ ﳓﻮ ﺑﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻼﺀﻣﺔ ﻣﻦ ﳓﻮ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻈﻞ ﳕﻮﺫﺟﺎ ﳓﻮﻳﺎ ﳏﺪﻭﺩﺍ؛ ﻷﻧﻪ
1
-Voir Essais sur la forme et le sens, Noam chomsky, tra Joëlle sampy
Seuil1980, Paris. P23-66
65
ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻛ ﹼﻞ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ 1.ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﻒ ﻋﺎﺟﺰﺍ ﻋﻦ ﲢﻠﻴﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﳉﻤﻞ
ﺍﻟﱵ ﲢﺘﻤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﲎ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺴ ﻤﻰ ﺍﳉﻤﻞ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ.
-3ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻲ:
ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺁﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﻇﻔﻬﺎ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﰲ ﻣﺪ ﻭﻧﺘﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﻩ
ﻣﻦ ﺃﺳﺘﺎﺫﻩ ﻫﺎﺭﻳﺲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﻌﺎﺭ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺍﳉﱪﻳﺔ ،2ﻭﻫﻮ ﻣﻮﻛﻮﻝ ﻟﻪ ﻣﻬﻤﺔ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺒﲎ
ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﺒﲎ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﻭﻛﺸﻒ ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ
ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ؛ ﺃﻱ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﳝﺘﻠﻜﻬﺎ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻭﻓﻬﻢ
ﻋﺪﺩ ﻻ ﻣﺘﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﻧﺎﻗﻞ ﻟﻠﺒﲎ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺇﱃ ﺑﲎ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻭﺳﻄﺤﻴﺔ
ﻭﺇﻥ ﺍﻗﺘﻀﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﲢﻮﻳﻞ.
ﻭﺍﻟﺴﺮ ﰲ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻟﻠﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ ،ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ
ﺗﻌﻜﺲ ﺣﺪﺱ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ،ﻭﺗﻮﻟﺪ ﻋﺪﺩﺍ ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ
ﺍﳉﻤﻞ ﻭﺗﻮﱄ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﺗﻮﻟﻴﻪ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﳓﻮ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺗﺰﻳﻞ ﺍﻟﻠﺒﺲ
ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ 3.ﻭﻧﻘﻒ ﻫﻨﺎ ﻟﻨﺸﲑ ﺃﻧﻪ ﹼﰎ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﻗﻮﺍﻧﲔ
ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﻟﺴﺪ ﻧﻘﺺ ﳕﻮﺫﺝ ﳓﻮ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ ﻓﺘﻐﲑ ﻓﻴﻬﺎ
ﻭﲢﻴﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ ﳓﻮﻳﺔ ﳐﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﳌﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻴﱪﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﺩﻗﺔ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻭﺿﺒﻄﻪ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺇﺿﺎﻓﻴﺔ ﻛﺎﻟﺰﻣﻦ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﻡ...
ﻭﻫﻲ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻭﺃﻧﺴﺎﻕ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻟﻮﺍﺻﻖ ﰲ ﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ.4
ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻨﺎ" :ﻗﺪ ﻛﺎﺑﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺮﺽ" ﺑﺎﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﻳﺘﺒﺪﻯ
ﺍﻵﰐ:
1ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ :ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﺹ .128
2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ -ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ،-ﺟﻴﻔﺮﻱ ﺳﺎﻣﺒﺴﻮﻥ ،ﺗﺮ :ﺃﲪﺪ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﺍﻋﲔ ،ﺹ .142
3ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ :ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﺹ .130-129
4ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ،ﻣﺮﺗﻀﻰ ﺟﻮﺍﺩ ﺑﺎﻗﺮ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺮﻭﻕ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2002ﻋﻤﺎﻥ ،ﺹ .61
66
ﻡ ﺍ +ﻡ ﻑ. -1ﺝ
ﻣﻔﺮﺩ )ﻣﻔﺮ(
ﻣﺜﲎ )ﻣﺜـ( -2ﻡ
ﲨﻊ )ﺟﻢ(
ﺃﺩﺍﺓ +ﺍﺱ. -3ﻡ ﺍ )ﻣﻔﺮ(
ﺃﺩﺍﺓ +ﺍﺱ +ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺜﻨﻴﺔ. -4ﻡ ﺍ )ﻣﺜـ(
ﺃﺩﺍﺓ +ﺍﺱ +ﻋﻼﻣﺔ ﲨﻊ. -5ﻡ ﺍ )ﺟﻢ(
ﻑ +ﻡ ﺍ. -6ﻡ ﻑ
ﺍﻝ. -7ﺍﻷﺩﺍﺓ
ﺍﻟﺸﻴﺦ ،ﺍﳌﺮﺽ. -8ﺍﺱ
ﻓﻌﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪ +ﻓﻌﻞ. -9ﻓﻌﻞ
ﻛﺎﺑﺪ. -10ﻑ
ﺍﻟﺰﻣﻦ +ﺍﳌﺴﺎﻋﺪ ﺍﻹﺿﺎﰲ. -11ﻑ ﻣﺴﺎﻋﺪ
ﺍﳊﺎﺿﺮ
-12ﺍﻟﺰﻣﻦ
ﺍﳌﺎﺿﻲ
67
ﻭﺍﻟﺘﺸﺠﲑ ﺍﻵﰐ ﻳﻮﺿﺢ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻛﺜﺮ:
ﺝ
ﻡﻑ ﻡﺍ
ﻣﺴﺎﻋﺪ ﺻﻴﻐﻲ
ﻡﺍ ﻑ ﺍﺱ ﺃﺩﺍﺓ
ﻭﺗﻨﻘﺴﻢ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻲ ﺇﱃ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺔ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ ﺇﺟﺒﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﻑ ﰲ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺎﳉﻮﺍﺯ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ،ﻭﻳﺮﻯ ﻣﺎﺯﻥ ﺍﻟﻮﻋﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﻨﺪﻭﺣﺔ ﺃﻥ ﺗﺴﻤﻰ ﻗﻮﺍﻋﺪ
ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺔ ،ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ ﺇﺟﺒﺎﺭﻳﺔ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺷﻴﺌﺎﻥ »ﺍﻷ ﻭﻝ ﺃﻧﻨﺎ ﱂ ﻧﻨﻘﻄﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺑﻞ
ﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻩ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻨﻘﻞ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻭﺍﺿﺢ
1
ﻭﺳﻠﻴﻢ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ«.
ﻭﳝﻜﻦ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﳉﻮﺍﺯﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻵﰐ:
ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺭﻛﻨﺎﻥ:
ﻣﺴﻨﺪ ﺇﻟﻴﻪ +ﻣﺴﻨﺪ ،ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﺍﳉﻮﺍﺯﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ
ﺍﳉﻤﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﲝﻴﺚ ﳓﺬﻑ ﺭﻛﻦ ﺍﳌﺴﻨﺪ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻣﻦ ﻗﺎﻡ؟ ﺍﳉﻮﺍﺏ :ﻋﻠ ﻲ
ﻓﺎﻟﺮﻛﻦ ﺍﶈﺬﻭﻑ )ﺍﳌﺴﻨﺪ( ﻣﺪﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺏ )ﻗﺎﻡ(.
68
ﻛﻤﺎ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﲢﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭﺟﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﲨﻠﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﲝﻴﺚ ﳓﺬﻑ ﺭﻛﻦ
ﺍﳌﺴﻨﺪ ،ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ" :ﻭﺇﻥ ﺃﺣ ﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﺍﺳﺘﺠﺎﺭﻙ" ،1.ﻓﺎﻟﺮﻛﻦ ﺍﶈﺬﻭﻑ )ﺍﳌﺴﻨﺪ(
ﻣﺪﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﺑـ )ﺍﺳﺘﺠﺎﺭﻙ( ،ﻭﺿﺎﺑﻂ ﻫﺎﺗﲔ
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺗﲔ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﳌﻘﺎﱄ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻭﱃ ﻭﺍﳌﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ،ﻭﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺪﻟﻴﻠﻬﺎ
ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﻢ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﲨﻠﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺣﺬﻑ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ )ﺍﻟﻔﻌﻞ(
ﺴﺮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﶈﺬﻭﻑ )ﺍﳌﺴﻨﺪ( ،ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻓﻊ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻌﻞ ﻳﻔ
"ﺍﺳﺘﺠﺎﺭﻙ".
ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ):(1970-1965
ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 1965ﻣﻊ ﻇﻬﻮﺭ ﻛﺘﺎﺏ "ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ
،"Aspects de la Théorie Syntaxiqueﻭﻳﻘﺘﺮﺡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻫﻨﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻛﺜﺮ
ﺍﺗﺴﺎﻋﺎ ﻟﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ .ﻭﲣﺘﻠﻒ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﻝ ﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻷﻭﻝ
2
"ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ" ،ﻭﺃﻫﻢ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻧﻮﺟﺰﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
-ﺍﳌﺒﺪﺃ ﺍﻷﻭﻝ:ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ )ﺍﳌﻬﺎﺭﺓ( ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ Performance- compétence:
ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﰲ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻫﻲ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻜﹼﻠﻢ ،ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ ﻫﻮ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻭﺗﻘﺘﻀﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪ
ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻀﻤﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ
ﺍﳉﻤﻞ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﳏﺪﺩﺍ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ» :ﻣﻦ ﺍﳉﻠﻲ ﺃﻥ ﻧﻌ ﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ
ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺃﻱ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﳎﺮﺩﺍ ﻣﺘﻀﻤﻨﹰﺎ ﰲ ﺍﻷﺩﺍﺀ ،ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ
ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﻟﻌﺪﺩ ﻏﲑ ﳏﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ« ،3ﻭﳛﺪﺩ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ
1
La Linguistique Cartésienne, Chomsky. P126.
2
Dictionnaire de didactique des Langues, R.Galisson /D.coste, Hachette. P105.
3ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺭﻭﻧﺎﻟﺪ ﺇﻳﻠﻮﺍﺭ ،ﺗﺮ :ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ،ﺹ .138
70
ﺗﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺎﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ
ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﻭﺍﳌﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ«.1
ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﻴﺰﺍﺕ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻮﺣﺪﺓ ﻭﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ،ﻳﻘﻮﻝ
ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ»:ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺩ ﺍﳌﻌﲎ ) (...ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﻛﻞ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ،ﻭﺫﻟﻚ
ﻷﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮ«.2
3
ﻭﺗﺘﻤﻴﺰ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺑﻜﻮﺎ:
-1ﺑﻨﻴﺔ ﻣﻮﻟﹼﺪﺓ ﰲ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ
ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ.
-2ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﺜﻞ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ.
-3ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﳍﺎ ﺃﻥ ﲢﻮﻝ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﺇﱃ ﺑﻨﻴﺔ
ﺳﻄﺤﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﻓﺘﻤﺜﻞ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ،ﺃﻱ ﺇﻧﻬﺎ
ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺄﺎ ﲣﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻟﻐﺔ ﺇﱃ ﺃﺧﺮﻯ.
ﻭﰲ ﻓﻜﺮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﲔ ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﳉﻤﻠﺘﺎﻥ "ﻭ ﱠﻇﻒ ﺃﲪ ﺪ ﺯﻳﺪﺍ" ﻭ" ﻭﻇﱢﻒ ﺃﲪ ﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ
ﺯﻳﺪ" ﻻ ﲣﺘﻠﻔﺎﻥ ﺇ ﹼﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﻤﺎ
ﻣﺮﺗﺒﻄﺘﺎﻥ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ ﻭﺛﻴﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ.
ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﻼﺣﻈﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﻫﻮ ﺇﺷﺮﺍﻙ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻣﻜﻮﻧﺎ ﱂ ﻳﻌﻄﻪ
ﺣﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺳﺎﺑﻘﺎ-ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﻭﻣﺄ ﺇﻟﻴﻪ -ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﰲ ﺍﳌﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻻﱄ
1ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﻧﻌﺎﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺗﺮ :ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻣﺸﺮﻭﺡ ﻭﻣﺼﻄﻔﻰ ﺧﻼﻝ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻴﻨﻤﻞ ،ﻁ ،1ﻣﺮﺍﻛﺶ ،ﺹ .42
2
La Linguistique Cartésienne, Chomsky. P64.
3ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻔﻬﺮﻱ ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ،1985ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ.68/1،
4ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻛﻠﻮﺩ ﺟﺮﻣﺎﻥ -ﺭﳝﻮﻥ ﻟﻮﺑﻼﻥ ،ﺗﺮ :ﻧﻮﺭ ﺍﳍﺪﻯ ﻟﻮﺷﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ،1994ﺩﻣﺸﻖ ،ﺹ .112
71
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﲑ ﰲ ﺗﻐﻴﲑ ﻧﻈﺮﺓ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ،ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﺇﺷﺮﺍﻙ
ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻜﻮﻥ ﺇﱃ ﻓﻮﺩﺭ Fodorﻭﻛﺎﺗﺰ Katzﻭﺑﻮﺳﺘﻞ ،Postelﻭﺍﳍﺪﻑ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻣﻜ ﻤﻼ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ.1
72
... ﻣﺬﻛﺮﺍ ﺃﻭ ﻣﺆﻧﺚ +ﻣﻔﺮﺩ ﺃﻭ ﲨﻊ +ﳏﺪﺩ -ﺍﻝ ﺗﻌﺮﻳﻒ
... +ﺭﺍﺷﺪ +ﺫﻛﺮ ﺇﻧﺴﺎﻥ +ﺣﻲ -ﺇﻣﺎﻡ ﺍﺳﻢ
... +ﺭﺍﺷﺪ +ﺫﻛﺮ ﺇﻧﺴﺎﻥ +ﺣﻲ -ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﺳﻢ
73
ﻗﻮﺍﻋﺪ
ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ
ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ
ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ
ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ
ﺍﳌﻜـــــﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﻱ
)ﺃﻭ ﺍﻷﺳﺎﺳـــــﻲ(
ﻗﻮﺍﻋﺪ
ﲢﺖ
ﺗﺼﻨﻴﻔﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﰐ
ﻗﻮﺍﻋﺪ
ﻣﻌﺠﻤﻴﺔ
74
ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺟﻴﺔ ﺍﳌﻮﺳﻌﺔ.
ﺑﺪﺃﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ ،1970ﲤﻴﺰﺕ ﺑﻈﻬﻮﺭ ﻧﻈﺮﻳﺘﲔ ﺩﻻﻟﺘﲔ ﺗﻘﺎﺭﺑﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ
ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﻳﺔ ﻟـ ﻛﺎﺭﺗﺰ ﻭﻓﻮﺩﺭ ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ
ﻟـ :ﻟﻴﻜﻮﻑ ،ﻭﻣﻜﺎﻭﱄ ،ﻭﺭﻭﺱ ،ﻭﺑﻮﺳﺘﺎﻝ ،ﰒ ﻏﺮﻭﺑﺮ ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺘﺎﻥ ﻻ ﺗﺸﻜﻼﻥ ﻓﻘﻂ
ﺗﻌﺪﻳﻼ ﻟﻠﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﺑﻞ ﺗﺴﻌﻴﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﱃ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻟﻜﻞ ﳕﻮﺫﺝ ﻟﻐﻮﻱ.
ﻭﻳﻨﻈﺮ 1ﻳﻨﻈﺮ ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻴﺪ ﺟﺤﻔﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ ، 2000ﺹ.72،73،76،77
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ،ﻋﺎﺩﻝ ﻓﺎﺧﻮﺭﻱ ،ﺹ.54
75
ﻭﻗﺪ ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻭ ﻣﺎﻙ ﻛﺎﻭﱄ
ﻭﻟﻴﻜﻮﻑ ،ﻭﻓﻠﻤﻮﺭ ،ﻭﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﻤﻮﻋﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻭﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺣﺎﺻﻠﺔ ﰲ ﺍﳊﺪ
ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺒﺼﺮ ﺑﻪ ﻣﺪﻯ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻭﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﰲ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﳉﻤﻞ.
ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﻟﺪﻩ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻳﻀﻢ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ
ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻠﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﻋﻠﻰ ﺣﲔ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻣﻬﺎﻡ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﺘﺎﻡ
1
ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﳐﺮﺟﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ.
ﻓﻠﻮ ﻋﻘﺪﻧﺎ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﲔ ﲨﻠﺔ ﺣ ﹼﻄﻢ ﺯﻳﺪ ﺍﳉﻬﺎﺯ ،ﻭ ﺣ ﹼﻄﻤﺖ ﺍﳌﻄﺮﻗﺔ ﺍﳉﻬﺎﺯ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃﻥ
ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻳﻌﻮﺯﻩ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻳﻌﻴﻬﺎ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﳉﻤﻠﺘﲔ ﺟﻌﻞ ﻛﹼﻠﺎ ﻣﻦ ﺯﻳﺪ
ﻭﺍﳌﻄﺮﻗﺔ ﻓﺎﻋﻼ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻘﺮﺭ ﺇﳚﺎﺩ ﺃﻭ ﺇﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺑﺄﺩﻭﺍﺕ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺃﻋﻤﻖ
ﺇﱃ ﻟﺐ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻳﺆ ﹼﻛﺪ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻻ ﲢﺘﻤﻞ ﻣﻀﺎﻣﲔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺮﻣﺰﻱ
ﻟﻠﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻮﻟﺪ ﺑﻪ ﺍﳉﻤﻞ ،ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﺍﻟﺸﺎﻏﻞ ﻫﻮ ﺭﺳﻢ ﻭﺭﺻﺪ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﲔ
ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻋﺎﺓ ﻟﻠﺘﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ »ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ
ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﳝﺜﻞ ﳐﺮﺟﺎﺕ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺗﺮﺍﻛﻴﺐ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﺃﻥ
ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﺠﻤﻞ« .2ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻳﻜﻔﻞ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ
ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺮﺑﻂ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ،ﻭﻣﺮﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﺣﺘﻮﺍﺅﻩ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﳓﻮﻳﺔ
ﻭﺩﻻﻟﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺭﻛﺰﺕ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﳍﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﻐﻠﻬﺎ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ
ﻭﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﺤﻠﻘﺔ ﻭﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺔ )ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ( ﻭﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ
ﻓﻬﻲ ﻤﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﳌﺮﺀ ﻣﻦ ﲡﺴﻴﺪﺍﺕ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ
1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺟﻮﺩﻳﺖ ﺟﺮﻳﻦ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺟﱪ ،ﺹ .177
2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺟﻮﺩﻳﺖ ﺟﺮﻳﻦ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺟﱪ ،ﺹ.179
76
ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﺠﻤﻞ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺃﺑﺪﺕ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﲑﺍ ﺑﻮﺻﻒ ﺍﳌﻌﺎﱐ
ﺍﳌﺨﺒﻮﺀﺓ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﳉﻤﻞ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﺮﺳﻢ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎﺀ
ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ.
ﻭﰲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﺎ ﰎ ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺘﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺘﲔ ،ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﻭﱃ ﻻ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ
ﺇﻻ ﺩﻭﺭﺍ ﺗﻔﺴﲑﻳﺎ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺗﱪﺭ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﳌﻜ ﻮﻥ
ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﺇﻥ ﺍﳌﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﳉﻤﻞ ﻭﺍﲣﺎﺫﻫﺎ
ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﺨﺬﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻬ ﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺳﻮﻯ
1
ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻜﺲ.
ﻭﺬﺍ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺑﻨﻴﺔ ﲢﻤﻞ
ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﳌﺮ ﻣﺰﺓ ﺫﻫﻨﻴﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺘﻴﺢ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﲡﺎﻫﲔ ،ﺍﻻﲡﺎﻩ
ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﻱ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﺬﻫﲏ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺃﻱ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ.
77
ﻭﺍﺣﺪ ،ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻘﻊ ﲢﺖ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻌﺎﻡ "ﻟﻮﻥ" ﻭﺗﻀﻢ
ﺍﻷﺑﻴﺾ ،ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻷﺧﻀﺮ...
ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺣﺎﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥﹼ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻳﻌﻮﻝ ﰲ ﺃﺩﺍﺋﻪ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻀﻤﲔ
ﺃﻭ ﺍﻻﺣﺘﻮﺍﺀ Inclusionﲝﻴﺚ ﻳﺮﺍﻋﻰ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳌﻮ ﺣﺪ ﻟﻠﻤﺪﺍﺧﻞ ،ﻓﺎﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺧﻀﺮ
ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﳚﻤﻌﻬﻢ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻋﺎﻡ ﻭﺷﺎﻣﻞ ﳝﺴﺢ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻹﺩﺭﺍﻛﻲ ﺑﻠﻔﻆ ﺟﺎﻣﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻮﻥ
ﻭﺬﺍ ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻟﻜﻲ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﻔﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﺘﺼﻠﺔ ﺎ
ﺩﻻﻟﻴﺎ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺑﲔ ﺃﺧﻮﺍﺎ ﰲ ﺍﳊﻘﻞ ﻳﻌﲏ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﲢﺮﻳﺮ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺃﺭﺷﺪﻧﺎ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻧﺸﺄﺕ -ﺃﺳﺎﺳﺎ -ﰲ ﻇﻞ ﻣﺒﺪﺇ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺬﻱ
ﺍﻗﺘﺮﺣﻪ ﻭﻧﺎﺩﻯ ﺑﻪ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ.
ﻓﻘﺪ ﺃﻭﺿﺢ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ﻫﻮ ﻓﺮﺱ ﻟﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ ﺃﻱ ﺻﻔﺔ ﻭﺭﺍﺛﻴﺔ
ﻣﺜﻞ :ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭﺍﳊﺠﻢ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻷﺧﺮﻯ
ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ 2.ﻟﻘﺪ ﺭﻛﹼﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﻼﺋﻘﻲ ﺃﻭ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻃﻲ Relationnel
ﻟﻠﻐﺔ ﻣﺆﻛﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﲦﺔ ﻓﺮﻭﻗﺎ ﻓﻘﻂ ﻻ ﺣﺪﻭﺩﺍ ﺛﺎﺑﺘﺔ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻏﺪﺕ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻨﺼﺮﺍ
1
Clefs pour la sémantique ; G. Mounin. Paris. 1972 .p56.
2ﻳﻨﻈﺮ ﳏﺎﺿﺮﺍﺕ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻓﺮﺩﻳﻨﺎﻧﺪ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻨﻴﲏ ،ﺹ ،150-142ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻢ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺇﻃﺎﺭ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺑﺎﳌﺮ ،ﺗﺮ :ﺻﱪﻱ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺹ .111
78
ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺗﺰﺩﺍﺩ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺼﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺑﻐﲑﻫﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ.
1
ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻧﻘﺎﻃﻬﺎ ﰲ ﺍﻵﰐ:
-1ﺇﻥ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳌﻌﻴﻨﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻮﻋﺔ ﻛﻠﻤﺎﺕ
)ﺃﻭ ﺣﻘﻮﻝ ﺩﻻﻟﻴﺔ( ،ﻭﻛ ﹼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻐﻄﻲ ﳎﺎﻻ ﳏﺪﺩﺍ ﳊﻘﻞ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ )ﺣﻘﻮﻝ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ(.
-2ﻛﻞ ﺣﻘﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﻣﻌﺠﻤﻴﺎ ﺃﻡ ﺗﺼﻮﺭﻳﺎ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ
ﻭﺣﺪﺍﺕ ﻣﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻣﺜﻞ ﲡﺎﻭﺭ ﺣﺠﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺴﻴﻔﺴﺎﺀ.
-3ﺇ ﹼﻥ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﲢﺪﺩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﻭﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﻟﻜﻠﻲ ،ﻓﻼ
ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﳌﺴﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﳛﺪﺩ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻘﻴﺔ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﳊﻘﻞ ،ﻭﻣﺪﻯ
ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ.
ﻭﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺃﺳﺲ ﺗﻮﻇﻒ ﻭﺃﻧﻮﺍﻉ ﺗﺘﻔﺮﻉ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﳍﺎ ﻭﻇﺎﺋﻒ
ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﻣﻌﺠﻤﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﲡﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﲟﺼﻄﻠﺢ ﻣﻐﺎﻳﺮ ،ﻫﻮ
ﻣﻌﺎﺟﻢ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻭﻫﻲ ﺻﺎﳊﺔ ﻟﺘﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺟﻢ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﻏﲑﻫﺎ ،ﻭﳝﻜﻦ
ﺃﻥ ﻧﺘﺒﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
ﺃ -ﺍﻷﺳﺲ:
ﻟﻘﺪ ﺣﺪﺩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺲ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻋﻰ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﻫﺬﻩ
2
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﻭﻫﻲ:
-ﻻ ﻭﺣﺪﺓ ﻣﻌﺠﻤﻴﺔ Lexèmeﻋﻀﻮ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﻘﻞ.
-ﻻ ﻭﺣﺪﺓ ﻣﻌﺠﻤﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ ﺣﻘﻞ ﻣﻌﻴﻦ.
-ﻻ ﻳﺼﺢ ﺇﻏﻔﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ.
1ﻳﻨﻈﺮ ﺃﺻﻮﻝ ﺗﺮﺍﺛﻴﺔ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ،ﺃﲪﺪ ﻋﺰﻭﺯ ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﲢﺎﺩ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،2002 ،ﺩﻣﺸﻖ ،ﺹ.46-45
2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺯﻫﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ .16
79
-ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻔﺮﺩﺍﺕ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ.
1
ﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳊﻘﻞ ﰲ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﳛﺘﻜﻢ ﺇﱃ:
-1ﺍﳊﺪﺱ:
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺃﻥ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﰎ ﺍﻧﺘﻘﺎﺅﻫﺎ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺟﻮﺭﺝ ﻣﻮﻧﺎﻥ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻋﻜﻒ ﻋﻠﻰ ﺣﺼﺮ ﻭﺭﺻﺪ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜ ﻮﻥ
ﺑﻨﻴﺔ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﻠﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻷﻟﻴﻔﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻛﻞ ﺍﳌﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ
ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﳊﻘﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻪ ﻟﻠﻮﺳﻂ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ.
-2ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ:
ﺇﻥ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺇﱃ ﻋﻤﻞ ﺗﻄﺒﻴﻘﻲ ﻫﺎﺩﻑ ﻟﻠﺤﻘﻞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻻ ﳛﺘﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺇﱃ ﺍﳊﺪﺱ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﺣﺼﺮ
ﺍﻷﻧﺴﺎﻕ ﺍﻟﻌﻼﺋﻘﻴﺔ ،ﻭﺗﻜﻔﻞ ﺑﻀﺒﻄﻬﺎ ،ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ
ﻓﻮﻕ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ.
ﻭﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻫﻲ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ
ﲣﺮﺝ ﻋﻦ ﻛﻮﺎ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،ﻓﺤﻘﻞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﻣﺜﻼ ﻳﺘﺤﺪﺩ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻣﻘﻴﺎﺳﲔ ﻏﲑ
ﻟﺴﺎﻧﻴﲔ ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎﻥ ،ﻭﳘﺎ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﺑﺎﳌﺼﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﺑﺎﻟﺪﻡ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻓﺮﺽ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﲔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﺴﺘﻨﺒﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺍﳌﻌﺠﻢ
ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻊ ﺍﳌﻮﺭﻓﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻊ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﲑﺍﺕ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇ ﹼﻻ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﳊﻘﻞ
ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﻭﺃﻛﹼﺪ ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﲦﺔ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻋﺎﻣﺔ ﲢﻜﻢ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﳊﻘﻞ
2
ﺗﺘﺠﻠﻰ ﰲ ﺛﻼﺙ ﲰﺎﺕ:
80
-1ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ :ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻡ ﻛﻞ ﺣﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ،ﺍﻟﱵ ﺗﺸﺘﺮﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺣﺪﺍﺕ ﺍﳊﻘﻞ ،ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮﻳﺔ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺍﳊﻘﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲰﺎﺕ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ.
-2ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ :ﻫﻲ ﲰﺎﺕ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﺝ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺗﺪﺭﺝ
ﻓﺮﻭﻕ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ،ﻭﰲ ﺗﺪﺭﺝ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﺮﺽ.
-3ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨﻤﻄﻴﺔ :ﻭﻫﻲ ﲰﺎﺕ ﲣﻀﻊ ﻟﻼﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻭﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ
ﻏﲑ ﻣﺘﺪﺭﺟﺔ ،ﻓﺴﻤﺔ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺭﺟﻞ ﰲ ﻣﻌﲎ ﻛﺮﺳﻲ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺜﲎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺫﻱ
ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺭﺟﻞ.
ﺏ -ﺍﻷﻧﻮﺍﻉ:
1
ﻳﻘﺴﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﻮﻥ ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻠﻴﻮﻥ ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺇﱃ ﺃﻧﻮﺍﻉ ،ﻫﻲ:
-ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ،ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﻔﺴﺮ ﺑﻀﺪﻫﺎ
ﻓﺎﻟﻠﻮﻥ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺍﻷﺑﻴﺾ ،ﻭﻳﻌﺪ ﺟﻮﻟﺰ A.Jollesﺃﻭﻝ ﻟﺴﺎﱐ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﱃ ﺃﻥ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ.
-ﺍﻷﻭﺯﺍﻥ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻴﺔ ﻭﺗﺴﻤﻰ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﺼﺮﻓﻴﺔ ،ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ
ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﰲ ﺍﺎﻝ ﺍﻟﺼﺮﰲ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﳝﻜﻦ ﲤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ
ﺃﻛﺜﺮ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺼﺮﻓﻴﺔ ﻣ ﹾﻔﻌﻞ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻻﺕ
ﺨﻴﻂ.
ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻟﺔ ﳓﻮ :ﻣﺒﺮﺩ ،ﻣﻨﺠﻞ ،ﻣ ﹾﻘﻮﺩ ،ﻣ
-ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ.
-ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻨﺠﻤﺎﺗﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻴﻤﺎ
ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ،ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ
ﺑﻮﺭﺯﺝ W.Porzigﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﲎ ﺑﺪﺭﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻮﻝ ،ﺇﺫ ﺍﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
1ﻳﻨﻈﺮ ﺃﺻﻮﻝ ﺗﺮﺍﺛﻴﺔ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ،ﺃﲪﺪ ﻋﺰﻭﺯ ،ﺹ .17-16ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺃﲪﺪ ﻋﻤﺮ ﳐﺘﺎﺭ ،ﺹ.80
81
ﻧﺒﺎﺡ ﻛﻠﺐ
ﺻﻬﻴﻞ ﻓﺮﺱ
ﺗﻔﺘﺢ ﺯﻫﺮﺓ
-ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﳌﺘﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻳﺮﺍﺩ ﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﺪﺭﺝ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺩ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺇﱃ ﺍﻷﺳﻔﻞ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻜﺲ ،ﺃﻭ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺩﻻﻟﻴﺔ ،ﻓﺎﳌﻠﻔﻮﻅ
ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻋﺎﻡ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺻﻐﺮﻯ )ﺍﻟﺮﺃﺱ ،ﺍﻟﺼﺪﺭ ،ﺍﻟﺒﻄﻦ ،ﺍﻟﻴﺪ ،ﺍﻟﺮﹺﺟﻞ( ﻫﺬﻩ
ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺗﺘﺠﺰﺃ ﺇﱃ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﺩﻧﻮﺍﹰ ،ﻓﺎﻟﻴﺪ ﲢﻮﻱ )ﺍﻹﺎﻡ ،ﺍﻟﺴﺒﺎﺑﺔ
ﺍﳋﻨﺼﺮ ،ﺍﻟﺒﻨﺼﺮ ،ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ،ﺍﻷﻇﺎﻓﺮ.(...
1ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﺍﳉﻴﻼﱄ ﺣﻼﻡ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﺍﻠﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺍﻟﻌﺪﺩ
ﺍﻷﻭﻝ ،ﳏﺮﻡ -ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻷﻭﻝ 1425ﻩ ،ﺍﺑﺮﻳﻞ –ﻳﻮﻧﻴﻮ ،2004ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ،ﺹ .233
82
ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﺘﺐ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻘﻞ ﻛﻞ ﻣﻦ: -
ﺍﻟﺸﻔﻖ ﺍﻟﻨﻀﺮ ﺑﻦ ﴰﻴﻞ)206ﻫـ(. -
ﻗﻄﺮﺏ)210ﻫـ(. -
ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪﺓ)210ﻫـ(. -
ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ)215ﻫـ(. -
ﺃﺑﻮ ﺣﺎﰎ ﺍﻟﺴﺠﺘﺎﱐ. -
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻌﻞ ﺃﺑﻮ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﱯ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ" ﻓﻘﺪ ﺧﺺ -ﻣﺜﻼ -ﰲ ﺑﺎﺏ
ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﺫﻛﺮ ﺿﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﰲ ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺸﺠﺮ ،ﻭﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﰲ ﺍﻷﻣﻜﻨﺔ ﻭﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﰲ ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ ﻭﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﰲ
ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ .ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﱯ ﰲ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻓﺮﺩﻩ ﰲ ﺗﻌﺪﻳﺪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺍﻟﻠﻴﻞ :
)ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ( ﺍﻟﺸﺮﻭﻕ ،ﰒ ﺍﻟﺒﻜﻮﺭ ،ﰒ ﺍﻟﻐﺪﻭﺓ ،ﰒ ﺍﻟﻀﺤﻰ ،ﰒ ﺍﳍﺎﺟﺮﺓ ،ﰒ ﺍﻟﻈﻬﲑﺓ ،ﰒ
ﺍﻟﺮﻭﺍﺡ ،ﰒ ﺍﻟﻌﺼﺮ ،ﰒ ﺍﻟﻘﺼﺮ ،ﰒ ﺍﻷﺻﻴﻞ ،ﰒ ﺍﻟﻌﺸﻲ ،ﰒ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏ).ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﻞ( ﺍﻟﺸﻔﻖ
ﰒ ﺍﻟﻐﺴﻖ ،ﰒ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﰒ ﺍﻟﺴﺪﻓﺔ ﰒ ﺍﳉﻬﻤﺔ ،ﰒ ﺍﻟ ﺰﻟﹼﺔ ،ﰒ ﺍﻟﺰﻟﻔﺔ ،ﰒ ﺍﻟﺒﻬﺮﺓ ،ﰒ ﺍﻟﺴﺤﺮ ،ﰒ
ﺍﻟﻔﺠﺮ ،ﰒ ﺍﻟﺼﺒﺢ ،ﰒ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ".1
ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﰲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﻳﻮﺿﺢ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻛﺜﺮ:
1ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﺑﻮ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﱯ ،ﺣﻘـ:ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻄﺒﺎﻉ ،ﺷﺮﻛﺔ ﺍﻷﺭﻗﻢ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺍﻷﺭﻗﻢ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1999ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺹ..291
83
ﺍﻟﻐﺴﻖ
ﺍﻟﺸﺮﻭﻕ
ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ
ﺍﻟﺒﻜﻮﺭ
ﺍﻟﺴﺪﻓﺔ
ﺍﻟﻐﺪﻭﺓ
ﺍﳉﻬﻤﺔ
ﺍﻟﻀﺤﻰ
ﺍﻟ ﺰﻟﹼﺔ
ﺍﳍﺎﺟﺮﺓ
ﺍﻟﺰﻟﻔﺔ
ﺍﻟﻈﻬﲑﺓ
ﺍﻟﺒﻬﺮﺓ ﺣﻘﻞ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺣﻘﻞ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ
ﺍﻟﺮﻭﺍﺡ
ﺍﻟﺴﺤﺮ
ﺍﻟﻌﺼﺮ
ﺍﻟﻔﺠﺮ
ﺍﻟﻘﺼﺮ
ﺍﻟﺼﺒﺢ
ﺍﻷﺻﻴﻞ
ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ
ﺍﻟﻌﺸﻲ
ﺍﻟﻐﺮﻭﺏ
ﻭﻣﻊ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺗﺼﻠﺢ ﻷﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻧﻘﺮﺃ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﻓﻘﺪ
1
ﻭ ﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻣﻦ ﺃﳘﻬﺎ:
-ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻝ ﻭﲢﺪﻳﺪ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﰲ ﳏﻴﻂ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﻐﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﰲ ﺩﺍﺋﺮﺓ.
-ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺪﻭﺩ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ؛ ﻷﻥ ﺧﻴﻮﻁ ﺍﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ
ﺍﳊﻘﻮﻝ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ ﲤﺎﻣﺎ.
-ﱂ ﺗﺒ ﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺋﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺍﳊﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﳕﻮﺫﺟﺎ ﻟﻐﻮﻳﺎ
ﳏﺘﻤﻼ.
1ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ –ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ – ﻓﺮﻳﺪ ﻋﻮﺽ ﺣﻴﺪﺭ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2005ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ .174
84
ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﲏ ﻟﻠﻤﻌﲎ:
ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﲏ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﻫﻮ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻌﻤﻞ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﻛﺎﺗﺰ ﻭﻓﻮﺩﺭ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ ﻳﻌﺘﻤﺪ
ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﲡﺰﺋﺔ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﻜﻮﻧﺎﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﲟﻌﲎ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ
ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﳌﺪﻟﻮﻝ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﱃ
ﺍﳋﺎﺹ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ "ﺭﺟﻞ" ﻫﻲ ) +ﺣﻴﻮﺍﻥ +ﻋﺎﻗﻞ+
ﺫﻛﺮ +ﺑﺎﻟﻎ( ﻭﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ "ﺍﻣﺮﺃﺓ" ﻫﻲ ) +ﺣﻴﻮﺍﻥ +ﻋﺎﻗﻞ -ﺫﻛﺮ +ﺑﺎﻟﻎ(.
1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﺔ)ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳊﺪﻳﺚ( ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻷﻋﻼﻡ ،ﻣﻴﺸﺎﻝ ﺯﻛﺮﻳﺎ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ،ﻁ 2ﺳﻨﺔ
،1983ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .213ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺃﲪﺪ ﳐﺘﺎﺭ ﻋﻤﺮ ،ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻜﺘﺐ ،ﻁ ،5ﺳﻨﺔ ،1998ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺹ.116
2ﺍﳌﻮﺭﻓﺎﻡ ﻫﻮ :ﺃﺻﻐﺮ ﻭﺣﺪﺓ ﲢﻤﻞ ﻣﻌﲎ ﺃﻭ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﳓﻮﻳﺔ .ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﳏﻤﻮﺩ ﻓﻬﻤﻲ ﺣﺠﺎﺯﻱ ،ﺩﺍﺭ ﻗﺒﺎﺀ 1998
ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.90
85
-3ﺍﳌﻤﻴﺰ :ﻫﻮ ﻋﻨﺼﺮ ﺧﺎﺹ ﻭﻣﺮﺗﺒﻂ ﲟﻌﲎ ﻣﻌﲔ ﻻ ﺍﺷﺘﺮﺍﻙ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻳﻘﻊ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﰲ
ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ.
ﻭﳝﻜﻦ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺍﶈﺪﺩﺍﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻵﰐ:
ﺯﻳﺪ= ﺇﻧﺴﺎﻥ +ﺫﻛﺮ +ﺑﺎﻟﻎ +ﺃﻋﺰﺏ +ﻋﻼﻣﺔ ﺑﻮﺟﻬﻪ.
-ﺍﶈﺪﺩ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ :ﺯﻳﺪ ــ ﺍﺳﻢ
-ﺍﶈﺪﺩ ﺍﻟﺪﻻﱄ:ﺇﻧﺴﺎﻥ ،ﺫﻛﺮ ،ﺑﺎﻟﻎ.
-ﺍﶈﺪﺩ ﺍﳌﻤﻴﺰ :ﺃﻋﺰﺏ ،ﻋﻼﻣﺔ ﺑﻮﺟﻬﻪ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻛﺎﺗﺰ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﻪ ﺑﲔ ﺍﶈﺪﺩ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻭﺍﳌﻤﻴﺰ ﺇ ﹼﻻ ﺃﻥ
ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﲏ ،ﻭﻟﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﺩﻩ ﺃﻥ ﻋﺪﺩ
ﺍﶈﺪﺩﺍﺕ ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﲢﻜﻤﻴﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺫﺍﺗﻪ ﻻ ﳝﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻭﺍﳌﺸﺘﺮﻙ
ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ.
1
ﻭﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﺎﺗﺰ ﻭﻓﻮﺩﺭ ﺛﻼﺛﺔ ﻃﺮﻕ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﳌﺆﻟﻔﺎﰐ ﻟﻠﻤﻌﲎ ،ﻫﻲ:
-ﺗﻘﻨﻴﺔ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﳌﺮﺍﺟﻊ "ﺑﻮﺗﻴﻪ". Pottier
-ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﳌﻌﺎﺟﻢ "ﺟﻮﺭﺝ ﻣﻮﻧﺎﻥ".Georges Mounin
-ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻕ "ﺑﻴﺎﺭ ﻏﲑﻭ" .Pierre Guiraud
1ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻛﻠﻮﺩ ﺟﲑﻣﺎﻥ ﻭﺭﳝﻮﻥ ﻟﻮﺑﻼﻥ ،ﺗﺮ :ﻧﻮﺭ ﺍﳍﺪﻯ ﻟﻮﺷﻦ /ﺹ .72-71
2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.72-71
86
ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺻﻠﺒﺔﻭﻣﺎ ﳝﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺣﻀﻮﺭ
ﻣﺮﺋﻲ ﰲ ﺣﲔ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﲤﺪﻧﺎ ﺑﺄﻱ ﺗﻔﺴﲑ ﻟﻠﻤﻠﻔﻮﻇﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻣﺮﺟﻊ ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﳍﺎ.
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺗﺰﻭﺩﻧﺎ ﲟﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇ ﹼﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﰲ
ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺗﻄﺮﺡ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺎﺟﻢ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﳏﺪﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ.
ﺝ -ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻕ:
ﻻﺣﻆ ﺑﻴﺎﺭ ﻏﲑﻭ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻭﺗﻘﻨﻴﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﳌﻌﺠﻢ ﻣﺎ ﳘﺎ ﺇ ﹼﻻ
ﺻﺮﺍﻉ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻜﻼﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮ ﹼﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮ ﹼﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺒﺪﺃ ﺛﺎﻟﺚ
87
ﲰﻰ ﺑﻴﺎﺭ ﻏﲑﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﺑﺎﻻﺷﺘﻘﺎﻕ ،ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ
ﻳﻘﻒ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﻴﺰﺍ ﳌﻨﻄﻖ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﻗﺪ
ﺑﻪ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎﺕ.1
1ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺑﻴﺎﺭ ﻏﲑﻭ ،ﺗﺮ :ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﺩﺍﺭ ﻃﻼﺱ ،ﺳﻨﺔ ،1992ﺩﻣﺸﻖ ،ﺹ .181
2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .182
3ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻛﻠﻮﺩ ﺟﲑﻣﺎﻥ ﻭﺭﳝﻮﻥ ﻟﻮﺑﻼﻥ ،ﺗﺮ :ﻧﻮﺭ ﺍﳍﺪﻯ ﻟﻮﺷﻦ ،ﺹ.81
4ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﻣﺎﺩﺓ ﻋﺮﺽ ،ﺹ.754
88
ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ:
ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺃﻭﺳﱳ J.L.Austin
ﻭﺗﻘﺘﺮﺡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﰲ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺔ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﺩﺍﺓ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺔ
ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻲ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﻭﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ،ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﰲ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
1
ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﰲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ) (ACTﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺇﳒﺎﺯﻩ ﺑﺘﻠﻔﻈﻨﺎ ﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ.
ﻭﻣﻔﺎﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﺍﻟﱵ ﺩﺍﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻭﺳﱳ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻣﺴﺘﻤﻴﺘﺎ ﺃ ﹼﻥ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﻔﻌﻞ
ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ )ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ( ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻮﻇﻒ ﻟﻪ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺍﻧﺘﻈﺎﻣﻴﺔ ﲨﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ-ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ
ﻭﳝﻨﺤﻨﺎ ﻣﻌﲎ ﺗﻠﻚ ﺍﳉﻤﻠﺔ ،ﻓﺄﻧﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﻆ ﻗﺎﺋﻼ :ﻧﻌﻢ ﺇﱐ ﺃﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺃﺓ
ﺯﻭﺟﱵ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﳚﺐ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﻫﻨﺎ ﺃﱐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﻆ ﻭﺃﲢﺪﺙ ﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻓﺄﻧﺎ ﰲ ﺣﺎﻝ
ﺇﳒﺎﺯ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ،ﻭﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺩﻕ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺇﺑﺮﺍﻡ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﺃﻧﺎ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺑﺎﻟﺸﻲﺀ،
ﻭﺬﺍ ،ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻹﳒﺎﺯﻱ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﺟﺤﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﳛﺪﺙ ﺗﺄﺛﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ.2
1ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ-ﻛﻴﻒ ﻧﻨﺠﺰ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ -ﺃﻭﺳﺘﲔ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻴﻨﻴﲏ ،ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﺳﻨﺔ ،1991
ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ،ﺹ.07
2
Quand dire c'est faire ,J.Austin, Ed du Seuil, Tra: Gille Lane .Paris, 1970,
p124.
3ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﺹ.115،116،131،132،135،137
89
ﺕ -ﻓﻌﻞ ﺗﺄﺛﲑﻱ)ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻣﻲ( :perlocutoireﻫﻮ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﻗﻌﻪ ﺍﳊﺪﺙ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﰲ ﺍﳌﺨﺎ ﹶﻃﺐ ﺃﻭ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ،ﻛﻄﺎﻋﺔ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﳋﺎﺭﺝ ،ﻭﻣﻦ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ.
ﻭﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﱃ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻹﳒﺎﺯﻳﺔ ﻣﻴﺰ ﺃﻭﺳﱳ ﺑﲔ ﲬﺴﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻟﻸﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ:1
• ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﳊﻜﻤﻴﺔ )ﺍﻹﻗﺮﺍﺭﻱ( :verdictifsﺣﻜﻢ ،ﻭﻋﺪ ،ﻭﺻﻒ.
• ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻤﺮﺳﻴﺔ :exersitifsﺇﺻﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﻟﺼﺎﱀ ﺃﻭ ﺿﺪ ،...ﺃﻣﺮ ،ﻗﺎﺩ
ﻃﻠﺐ.
• ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ )ﺍﻟﻮﻋﺪﻳﺔ( :comessifsﺗﻠﺰﻡ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ،ﻭﻋﺪ ،ﲤﲎ ،ﺍﻟﺘﺰﻡ
ﺃﻗﺴﻢ..
• ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺮﺿﻴﺔ )ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﺔ( :expositifsﻋﺮﺽ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ) ،ﺃﻛﹼﺪ
ﺃﻧﻜﺮ ،ﺃﺟﺎﺏ ،ﻭﻫﺐ.(...
• ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﺎﺕ )ﺍﻹﺧﺒﺎﺭﻳﺎﺕ( :comportementauxﺭﺩﻭﺩ ﺃﻓﻌﺎﻝ
ﺗﻌﺒﲑﺍﺕ ﺍﲡﺎﻩ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ :ﺍﻋﺘ ﹶﺬﺭ ،ﻫﻨﺄ ،ﺣ ﻲ ،ﺭ ﺣﺐ....،
ﺇﻥ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﻬﺮ ﺩﻻﱄ ﻣﻬﻢ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺗﻠﻔﻈﺎﺗﻨﺎ ﻭﺃﻗﻮﺍﻟﻨﺎ
ﺃﻓﻌﺎﻻ ﻭﺇﳒﺎﺯﺍﺕ ﳍﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻭﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﺎ ،ﻭﺬﺍ ﻳﻨﺸﺄ ﺍﳌﻌﲎ
ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﲢﺪﺛﻬﺎ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ﺇﱃ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﻫﺬﻩ
90
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﻃﺎﳌﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﳏﻘﻘﺔ ،ﻟﻌﻞ ﺃﻫﻢ ﻓﺎﺻﻞ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺗﻘﺮ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﲞﻼﻑ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﺇﺫ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﺍﳌﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ
ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺳﻮﻯ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﺍﳌﻌﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﺑﲔ ﺍﳊﺎﻻﺕ
ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ )ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ( ﻭﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺼﻔﺔ ﺗﻮﺍﺿﻌﻴﺔ ) ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ( ﳚﻌﻞ
ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺷﻔﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺣ ﺪ ﻣﺎ ،ﻭﻻ ﺗﻌﲏ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﻣﻨﻈﺮﻱ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ
)ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ( ﺇﻻ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ
ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩ ﺳﲑﻝ Searleﺇﱃ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﻣﺒﺪﺃ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻹﺑﺎﻧﺔ.1
2
ﻭﳑﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺳﲑﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﺎﺩ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﻣﻴﺰ ﺑﲔ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:
-ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺘﻠﻔﹼﻆ )ﺍﻟﺼﻮﰐ ﻭﺍﻟﺘﺮﻛﻴﱯ(.
-ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﺍﻟﻘﻀﻮﻱ )ﺍﻹﺣﺎﱄ ﻭﺍﳉﻤﻠﻲ(.
-ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻹﳒﺎﺯﻱ)ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺃﻭﺳﺘﲔ(
-ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑﻱ)ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺃﻭﺳﺘﲔ(.
3
ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﰎ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﲬﺴﺔ ﺃﺻﻨﺎﻑ ،ﻭﻫﻲ ﻛﺎﻵﰐ:
-ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ :Assertifsﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲢﻤﻞ ﺇﺣﺪﻯ ﻗﻴﻤﱵ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ،ﻣﺜﻞ:
ﺃﺧﱪ ،ﺃﻛﺪ ،ﺯﻋﻢ ،ﺷﺮﺡ...
-ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎﺕ :Directifsﻭﻫﻲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ
ﳚﻌﻞ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺎ ،ﻣﺜﻞ :ﻃﻠﺐ ،ﺃﻣﺮ ،ﺗﺮﺟﻰ ،ﺳﺄﻝ...
91
-ﺍﻟﻮﻋﻮﺩ ﺃﻭ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻣﻴﺎﺕ : Commissifsﻭﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﺰﺍﻡ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ
ﺑﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺜﻞ :ﻭﻋﺪ ،ﺃﻗﺴﻢ.
-ﺍﻟﺘﺼﺮﳛﺎﺕ : Expressifsﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻜﹼﻠﻢ ،ﻣﺜﻞ:
ﺷﻜﺮ ،ﻫﻨﺄ ،ﺍﻋﺘﺬﺭ...
-ﺍﻹﳒﺎﺯﻳﺎﺕ Déclarationsﺍﻹﺩﻻﺀﺍﺕ :ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲟﺠﺮﺩ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺎ ﳛﺪﺙ
ﺗﻐﻴﲑ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ،ﻣﺜﻞ :ﻋﻴﻦ ،ﺯﻭﺝ...
ﻭﻋﻤﻮﻣﺎﹰ ،ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻣﺎﻟﻴﻨﻮﻓﺴﻜﻲ ﻭﺍﻟﱵ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻥ »ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﺳﻠﻮﺏ
ﻋﻤﻞ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﻓﻜﺮ« .1ﻭﺗﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻨﻄﻮﻗﺔ ﻭﺍﳌﻨﺠﺰﺓ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ
ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻣﻔﺴﺮﺍ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺘﺪﺍﺧﻞ ﺍﳌﻨﻄﻮﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ ﻭﺗﺮﺗﺒﻂ
ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺎﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ» :ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﰲ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﺃﻥ ﳓﺴﺐ ﺣﺴﺎﺑﺎ ﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﳉﻤﻞ ﺗﻨﻄﻖ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ
ﻣﻌﲎ ﻧﻘﺶ ﺍﻟﻜﻼﻡ )ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ( ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺞ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻫﺬﺍ ﲤﺎﻣﺎ ﰲ
ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﺎﺑﲑ ﺍﳌﺆﺷﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ«.2
1ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳌﻨﻄﻖ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺑﺪﻭﻱ ،ﳎﻠﺔ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺍﻠﺪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ ،ﺳﻨﺔ 1971ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ
ﺹ.69
2ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺎﺱ ﺻﺎﺩﻕ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1987ﺑﻐﺪﺍﺩ ،ﺹ
.200
92
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ -ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ -ﻭﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ.
93
ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ:
-ﺁﻟﻴﺔ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﲢﺮﻳﻚ ﺍﳌﻌﲎ:
ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻻ
ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺮﺻﺪ ﻟﻜﻞ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﻌﲎ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﹼﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﺃﻭ ﻣﺎ
ﺗﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﹼﻖ ﲟﻘﺼﻮﺩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ،ﻭﺬﺍ ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻠﺘﻘﻮﻥ ﻣﻊ
ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﻄﹼﻦ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻟﻴﺲ ﻣﺴﻨﺪﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻻﺳﺘﺠﻼﺀ
ﺍﳌﻌﲎ.
ﻭﺍﳌﺘﺘﺒﻊ ﻟﻸﻧﺴﺎﻕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻳﻠﻔﻲ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻔﺮﻗﻮﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺑﲔ ﻧﻮﻋﲔ
ﺃﺳﺎﺳﻴﲔ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ،ﳘﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﻭﻳﺮﺍﺩ ﺑﺎﳌﻨﻄﻮﻕ " ﻣﺎ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﳏ ﹼﻞ
ﺍﻟﻨﻄﻖ")(1؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﻣﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﺩﻭﻥ ﻇﻼﻝ ﺇﺿﺎﻓﻴﺔ ﻭﻫﺎﻣﺸﻴﺔ
ﰲ ﺣﲔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ " ﻣﺎ ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﻏﲑ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ")(2؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﻣﺎ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﻪ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺃﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﻈﻼﻝ ﺍﳍﺎﻣﺸﻴﺔ ﻭﺍﻹﺿﺎﻓﻴﺔ ﺍﳌﺪﺭﻛﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ،ﻭﻳﻨﺪﺭﺝ ﲢﺖ ﻛﻞ ﻣﻦ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﻓﻨﺠﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺻﺮﻳﺢ ﻭﻏﲑ ﺻﺮﻳﺢ ،ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﳐﺎﻟﻔﺔ.
ــــــــــ
) (1ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺒﺎﰊ ﺍﳊﻠﱯ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ 1402ﻫـ
ﺑﲑﻭﺕ.32-31/2،
) (2ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ،ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﻋﻔﻴﻔﻲ،ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ2
ﺳﻨﺔ 1402ﻫـ ،ﺑﲑﻭﺕ.66/3 ،
94
ﺠﺮ ﺍﻵﰐ:
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺸ
ﺍﻝﻤﻌﻨـــﻲ
ﺍﻝﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻝﻤﻨﻁﻭﻕ
95
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﺸﻘﻴﻪ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻓﻬﻮ
ﻳﻌ ﺪ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﻓﻬﻮ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻋﻨﺼﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﳝﻜﻦ ﺇﳚﺎﺩ ﺍﲡﺎﻩ ﺛﺎﻟﺚ ﺗﻮﻓﻴﻘﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ
ﻭﻫﻮ ﺇﳊﺎﻕ ﺍﳌﺘﻌﻠﹼﻘﺎﺕ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﺇﳊﺎﻕ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺎﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲟﻘﺼﺪﻳﺔ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ
ﺑﺎﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﺷﺞ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﳌﺼﻨﻔﺎﺕ ﻭﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ.
ﻭﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻫﻮ "ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻪ؛ ﺃﻱ ﻫﻮ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻭ ﲟﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻐﲑ ،ﻓﻴﺸﻤﻞ ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﻦ") ،(1ﳓﻮ "ﰲ ﺍﻟﻐﻨﻢ
ﺍﻟﺴﺎﺋﻤﺔ ﺯﻛﺎﺓ") ،(2ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﳌﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﺢ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺘﻤﺎﻣﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ
ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺫﻫﻦ ﻭﺗﺒﺤﺮ ﰲ ﺍﻟﻈﻼﻝ ﺍﳍﺎﻣﺸﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﲎ ،ﻭﺍﻟﱵ –ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ -ﻣﺸﻌﺮ ﺎ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ
ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ )ﺍﻟﻐﻨﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻓﺔ ﻻ ﺯﻛﺎﺓ ﻓﻴﻬﺎ(.
ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﻦ:
ﺇ ﹼﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﲞﻄﺎﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﺩﺭﺟﺔ ﺗﻮﺍﺗﺮﻩ
ﺑﺎﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ،ﻭﺗﱪﻳﺮ ﻫﺬﺍ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﳌﹼﺎ ﺗﻮﻃﹼﻨﺖ ﻋﻠﹼﺔ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺍﻟﺘﺤﻖ ﲟﺼﺎﻑ
ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲣﺘﻠﻒ ﺩﺭﺟﺔ ﺗﻮﺍﺗﺮﻫﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ،ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﹶﺮﺍﰲ
ﺫﻟﻚ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ":ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﻫﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﳌﺴﻤﻰ ،ﻭﺩﻻﻟﺔ
ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﻫﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺟﺰﺀ ﺍﳌﺴﻤﻰ") ،(3ﻭﺬﺍ ﺗﻜﺸﻒ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻮﻟﹼﺪ ﺍﳌﻌﲎ
ﳛﺘﻜﻢ ﺇﱃ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺑﻨﻮﺍﻣﻴﺲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ،ﻭﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻻﺣ ﺪ ﳍﺎ.
ــــــــــ
) (1ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻀﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﳌﻠﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ﻻﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ 1403ﻫـ ،ﺑﲑﻭﺕ
.172/2
) (2ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ،ﺑﺎﺏ ﺯﻛﺎﺓ ﺍﻟﻐﻨﻢ ،ﺭﻗﻢ.1454:
) (3ﺷﺮﺡ ﺗﻨﻘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ،ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ،ﺹ.26
96
ﻭﻗﺪ ﲢﺴﺲ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻣﻦ
ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ،ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﳌﺪﺭﻙ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ":ﻟﻔﻆ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ،ﻭﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ؛ ﻷ ﹼﻥ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺴﻘﻒ") ،(1ﻓﺎﻟﺒﻴﺖ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﻭﺍﳊﻴﻄﺎﻥ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ
)(2
ﺍﻟﱵ ﻳﺜﺒﺘﻬﺎ ﻣﺘﻜﻠﻤﻮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻣﺘﻌﻠﹼﻘﺔ ﻭﻣﻨﺪﺭﺟﺔ ﰲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﺍﻵﰐ:
-1ﲢ ﹼﻘﻖ ﺍﳋﺎﺹ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﲢ ﹼﻘﻖ ﺍﻟﻌﺎﻡ؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺍﳉﻤﻠﺔ "ﺃ" ﺗﺴﺘﻠﺰﻡ ﺍﳉﻤﻠﺔ "ﺏ".
ﺃ-ﻫﺬﺍ ﺷﻌـﺮ).ﺧﺎﺹ(
ﺏ-ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ).ﻋـﺎﻡ(
-2ﲢﻘﹼﻖ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﲢﻘﹼﻖ ﺍﳋﺎﺹ ،ﻭﻻ ﻧﻔﻴﻪ ،ﻓﺎﳉﻤﻠﺔ "ﺏ" -ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ -ﻻ
ﺗﺴﺘﻠﺰﻡ ﲢﻘﹼﻖ ﺍﳉﻤﻠﺔ "ﺃ"؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺜﺮﺍ ،ﻭﻻ ﻧﻔﻴﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺘﻠﻔﻆ ﺑﻪ
ﺷﻌﺮﺍ.
-3ﻧﻔﻲ ﺍﳋﺎﺹ ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﻻ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ،ﻓﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ "ﺃ" ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ "ﺏ".
ﺃ-ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺭﺟﻞ) .ﺧﺎﺹ(
ﺏ-ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺇﻧﺴﺎﻥ).ﻋـﺎﻡ(
ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻣﺮﺃﺓ.
-4ﻧﻔﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻧﻔﻲ ﺍﳋﺎﺹ ،ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﳉﻤﻠﺔ "ﺏ" ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ) (3ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ
ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﳉﻤﻠﺔ "ﺃ") (3ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺃﻳﻀﺎ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻧﻼﺣﻆ ﺃ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀﺍﺕ ﺇﳛﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻣﺎ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﲔ ﺍﻟﻼﻓﻆ
ﻭﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ،ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻡ ﳒﻢ ﻋﻨﻪ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ،ﺃﻫﻲ ﻭﺿﻌﻴﺔ
ﻟﻔﻈﻴﺔ ﺃﻡ ﻋﻘﻠﻴﺔ؟ ،ﻓﺎﻵﻣﺪﻱ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻭﲨـﻊ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺭﺃﻭﺍ
ــــــــــ
) (1ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻓﻦ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ،ﲢـ :ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺩﻧﻴﺎ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﻁ ،2ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.72
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺹ.57
97
ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻔﻈﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺪﺭﻙ ﻭﺗﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﺳﻄﺔ ﻻ ﳜﺮﺟﻬﺎ ﻋﻦ ﺃﻧﻬﺎ
ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ) ،(1ﺃﻣﺎ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﺗﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻭﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ
ﻓﺬﻫﺒﻮﺍ ﺇﱃ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺇﻋﺼﺎﻣﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺪﺭﻙ ﺑﻌﺪ
ﺗﻌﻘﹼﻞ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ،ﻭﻣﺎﺩﺍﻡ ﺃ ﹼﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺗﺘ ﻢ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻋﻘﻠﻴﺔ).(2
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ:
ﺃﻗﺮﺭﻧﺎ ﺁﻧﻔﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺇﱃ ﻗﺴﻤﲔ؛ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺻﺮﻳﺢ "ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻪ"
ﻭﻏﲑ ﺻﺮﻳﺢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻻﺯﻣﺎ ﻟﻠﻔﻆ ﲝﺴﺐ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ "ﻣﺎ ﱂ ﻳﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻪ
ﺑﻞ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ،ﻓﻴﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻻﻟﺘﺰﺍﻡ") ،(3ﻭﺬﺍ ﺗﺒﺪﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﻳﻜﺘﺴﺒﻬﺎ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻨﻄﻖ ﺎ ﻓﻬﻲ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﻣﺼﺮﺡ ﺑﻪ ،ﻭﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺄﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﺼﺮﺡ
ﺑﻪ؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻻ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ
ﻣﻌﻨﺎﻩ ،ﻭﻣﻨﻪ ﻳﺘ ﻢ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﱃ ﻟﻮﺍﺯﻣﻪ ،ﻭﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻘﺼﺪﻳﺔ
ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺇﱃ ﻗﺴﻤﲔ :ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ،ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﺮﺍﺩ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﹼﻢ ﻓﻬﻮ ﻳﺸﻤﻞ
ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ .15/1 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1983ﺑﲑﻭﺕ.171/2 ،
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﲪﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ،ﺗﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ .238/1 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢـ:ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ – ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﻣﻌﻮﺽ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ،1999
ﺑﲑﻭﺕ .110/1 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ،ﲢـ :ﳏﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ
ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻼ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳉﻨﺪﻱ ،ﺳﻨﺔ ،1971ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.42
) (3ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻌﻀﺪ.172/2 ،
98
ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ:
ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﻣﺼﺮﺡ ﺑﻪ؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﻀﻤﺮ ،ﺇﻣﺎ ﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺻﺪﻕ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ
ﻭﺇﻣﺎ ﻟﺼﺤﺔ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﺑﻪ ،ﻭﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻋﺪﺓ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ:
-ﻋﺮﻓﻪ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺑﺄﻧﻪ " ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻠﻔﻆ – ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ – ﺇﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇ ﹼﻥ
ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻪ ،ﺃﻭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻔﻆ -ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ-
ﺷﺮﻋﺎ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻪ").(1
-ﺃﻣﺎ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻓﺎﻋﺘﱪﻩ " ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺮﻃﺎ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﳌﻄﺎﺑﻘﺔ").(2
-ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺪﺑﻮﺳﻲ ﻋﺪﻩ " ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺺ ،ﱂ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻨﺺ ﺑﺪﻭﺎ ،ﻓﺎﻗﺘﻀﺎﻫﺎ
ﺍﻟﻨﺺ ﻟﻴﺘﺤﻘﹼﻖ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﻻ ﻳﻠﻐﻮ").(3
-ﻟﻜﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﺭﺑﻄﻪ ﺑﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ " :ﻣﺎ ﻳﺘﻮﻗﹼﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺪﻕ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﻭ ﺻﺤﺘﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ").(4
ﻭﻗﺪ ﺃﻓﺮﺯ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﻣﻮﻟﹼﺪﺍ ﺟﺎﻣﻌﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺿﻤﻨﻪ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻗﺒﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ:
" ﺩﻻﻟﺔ ﻟﻔﻆ -ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ -ﺑﺎﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ -ﻟﻔﻆ -ﻏﲑ ﻣﺬﻛﻮﺭ – ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ
ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ ،ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻘﻞ ﺍﳌﻌﲎ -ﺃﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ – ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻪ ،ﻟﺘﻮﹼﻗﻒ ﺻﺪﻗﻪ ﺃﻭ ﺻﺤﺘﻪ
ﻋﻘﻼ ﺃﻭ ﺷﺮﻋﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ – ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ – ﻻ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ
ﻭﺿﻌﺎ").(5
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺑﲑﻭﺕ.186/2 ،
) (2ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢـ :ﻃﻪ ﺟﺎﺑﺮ ﺍﻟﻔﻴﺎﺽ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ .319/1 ،1983
) (3ﻛﺸﻒ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ،ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ،ﻣﺼﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﻃﺒﻌﺔ ﺷﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ1394 ،ﻫـ .76/1
) (4ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ﻣﻊ ﺷﺮﺣﻪ ﻭﺣﻮﺍﺷﻴﻪ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ،ﻃﺒﻌﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻫﺮﻳﺔ.172/2 ،
) (5ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺒﻨﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩ ،ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻨﺸﺮ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﺑﲔ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ.92/1 ،
99
ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴﺎ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻣﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺳﺲ :ﺍﳌﺘﻠﻔﹼﻆ -ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ – ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ .ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺗﺘﱰﹼﻝ ﻣﱰﻟﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﺒﺎﺙ ﻭﺍﳌﺮﺳﻞ ،ﻓﻠﻮ ﺃﻣﻌﻨﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺟﻴﺪﺍ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﳋﻠﺼﻨﺎ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﳌﻌﲎ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﲝﺎﻝ ﺇﻟﹼﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﳌﺘﻠﻘﹼﻲ ﺃﻭ ﺍﳌﺴﺘﻤﻊ ﻛﻼﻣﺎ ﳏﺬﻭﻓﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ
ﻚ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ.ﺻﺪﻕ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻭﻻﺷ
ﻭﺬﺍ ﻳﺘﻜﺸﻒ ﺃﻥﹼ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘﺒﺤﺚ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ
ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺒﻪ ﺍﳌﻌﺠﻢ ،ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻄﻠﺐ)(1؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺃﻭ ﻟﻔﻈﺎ ﻏﲑ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻣﻄﻠﻮﺏ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﻗﺼﺪ ﲤﺜﹼﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ،ﻭﺬﺍ ﺗﻘﺮﺭ
ﻟﺘﻌﻴﲔ ﻭﺗﺮﺳﻴﺦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻭ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻟﻴﺴﺘﻘﻴﻢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ
ﻳﺘﺤﻘﹼﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ.
ﻭﺍﳌﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻳﺪﺭﻙ ﺩﻭﻥ ﺃﺩﱏ ﺷﻚ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ
ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻌﲎ ﻏﲑ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻵﻳﺔ ،ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﻳﺘﻨـﺰﻝ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ " ﺍﻟﺼﻨﻒ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻟﻔﻈﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻨﻪ ﺩﻭﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ") ،(2ﻟﻘﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃ ﹼﻥ ﲦﺔ ﻣﻌﲎ ﻏﲑ ﻣﺼﺮﺡ
ﺑﻪ ﻭﻣﻌﲎ ﻣﺼﺮﺡ ﺑﻪ ،ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﲎ ﻏﲑ ﺍﳌﺼﺮﺡ ﺑﻪ ،ﺃﻭ ﻣﺎ ﺩ ﹼﻝ
ﻟﻔﻈﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻨﻪ ﺩﻭﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ ،ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﻋﻲ
ﺑﺎﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻹﳛﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺎ.
ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ:
ﻳﻘﺴﻢ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ،ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻛﺎﻵﰐ:
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﻌﺠﻢ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ ،ﳎﻤﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺎﺩﺓ "ﻗﻀﻰ".
) (2ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﲢـ :ﺃﲪﺪ ﳏﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺹ.52-51
100
ﺃ-ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ:
ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻻﺑ ﺪ ﻣﻦ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻣﻠﻔﻮﻅ ﻏﲑ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﻷﺟﻞ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻣﻦ
ﺟﻬﺔ ،ﻭﻷﺟﻞ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻭﻗﺪ ﻣﺜﹼﻞ ﻟﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ
ﺑﺎﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
"-1ﻻ ﺻﻼﺓ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻔﺎﲢﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ").(1
"-2ﻻ ﺻﻴﺎﻡ ﳌﻦ ﱂ ﻳﺒﻴﺖ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ").(2
"-3ﻻ ﻧﻜﺎﺡ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻮﱄ ﻭﺷﺎﻫﺪﻱ ﻋﺪﻝ").(3
"-4ﻻ ﻋﻤﻞ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻨﻴﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ").(4
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﲨﻴﻌﻬﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﻏﺎﺋﺐ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﻗﺪ
ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻔﻈﺎ ﺃﻭ ﻋﺒﺎﺭﺓ ،ﺣﺴﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﺍﶈﺬﻭﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ "ﻻ
ﻟﺼﺤﺔ ﺻﻼﺓ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻔﺎﲢﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ"" ،ﻭﻻ ﻟﺼﺤﺔ ﺻﻴﺎﻡ ﳌﻦ ﱂ ﻳﺒﻴﺖ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ" "ﻭﻻ
ﻟﺼﺤﺔ ﻧﻜﺎﺡ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻮﱄ ﻭﺷﺎﻫﺪﻱ ﻋﺪﻝ"" ،ﻭﻻ ﻟﺼﺤﺔ ﻋﻤﻞ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻨﻴﺔ".
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻣﱪﺭ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪﻱ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭ ﻣﻦ ﺻﻼﺓ ،ﻭﺻﻴﺎﻡ ،ﻭﻧﻜﺎﺡ ﻻ ﻳﻨﻔﻰ
ﻣﺎﺩﺍﻡ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﺷﺮﻋﺎ ،ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﻰ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﳌﺄﺫﻭﻥ ﺑﻪ ﻭ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ
ﺷﺮﻋﺎ؛ ﻷﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﺃﻛﹼﺪ ﺍﻵﻣﺪﻱ ﺃ ﹼﻥ "ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻭﺍﳋﻄﺄ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﲢﻘﹼﻘﻪ ﳑﺘﻨﻊ ،ﻓﻼ ﺑـ ﺪ
ــــــــــ
) (1ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ ﺑﻠﻔﻆ" ﻻ ﺻﻼﺓ ﳌﻦ ﱂ ﻳﻘﺮﺃ ﺑﻔﺎﲢﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ" .ﻳﻨﻈﺮ
ﻧﻴﻞ ﺍﻷﻭﻃﺎﺭ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ.229/2 ،
) (2ﺭﻭﺍﻩ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ ﺣﻔﺼﺔ ﺑﻠﻔﻆ "ﻣﻦ ﱂ ﳚﻤﻊ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻓﻼ ﺻﻴﺎﻡ ﻟﻪ" ،ﻭﻗﺪ
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﰲ ﺭﻓﻌﻪ ﻭﻭﻗﻔﻪ .ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻴﻞ ﺍﻷﻭﻃﺎﺭ.269/4 ،
) (3ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ،ﻭﺗﺮﺟﻢ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ" ﻻ ﻧﻜﺎﺡ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻮﱄ" .ﻳﻨﻈﺮ ﻓﺘﺢ
ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ،ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻌﺴﻘﻼﱐ.184-182/9 ،
) (4ﺭﻭﺍﻩ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ،ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻴﻞ ﺍﻷﻭﻃﺎﺭ.162-161/1 ،
101
ﻣﻦ ﺇﺿﻤﺎﺭ ﻧﻔﻲ ﺣﻜﻢ ﳝﻜﻦ ﻧﻔﻴﻪ ،ﻛﻨﻔﻲ ﺍﳌﺆﺍﺧﺬﺓ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﰲ ﺍﳋﱪ ﺍﻷﻭﻝ ،ﻭﻫﻮ "ﺭﻓﻊ
ﻋﻦ ﺃﻣﱵ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﺍﺳﺘﻜﺮﻫﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ" ،ﻭﻧﻔﻲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﰲ ﺍﳋﱪ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﻭﻫﻮ "ﻻ ﺻﻴﺎﻡ ﳌﻦ ﱂ ﻳﺒﻴﺖ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ" ،ﻭﻧﻔﻲ ﺍﳉﺪﻭﻯ ﻭﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﰲ ﺍﳋﱪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺻﺪﻕ ﺍﳋﱪ ،ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﹼﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﹼﻢ ":ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ").(1
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻵﻣﺪﻱ ﻭﻏﲑﻩ ﻻ ﻳﺴﻠﺐ ﻻ ﺍﻟﻨﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺠﻨﺲ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻹﺑﻼﻏﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ
ﺃﺣﺪ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ؛ ﺑﻞ ﻗﺪ ﺃﺛﺒﺘﻬﺎ ﻣﻜﻮﻧﺎ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻣﻘﺼﻮﺩﺍ ،ﻓﻤﺎﺩﺍﻡ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻗﺪ
ﺍﻗﺘﻀﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺣﺘﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻗﺼﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﺑﻴﺎﻧﻪ ،ﻟﺴﺒﺐ ﺗﺸﺮﻳﻌﻲ ،ﻭﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻟﹼﺎ ﺧﻄﺎﺏ ﻣﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﺍﳌﻜﻠﹼﻔﲔ ﻟﻴﺘﺪﺑﺮﻭﺍ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻭﻳﻠﺘﺰﻣﻮﺍ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻬﺎ
ﻭﻳﻨﻔﹼﺬﻭﺍ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ ،ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻭﺟﻴﻬﺎ ﰲ ﺟﻌﻞ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻳﻘﺮﻧﻮﻥ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ
ﺍﶈﺬﻭﻑ ﺑﺎﳌﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻀﻤﺮﺍ ﻣﻘﺪﺭﺍ ﰲ ﺍﻟﺬﹼﻫﻦ ﻭﻏﲑ ﻇﺎﻫﺮ ﺑﻠﻔﻈﻪ ﰲ
ﺍﳋﻄﺎﺏ.
-2ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻘﻼ:
ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻧﻘﺪﺭ ﻣﻨﻄﻮﻗﺎ ﻏﲑ ﻣﺜﺒﺖ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ؛ ﻷﺟﻞ ﲢﻘﹼﻖ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ
ﺗﺼﻮﺭﻫﺎ ﻋﻘﻼ ،ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ":ﻓﻠﻴﺪﻉ ﻧﺎﺩﻳﻪ") ،(2ﺍﻟﻨﺎﺩﻱ ﻫﻮ ﺍﳌﻜﺎﻥ ،ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﳌﻜﺎﻥ ﻻ ﻳﺪﻋﻰ ،ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻰ ﻫﻮ ﺃﻫﻠﻪ ،ﻓﻠﺰﻡ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﳏﺬﻭﻑ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ
ﻋﻘﻼ ﺃﻱ" ﻓﻠﻴﺪﻉ ﺃﻫﻞ ﻧﺎﺩﻳﻪ" ،ﻭﻣﺜﻠﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﻮﻟﻪ ":ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ")(3؛ ﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻘﻴﻢ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻘﻼ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﳏﺬﻭﻑ ﻗﺒﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻗﺮﻳﺔ؛ ﺇﺫ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ "ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ".
ــــــــــ
) (1ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ.65-64/3 ،
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻠﻖ ،ﺍﻵﻳﺔ.17
) (3ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﺳﻒ ،ﺍﻵﻳﺔ.82
102
-3ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺷﺮﻋﺎ:
ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻤﻌﻦ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﺣﺮﻣﺖ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻣﻬﺎﺗﻜﻢ")(1ﻟﻴﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳌﻌﲎ
ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﺍﳉﻠﻮﺱ ﻭﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻷﻣﻬﺎﺕ ﺃﻣﺮ ﳏﺮﻡ ﺑﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻏﲑ
ﻣﺴﺘﺴﺎﻍ ﻭﻻ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻋﻘﻼ ﻭﻻ ﺷﺮﻋﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻋ ﺰ
ﻭﺟ ﹼﻞ ﺑﺮﳘﺎ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻏﲑ ﻭﺍﺭﺩ.
ﻓﻠﺰﻡ -ﻫﻨﺎ -ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻟﻔﻆ ﻣﻀﻤﺮ ﻭﻫﻮ "ﺍﻟﻮﻁﺀ" ﻗﺼﺪ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ؛ ﺃﻱ ﺣﺮﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ
ﻭﻁﺀ ﺃﻣﻬﺎﺗﻜﻢ ،ﻭﻣﺮ ﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺼﺮﺍﻑ ﺍﻟﺬﻫﲏ ﻭﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﱘ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ
ﻻ ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﻟﺬﻭﺍﺕ ﺑﻞ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎﻝ ،ﻓﻠﻴﺴﺖ ﺍﻷ ﻡ ﺑﺬﺍﺎ ﳏﺮﻣﺔ ،ﻭﻻ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻜﻠﹼﻢ
ﻣﻌﻬﺎ...ﻟﻴﺲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﳏﺮﻣﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﻀﺮ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﻁﺀ
ﺃﻭ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ.ﻭﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻄﻬﺎﺭﺓ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﺼﺢ ﺷﺮﻋﺎ ﺇﻟﹼﺎ ﺎ.
ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺜﺎﺭ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﳏ ﹼﻞ ﺟﺪﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻠﺤﻈﻪ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﲔ ﺍﻵﺗﻴﲔ
ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻭﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ،ﻫﻞ ﻳﻮﻇﹼﻔﺎﻥ ﲟﻌﲎ ﻣﺸﺘﺮﻙ؟ ﺃﻡ ﺃ ﹼﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺣﻘﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻴﺎ ﻓﻴﻪ؟
ﻭﳓﻦ ﻧﺘﺤﺴﺲ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﰲ ﻣﻈﺎﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﳒﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﻋﻠﻤﺎﺀ
ﺃﺻﻮﻝ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﺍﺗﺨﺬﻭﺍ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻭﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻭﺍﳌﻘﺘﻀﻰ؛ ﻷ ﹼﻥ
ﲏ ﺃﺻﻼ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﳏﺬﻭﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﺼ ﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺷﺮﻋﺎ ﻭﻋﻘﻼ ﻭﻭﺍﻗﻌﺎ. ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻣﺒ
ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻭﻥ ﻓﻘﺪ ﺩﺃﺑﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﻣﺎ ﺗﻮﻗﹼﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺷﺮﻋﺎ
ﻭﻣﺎ ﺗﻮﻗﹼﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﻭﻋﻘﻼ ،ﻓﺠﻌﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﻀﺎﻩ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﻴﺼ ﺢ ﺷﺮﻋﺎ ﻣﻦ
ﺑﺎﺏ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ،ﻭﺟﻌﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﻀﺎﻩ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﻴﺼﺪﻕ ﻋﻘﻼ ﺃﻭ ﻳﺼ ﺢ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﶈـﺬﻭﻑ
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﺍﻵﻳﺔ.23
103
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺳﺒﺒﺎ ﻭﺟﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻓﺘﺮﺍﻕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺇﱃ ﻓﺮﻳﻘﲔ:
ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺍﻷﻭﻝ:
ﺍﻫﺘﺪﻯ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻭﲨﻴﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﲨﻴﻊ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﺇﱃ ﺿﺮﻭﺭﺓ
ﻭﺣﺘﻤﻴﺔ ﻻﻣﻨﺎﺹ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺆﺩﺍﻫﺎ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻭﺍﶈﺬﻭﻑ) ،(1ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ
ﻣﻌﻠﹼﻞ ،ﻓﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﳌﻌﺘﱪﺓ ﰲ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺗﻔﺮﺽ ﺟﻌﻞ ﻏﲑ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻣﻨﻄﻮﻗﺎ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﳏﺬﻭﻑ ﻭﺍﻗﺘﻀﺎﺋﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﻻ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺇﻟﹼﺎ
ﺑﺈﺣﻀﺎﺭ ﺃﻭ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻏﺎﺋﺐ ﰲ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺃ ﹼﻥ ﲦﺔ ﻛﻼﻣﺎ ﻣﻘﺘﻀﻰ
ﺃﻭ ﳏﺬﻭﻓﺎ ،ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻤﻊ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
ﺑﺎﳊﺬﻑ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺮﺍﺩﻑ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺒﻨﻲ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ.
ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
ﺇ ﹼﻥ ﻓﻴﺾ ﺍﻟﺘﻨﻈﲑ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻓﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﻮﻥ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﳊﺬﻑ
ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﺮﺿﻴﺎ ﳉﻤﺎﻋﺔ ،ﻓﻘﺪ ﳓﺎ ﺍﻟﺒﺰﺩﻭﻱ ﻭﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺘﺄﺧﺮﻱ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ
ﻣﻨﺤﺎ ﻣﻐﺎﻳﺮﺍ ﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺳﺎﺋﺪﺍ ﻗﺒﻞ) ،(2ﺑﻞ ﺇ ﹼﻥ ﺗﺼﻮﺭﻫﻢ ﻣﺒﲏ ﺃﺻﻼ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ
ﺍﳌﺄﻟﻮﻑ ،ﻭﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﺇﻟﹼﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﺃﺑﺼﺮﻭﺍ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﺁﺧﺮ ﻳﻮﻃﹼﻦ ﰲ ﻗﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺬﹼﺍﺕ ﻣﺴﻠﹼﻤﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ
ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻫﻨﺎﺕ ﺟﺬﺭﻳﺔ ﻭﺟﺪﻟﻴﺔ ﻻ ﳏﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ
ﺲ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ.ﺲ ﺍﳌﺮﺍﻫﻨﺎﺕ ﺍﳉﺬﺭﻳﺔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﳌﺮﺍﻫﻨﺎﺕ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ﲤ ﺣﻴﺚ ﲤ
ﻓﻘﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﰲ ﻓﻜﺮ ﺍﻟﺒﺰﺩﻭﻱ ﺭﺑﻂ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﲟﺎ ﻳﺼﺤﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺷﺮﻋﺎ ،ﻭﺭﺑﻂ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﲟﺎ
ﻋﺪﺍﻩ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻛﹼﺪ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ،ﻓﺎﶈﺬﻭﻑ ﻋﻨﺪﻩ ﻏﲑ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ؛ "ﻷ ﹼﻥ ﻣﻦ ﻋـﺎﺩﺓ
ــــــــــ
) (1ﻛﺸﻒ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.78-76-75/1 ،
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ،ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ.137/1 ،
) (2ﻛﺸﻒ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.76/1 ،
104
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺣﺬﻑ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﶈﺬﻭﻑ
ﹼﰒ ﺇ ﹼﻥ ﺛﺒﻮﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻐﺔ ،ﻭﺛﺒﻮﺕ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺮﻋﺎ ﻻ ﻟﻐﺔ
ﻭﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﺗﺒﻊ ﻳﺼ ﺢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﳌﻘﺘﻀﻲ ﺇﺫﺍ ﺻﺎﺭ ﻛﺎﳌﺼﺮﺡ ﺑﻪ
ﻭﺍﶈﺬﻭﻑ ﻟﻴﺲ ﺑﺘﺒﻊ ،ﺑﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﻪ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺍﳊﻜﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻻ ﺃﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﺼﻮﺹ
ﻭﻻﺷﻚ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻳﻨﻘﻞ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻳﺼﺤﺢ ﺍﳌﻨﺼﻮﺹ").(1
ﺃﻭﻝ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﺘﻘﺮﺃ ﻣﻦ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﻫﻮ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺸﺮﻉ ،ﻭﳒﻢ
ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺗﺒﻌﺎﺕ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺻﻞ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﺑﺎﳌﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﻭﺻﻞ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﲟﺼﺎﻑ
ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺎﺕ ،ﹼﰒ ﺛﺎﱐ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﺘﻘﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺃ ﹼﻥ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻳﻐﻴﺮ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﻭﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻻ ﻳﻐﻴﺮ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ") ،(2ﺇﺫﺍ
ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ ﻟﻔﻆ "ﺃﻫﻞ" ﻓﺈ ﹼﻥ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻭﺇﻋﺮﺍﺑﻪ ،ﺇﺫ ﺇ ﹼﻥ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻗﺒﻞ
ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﻘﺪﺭ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ ،ﻭﺑﻌﺪ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﻘﺪﺭ ﻣﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻗﺒﻞ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻧﻬﺎ
ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﳌﻘﺪﺭ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ﺃﻫﻠﹶﻬﺎ).(3
ﻭﺃﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ" :ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ") (4ﺇﺫﺍ ﺃﺗﺒﻌﻨﺎ ﻟﻔﻆ ﳑﻠﻮﻛﺔ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ
ﻭﺇﻋﺮﺍﺑﻪ ،ﻓﻠﻔﻆ ﺭﻗﺒﺔ ﳎﺮﻭﺭ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻗﺒﻞ ﻭﺑﻌﺪ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﻘﺪﺭ ،ﻭﺬﺍ ﺑﺎﻥ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﰲ
ﻋﺮﻑ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﺷﻲﺀ ﻣﺪﺭﻙ ﺫﻫﻨﺎ ،ﻭﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﻻ ﻳﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺷﻴﺌﺎ
ﰲ ﺣﲔ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺪﺭﻛﺎ ﺫﻫﻨﺎ ،ﻭﳜﺎﻟﻔﻪ ﰲ ﺗﻐﻴﲑﻩ ﻟﻠﻤﻨﻄﻮﻕ ﻋﻨﺪ
ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ.
ــــــــــ
) (1ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮﺑﻜﺮ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ،ﻣﻄﺎﺑﻊ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ1372 ،ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.251/1 ،
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﺳﻒ ،ﺍﻵﻳﺔ.82
) (3ﺍﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ،ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ.141/1 ،
) (4ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﺍﻵﻳﺔ.92
105
ﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻣﺪﻟﻮﻝ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻲ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ
ﻣﺘﻌﺪﺩﺍ ﰲ ﻟﻔﻈﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺪ ﹼﻝ ﺇﻟﹼﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻓﻘﻂ ،ﺃﻣﺎ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻓﻤﻘﺪﺭ ﰲ ﻧﻈﻢ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ،ﻓﻴﻘﺪﺭ ﻛﺎﳌﺬﻛﻮﺭ ﻭﲡﺮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻛﺎﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﻭﺍﻹﻃﻼﻕ
ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﳋﺼﻮﺹ ،ﻭﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ،ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺎﺯ).(1
ﻭﻟﺌﻦ ﺑﺪﺍ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﺄﺳﻴﺴﺎ ﻭﻧﺒﺎﻫﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺳﻢ ﺣﺪﻭﺩ ﻛﻞ ﻣﻠﻔﻮﻅ
ﻟﺴﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻩ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺋﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻃﻲ ﲟﺎ ﻳـﺒﻮﺋﻪ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﰲ ﺍﳊﻘﻞ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﲞﺎﺻﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﰲ ﺑﻌﺎﻣﺔ؛ ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﳌﻨﻈﹼﺮﻳﻦ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﺧﻮﻥ ﺍﳊﺬﺭ ﻭﺍﳊﻴﻄﺔ ﻭﻻ ﻳﻘﻨﻌﻮﻥ
ﺑﺎﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﳌﻘﺪﻡ ﻓﻴﺴﻌﻮﻥ ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ﺇﱃ ﻧﻘﺪ ﻭﻫﺪﻡ ﺍﳌﻌﻄﻰ ﺍﳌﻮﻟﹼﺪ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻃﺮﺡ ﺟﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺘﻮﻳﺞ
ﻭﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﺮﺃﻱ ﻗﺪﱘ.
ﻟﻘﺪ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺁﻧﻔﺎ ﺇﱃ ﺃﻥﹼ ﺍﻟﺒﺰﺩﻭﻱ ﻭﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﻭﻏﲑﳘﺎ ﻳﻔﺮﻗﻮﻥ ﺑﲔ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻭﺍﳌﻘﺘﻀﻰ
ﻭﻗﺪ ﹼﰎ ﺣﺼﺮ ﺍﺎﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻟﻜﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺮﺑﻂ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ ﻣﻊ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺃﻧﻪ
ﻣﻌﲎ ﻻ ﻳﻐﻴﺮ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﻭﺃ ﹼﻥ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻌﲎ ﻳﻐﻴﺮ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ
ﺇ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻨﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻭﻥ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﻳﺴﻌﻔﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ
ﺑﲔ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻭﺍﶈﺬﻭﻑ -ﻓﻬﻮ ﺛﻐﺮﺓ ﻣﻦ ﺛﻐﺮﺍﺕ ﺃﻫﻠﻬﺎ.
ﻒ ﻭﻧﱪﺭ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺻﺪ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺑﺪﻯ ﻭﻗﺪ ﻳﺴﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﺸ
ﻭﻗﺪﻡ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻣﻮﻓﹼﻘﺔ ﺗﻜﻔﻞ ﻟﻨﺎ ﻫﺪﻡ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺃﻓﺮﺯﻫﺎ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻭﻥ ،ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺼﺪﺩ":ﺇ ﹼﻥ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺑﲔ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻭﺍﶈﺬﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻭﺀ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺍﶈﺬﻭﻑ
ــــــــــ
) (1ﻋﻤﺪﺓ ﺍﳊﻮﺍﺷﻲ ،ﺣﺴﻦ ﺍﳍﻨﺪﻱ ،ﺹ.32
106
ﺑﻌﺪ ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ،ﻭﻋﺪﻡ ﻃﺮﻭﺀ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ،ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﻏﲑ ﺳﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﺃﻟﻔﺎﻇﺎ ﳏﺬﻭﻓﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ،ﻭﺑﺘﻘﺪﻳﺮﻫﺎ ﱂ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺻﻔﺘﻪ -ﺑﻨﻴﺔ ﻭﺇﻋﺮﺍﺑﺎ-
ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺇﺫ ﺍﺳﺘﺴﻘﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻟﻘﻮﻣﻪ ﻓﻘﻠﻨﺎ ﺍﺿﺮﺏ ﺑﻌﺼﺎﻙ
ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻓﺎﻧﻔﺠﺮﺕ ﻣﻨﻪ ﺍﺛﻨﺘﺎ ﻋﺸﺮﺓ ﻋﻴﻨﺎ" ،ﻓﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺣﺬﻑ ،ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ :ﻓﻀﺮﺏ
ﻓﺎﻧﺸ ﻖ ﺍﳊﺠﺮ ﻓﺎﻧﻔﺠﺮﺕ ،ﻭﺑﺘﻘﺪﻳﺮﻩ ﱂ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺘﻪ ﺍﻷﻭﱃ ،ﻭﱂ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ
ﺇﻋﺮﺍﺑﻪ ﺷﻲﺀ ،ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻓﺄﺭﺳﻠﻮﻥ ) (45ﻳﻮﺳﻒ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ"؛ ﺃﻱ ﻓﺄﺭﺳﻠﻮﻩ
ﻓﺄﺗﺎﻩ ﻭﻗﺎﻝ:ﻳﻮﺳﻒ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﳏﺬﻭﻑ ،ﻭﺑﺘﻘﺪﻳﺮﻩ ﱂ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻻ ﻃﺮﺃ
ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺮﺍﺑﻪ ﺷﻲﺀ").(1
ﻭﱂ ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ ﺬﺍ ﺍﻟﺮﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﺁﺧﺮ ﺧﺼﻴﺒﺎ
ﻣﻔﺎﺩﻩ "ﺇﻥ ﺃﺭﻳﺪ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻻﺯﻡ ﰲ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻼﺯﻡ ﰲ ﺍﶈﺬﻭﻑ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻠﺰﻡ
ﻋﻨﻪ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻻ
ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺃﺻﻼ").(2ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﱵ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﺎﺭ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ ﻓﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ
ﺺ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺮﻗﺎ ﺑﲔ
ﻋﺪﻡ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺒﺰﺩﻭﻱ ﻭﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ،ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻨ
ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻭﺍﶈﺬﻭﻑ" ،ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﺘﻠﻚ
ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ") ،(3ﻭﺃﺩﻕ ﻣﺎ ﳒﻠﻮﻩ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﻫﻮ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻭﺗﺜﺒﻴﺖ ﻣﺎ ﻭﻃﹼﻨﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ
ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﻮﻥ ﰲ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻭﺍﶈﺬﻭﻑ.
ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﻻ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ:
ﺩﻗﹼﻖ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻣﺒﺪﺇ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺧﻠﺼﻮﺍ ﺇﱃ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
ﺕ ﻣﺎ ﻛﺎﻥﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﻻ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺩﻭﻥ ﻟﻔﻈﻪ ﺇﺛﺒﺎ
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ،ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ.141/1 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.141/1 ،
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.141/1 ،
107
ﻣﻀﻤﺮﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ،ﻭﻗﺪ ﻧﺒﻪ ﺍﻟﻘﹶﺮﺍﰲ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :ﺃﻣﺎ
ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻓﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﻳﺘﻘﺎﺿﺎﻫﺎ ﻻ ﺍﻟﻠﻔﻆ ) (...ﻓﺈ ﹼﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻓﺎﻧﻔﻠﻖ"
]ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ [ 63:ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺘﻈﻢ ﺑﺎﻹﺿﻤﺎﺭ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺇﻧﻲ ﻣﺮﺳﻠﺔ ﺇﻟﻴﻬﻢ
ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ"]ﺍﻟﻨﻤﻞ[36: ﺑﻬﺪﻳﺔ ﻓﻨﺎﻇﺮﺓ ﺑﹺﻢ ﻳﺮﺟﹺﻊ ﺍﻟﻤـُﺮﺳﻠﻮﻥ" ﺇﱃ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎﺀ
ﻓﻤﺠﻲﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺇﱃ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﺮﻉ ﺇﺭﺳﺎﻟﻪ ،ﻓﻴﺘﻌﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻀﻤﺮ:
ﻓﺄﺭﺳﻠﺖ ﺭﺳﻮﻻ ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻗﻠﺖ ]ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ[ :ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺩﻭﻥ
ﺍﻟﻠﻔﻆ").(1
ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺑﻮﻋﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻤﻊ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺑﺎﳌﻌﲎ ،ﻭﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ
ﺗﻜﺎﻣﻠﻴﺔ؛ ﲟﻌﲎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﻣﻌﲎ ﺇﺿﺎﻓﻴﺎ ﻏﲑ ﻣﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﻭﻟﻜﻦ
ﺿﺮﻭﺭﻱ ﺍﻻﺳﺘﻨﺠﺎﺩ ﺑﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﻭﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﹼﻖ ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ؛ ﻷﻥﹼ ﻣﻠﻔﻮﻅ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺗﺎﻡ ﻻ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ
ﺇﺛﺒﺎﺕ ﳏﺬﻭﻑ ،ﰲ ﺣﲔ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ -ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ -ﻏﲑ ﺗﺎﻡ ،ﻭﻻ ﻳﻜﺘﻤﻞ
ﺇﻟﹼﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺤﻀﺮﻧﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﺎﺋﺒﺎ ﻭﺃﺛﺒﺘﻨﺎﻩ.
ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻓﺄﻭﺣﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﺃﻥ ﺍﺿﺮﺏ ﺑﻌﺼﺎﻙ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻓﺎﻧﻔﻠﻖ") ،(2ﺇﺫﺍ
ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﻣﻠﻔﻮﻅ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﳒﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﳌﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻧﻔﻠﻖ ﺩﻭﻥ ﺿﺮﺏ ﻣﻮﺳﻰ
ﺑﻌﺼﺎﻩ ﻭﻫﺬﺍ ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩ ،ﺇﻧﻤﺎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﳌﺼﺮﺡ ﺑﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺿﺮﺏ ﻣﻮﺳﻰ
ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻓﺎﻧﻔﻠﻖ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﺳﺘﺪﻋﻰ ﻭﺍﺳﺘﻠﺰﻡ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﺇﺿﻤﺎﺭ ﳏﺬﻭﻑ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻫﻮ
ﻟﻔﻆ "ﻓﻀﺮﺏ" ﺇﺫ ﺃﺻﻞ ﺍﻵﻳﺔ "ﻓﺄﻭﺣﻴﻨﺎ ﺇﱃ ﻣﻮﺳﻰ ﺃﻥ ﺍﺿﺮﺏ ﺑﻌﺼﺎﻙ ﺍﻟﺒﺤﺮ ]ﻓﻀﺮﺏ[
ﻓﺎﻧﻔﻠﻖ" ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﺪﻝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ.
ــــــــــ
) (1ﺷﺮﺡ ﺗﻨﻘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ،ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ،ﺹ.50-49
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﺍﻵﻳﺔ.63:
108
ﻭﻳﻌﺮﺝ ﺻﺎﺣﺐ ﻓﻮﺍﺗﺢ ﺍﻟﺮﲪﻮﺕ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻟﻴﺆﻛﹼﺪ ﺃ ﹼﻥ "ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻣﻌﲎ
ﻳﻔﻬﻢ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﺑﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻠﻔﻆ") ،(1ﻭﻧﺴﺘﺸﻒ ﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺆﻛﹼﺪﻩ
ﻭﺗﺴﺘﺮﺳﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ Pragmatiqueﻓﻬﻲ ﺗﻔﺤﺺ ﺍﳊﺪﺙ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﳌﻮﺍﺿﻌﺎﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺒﻴﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﻜﻔﺎﺀﺓ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ.
ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻭﺍﻹﳝﺎﺀ:
ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻹﳝﺎﺀ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻮﺯﻋﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﻮﻝ ﻭﺗﻜﻠﹼﻢ ﻭﺗﻔﻬﻴﻢ ﻭﺇﺷﻌﺎﺭ
ﺑﻌﻼﻣﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﺩﺍﺓ ﺗﺆﻛﹼﺪ ﺗﻐﻠﻴﺐ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ) ،(2ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﻨﺪﺭﺝ ﺿﻤﻦ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ،ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ "ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺇﺿﺎﻓﺔ
ﺍﳊﻜﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ") ،(3ﻭﻧﻠﺤﻆ ﺃ ﹼﻥ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺍﳊﻜﻢ ﺇﱃ ﻭﺻﻒ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻓﻴﻪ ﺩﻻﻟﺔ
ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ ،ﻓﻠﻮ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ ﺃﻭ ﻧﻈﲑﻩ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻞ ﻟﻜﺎﻥ
ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻭﻣﻌﻴﺒﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ.
ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺮﺍﺑﻄﺎ ﻏﲑ ﺻﺮﻳﺢ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ﻳﻬﺘﺪﻯ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹﳝﺎﺀ
ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ ":ﻣﻦ ﺃﺣﻲ ﺃﺭﺿﺎ ﻣﻮﺍﺗﺎ -ﻣﻴﺘﺔ -ﻓﻬﻲ ﻟﻪ") ،(4ﺇ ﹼﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻳﻮﻣﻰﺀ ﺑﺄﺩﺍﺓ ﺍﻟﻔﺎﺀ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻤﻠﹼﻚ ﻫﻲ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ،ﺍﳊﻜﻢ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻤﻠﻴﻚ ،ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ﻫﻲ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ
ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﺍﳌﻌﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻹﳝﺎﺋﻲ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ؛ ﺃﻱ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﳊﺪﺙ
ــــــــــ
) (1ﻓﻮﺍﺗﺢ ﺍﻟﺮﲪﻮﺕ ﺷﺮﺡ ﻣﺴﻠﻢ ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ )ﻣﻊ ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ( ،ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﻠﻲ ،ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻣﲑﻳﺔ ،ﺳﻨﺔ
1322ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.412/1 ،
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﺍﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ،ﺳﻨﺔ ،1968ﺑﲑﻭﺕ ،ﻣﺎﺩﺓ ﻭﻣﺄ.
) (3ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.189/2 ،
) (4ﻧﻴﻞ ﺍﻷﻭﻃﺎﺭ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﻛﺘﺎﺏ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﳌﻮﺍﺕ.44/6 ،
109
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ.
ﻭﻟﻘﺪ ﻭﻗﻒ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﲟﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ ﻭﺣﺲ ﺭﺍﻕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ
ﺗﺼﻮﺭ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺭﺑﻂ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺑﺄﻧﺴﺎﻕ ﻭﳏﺪﺩﺍﺕ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺫﺍﺗﻪ
ﺃﻭ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﳍﺬﺍ ﳒﺪﻩ ﻳﻌﺘﱪ ﺍﻹﳝﺎﺀ "ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﻻﺯﻡ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ
ﺑﺸﺮﻁ ﺍﻗﺘﺮﺍﻥ ﺣﻜﻢ ﺑﻮﺻﻒ ،ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻟﻮ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻋﻠﹼﺔ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻌﻴﺒﺎ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ") ،(1ﻭﻧﻠﺤﻆ ﺷﻴﺌﲔ ﻫﻨﺎ:
-1ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺍﳊﻜﻢ ﺇﱃ ﻭﺻﻒ ﻣﻨﺎﺳﺐ ،ﻓﻴﻪ ﺇﺷﻌﺎﺭ ﺑﺎﻟﺘﻔﻬﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﻐﻠﻴﺐ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ
ﻭﺗﺮﺳﻴﺦ ﻓﻜﺮﺓ ﺃ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ ،ﺇﺫ ﻟﻮ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﹼﺔ ﻣﻊ ﻣﻨﺎﺳﺒﺘﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻗﺘﺮﺍﻥ
ﺍﳊﻜﻢ ﺑﻪ ﻏﲑ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻭﻻ ﻣﺴﺘﺴﺎﻍ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ.
-2ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻣﻔﺮﻗﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﹼﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺜﺒﺖ ﺎ ،ﻭﺍﻟﻌﻠﹼﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺜﺒﺖ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﺑﺎﻟﻨﺺ
ﻋﻠﻴﻬﺎ،ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻮﺿﻌﻪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﻠﹼﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ.
ﺻﻮﺭ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﳝﺎﺀ:
ﺇ ﹼﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻘﺮﺅﻩ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﻫﻮ ﳝﺎﺭﺱ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ
ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﲎ ﺑﺮﺻﺪ ﻟﻜﻞ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﻭﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﺇﱃ ﺑﺴﻂ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ
ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﺨﺒﻮﺀﺓ ﻭﺣﱴ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ – ﻫﻮ ﺣﺼﺮ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﺸﻜﹼﻞ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﲨﻠﺔ ﺍﻟﺘﺠﻠﹼﻴﺎﺕ ﺍﳌﺜﺒﺘﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻭ ﺧﺎﺭﺟﻪ.
ﻓﺎﻟﻨﺎﻇﺮ ﰲ ﻣﺒﺪﺇ ﺍﻹﳝﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻳﻠﻔﻲ ﺻﻮﺭﺍ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﺗﺮﺻﺪ ﻟﻨﺎ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻮﻣﻰﺀ ﺇﻟﻴﻪ
)(2
ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ:
-1ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ :ﻓﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﳒﺪ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻣﺪﺭﻛﺎ
ــــــــــ
) (1ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ﻣﻊ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﺪ ﻭﺷﺮﺡ ﺍﻟﻌﻀﺪ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻭﺍﻟﺴﻌﺪ.172/2 ،
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ.367-366-365-364/3 ،
110
ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺮﺑﻂ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻠﻔﻮﻇﺔ ﻭﻟﺘﻜﻦ ﻓﺎﺀ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺐ ﺗﺮﺷﺪﻧﺎ ﺇﱃ
ﺃ ﹼﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﳊﻜﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺍﳌﻌﻴﻦ ،ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﻭﺍﻟﺴﺎﺭﻗﺔ
ﻓﺎﻗﻄﻌﻮﺍ ﺃﻳﺪﻳﻬﻤﺎ") ،(1ﻫﻨﺎ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﻮﺻﻒ ،ﺍﳊﻜﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻄﻊ ،ﻭﺍﻟﻮﺻﻒ ﻫﻮ
ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ،ﻓﻠﻮﻻ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﻫﻲ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺗﺮﺗﻴﺒﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﳎﺪﻳﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ
ﺑﺎﻥ ﻭﻇﻬﺮ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﺎﺀ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﻭﻣﻌﻘﹼﺒﺔ ﺻﺮﻓﺖ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﻋﻠﹼﺔ ﺍﳊﻜﻢ )ﺍﻟﻘﻄﻊ(
ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺻﻒ )ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ(.
-2ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ :ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻳﻮﺭﺩ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺻﻔﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻣﺆﺛﹼﺮﺍ
ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ،ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳌﺆﺛﹼﺮ ﻓﻌﻞ ،ﻣﺜﺎﻟﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﹼﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ":ﻻ ﻳﻘﻀﻲ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻭﻫﻮ
ﻏﻀﺒﺎﻥ") ،(2ﺍﻟﻨﺺ ﻳﻨﺒﻪ ﺇﱃ ﺃﻥﹼ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﹼﺔ ﻣﺆﺛﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ
ﻭﺑﺬﻟﻚ ﳝﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻋﻼﻣﺔ ﺻﺎﺭﻓﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ،ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﻣﻨﻮﻁ ﺑﺼﻔﺎﺀ ﺍﻟﺬﻫﻦ ،ﻓﺎﻟﻐﻀﺐ
ﺣﺎﻓﺰ ﻭ ﻣﺜﲑ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺕ ﻏﲑ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻭﻻ ﳏﺒﺬﺓ ﻟﻠﺸﺎﺭﻉ.
ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻹﳝﺎﺀ:
ﺇ ﹼﻥ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺗﻮﻟﹼﺪ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺗﻄﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﳌﻤﻴﺰﺓ ﻗﺼﺪ ﲢﻘﻴﻖ ﺣﻔﺮ ﻋﻤﻴﻖ ﹼﰒ ﻣﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ
ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ،ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﳌﺼﻨﻔﺔ ﲢﺖ ﺍﳌﺒﺪﺇ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﺭﻣﻨﺎ ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ
ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﺘﻮﻃﹼﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻓﻼ ﻣﻨﺪﻭﺣﺔ ﺃﻥ ﳔﺼﺺ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﻧﻌﺮﺽ
ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻧﺘﺤﺎﺷﻰ ﺍﳋﻠﻂ ﻭﺗﻮﻫﻢ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ
ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺷﺞ ﻭﺍﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ،ﻭﳍﺬﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺯﻥ ﻣﻌﺮﰲ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻔﺼﻢ ﻋﺮﻯ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﻭﻻ ﺗﺴﻤﺢ
ﺍﻟﺒﺘﺔ ﺑﺎﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﻟﺪﻻﱄ.
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.38:
) (2ﺳﻨﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ،ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﻗﻀﻴﺔ ،247/8 ،ﺍﳊﺪﻳﺚ .5418ﻭﺳﻨﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ،ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ776/2 ،
ﺍﳊﺪﻳﺚ.2316
111
ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻘﺮﺭ ﻣﺒﺪﺃ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﻧﺰﻭﺕ ﻭ ﺍﻧﺴﻠﺨﺖ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ،ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ
ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﻏﻞ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﺭﺗﺄﻳﻨﺎ ﻣﻮﺿﻌﺔ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ
ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﻦ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﲔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ،ﻣﻘﺘﻨﻌﲔ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻬﻢ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻟﻠﻤﻌﲎ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﳌﻌﻘﻮﺩﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺻﺎﺣﺒﻪ.
ﺃﻗﺮﺭﻧﺎ ﺁﻧﻔﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻛﻠﹼﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻳﻨﺪﺭﺟﺎﻥ ﲢﺖ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ،ﻭﺃﻤﺎ
ﻗﺎﺋﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺇ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﻣﻘﺼﻮﺩﺍﻥ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ،ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ
ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻪ ،ﻭﺍﻹﳝﺎﺀ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻭﻣﺄ ﻭﻧﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻏﻠﺐ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ،ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ
ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻳﺘﻮﻗﹼﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﻭ ﺻﺤﺘﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ
ﻭﳍﺬﺍ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺮﻃﺎ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﰲ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻻ ﻳﺒﲎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺪﻕ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻻ ﺻﺤﺘﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻏﲑ ﺃﻧﻪ ﻳﺸﻌﺮﻧﺎ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻠﹼﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻭﳍﺬﺍ
ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻠﹼﺎﺯﻡ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮ.
ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ:
ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻃﺮﻗﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻭﺗﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺍﻟﺪﻻﱄ ﻋﻠﻰ
ﺣ ﺪ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﺎ ﲰﺎﻩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻤﻮﻥ ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺑﺎﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﻭﻫﻲ ﰲ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﺍﳌﻌﺠﻤﻲ ﺗﺮﺍﺩﻑ ﺍﻟﻨﻄﻖ
ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﻌﲎ)(1؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻬﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﺿﻤﻨﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﻨﻄﻮﻗﺔ ﺃﺭﻳﺪ ﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺗﻪ
ﻭﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺘﻔﻬﻢ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﻳﺔ ﻭﲢﻘﹼﻘﻬﺎ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﺍﳌﺘﻮﺍﺻﻼﻥ
ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ.
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺍﻟﻔﲑﻭﺯ ﺁﺑﺎﺩﻱ ،ﻣﺎﺩﺓ ﺷﻮﺭ.
112
ﻓﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺷﺎﺭﻱ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ ﺭﻫﲔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻣﱴ ﻣﺎ ﺗﻮﻃﹼﻨﺖ ﲢﻘﹼﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺒﺜﻮﺗﺔ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ
ﻓﺘﺤﺮﻳﻚ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺇﱃ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﺃﻣﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ،ﻭﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﺭﺓ ﻧﺎﺟﻌﺔ
ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺇﻟﹼﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﻙ ﻃﺮﻓﺎ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻭﻳﻌﻄﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻟﻺﺷﺎﺭﺓ ﻓﻬﻮ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺪ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﻓﻬﻲ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ "ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻏﲑ
ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻗﻪ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﻭﻻ ﺗﺒﻌﺎ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻﺯﻡ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻖ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻷﺟﻠﻪ")(1؛ ﺃﻱ
ﺇﻧﻬﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻻﺯﻡ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻏﲑ ﻣﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
)ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻭﺍﻟﻮﺿﻊ( ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻭﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻻ ﺻﺤﺘﻪ ،ﻭﻣﻊ
ﺫﻟﻚ ﳓﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺑﺴﻂ ﺗﺄﻣﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻹﺩﺭﺍﻛﻪ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻛﹼﺪ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﺣﺪﻳﺜﻪ
ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻹﺑﻼﻏﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻮﻓﹼﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺑﻘﻮﻟﻪ":ﻭﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺑﺎﻹﺷﺎﺭﺓ ﻣﺎ ﱂ
ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻷﺟﻠﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻭﻻ ﻧﻘﺼﺎﻥ").(2
ﻭﱂ ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺇ
ﺑﻞ ﺭﺍﺣﻮﺍ ﻳﺪﻟﹼﻠﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﻨﻤﺎﺫﺝ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻣﺴﺘﻮﺣﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ﻭﻏﲑﻩ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ:
-1ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺷﺎﻭﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ") ،(3ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻟﻶﻳﺔ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ
ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻻﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻏﲑ ﻣﺼﺮﺡ ﺎ ،ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ،ﻭﻫﻲ
ﻭﺟﻮﺏ ﺇﳚﺎﺩ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺳﺪﺍﺩ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ
ﻟﺘﺴﺘﺸﺎﺭ ﰲ ﺃﻣﺮﻫﺎ.
ــــــــــ
) (1ﻛﺸﻒ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ،ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.68/1 ،
) (2ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ.263/1 ،
) (3ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ،ﺍﻵﻳﺔ.159:
113
-2ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻻ ﺟﻨﺎﺡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺇﻥ ﻃﻠﻘﺘﻢ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻤﺴﻮﻫﻦ ﺃﻭ ﺗﻔﺮﺿﻮﺍ ﻟﻬﻦ
ﻓﺮﻳﻀﺔ").(1ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﺟﻮﺍﺯ ﻃﻼﻕ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ،ﻭﻗﺒﻞ ﻓﺮﺽ ﺍﳌﻬﺮ
ﺃﻭ ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﰲ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﰒ ﻭﺍﳊﺮﺝ ﰲ ﺫﻟﻚ .ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺃ ﹼﻥ ﻋﻘﺪ
ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺻﺤﻴﺢ ﺩﻭﻥ ﺫﻛﺮ ﺍﳌﻬﺮ ﺃﺻﻼ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺯﻭﺍﺝ ﺻﺤﻴﺢ ﻗﺎﺋﻢ
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻻﺯﻡ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻘﺼﻮﺩﺍ ﻟﻠﺸﺎﺭﻉ ،ﺣﻴﺚ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻵﻳﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﻟﺒﻴﺎﻥ
ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻓﻜﻮﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻓﻬﻮ ﻣﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﻨﺺ؛ ﻭﺫﻟﻚ
ﻷ ﹼﻥ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻡ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﹼﺎﺯﻡ ﻭﺍﳌﻠﺰﻭﻡ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻓﺎﻟﻨﺺ ﺩﺍﻝ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻹﺷﺎﺭﻱ.
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ:
ﻟﻴﺴﺖ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻰ ﳕﻂ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺫﻫﻦ ﻭﺗﺒﺼﺮ ﺑﺴﻨﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﻛﻼﻣﻬﻢ
ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﻠﻴﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺣﻆ ﺃﻭ ﻧﺰﺭ ﻳﺴﲑ ﺑﻜﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻭﺟﻮﻫﻪ
ﻭﺍﳌﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﺰﻭﻡ ﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﻠﻔﺖ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﺩﻭﺭﺍﺎ ﺑﲔ
ﺐ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ،ﻓﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺼﺪﻳﺔ ﺇﻳﺬﺍﻥ ﺑﺈﺩﺭﺍﻙ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻭﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ،ﻭﺍﻟﺴﺒ
ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ.
ﻭﻗﺪ ﺃﻛﹼﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻠﻚ ":ﹼﰒ ﺇ ﹾﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻓﻴﻪ )ﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ
ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ( ﻳﺰﻭﻝ ﺑﺄﺩﱏ ﺗﺄﻣﻞ ﻳﻘﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻇﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻓﻜﺮ
ﻳﻘﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻏﺎﻣﻀﺔ").(2ﻓﺎﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﻭﺇﺗﻌﺎﺏ ﺫﻫﻦ
ﻭﺗﺒﺤﺮ ﰲ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﻭﲨﻞ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻣﺜﺎﳍﺎ "ﺃﺣ ﹼﻞ ﻟﻜﻢ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﺚ ﺇﻟﻰ ﻧﺴﺎﺋﻜﻢ
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.236:
) (2ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﺎﺭ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ،ﺍﳌﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ1315 ،ﻫـ،ﺹ.522
114
ﻦ ﻟﺒﺎﺱ ﻟﻜﻢ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻟﺒﺎﺱ ﻟﻬﻦ") ،(1ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﻵﻳﺔ ﺟﻮﺍﺯ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ
ﻫ
ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺻﺤﺔ ﺻﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﺻﺒﺢ ﺟﻨﺒﺎ.ﺃﻣﺎ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﺃﻭ ﺍﳋﻔﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﱵ
ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﻋﻘﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﺩﺭﺍﻳﺔ ﺑﻀﺮﻭﺏ ﻭﺳﻨﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﻛﻼﻣﻬﺎ ،ﻭﻣﺜﺎﳍﺎ ﻗﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺣﻤﻠﻪ ﻭﻓﺼﺎﻟﻪ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺷﻬﺮﺍ") ،(2ﻣﻊ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺍﺕ ﻳﺮﺿﻌﻦ
ﺃﻭﻻﺩﻫﻦ ﺣﻮﻟﻴﻦ ﻛﺎﻣﻠﻴﻦ") ،(3ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳉﻤﻊ ﺗﺒﻴﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺃﻗ ﹼﻞ
ﻣﺪﺓ ﺍﳊﻤﻞ ﺳﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ.
ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ:
ﺃﻭﻗﻔﻨﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻢ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ ﺍﳌﻄﺮﻭﺡ ﻟﺘﻤﺜﹼﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﻣﺎﻡ ﻧﻈﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻳﺒﺪﻭ
ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻆ ﻋﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﻼﺀﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ،ﺣﻴﺚ ﳒﺪ ﺃ ﹼﻥ
ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺮﺍﻛﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﻫﻮ ﺣﺮﺍﻙ ﻣﱪﺭ ﺇﺫ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺗﺜﺒﻴﺘﻬﺎ
ﻷﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻤﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ،ﻭﻣﻦ ﹼﰒ ﺇﻓﺮﺍﺯ ﺃﺳﺎﺱ ﻭﻣﻌﻴﺎﺭ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﻜﻴﻔﻴﺔ
ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺎ ﺍﳌﻌﺎﱐ.
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺪﻧﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﻴﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻭﺳﻴﻂ ﻭﻋﺘﺒﺔ ﳌﺎ ﻫﻮ
ﺃﻫﻢ؛ ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﻌﺎﱐ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﲎ -ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺍﳌﻔﺮﺩ ﺇﻋﺼﺎﻣﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﻣﻌﲎ ﻣﻘﺘﻀﻰ ،ﻭﻣﻌﲎ ﻣﻮﻣﺄ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻣﻌﲎ ﻣﺸﺎﺭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺑﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻓﺮﻭﻕ ،ﻭﺃﻫﻢ ﻓﺎﺭﻕ
ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌ ﺪ ﺷﺮﻃﺎ ﻟﺘﺤﻘﹼﻖ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻮﻣﺄ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻏﻴﺎﺑﻪ ﺷﺮﻁ
ﻟﺘﺤﻘﹼﻖ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﺰﻝ ﺯﻛﺮﻳﺎ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﺧﺘﺰﺍﻻ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻭﺟﺎﺯﺗﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﺃﻧﻪ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﻣﺆﺳﺲ ﻭﻳﻔﻲ ﺑﺎﳌﻄﻠﻮﺏ ،ﻳﻘﻮﻝ":ﺩﻻﻟﺔ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻣﻄﺎﺑﻘـﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺟﺰﺋﻪ ﺗﻀﻤﻦ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻻﺯﻣـﻪ ﺍﻟﺬﻫﲏ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﻭﺍﻷﺧﲑﺓ
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.187:
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﺣﻘﺎﻑ ،ﺍﻵﻳﺔ.15:
) (3ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.233:
115
ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ،ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﳝﺎﺀ؛ ﻷﻧﻪ ﺇﻥ ﺗﻮﻗﻒ ﺻﺪﻕ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ
ﺃﻭ ﺻﺤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﺿﻤﺎﺭ ﻓﺪﻻﻟﺔ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ،ﻭﺇﻟﹼﺎ ﻓﺈﻥ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻘﺼﺪ ﻓﺪﻻﻟﺔ ﺇﺷﺎﺭﺓ ،ﻭﺇﻟﹼﺎ
ﻓﺪﻻﻟﺔ ﺇﳝﺎﺀ") ،(1ﻭﺬﺍ ﲡﻠﹼﻰ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﻫﻮ ﺗﺼﻮﺭ
ﻣﺆﺳﺲ ﻭﻻ ﻳﻌﻮﺯﻩ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﳌﻌﺮﰲ.
ﺁﻟﻴﺔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﺳﺘﺸﻌﺎﺭ ﺍﳌﻌﲎ:
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻋﻼﻣﺔ ﺿﻤﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﲟﻨﻄﻮﻗﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺎﺛﻠﺔ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﻣﺪﺭﻛﺔ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ
ﺍﻟﻌﻘﻞ" ،ﻓﻤﺎ ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﻏﲑ ﳏﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ") (2ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ،ﻓﻬﻮ ﺇﺫﻥ
ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺩﺍﻟﺔ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻻ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﺎﻩ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻤﺘﻪ
ﺍﻹﺑﻼﻏﻴﺔ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﰲ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻭ ﳜﺎﻟﻔﻪ ﰲ ﺃﻧﻪ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﰲ
ﻏﲑ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ.
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﳌﺪﻟﻮﻝ:
ﻗﺪ ﺃﺳﻠﻔﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﺘﻤﻌﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻷﺻﻮﱄ
ﲞﺎﺻﺔ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻜﺸﻒ ﻟﻪ ﻭﻳﺘﺒﺪﻯ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺃﺑﻨﻴﺘﻪ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﳐﺰﻭﻥ ﻳﺒﻴﺢ ﺍﳉﺰﻡ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻛﻞ
ﺇﻓﺮﺍﺯﺍﻢ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ ﻭﲤﺜﹼﻞ ﻋﻤﻴﻖ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ
ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻓﻀﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﺜﹼﻞ ﺇﱃ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻛﻢ ﻣﻌﺮﰲ ﳛﺎﻛﻲ ﻭﻳﻀﺎﻫﻲ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﻣﻄﺮﻭﺡ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺇ ﹼﻥ ﲨﻠﺔ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻧﻠﺤﻈﻬﺎ ﻣﻮﺯﻋﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺠﻲ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺳﺒﺒﺎ ﻭﺟﻴﻬﺎ ﰲ
ﺗﻮﻃﹼﻦ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﳉﺪﻝ ﻭﺍﳊﺠﺎﺝ ،ﻭﻗﺪ ﶈﻨﺎ ﺻﻮﺭﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﻭﺍﳉﺪﻝ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﲑ ﰲ
ﺍﳌﺨﺎﺽ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﳌﻘﺪﻡ ﳌﺒﺪﺇ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ.
ــــــــــ
) (1ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻷﻧﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ،ﺯﻛﺮﻳﺎ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺆﻭﻑ ﻣﻔﻀﻲ
ﺧﺮﺍﺑﺸﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ،ﻁ،2007 ،1ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺹ.48
) (2ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ.66/3 ،
116
ﻓﻨﺠﺪ ﺃﻥ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻳﻠﺤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺒﻐﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮﻡ ،ﻭﳎﻤﻮﻋﺔ
ﺃﺧﺮﻯ ﻳﺄﻛﹼﺪﻭﻥ ﺻﺒﻐﺘﻪ ﺍﳌﺪﻟﻮﻟﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﱃ ﻓﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻳﻒ
ﺍﻟﻮﺍﲰﺔ ،ﺇﺫ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻣﻨﻮﻁ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺒﺄ ﺑﻪ ﺣﺪﻩ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ
ﺍﳊ ﺪ ﻛﻔﻴﻞ ﺃﻥ ﳚﻠﻲ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﺘﻨﻒ ﺃﻭ ﳛﻮﻡ ﺣﻮﻝ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﺍﳌﺒﺪﺇ ﻭﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ،ﻭﻗﺪ
ﻋﺮﻑ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻛﺎﻵﰐ:
_ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ :ﻋﺮﻑ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺑﺄﻧﻪ "ﻣﺎ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﻪ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ" ،ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎ":ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ
ﻣﻨﻄﻮﻗﺎ ﺑﻪ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻣﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﲰﺎﻩ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ").(1
_ ﻭﻳﻘﺘﺮﺏ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻵﻣﺪﻱ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﳉﻮﻳﲏ ،ﻓﻘﺪ ﺣﺪﻩ ﺑﺄﻧﻪ "ﻣﺎ ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﻏﲑ
ﳏﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ").(2
ﻭﺍﳌﻼﺣﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﲔ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻳﺸﺘﺮﻛﺎﻥ ﰲ ﻋﺪﻡ ﺟﻌﻞ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺩﻻﻟﺔ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻓﻬﻤﺎ
ﻭﺇﺷﻌﺎﺭﺍ ،ﻛﻤﺎ ﻧﻠﺤﻆ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻵﻣﺪﻱ ﺃﻛﺜﺮ ﺟﻼﺀ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺮﺑﻄﻪ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺑﻐﲑ ﳏﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ.
_ ﺃﻣﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻓﻌﺰﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻹﺷﻌﺎﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻓﺎﳌﻔﻬﻮﻡ ﻋﻨﺪﻩ "ﻣﺎ ﺩﻝﹼ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻻ ﰲ ﳏﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ" ،ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻀﺪ ﺍﻹﳚﻲ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﻭﺿﺢ ﻣﺎ ﻋﻨﺎﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ
ﻓﻘﺎﻝ":ﻣﺎ ﺩﻝﹼ ﻻ ﰲ ﳏﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ ،ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻤﺎ ﻟﻐﲑ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭ ﻭﺣﺎﻻ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ").(3
ﻓﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﺍﻻﺳﺘﺘﺒﺎﻉ ﺍﳉﺪﱄ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ ﻣﻜﻤﻦ
ﺍﻻﺋﺘﻼﻑ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﺗﺼﻮﺭ ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ ،ﻣﺎ ﻧﺴﺘﺸﻔﹼﻪ ﻣﻦ ﺍﺋﺘﻼﻑ ﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻳﺴﺘﻨﺪ
ﰲ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﺇﺫ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻪ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻠﻔﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ﻳﺄﻛﹼﺪ ﺃ ﹼﻥ
"ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻳﺘﻘﺎﺿﺎﳘﺎ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﲟﻔﻬﻮﻣﻪ").(4
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ،ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ،ﻣﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺪﻭﺣﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ،ﻁ1399،1ﻫـ ،ﻗﻄﺮ.448/1،
) (2ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ.66/3 ،
) (3ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ﻣﻊ ﺷﺮﺣﻪ ﻭﺣﻮﺍﺷﻴﻪ ،ﺍﻹﳚﻲ.171/2 ،
) (4ﺷﺮﺡ ﺗﻨﻘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ،ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ،ﺹ.50
117
ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﱃ ﺍﻓﺘﺮﺍﻕ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ،ﻓﺎﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﺭﺑﻂ
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺑﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺃﻣﺎ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﻭﺍﻵﻣﺪﻱ ﻓﺮﺑﻄﺎﻩ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻹﺷﻌﺎﺭ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﻣﺎ
ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﻣﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻳﻌﻮﺩ
ﺇﱃ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﻫﻢ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﳒﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺑﺮﻭﺯ ﻣﻌﻴﺎﺭ
ﺣﺎﺩﺙ ﻣﻘﺘﻀﺎﻩ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﶈﻞ ،ﻭﻣﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻫﻮ ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻘﻂ.
ﻭﺬﺍ ﺍﳒﻠﻰ ﻟﻠﻌﻴﺎﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺆﺩﺍﻫﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻻ ﳜﻠﻮ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﰲ ﻋﺮﺽ
ﻭﺑﺴﻂ ﺗﺼﻮﺭﺍﺗﻪ ﻭﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻧﲔ ﺍﳉﺪﻝ ﺍﳌﻌﺮﰲ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻧﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺮﻙ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ
ﺑﻌﺎﻣﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺋﻪ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻣﻨﻄﻖ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻓﻨﻠﻔﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ
ﲤﻴﻴﺰ ﻭﺍﺿﺢ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ -ﺃﻭ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ -ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺆﻭﻝ ﺇﱃ ﺍﻧﺼﻬﺎﺭ ﰲ
ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ؛ ﲟﻌﲎ ﻻ ﻧﻠﻔﻲ ﲰﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﻃﺆ ﺑﺎﺭﺯﺓ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻧﻠﺤﻆ ﻣﺸﺎﺣﺔ ﰲ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺁﻟﺖ ﺇﱃ ﻣﺸﺎﺣﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﱐ.
ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺗﺄﺻﻞ ﺃﻥ ﻣﺴﻠﻚ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺴﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻛﻦ ﺇﱃ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻳﺴﺘﻌﻴﺾ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻛﹼﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﺑﻘﻮﻟﻪ ":ﺍﻋﻠﻢ
ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻮﻉ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﳏﻠﻪ ،ﻛﺘﺤﺮﱘ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﺎﻟﺘﺤﺮﱘ ﻣﺜﺎﻝ
ﻟﻠﺤﻜﻢ ،ﻭﺿﺮﺏ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺜﺎﻝ ﶈﻠﻪ ،ﻭﻳﻄﻠﻖ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻭﻫﻮ
ﺍﻟﺸﺎﺋﻊ ،ﻭﺇﻃﻼﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺣﺪﻩ ﻫﻮ ﺍﻷﻛﺜﺮ") .(1ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺩﻻﻟﺔ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻏﲑ ﻣﻨﻄﻮﻕ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺠﺎﺩ ﺑﻪ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻟﻨﺠﺎﺡ
ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ.
ــــــــــ
) (1ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺒﻨﻮﺩ ،ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ.94/1 ،
118
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ:
ﱂ ﻳﻐﻔﻞ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﺷﺞ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻨﺠﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﻭﲤﺎﺛﻞ
ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻠﻤﺢ ﺑﺴﻄﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ﻧﺎﺯﻋﺎ ﳓﻮ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺍﳌﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ﻣﻨﻬﺎ
ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﻚ ﺃ ﹼﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺴﻂ ﻧﻔﺎﺫﺍ ﺃﻭ ﺑﺼﲑﺓ ﻭﺇﺛﺮﺍﺀ ﻟﻠﻄﺮﺡ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﻛﺒﺤﺎ ﻟﻠﺠﺎﻡ
ﺍﻟﺘﻔﻠﺖ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺇﺧﻀﺎﻉ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﺇﻳﻬﺎﻣﺎ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻭﺣﱴ ﻋﻠﻰ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﲢﺖ ﳎﻬﺮ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻣﻄﻠﺒﺎ ﻣﻠﺤﺎ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﺄ.
ﻭﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻭﺩﻗﹼﻘﻮﺍ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺑﲔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﻭﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ،ﻭﺷﻬﺎﺩﻢ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻋﺮﻓﺖ ﺛﻼﺛﺔ ﺍﲡﺎﻫﺎﺕ:
ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻷﻭﻝ:
ﳝﺜﹼﻠﻪ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻭﺍﻟﺒﻴﻀﺎﻭﻱ ،ﻭﻗﺪ ﺍﻫﺘﺪﻳﺎ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ
ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻴﺜﻴﺔ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺬﻱ
ﻻ ﻳﻨﻔﻚ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻗﺮﺭﺍ ﺃ ﹼﻥ ﲦﺔ ﻓﺎﺭﻗﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻻﺯﻡ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺃﻱ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﺍﳌﺮﻛﹼﺒﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ
ﻻﺯﻡ ﻋﻦ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ).(1
ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻔﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﳒﺪ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻛﺜﺮ ﳕﺎﺀ ﻭﻧﺒﺎﻫﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﺮﺍﰲ
ﻣﺜﻼ ﺍﺭﺗﻀﻰ ﺗﺄﻭﻳﻼ ﺁﺧﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺗﻮﺍﻓﻘﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻜﺎﺷﻒ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﰲ
ﺑﺴﻂ ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻟﻴﱪﻫﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﺫ ﺗﺆﺩﻱ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ
ﺺ ﰲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻓﻬﻲ ﺭﻫﻴﻨﺔ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﻮﻳﻬﺎ ﺃﻭ ﺗﻜﺘﻨﻔﻪ .ﻓﻘﺎﻝ ﻭﻧ
ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ":ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ﲞﻼﻑ ﺩﻟﻴﻞ ﺍﳋﻄـﺎﺏ ﻭﻓﺤـﻮﺍﻩ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﳘﺎ ﻣﻔﻬـﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻠﻔﻆ
ــــــــــ
) (1ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﻭﻱ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ،ﻁ1370،1ﻫـ.38-311/1،
119
ﻳﺘﻘﺎﺿﺎﳘﺎ ﲟﻔﻬﻮﻣﻪ")(1؛ ﲟﻌﲎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﲝﺎﻝ ﺇﻟﹼﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ
ﻛﻼﻣﺎ ﻣﻀﻤﺮﺍ ﺃﻭ ﳏﺬﻭﻓﺎ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻫﻮ ﻣﻌﲎ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﲦﺔ ﻟﻔﻆ
ﻣﻨﻄﻮﻕ ﳛﻤﻞ ﻣﻌﲎ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻭﳍﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺩﻻﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﳐﺒﻮﺀﺓ ﻭﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ
ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ.
ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:
ﳝﺜﹼﻠﻪ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻌﻄﹼﺎﺭ ﰲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺍﳉﻼﻝ ﺍﶈﻠﹼﻲ ،ﺃﺛﺒﺖ ﺃ ﹼﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻟﻴﺴﺖ
ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﰲ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺇﱃ ﻓﻬﻢ
ﺍﻟﻜﺜﲑ ﺃﻭ ﺍﳌﺴﺎﻭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭ) ،(2ﻭﺬﺍ ﻳﻨﺘﻔﻲ ﻋﻨﺪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ
ﺩﺧﻮﻝ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﲢﺖ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩﺓ ﻣﻦ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻭﺗﻀﻤﻦ ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﺑﻞ ﺩﻻﻟﺘﻪ
ﺇﺫ ﺫﺍﻙ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﳉﺰﺀ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻞ ﺃﻡ ﺍﻟﻌﻜﺲ.ﻭﺬﺍ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ:
-1ﻟﻠﻤﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻣﻌﲎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﳏﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ ،ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﺬﻛﻮﺭﺍ
ﻓﻴﻪ ،ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﲎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﻏﲑ ﳏﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ.
-2ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﺍﳌﻌﲎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻓﺎﻟﻠﻔﻆ ﻳﺘﻘﺎﺿﺎﻩ ﲟﻔﻬﻮﻣﻪ.
-3ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﹼﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻻ ﺻﺤﺘﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ
ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻓﻴﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺻﺤﺘﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ.
-4ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻗﺪ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻏﲑ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ ،ﺃﻣﺎ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻓﻐﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ -ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ.
-5ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﻭﻗﺪ ﻭﲰﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳉﻠﻲ) ،(3ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﰲ ﻣﻌﲎ
ﺍﻷﺻﻞ ،ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻓﻼ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﻗﻴﺎﺱ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺩﻭﻥ
ــــــــــ
) (1ﺷﺮﺡ ﺗﻨﻘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ،ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ،ﺹ.50
) (2ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻌﻄﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﻟﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ.317/1،
) (3ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ،ﲢـ:ﺃﲪﺪ ﳏﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.513-512-
120
ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﰲ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻻﺳﺘﻜﻨﺎﻩ ﻭﺍﺳﺘﺒﺎﺭ ﺍﳌﻌﲎ.
--6ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺩﻻﻟﺔ ﻟﻔﻈﻴﺔ ﳎﺎﺯﻳﺔ ،ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻓﺪﻻﻟﺘﻪ ﻟﻔﻈﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ
ﺗﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻭ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ).(1
ﺃﲰﺎﺀ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ:
ﺇﺫﺍ ﻋﻤﺪ ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﲰﺔ ﺍﳌﺴﺘﻨﺒﺘﺔ ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺎﺕ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻭﺍﺳﺘﻜﻨﻪ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﲟﺠﻬﺮ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ؛ ﺗﺴﻨﻰ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﻖ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﺘﺮﺍﺳﺎ ﳛﻴﻞ ﻋﻠﻰ
ﳕﻮﺫﺝ ﺍﳌﻮﺍﺻﻔﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻨﻔﻚ ﻳﺘﺠﺎﺫﺏ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺑﲔ ﻣﱰﻟﺔ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳋﺎﻟﺺ
ﻭﻣﱰﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﳌﻌﺮﰲ.ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻃﺮﺣﻪ ﺍﳌﻨﻈﹼﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﻫﻮ ﳛﺎﻭﻝ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳌﻌﲎ
ﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﻌﺼﺎﺀ ﻭﻻ ﺍﻧﺘﻘﺎﺹ ،ﻓﻘﺪ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﺇﱃ ﺗﻌﺪﺩﻳﺔ ﻭﺗﻨﻮﻉ ﺃﲰﺎﺀ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺃﻗﺴﺎﻣﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ
ﺗﻨﻮﻉ ﺍﳌﻨﺎﻫﺞ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﻛﺬﺍ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﺳﻘﺎﻁ.
ﻓﺎﻵﻣﺪﻱ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻓﺤﻮﻯ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﳊﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻣﻦ ﻏﲑ ﲤﻴﻴﺰ ﺑﲔ
ﺍﻟﻘﺴﻤﲔ)،(2ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ)،(3ﺃﻣﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻓﻴﺨﺺ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺑﺎﻷﻭﱃ ﺑﺎﺳﻢ ﻓﺤﻮﻯ
ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺑﺎﳌﺴﺎﻭﻱ ﺑﺎﺳﻢ ﳊﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ) ،(4ﻭﺗﺎﺑﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ﰲ
ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ،ﻓﻘﺎﻝ":ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﻣﻮﺍﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻠﻔﻮﻅ ﺑﻪ ،ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ
ﺃﻭﱃ ﺑﺎﳊﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﻪ ﻳﺴﻤﻰ ﻓﺤﻮﻯ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺎﻭﻳﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﳊﻦ
ﺍﳋﻄﺎﺏ").(5
ــــــــــ
) (1ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻻﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺍﳌﻘﺪﺳﻲ ،ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﲢـ :ﺃﺑﻮ ﺣﻔﺺ
ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻴﻘﲔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1999ﺹ.251
) (2ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ.69-68-67/3 ،
) (3ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ.172/2 ،
) (4ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﻭﺷﺮﺡ ﺍﶈﻠﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻨﺎﱐ ،ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .241/1 ،
) (5ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﲢـ:ﺃﰊ ﻣﺼﻌﺐ ﳏﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﺪﺭﻱ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻁ ،8ﺳﻨﺔ2007
ﺹ.302
121
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺮﻭﺿﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﻤﻲ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎ) ،(1ﰲ ﺣﲔ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ
)(2
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﻢ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺺ ،ﺃﻣﺎ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻓﻴﺴﻤﻲ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺑﺎﻷﻭﱃ ﻓﺤﻮﻯ ﺍﳋﻄﺎﺏ
ﲏ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﲰﺎﺋﻬﺎ ،ﹼﰒ ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻐﲑﻩ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻣﻨﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﻭﻣﺒ
)(3
ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﺎﻭﺭﺩﻱ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﺤﻮﻯ ﻭﺍﻟﻠﺤﻦ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﲔ:
-ﺃﺣﺪﳘﺎ :ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﺤﻮﻯ ﻣﺎ ﻧﺒﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﺍﻟﻠﺤﻦ ﻣﺎ ﻻﺡ ﰲ ﺍﻟﻠﻔﻆ.
-ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ :ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﺤﻮﻯ ﻣﺎ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺍﻟﻠﹼﺤﻦ ﻣﺎ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻠﻪ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻧﻠﺤﻆ ﻋﺪﻭﻻ ﻋﻦ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺇﺫﻋﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﺇﱃ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻧﺎﲡﺔ ﻭﻣﻮﻟﹼﺪﺓ
ﺗﺮﻭﻡ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﺸﻜﻠﻲ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ،ﻭﺗﺆﻛﹼﺪ ﰲ ﺍﻵﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﱪﺓ ﺑﺎﳌﻌﺎﱐ
ﻻ ﺑﺎﻟﻘﻮﺍﻟﺐ .ﻭﻻ ﺿﲑ ﺃﻥ ﻧﺮﺳﻢ ﺧﺎﺭﻃﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮﻡ ﻛﻤﺎ ﺍﺭﺗﺂﻫﺎ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ
ﺗﺘﻀﺢ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺃﻥ ﻧﺜﺒﺖ ﻫﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺇﺫ ﳜﻀﻊ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﰲ ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻭﺗﺸﻜﹼﻠﻪ ﻓﻬﻮ
ﻳﻈﻞ ﺭﻛﺎﻣﺎ ﻭﻣﻨﻮﺍﻻ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺎ ﻭﳎﺎﻻ ﻟﺘﺤﺮﻙ ﺍﺘﻬﺪ ﻭﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻭﺍﳌﻔﺴﺮ ﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ
ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ،ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﺎﻍ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻓﻖ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻭﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ.
ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ:
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ:
ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ "ﻓﻬﻢ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﻭﻣﻘﺼﻮﺩﻩ") ،(4ﺃﻭ ﻫﻮ " ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﻟﻮﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﳏﻞ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻣﻮﺍﻓﻘﺎ ﳌﺪﻟﻮﻟﻪ ﰲ ﳏﻞ
ﺍﻟﻨﻄﻖ") ،(5ﻓﻬﻮ ﺇﺫ ﺫﺍﻙ ﻣﻌﲎ ﻣﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﻪ ،ﻭﻳﻨﻘﺴﻢ ﺇﱃ ﻗﺴﻤﲔ:
ــــــــــ
) (1ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻭﺟﻨﺔ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ،ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺍﳌﻘﺪﺳﻲ ،ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ1391 ،ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.138
) (2ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.191-186/2 ،
) (3ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.178
) (4ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.190/2 ،
) (5ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ.66/3 ،
122
)(1
ﻓﺤﻮﻯ ﺍﳋﻄﺎﺏ:
ﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻓﻴﻪ ﺃﻭﱃ ﺑﺎﳊﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﻛﻔﻬﻢ ﲢﺮﱘ ﺍﻟﺸﺘﻢ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﻦ
ﻑ").(2ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﻵﻳﺔ ﲢﺮﱘ ﺍﻟﺘﺄﻓﻴﻒ ،ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ )ﻓﺤﻮﻯﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻓﻼ ﺗﻘﻞ ﻟﻬﻤﺎ ﺃ
ﺍﳋﻄﺎﺏ( ﲢﺮﱘ ﺍﻟﺸﺘﻢ ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﺃﻭﱃ ﻣﻦ ﲢﺮﱘ ﺍﻟﺘﺄﻓﻴﻒ ؛ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﺃﺷﺪ.
)(3
ﳊﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ:
ﻥ
ﻫﻮ ﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮﻡ ﻛﺜﺒﻮﺗﻪ ﻟﻠﻤﻨﻄﻮﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ ،ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﺇ ﹼ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﻛﻠﻮﻥ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ ﻇﻠﻤﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺄﻛﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻧﻬﻢ ﻧﺎﺭﺍ") ،(4ﻣﻨﻄﻮﻗﻪ
ﲢﺮﱘ ﺃﻛﻞ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ ،ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﻪ )ﳊﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ( ﲢﺮﱘ ﺇﺣﺮﺍﻕ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ
ﻱ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻠﻒ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺴﺎﻭ ﻟﻸﻛﻞ ﻭﺍﻹﺗﻼﻑ. ﺃﻭ ﺇﺿﺎﻋﺘﻬﺎ ﺑﺄ
ﻭﺗﺴﻤﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﲟﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﺳﺒﺒﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ
ﺑﻪ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ ،ﻭﺇﻥ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻓﺤﻮﻯ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻭﺳﺎﻭﺍﻩ ﰲ ﳊﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﻴﻪ
ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ،ﻭﲰﻴﺖ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎ ﻷ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻠﻘﹼﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻳﺘﻨﺒﻪ ﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ
)(5
ﺑﻪ ﻭﻗﺪ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﻣﻦ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺍﻵﰐ:
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻷﻭﱃ :ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﺎﻷﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﱏ ،ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ"ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻞ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﺇﻥ ﺗﺄﻣﻨﻪ ﺑﻘﻨﻄﺎﺭ ﻳﺆﺩﻩ ﺇﻟﻴﻚ") ،(6ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺗﺄﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﻨﻄﺎﺭ
ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻷﺩﱏ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﻗﻨﻄﺎﺭ ﻳﺆﺩﻩ ﺇﻟﻴﻚ.
ــــــــــ
) (1ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺣﻘﹼﻘﻪ ﻭﻋﻠﹼﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﳏﻤﺪ
ﺻﺒﺤﻲ ﺣﺴﻦ ﺣﻠﹼﺎﻕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،2003ﺹ.589
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ،ﺍﻵﻳﺔ.23:
) (3ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.589
) (4ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ،ﺍﻵﻳﺔ.10:
.519/1 ) (5ﻳﻨﻈﺮ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ،ﺩ.ﳏﻤﺪ ﺃﺩﻳﺐ ﺻﺎﱀ ،ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ،ﻁ1984 ،3
) (6ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ،ﺍﻵﻳﺔ.75:
123
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﺎﻷﺩﱏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻠﻰ ،ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ
ﺇﻥ ﺗﺄﻣﻨﻪ ﺑﺪﻳﻨﺎﺭ ﻻ ﻳﺆﺩﻩ ﺇﻟﻴﻚ") ،(1ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻷﺩﱏ ﻋﺪﻡ ﺗﺄﺩﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﺭ ،ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻻ ﻳﺆﺩﻩ ﺇﻟﻴﻚ.
ﺇ ﹼﻥ ﲢﺮﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻢ ﺍﳌﺪﺭﻙ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺼﻴﺎﻉ
ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻸﺻﻮﱄ ،ﻭﻣﺎ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺔ ﺇﻟﹼﺎ ﺃﻛﱪ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﻣﺒﺎﺩﺋﻬﻢ ﺩﻭﻥ
ﺗﻔﻠﹼﺖ ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﻘﹼﺐ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﹼﰎ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻯ ﻻ
ﲣﻀﻊ ﰲ ﺗﻮﻟﹼﺪﻫﺎ ﻟﻸﺣﻜﺎﻡ ﺍﳉﺰﺍﻓﻴﺔ ﻭﻻ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺭﺅﻯ ﺗﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ
ﻭﺻﺮﻳﺢ ﺑﺄﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺗﻴﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﻟﺘﺒﺼﺮ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﲡﺬﹼﺭ ﰲ ﻋﻘﻮﳍﻢ ﻋﻠﻰ
ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﲣﻀﻊ ﻟﻪ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﺒﺎﺷﺮﺎ ﻭﳑﺎﺭﺳﺘﻬﺎ ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﺳﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ
ﻭﺣﱴ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ.
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ:
ﻋﺮﻑ ﺍﻵﻣﺪﻱ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﺄﻧﻪ "ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﻟﻮﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻓﻴﻪ ﳐﺎﻟﻔﺎ
ﳌﺪﻟﻮﻟﻪ ﰲ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ") ،(2ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺒﺖ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺋﻤﺔ ﲝﻜﻢ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺃﺩﺭﻛﻨﺎ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺎ ﰲ ﺍﳌﻌﻠﻮﻓﺔ.
ﺃ-ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ":ﰲ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﺍﻟﺴﺎﺋﻤﺔ ﺯﻛﺎﺓ".
ﺏ-ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ":ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻓﺔ ﺯﻛﺎﺓ".
ﻭﺬﺍ ﺗﻘﺮﺭ ﰲ ﻋﺮﻑ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺃ ﹼﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺷﺘﺮﺍﻙ ﺣﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ
ﺑﻪ ﻭﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﰲ ﻣﻌﲎ ﻳﺪﺭﻙ ﲟﺠﺮﺩ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺩﻭﻥ ﲝﺚ ﺃﻭ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﺃﻭ ﻗﻴﺪ ،ﲞﻼﻑ
ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻡ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻭﺍﻗﻊ ﺑﲔ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﻪ ﻭ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ
ﻭﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﱃ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺒﺤﺚ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﻗﻴﺪ.
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ،ﺍﻵﻳﺔ.75:
) (2ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ.66/3 ،
124
ﺃﻗﺴﺎﻡ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ:
ﺍﳌﻼﺣﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻰ ﰲ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻔﺮﺯﻩ
ﻭﺗﻄﺮﺣﻪ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﲎ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺴﺘﺸﻌﺮ ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﰲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻏﲑ ﺍﳌﻮﺍﻓﻖ ،ﻓﺎﺘﻬﺪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻗﺎﺭﺋﺎ ﺧﺒﲑﺍ ﻟﻠﻨﺺ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺮﻭﻡ
ﺍﲣﺎﺫ ﻗﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻹﺑﻼﻏﻲ ﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻻﺑ ﺪ ﺃﻥ
ﳝﺘﻠﻚ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﺎﻟﺸﺮﻁ ،ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﻠﻘﺐ ،ﺗﻜﻮﻥ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﺑﲎ ﺗﻮﺍﺻﻠﻴﺔ
ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺸﻒ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ.
ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﲤﻠﹼﻚ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﲢﺮﻳﻚ
ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ-ﳝﻜﻨﻪ ﻓﻚ ﺷﻔﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻭﺍﳌﻌﲎ
ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻭﻟﺘﻴﺴﲑ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻬﺎﻡ ﲪﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻋﱮﺀ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﻱ ﻟﻌ ﹼﻞ
ﺍﻹﻋﻮﺍﺯ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺺ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﻭﻳﻨﺪﺛﺮ ﻓﻴﺘﺤﻘﹼﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ.
1-1ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺼﻔﺔ:
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﳌﻨﺪﺭﺟﺔ ﺿﻤﻦ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻭﻫﻮ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﲎ
ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺕ ﻧﻘﻴﺾ ﺣﻜﻤﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﺼﻔﺔ) ،(1ﻣﻊ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺃﻥﹼ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻟﻴﺲ ﺧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻨﻌﺖ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﺸﺮﻁ ،ﻭﻻ ﻋﺪﺩ ،ﻭﻻ ﻏﺎﻳﺔ ،ﻭﻻ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ،ﻭﻣﻨﻮﺍﻟﻪ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ
ﻛﺎﻵﰐ:
"ﻳﺎﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺇﻥ ﺟﺎﺀﻛﻢ ﻓﺎﺳﻖ ﺑﻨﺒﺈ ﻓﺘﺒﻴﻨﻮﺍ").(2 ﺃ-
ﺏ -ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ :ﺍﻟﺘﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﱪ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ.
ﺕ -ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺼﻔﺔ :ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀﻛﻢ ﻋﺪﻝ ﺛﺒﺖ ﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﺘﺒﻴﻦ .ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﺴﻮﻕ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻫﺒﺔ ﺍﻟﺰﺣﻴﻠﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1998ﺑﲑﻭﺕ.362/1 ،
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳊﺠﺮﺍﺕ ،ﺍﻵﻳﺔ.06:
125
ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻣﻌﺘﱪ ﻟﺪﻯ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻓﺈﻧﻪ ﱂ ﳜﻞ ﻣﻦ ﻧﻘﺪ
ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺇﱃ ﻧﻔﻴﻪ ﻭﺳﻠﺐ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺍﻹﺑﻼﻏﻴﺔ ،ﻭﺍﻋﺘﻤﺪﻭﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ
ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻋﻘﻠﻲ ﳏﺾ ،ﻣﺆﺩﺍﻩ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺩﺍﻟﹼﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ
ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺇﻣﺎ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ،ﺃﻭ ﺗﻀﻤﻦ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺪ ﹼﻝ ﺑﺄﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ
ﻷ ﹼﻥ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻋﲔ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ
ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ،ﻭﻻ ﺟﺰﺃﻩ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻀﻤﻨﺎ ﻭﻻ ﻻﺯﻣﻪ ،ﺣﻴﺚ ﺇ ﹼﻥ ﺷﺮﻁ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺳﺒﻖ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ
ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺇﳚﺎﺏ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺋﻤﺔ ﻣﻊ ﻏﻔﻠﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﻠﻮﻓﺔ ،ﻭﻋﻦ
ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺏ ﺯﻛﺎﺎ ،ﻓﻼ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺳﺒﻖ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﺬﻫﻦ).(1
ﻭﻣﻊ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﰲ ﻋﺮﺽ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺇﱃ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻃﺮﺡ
ﱂ ﻳﺴﻠﻢ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ،ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﻭﻱ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﺎﻟﺪﻻﻟﺔ
ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻣﻴﺔ) ،(2ﻓﻜﻤﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳌﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻋﻨﺪ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﳊﻜﻢ
ﻋﻨﺪ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﻓﻤﺪﻟﻮﻝ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﺪﻟﻮﻝ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻲ ،ﺃﻣﺎ ﻓﻜﺮﺓ ﺃ ﹼﻥ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﻟﻌﺪﻡ
ﺷﺮﻃﻪ ﻓﻐﲑ ﻻﺯﻣﺔ ﻫﻨﺎ؛ ﺫﻟﻚ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﻟﺰﻭﻣﺎﻥ ،ﻟﺰﻭﻡ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻷﻋﻢ ،ﻭﻟﺰﻭﻡ ﺑﺎﳌﻌﲎ
ﺍﻷﺧﺺ ،ﻭﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﺍﳌﻌﺘﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺰﻭﻡ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻷﺧﺺ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﲔ ﲞﻼﻑ
ﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻷﻋﻢ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ؛ ﺫﻟﻚ ﻷ ﹼﻥ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺔ
ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺻﻒ ،ﻓﻴﻨﺘﻘﻞ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺇﱃ ﻋﺪﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻨﺪ ﻋﺪﻡ ﻋﻠﺘﻪ.
ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻣﺴﺎﻭﻳﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻝ؛ ﺃﻱ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻪ ﺳﻮﺍﻫﺎ ،ﲞﻼﻑ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ
ﺍﳌﻌﻠﻮﻝ ﺃﻋﻢ ،ﲝﻴﺚ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻋﻠﺘﺎﻥ ،ﻓﺎﳊﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻌﻠﻮﻝ ﺗﺜﺒﺖ ﺗﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ،ﻭﺗــﺎﺭﺓ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ،ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺻﺒﻴﺢ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.320/1 ،
) (2ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﻭﻱ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ 1370ﻫـ
.311/ 1
126
ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻣﺜﻼ ،ﻭﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻷﺧﺺ ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻷﻋﻢ ﳉﻮﺍﺯ ﺛﺒﻮﺗﻪ ﺑﻌﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ
ﻭﺬﺍ ﺗﺒﺪﻯ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻲ ﻳﺪﺭﻙ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ
ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻭﺻﻒ ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻟﻘﻴﺪ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﺸﺮﻁ ﻭﻻ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﻻ ﻋﺪﺩ ﻭﻻ ﺣﺼﺮ.
2-2ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻁ:
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﰲ ﻋﺮﻑ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ "ﻣﺎ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﳊﺮﻓﲔ ﺇﻥ ﻭ ﺇﺫﺍ ،ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻣﻬﻤﺎ
ﳑﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﺒﻴﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻣﺴﺒﺒﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ") ،(1ﻭﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ "ﻣﺎ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﳌﺸﺮﻭﻁ ،ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﺧﻼ ﻭﻻ ﻣﺆﺛﺮﺍ ﻓﻴﻪ") ،(2ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻓﻬﻮ"ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ﺃﻭ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻔﻴﺪ ﳊﻜﻢ ﻣﻌﻠﹼﻖ ﺑﺸﺮﻁ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺕ ﻧﻘﻴﺾ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﻋﻨﺪ
ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺸﺮﻁ") ،(3ﻓﻬﻮ ﺇﺫﻥ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺩﺍﻟﺔ ﲣﺎﻟﻒ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﺗﺴﺘﻨﺪ ﰲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ
ﻋﻨﻪ ﺇﱃ ﺻﻨﻒ ﻣﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻳﺪﻋﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﺑﺎﻟﺸﺮﻁ ،ﺇﺫ ﺑﻪ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ
ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻭﺍﳌﺨﺒﻮﺀ ﺧﻠﻒ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ:
ﻦ").(4
ﻦ ﺃﻭﻻﺕ ﺣﻤﻞ ﻓﺄﻧﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬ ﻥﻛ ﺃ" -ﻭﺇ ﹾ
ﺏ-ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ :ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻔﻘﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻄﻠﹼﻘﺔ ﻃﻼﻗﺎ ﺑﺎﺋﻨﺎ.
ﺝ-ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ)ﺍﻟﺸﺮﻁ( :ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺘﺪﺓ ﻏﲑ ﺍﳊﺎﻣﻞ.
ﻭﺍﻟﺸﺮﻁ ﻇﺎﻫﺮ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ":ﺇﻥ".
ــــــــــ
) (1ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻫﺒﺔ ﺍﻟﺰﺣﻴﻠﻲ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1998ﺑﲑﻭﺕ.363/1 ،
) (2ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.598
) (3ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﺒﲑ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ،ﺍﺑﻦ ﺃﻣﲑ ﺍﳊﺎﺝ ﺍﳊﻠﱯ ،ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻣﲑﻳﺔ ،ﺳﻨﺔ 1316ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ
.116/1
) (4ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻄﻼﻕ ،ﺍﻵﻳﺔ.06:
127
ﺍﳋﻼﻑ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺣﻮﻝ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻁ:
ﺇ ﹼﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﺗﻔﺮﺿﻪ ﻛﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻌﺮﻳﻔﻴﺔ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺣﺮﺻﺖ ﻋﻠﻰ ﴰﻮﻝ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﲟﺎ
ﳚﻌﻠﻪ ﳏﻴﻄﺎ ﺑﺎﳉﻤﻊ ﻭﳑﻴﺰﺍ ﺑﺎﳌﻨﻊ ﻫﻮ ﺃﻥ ﲢﺼﺮ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﺧﻠﻒ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻻﺳﺘﻨﺎﺩ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺇﱃ ﲨﻠﺔ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﳌﺜﺒﺔ ﰲ ﺍﳊ ﺪ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ ،ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺘﻬﻴﺄ ﳍﺎ
ﺫﻟﻚ ﲢﺎﻭﻝ ﺗﺪﻟﻴﻞ ﻭﻣﻌﺎﳉﺔ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﺗﺸﻜﻴﻜﺎ ﻭﻧﻘﺪﺍ ﻟﻠﻤﻌﻴﺎﺭ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﺗﻜﻮﻧﻪ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﳌﺴﻨﺎﻩ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﺇﺫ ﻧﻔﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻷﺧﺬ
ﲟﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﻥ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻃﺮﺍﺩ ﰲ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮﻁ
ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﻻ ﺗﻜﺮﻫﻮﺍ ﻓﺘﻴﺎﺗﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﹺﻐﺎﺀ ﺇﻥ ﺃﺭﺩﻥ ﺗﺤﺼﻨﺎ") ،(1ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ
ﺗﺪ ﹼﻝ ﲟﻨﻄﻮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ ،ﻭﻟﻮ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ ﻣﻔﻬﻮﻡ
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻟﺼﺎﺭ ﺍﳌﻌﲎ ﺟﻮﺍﺯ ﺇﻛﺮﺍﻫﻬﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻐﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﻋﺪﻡ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻏﲑ
ﻣﻘﺒﻮﻝ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﳏﺮﻡ).(2
ﻭﺗﺄﺳﻴﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻔﻲ ﺑﺎﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻁ
ﻭﻳﺜﺒﺖ ﻧﻘﻴﻀﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﳏﺬﻭﺭ ﻭﳏﻀﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻭﻗﺪ ﺃﺟﺎﺏ ﻣﺜﺒﺘﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻁ
)(3
ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﲔ:
-ﺍﻷﻭﱃ :ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﰲ ﺍﻵﻳﺔ ﱂ ﻳﺮﺩ ﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺪﻭﺭ ﻣﻌﻪ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﻭﻋﺪﻣﺎ
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺟﺮﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻏﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ،ﺇﺫ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻜﺮﻫﻮﻥ
ﻓﺘﻴﺎﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻐﺎﺀ ﻣﻊ ﺇﺭﺍﺩ ﻦ ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ ،ﻭﺷﺮﻁ ﻫﺬﺍ ﺷﺄﻧﻪ ﻻ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻟﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺃﻥ
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻮﺭ ،ﺍﻵﻳﺔ.33:
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ .68-67/3 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺷﺮﺡ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ،ﺍﻟﻌﻀﺪ .181/2 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﶈﺼﻮﻝ
ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ.181/2 ،
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﺷﺮﺡ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ.181/2 ،
128
ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺼﻮﻳﺮﺍ ﳊﺎﻝ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
-ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺃ ﹼﻥ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻏﲑ ﻣﺘﺼﻮﺭ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﺮﻓﺾ
ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻓﻼ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺇﻛﺮﺍﻫﻬﺎ
ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺘﱪ ﰲ ﺍﻵﻳﺔ ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﰲ ﺣﺎﻝ ﻋﺪﻡ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺮﺗﻘﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺗﺼﺎﻋﺪﻳﺎ ﻣﺴﺘﻜﺸﻔﺎ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺳﺒﻞ
ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﻗﻴﻤﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﲰﺖ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳋﺎﻟﺺ
ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺗﻼﻗﺢ ﺑﲔ ﺃﳕﺎﻁ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺍﻟﻨﺺ ﻹﺧﺼﺎﺏ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺍﻟﻘﺼﺪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﻣﺴﻠﹼﻤﺔ
ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﺼﺎﺋﺐ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ.
3-3ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ:
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻫﻮ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﹸﻗﻴﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺕ ﻧﻘﻴﺾ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ
ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ) ،(1ﻭﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻔﻈﺎﻥ ﺩﺍﻻﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ "ﺇﱃ ﻭﺣﺘﻰ".
ﺃ"-ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ ،ﺍﻟﺼﱯ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻠﻎ ،ﻭﺍﻨﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻴﻖ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ").(2
ﺏ-ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ :ﻋﺪﻡ ﻣﺆﺍﺧﺬﺓ ﺍﻟﺼﱯ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻠﻎ ،ﻭﺍﻨﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻴﻖ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ.
ﱯ ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻎ ،ﻭﺍﻨﻮﻥ ﺇﺫﺍ ﺃﻓﺎﻕ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ
ﺝ-ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ )ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ( :ﺍﻟﺼ
ﻻ ﻳﺮﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﻘﻠﻢ.
)(3
ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻛﻐﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ،ﻟﻸﺻﻮﻟﻴﲔ ﻓﻴﻪ ﻣﺬﻫﺒﺎﻥ:
-ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻷﻭﻝ :ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺣﺠﺔ ،ﻭﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻳﺄﰐ ﺑﻌﺪﻫـﺎ
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﺒﲑ ،ﺍﺑﻦ ﺃﻣﲑ ﺍﳊﺎﺝ.116/1 ،
) (2ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﲪﺪ ﰲ ﻣﺴﻨﺪﻩ .100/6 ،ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﰲ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺑﺎﺏ ﰲ ﺍﻨﻮﻥ ﻳﺴﺮﻕ ﺃﻭ ﻳﺼﻴﺐ ﺣﺪﺍ ،ﺭﻗﻢ
.4399ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﰲ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻃﻼﻗﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻭﺍﺝ .156/6 ،ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﰲ ﺍﻟﻄﻼﻕ
ﺑﺎﺏ ﻃﻼﻕ ﺍﳌﻌﺘﻮﻩ ﻭﺍﻟﺼﻐﲑ ،ﺭﻗﻢ .2041:ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﺪﺭﻙ.59/2 ،
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.600ﻭﻳﻨﻈﺮ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ﻭﺷﺮﺡ ﺍﻟﻌﻀﺪ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ.181/2،
129
-ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ -ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻘﻴﻀﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ.
-ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﺜﹼﺎﱐ :ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﲝﺠﺔ ،ﻭﺍﺣﺘﺠﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ
ﺑـﺎﻵﰐ:
ﻗﺪ ﹼﰎ ﻭﺳﻢ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﳐﺎﻟﻒ ﳊﻜﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ،ﻓﻘﻮﻟﻪ":ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻘﻠﻢ
ﻋﻦ ﺍﻟﺼﱯ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻠﻎ" ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻫﻨﺎ ﳐﺎﻟﻒ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ ﻏﲑ ﻣﻜﻠﹼﻒ ﻭﻻ
ﻣﺆﺍﺧﺬ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﻪ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ،ﻓﻬﻮ ﻣﺆﺍﺧﺬ ﺑﺄﻗﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ .ﻟﻜﻦ ﻟﻮ
ﺗﺄ ﻣﻠﻨﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺃﻳﺪﻳﻜﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻖ") (1ﻭﺃﺳﻘﻄﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ –ﻣﺎ ﺑﻌﺪ
ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﳐﺎﻟﻒ ﳊﻜﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ -ﻟﺘﻘﺮﺭ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻏﺴﻞ ﺍﳌﺮﺍﻓﻖ ﻏﲑ ﻭﺍﺟﺐ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩ
ﻭﱂ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ،ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺭﻓﺾ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﻋﺪﻭﻩ ﻟﻴﺲ ﲝﺠﺔ.
ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﺗﺮﺳﺦ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺣﺠﺔ ﻭﻣﻌﺘﱪ ﻭﺃﺣﺪ ﺁﻟﻴﺎﺕ
ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ ،ﻭﻗﺪ ﻋﻘﹼﺐ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻟﹼﺔ ﺍﳌﺎﻧﻌﲔ ﻗﺎﺋﻼ":ﻭﱂ ﻳﺘﻤﺴﻜﻮﺍ ﺑﺸﻲﺀ
ﻳﺼﻠﺢ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ ﻗﻂ ،ﺑﻞ ﺻﻤﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻌﻪ ﻃﺮﺩﺍ ﻟﺒﺎﺏ ﺍﳌﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﻟﻴﺲ
ﺫﻟﻚ ﺑﺸﻲﺀ").(2
4-4ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﺪﺩ:
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺃﺣﺪ ﺩﻻﻻﺕ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻳﻄﻠﻖ ﻭﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻴﺪ ﻓﻴﻪ
ﺍﳊﻜﻢ ﺑﻌﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺕ ﻧﻘﻴﺾ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ،ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﻡ ﻧﺎﻗﺼﺎ).(3
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.06:
) (2ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.601-600
) (3ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﺒﲑ ،ﺍﺑﻦ ﺃﻣﲑ ﺍﳊﺎﺝ .117/1 ،ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.599
130
"-ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﺈﻃﻌﺎﻡ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ").(1
-ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ )ﺍﻟﻌﺪﺩ( :ﻋﺪﻡ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻋﻨﻪ.
5-5ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳊﺼﺮ:
ﻫﻮ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺣﻜﻢ ﺍﶈﺼﻮﺭ ﻋﻦ ﻏﲑ ﻣﺎ ﺣﺼﺮ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺛﺒﻮﺕ ﻧﻘﻴﻀﻪ ﻟﻪ) ،(2ﻭﳍﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻳﻌﺮﻑ ﺎ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ:
ﺃ-ﺍﳊﺼﺮ ﺑﺈﻧﻤﺎ:
ﻣﺜﺎﻟﻪ "ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ").(3ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻮﻱ.
ﺏ-ﺍﳊﺼﺮ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺍﻟﻨﻔﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀ:
"-ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﺍﷲ").(4
-ﻣﻨﻄﻮﻗﻬﺎ ﻧﻔﻲ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﻋﻦ ﻏﲑ ﺍﷲ.
-ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﺇﺛﺒﺎﺎ ﷲ ﻭﺣﺪﻩ.
ﻭﻧﻠﻔﺖ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﻫﻨﺎ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻭﻗﻊ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺧﻼﻑ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ،ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺃﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ؟ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺟﺤﻪ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ":ﺍﳊ ﻖ ﺃﻧﻪ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻭﺃﻧﻪ ﻣﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ") ،(5ﰲ ﺣﲔ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﻓﻨﺪ ﻫﺬﺍ
ﻚ ﻓﻴﻪ ،ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﻔﻲ ﻭﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﻛﻼﳘﺎ
ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺟﺰﻡ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﻓﻘﺎﻝ":ﺍﳊ ﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﺷ
ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺻﺮﻳﺢ ،ﻓﻠﻔﻈﺔ ﻻ ﺻﺮﳛﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﻲ ،ﻭﻟﻔﻈﺔ ﺇﻟﹼﺎ ﺻﺮﳛﺔ ﰲ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ،ﻓﻌ ﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ
ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻏﻠﻂ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﱄ").(6
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﺎﺩﻟﺔ ،ﺍﻵﻳﺔ.04:
) (2ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻭﻫﺒﺔ ﺍﻟﺰﺣﻴﻠﻲ.366/1 ،
) (3ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻭﻏﲑﳘﺎ.
) (4ﺳﻮﺭﺓ ﳏﻤﺪ ،ﺍﻵﻳﺔ.19:
) (5ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.602
) (6ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﺹ.238
131
6-6ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻈﺮﻑ:
ﺍﻟﻈﺮﻑ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻝ ﰲ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ﻣﻦ ﻇﺮﻑ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﳌﻜﺎﻥ
ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻫﻮ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻴﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﻈﺮﻑ ﺃﻭ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ
)(1
ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻨﻮﻋﲔ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﺃﻭ ﺯﻣﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺨﻼﻑ ﻧﻘﻴﺾ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳌﺒﻴﻦ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﻪ
ﻓﻜﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺜﺒﺖ ﰲ ﺍﳊﺪ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺰﻣﺎﱐ ﻭﺍﳊﻴﺰ ﺍﳌﻜﺎﱐ ﻣﺘﻜﺄ
ﻟﺘﻤﺜﹼﻞ ﻭﺗﺼﻮﺭ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ.
"-ﺍﻟﺤ ﺞ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ").(2
-ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ )ﺍﻟﻈﺮﻑ( :ﻻ ﺣ ﺞ ﰲ ﻏﲑ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻬﺮ.
7-7ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ:
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ "ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﹸﻗﻴﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﻌﻠﹼﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻧﻘﻴﺾ ﺫﻟﻚ
ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ ،ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻡ ﺧﻔﻴﺔ") ،(3ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ "ﻓﻮﻳﻞ ﻟﻠﻤﺼﻠﹼﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻫﻢ ﻋﻦ ﺻﻼﺗﻬﻢ ﺳﺎﻫﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻳﺮﺍﺅﻭﻥ ﻭﻳﻤﻨﻌﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﻋﻮﻥ") ،(4ﻗﻴﺪ ﺍﳊﻜﻢ
ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺑﻌﻠﹼﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﺎ "ﺑﺴﺒﺐ"،ﻓﺎﳌﻨﻄﻮﻕ :ﺍﻟﻮﻳﻞ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﻟﻠﻤﺼﻠﹼﲔ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻬﻮﻫﻢ
ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ،ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺍﳌﺮﺍﺀﺍﺓ ﻭﻣﻨﻊ ﺍﳌﺎﻋﻮﻥ ،ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ:ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺴﻬﻮ ﻭﺍﳌﺮﺍﺀﺍﺓ
ﻭﺍﳌﻨﻊ ﻟﻠﻤﺎﻋﻮﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻮﻳﻞ ﻟﻠﻤﺼﻠﹼﲔ.ﻭﲦﺔ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﻓﺎﻟﺼﻔﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﹼﺔ
ﻛﺎﻹﺳﻜﺎﺭ ،ﻭﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﹼﺔ ﺑﻞ ﻣﺘﻤﻤﺔ ﻛﺎﻟﺴﻮﻡ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﻡ ﻣﺘﻤﻢ
ﳍﺎ).(5
ــــــــــ
) (1ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.604
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.197:
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﻧﺜﺮ ﺍﻟﻮﺭﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩ ،ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﲢﻘﻴﻖ ﻭﺇﻛﻤﺎﻝ ﳏﻤﺪ ﻭﻟﺪ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ
ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻨﺎﺭﺓ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ ،2002ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ.110/1 ،
) (4ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﻋﻮﻥ ،ﺍﻵﻳﺔ.7-6:
) (5ﻳﻨﻈﺮ ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.598
132
ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﲟﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ:
ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻌﻘﹼﺐ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﻭﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻋﺪﻡ
ﺍﻛﺘﻔﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺑﺮﺻﺪ ﺻﻮﺭ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﲡﻠﹼﻴﺎﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﲢﻮﻝ ﺟﺮﻱﺀ
ﻭﺣﺮﺍﻙ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﺑﺮﺍﺯ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻋﻘﻠﻨﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺑﺮﺍﺯ ،ﻓﺎﻟﺬﻱ ﺗﺄﻛﹼﺪ
ﻋﻨﺪ ﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻌﻮﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺺ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻋﻨﺪ
ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﲔ ﲝﺠﻴﺘﻪ ﻫﻮ ﺭﻫﲔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻣﱴ ﻣﺎ ﺗﻮﻓﹼﺮﺕ ﲢﻘﹼﻖ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ
)(1
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ:
-1ﺃﻥ ﻻ ﻳﻌﺎﺭﺿﻪ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ.
-2ﺃﻥ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻠﻤﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﺃﻭﻟﻮﻳﺔ ﺑﺎﳊﻜﻢ ﺃﻭ ﻣﺴﺎﻭﺍﺓ ﺑﻪ ،ﻓﺈﻥ ﻭﻗﻊ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻛﺎﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﻻ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﳐﺎﻟﻔﺔ ،ﻭﺃﺧﺬ ﻧﻔﺲ ﺍﳊﻜﻢ ﻻ ﻧﻘﻴﻀﻪ.
-3ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻟﻴﻞ ﺧﺎﺹ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﻪ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﻓﻴﻪ ﻧﺺ ﺧﺎﺹ ﻛﺎﻥ ﺣﻜﻢ
ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﻣﺄﺧﻮﺫﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻴﻪ ،ﻻ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﺍ
"ﻳﺎﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﺍﻟﺤ ﺮ ﺑﺎﻟﺤ ﺮ ﻭﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ
ﻭﺍﻷﻧﺜﻰ ﺑﺎﻷﻧﺜﻰ،(2)"..ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﻵﻳﺔ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﻗﺘﻞ ﺍﻷﻧﺜﻰ ﺑﺎﻷﻧﺜﻰ ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﺍﳌﺨﺎﻟﻒ
ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺟﻮﺍﺯ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﻷﻧﺜﻰ ،ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﺘﺮﻭﻙ ﻭﻏﲑ ﻣﺄﺧﻮﺫ ﺑﻪ ﺑﺴﺒﺐ
ﻭﺟﻮﺩ ﻧﺺ ﺧﺎﺹ ﺻﺮﻳﺢ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﳌﺮﺃﺓ ،ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ
ﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ")(3ﻓﻬﺬﻩ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﺇﻥ ﺗﻌﻠﹼﻘﺖ ﰲ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ":ﻭﻛﺘﺒﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃ ﹼ
ﺑﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﻓﻬﻲ ﺷﺮﻉ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﻧﺎﺳﺦ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺇﻳﻘﺎﻉ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﻷﻧﺜﻰ ﰲ ﺣﺎﻝ
ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺁﻛﺪ ﻋﻤﻼ ﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳋﺎﺹ ،ﻭﻧﻠﻐﻲ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻌﺪﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺇﻋﻤﺎﻟﻪ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ .201-200/2 ،ﻭﺍﻟﱪﻫﺎﻥ،ﺍﳉﻮﻳﲏ .463/1 ،ﻭﺍﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ،ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ
.145-144/1
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.178:
) (3ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.45:
133
-4ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺭﻭﺩ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﻪ ﻭﺗﻘﻴﻴﺪﻩ ﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺟﻬﻞ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﺑﻪ ﺩﻭﻥ ﺟﻬﻠﻪ
ﺑﺎﳌﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ،ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﻳﻌﻠﻢ –ﻣﺜﻼ -ﺣﻜﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻓﺔ ﻭﳚﻬﻞ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﺋﻤﺔ
ﻓﻴﺬﻛﺮ ﻟﻪ.
-5ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻴﺪ ﻣﺒﻄﻼ ﻷﺻﻞ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺑﻪ ﻣﺴﺘﻘﻞ ،ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﹼﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﹼﻢ":ﻻ
ﺗﹺﺒ ﻊ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻙ") (1ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﺻﺤﺔ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻩ.
ﺗﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻤﻌﲎ:
ﺇ ﹼﻥ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻭﻣﻨﻄﻖ ﺍﳊﺠﺎﺝ ﻭﻓﺮﺿﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﲰﺎﺕ ﻭﺭﻛﺎﺋﺰ
ﻣﺘﻮﻃﹼﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﺇﺫ ﻻ ﻧﻠﺤﻆ ﺇﺩﺭﺍﻛﺎ ﻭﺗﺼﻮﺭﺍ ﻟﺴﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﺘﻔﻘﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺸﻜﻞ
ﺍﻟﺪﻻﺋﻠﻲ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺸﻌﺮﻧﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻟﹼﺎ ﻣﻌﻄﻰ ﳜﻀﻊ ﰲ ﺑﻨﺎﺋﻪ ﺇﱃ
ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ .ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﻻ ﻳﻌﻮﺯﻩ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﻗﻨﺎﻉ ﻭﻻ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ
ﺍﻹﺳﻘﺎﻁ ﻗﺼﺪ ﲤﺜﹼﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻈ ﹼﻞ ﻣﻔﺘﺤﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎ ﻭﻧﺎﻓﺬﺓ ﻳﻄ ﹼﻞ
ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺑﻐﻴﺔ ﻣﺰﻳﺪ ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﲡﻠﻲ ﺍﳌﻌﺎﱐ.
ﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺮﺿﻨﺎﻩ ﺁﻧﻔﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻤﲔ ﻳﻨﻈﺮ
ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺘﲔ:ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻹﻓﺮﺍﺯ ﻭﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ
ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻊ ﺍﳉﺰﺋﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﺜﺎ ﺭ ﺟﺪﻝ ،ﺇﺫ ﻧﻠﺤﻆ ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺎﺕ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺗﺒﻨﻲ
ﺗﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﺎﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ –ﻓﻴﻤﺎ ﺃﶈﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ-ﻻ ﻳﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺩﻻﻟﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻣﺪﻟﻮﻻﻥ ،ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ
ﻓﺎﻟﻘﺴﻤﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ "ﺻﺮﻳﺢ ﻭﻏﲑ ﺻﺮﻳﺢ".
ــــــــــ
) (1ﺳﻨﻦ ﺃﰊ ﺩﺍﻭﺩ،ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﻮﻉ ﻭﺍﻹﺟﺎﺭﺍﺕ،ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺒﻴﻊ ﻣﺎﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻩ 769-768/3،ﺍﳊﺪﻳﺚ.3503:
134
ﺃﺑﺮﺯ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﰲ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻣﺼﻄﻠﺢ
ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﻭﺃﺛﺮﳘﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﺗﻔﻴﺪﻩ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﰲ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ
ﻳﺴﻤﻰ ﺩﻻﻟﺔ ،ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺇﺿﻤﺎﺭ ﻟﻔﻆ ﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﲢﻘﹼﻘﻪ ﻓﻬﻲ ﺁﻥ
ﺫﺍﻙ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ،ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻫﺬﺍ ﺷﺒﻴﻪ ﲟﺎ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﻣﻌﲎ ﺍﳌﻌﲎ
ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﲟﻌﲎ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ).(1
ﻭﱂ ﻳﺮﺗﺾ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺣﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻓﻴﻪ ﺗﻜﻠﹼﻔﺎ
ﻗﺎﻝ":ﻛﻮﻥ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﳛﻮﺝ ﺇﱃ ﺗﻜﻠﹼﻒ ﻋﻈﻴﻢ ﰲ ﺗﺼﺤﻴﺢ
ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﻮﻡ ،ﻛﻮﺎ ﺻﺮﳛﺔ ﰲ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ") ،(2ﻭﻗﺪ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺸﺮﺑﻴﲏ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ ﺣﻴﺚ
ﻭﺻﻒ ﻣﺎ ﻃﺮﺣﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﺑﻘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ،ﹼﰒ ﺃﻛﹼﺪ ﻭﺟﺎﻫﺔ
ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﻜﻲ ﳌﺘﺎﺑﻌﺘﻪ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭ ﻭﻟﻌﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﻠﹼﻒ ،ﻭﻗﺪ ﻗﺴﻢ
ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ "ﻣﻨﻄﻮﻕ ﻭﺗﻮﺍﺑﻌﻪ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ").(3
ﻭﱂ ﺗﺴﺘﻮﻑ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ،ﺣﻴﺚ ﻧﻠﻔﻲ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﻭﻱ ﻳﻄﺮﺡ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎ ﺁﺧﺮ ﺃﺩﺭﺝ ﻓﻴﻪ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﻳﻘﻮﻝ":ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ﲟﻨﻄﻮﻗﻪ
ﻓﻴﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﹼﰒ ﺍﻟﻌﺮﰲ ،ﹼﰒ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﹼﰒ ﺍﺎﺯﻱ ،ﺃﻭ ﲟﻔﻬﻮﻣﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻦ
ﻣﻔﺮﺩ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻘﻼ ﺃﻭ ﺷﺮﻋﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﺭﻡ ﻭﺍﻋﺘﻖ ﻋﺒﺪﻙ ﻋﻨﻲ ﻭﻳﺴﻤﻰ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ،ﺃﻭ ﻣﺮﻛﹼﺐ
ﻣﻮﺍﻓﻖ ﻭﻫﻮ ﻓﺤﻮﻯ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻛﺪﻻﻟﺔ ﲢﺮﱘ ﺍﻟﺘﺄﻓﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﲢﺮﱘ ﺍﻟﻀﺮﺏ ،ﻭﺟﻮﺍﺯ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ
ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻹﺻﺒﺎﺡ ﺟﻨﺒﺎ ،ﺃﻭ ﳐﺎﻟﻒ ﻛﻠﺰﻭﻡ ﻧﻔﻲ ﺍﳊﻜﻢ ﻋﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﳌﺬﻛــﻮﺭ
ــــــــــ
) (1ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ،ﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ –ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.203
) (2ﺣﺎﺷﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻌﻀﺪ ،ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ.171/2 ،
) (3ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﻭﺷﺮﻭﺣﻪ ،ﺍﻟﺸﺮﺑﻴﲏ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.235/2،
)(2
ﻭﻳﺴﻤﻰ ﺩﻟﻴﻞ ﺍﳋﻄﺎﺏ") ،(1ﻭﺗﺎﺑﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺷﺮﺍﺡ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﰲ ﺍﻹﺎﺝ
ﻭﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ﰲ ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ) ،(3ﻭﺍﻟﺒﺪﺧﺸﻲ ﰲ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ).(4
135
ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻣﺪﻱ ﻓﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺩﻻﻻﺕ ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ ﻭﺩﻻﻻﺕ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ ،ﻭﲢﺖ
ﺍﻷﺧﲑ ﺃﺩﺭﺝ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺼﻮﺩﺍ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﹼﻢ ﻣﻦ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺇﳝﺎﺀ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺑﺸﻘﻴﻪ ،ﻭﻣﺎ ﻟﻴﺲ
ﲟﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ) (5ﻓﺎﻋﺘﱪﻩ ﺻﻨﻔﺎ ﺛﺎﻧﻴﺎ -ﻣﻦ ﺩﻻﻟﺔ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ .-ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺟﻠﻴﺎ
ﺗﺄﺛﹼﺮﻩ ﺑﺄﰊ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ،ﻛﺎﳌﻨﻈﻮﻡ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﻏﲑﳘﺎ ،ﻭﺇﻥ
ﻛﺎﻥ ﲦﺔ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ،ﻓﺄﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻣﻴﺰ ﺑﲔ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ
ﺍﳌﻌﲎ:ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ،ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ،ﻭﺍﳌﻌﻘﻮﻝ ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﳌﻨﻈﻮﻡ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳊﺮﰲ ﻟﻠﻜﻠﻢ ﺃﻭ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ،ﻭﺑﺎﳌﻌﻘﻮﻝ
ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺪﺭﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺣﻜﻢ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻔﻴﺎ ﺃﻭ ﺇﺛﺒﺎﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ
ﲟﻮﺟﺐ ﻭﺟﻪ ﺷﺒﻪ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﻨﻴﲔ).(6
ﻭﺬﺍ ﺗﺒﺪﻯ ﻟﻠﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻌﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻭﻋﻴﻬﻢ
ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﻢ ﻟﻠﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﲤﺜﹼﻠﻬﻢ ﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﻨﺺ .ﻭﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﰲ
ﺲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻟﻠﻤﻠﻔﻮﻇﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﻓﻬﻮ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺻﻮﺭﻱ ﳝ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈ ﹼﻞ ﻣﺘﻔﻘﺎ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﳒﺪ ﰲ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﰲ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﻗﻮﳍﻢ":ﻻ ﻣﺸﺎﺣﺔ ﰲ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ".
ــــــــــ
) (1ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﻭﻱ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﺹ.38
) (2ﺍﻹﺎﺝ ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ،ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﺗﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻔﺠﺎﻟﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.265/1 ،
) (3ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ ،ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ.310-309/1 ،
) (4ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺷﺮﺡ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ،ﺍﻟﺒﺪﺧﺸﻲ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺻﺒﻴﺢ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.309/1 ،
) (5ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ.71/3 ،
) (6ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.186/2 .317-316/1 ،
136
ﺗﺼﻮﺭ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻤﲔ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻭﻳﺘﻜﺄ ﰲ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻟﻠﻤﻌﲎ
ﻋﻠﻰ ﺣﻔﺮ ﺃﻋﻤﻖ ﰲ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ-ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻋﺮﻑ ﺑﺪﻭﺭﻩ
ﺱ ﺍﳌﺮﺷﺪ ﲤﺜﹼﻼ ﻟﻔﻈﻴﺎ ﺁﺧﺮ ،ﻧﻠﻤﺲ ﻓﻴﻪ ﻋﺪﻭﻻ ﻭﺍﻧﺰﻳﺎﺣﺎ ﻋﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻷﺳﺎ
ﺺ ﺃﺿﺤﻰ ﺍﻟﻮﻋﺎﺀ ﺇﱃ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳌﻨﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﺪﺍﻓﻊ ﺍﶈﺮﻙ ﻟﻜﻞ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،ﻭﻛﺄ ﹼﻥ ﺍﻟﻨ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺼﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﻄﻰ ،ﻭﰲ ﺍﻵﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮ ﻣﻜﻤﻦ ﺍﻟﺘﻮﻟﹼﺪ ﻭﻣﺘﻜﺄ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﻭﺍﻟﺘﻘﻌﻴﺪ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﺮﺷﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺢ ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﻻ ﻳﻀﲑ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﺿﻪ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﺑﻞ ﻣﺎ ﻧﻠﻔﻴﻪ ﻳﻌﻜﺲ ﻭﻋﻴﺎ ﺟﺎﺩﺍ ﲟﺴﻠﹼﻤﺔ ﻟﻔﻆ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻭﺗﻘﻌﻴﺪﻫﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﳏﻮﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻛﺎﻥ ﻭﻻﺑ ﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﶈﻮﺭ ﻣﻔﻌﻼ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﺡ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ،ﻭﺬﺍ ﻳﺘﻜﺸﻒ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ ﻭﺍﳌﻄﹼﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﻮﻝ
ﺇﱃ ﺣ ﺪ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﻇﻤﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺭﺋﺔ ﻭﻭﲰﻬﺎ ﲟﺎ ﻫﻲ ﻣﺜﻘﻠﺔ ﻭﻣﻌﺒﺄﺓ ﺑﻪ.
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﱪ ﺍﻟﻮﺳﻢ ﻫﻨﺎ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺩﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﹼﻤﺔ ﻣﱪﻫﻨﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ،ﺗﺘﺠﻠﹼﻰ ﰲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ
ﺺ ﻳﺄﰉ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﻠﹼﻲ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻧﺺ ،ﻭﻛﺄ ﹼﻥ ﺍﻟﻨ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳉﺎﻣﻊ ،ﻟﻴﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﺍ ﻟﻴﺘﺤﻘﹼﻖ ﰲ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﳌﻘﻨﻦ .ﻓﺮﻭﺍﺳﺒﻪ ﻣﻌﻠﻨﺔ ﰲ ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺇﺫ ﺃﺛﺒﺘﻮﺍ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﺇﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻛﻠﹼﻬﺎ
ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺗﺪﺣﺾ ﻓﻜﺮﺓ ﺟﺮﻳﺌﺔ ﻭﻣﺮﻳﺮﺓ ﺃﻟﻘﺖ ﺑﻈﻼﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ
ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﳏﺎﻛﺎﺓ ﻟﻠﻤﻨﻄﻖ ﺍﻷﺭﺳﻄﻲ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ.
137
ﻭﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺑﺮﻭﻳﺔ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﺍﺳﺘﺸﺮﺍﻓﻴﺔ ﻟﺘﺄﻛﹼﺪ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻭﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ
ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻳﻌ ﺪ ﺃﻭﻝ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻟﻠﻨﺎﺱ ،ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺃﻥ ﻳﻔﺤﺺ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺮﺻﺪ ﺃﳕﺎﻁ ﺗﺸﻜﹼﻠﻪ ﻭﲢﻴﻴﻨﻪ ،ﻓﻨﺠﺪﻫﻢ ﻻ ﻳﻜﻠﹼﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ
ﺇﱃ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﻣﺎ ﺗﻄﺮﺣﻪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺃﳕﺎﻁ
ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺸﻜﹼﻞ ﻭﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﺜﻘﻠﺔ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﳋﻄﺎﺏ.
ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ "ﺍﻟﻌﺒﺚ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﱐ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﻄﺐ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﺠﻴﻢ ﻋﻦ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﻋﺘﻤﺪﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﰲ ﻋﻤﻠﻪ ،ﺇ ﹼﻥ "ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ" ﺫﺍﺎ ﲢﻴﻞ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ
ﺍﻷﻭﱃ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﳍﺎ ،ﺇ ﹼﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﺩﺍﺋﺮﺓ "ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ
ﺍﻟﻌﺮﰊ" ﻭﻟﻴﺲ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ").(1
ﺇﺫﻥ ﻻ ﻣﺪﺍﺭﺍﺓ ﻭﻻ ﻣﺮﺍﺀ ﺇﺫﺍ ﺃﻗﺮﺭﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﰲ ﻣﻌﺮﺽ ﺍﺳﺘﻜﻨﺎﻫﻬﻢ ﳊﻘﺎﺋﻖ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﺃﻗ ﹼﻞ ﺷﺄﻭﺍ ﻋﻦ ﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ،ﻭﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ
ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﺃﻥ ﳝﺪﻭﺍ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺑﺘﺼﻮﺭ ﺛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ )ﺍﻟﻨﺺ( ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺎ ﰲ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﻮﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﳋﺎﺹ ،ﺣﺘﻰ ﺗﻜﺎﺩ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ ﻭﻣﺎﺩﺎ ﺍﻟﻨﺺ.
ﻭﺇﺫﺍ ﻓﻜﻜﻨﺎ ﺗﻘﺮﻳﺮﻫﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺗﺴﻨﻰ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﻛﻴﻒ ﻳﻨﻔﺘﺢ ﺍﻟﻌﻘﻞ
ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﹼﰒ ﻳﻨﻐﻠﻖ ﻭﻳﻨﺴﺤﺐ ﰲ ﺷﻜﻞ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﺍﺻﻔﺔ ﺗﻜﻔﻞ ﻟﻨﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﹼﻖ
)(2
ﻭﺍﻟﺘﺠﺴﺪ ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ ،ﻓﻨﺠﺪﻫﻢ ﻳﺮﻛﹼﺰﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻧﺼﻮﺹ ،ﻭﻫﻲ:
ــــــــــ
) (1ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﺹ.103
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻓﺘﺤﻲ ﺍﻟﺪﺭﻳﲏ ،ﺹ.319-318
138
-1ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﺺ:
ﻭﻫﻲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻣﻘﺼﻮﺩ ،ﺇﻣﺎ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ ،ﻭﺇﻣﺎ ﺑﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ،ﻓﻘﻮﻟـــﻪ ﺗﻌﺎﱃ:
"ﻭﻻ ﺗﻘﺘﻠﻮﺍ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺮﻡ ﺍﷲ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺎﻟﺤﻖ") ،(1ﺗﺪ ﹼﻝ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ
ﺍﳌﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻣﺔ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
-2ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﺺ:
ﻫﻲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻗﻪ ،ﻻ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﻭﻻ ﺗﺒﻌﺎ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻﺯﻡ ﺫﺍﰐ
)(2
ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻖ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ،ﻓﻘــﻮﻟﻪ":ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ ﻟﻪ ﺭﺯﻗﻬﻦ"
ﻓﻴﻪ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﺴﺐ ﺇﱃ ﺍﻵﺑﺎﺀ .ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺃﻥ ﻧﺸﲑ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﲦﺔ ﻓﺮﻗﺎ ﺑﲔ
ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﻓﺎﻷﺧﲑﺓ ﻳﺮﺍﺩ ﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ
ﻛﺜﺒﻮﺕ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ،ﻭﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﻭﺍﻟﻌﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻼﻕ ،ﺃﻣﺎ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﺺ ﻓﺘﻌﲏ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺪﺍﻝ
ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺼﻮﺩﺍ ،ﻻ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﻭﻻ ﺗﺒﻌﺎ" ،ﻓﻼ ﻳﻔﻬﻢ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﲰﺎﻉ ﻣﻦ
ﻏﲑ ﺗﺄﻣﻞ ﺑﻞ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﹼﰒ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻳﺰﻭﻝ ﺑﺄﺩﱏ ﺗﺄﻣﻞ ﻳﻘﺎﻝ ﳍﺎ:ﺇﺷﺎﺭﺓ
ﻧﺺ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﳏﺘﺎﺟﺎ ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺗﺄﻣﻞ ،ﻳﻘﺎﻝ ﳍﺎ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻏﺎﻣﻀﺔ") ،(3ﻓﺪﻻﻟﺔ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻄﻼﻕ
ﻋﻠﻰ ﺍﻓﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﺰﻭﺟﲔ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﻭﺩﻻﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺮﺩ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻧﺺ.
-3ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﺺ:
ﻫﻮ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﺼﻮﺹ ﻟﻴﺼ ﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﳝﺎﺛﻞ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
ﺍﳌﺸﻬﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ.
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ،ﺍﻵﻳﺔ.33:
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.233:
) (3ﺗﺴﻬﻴﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ،ﺍﶈﻼﻭﻱ ،ﺹ.102
139
-4ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺺ:
ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﺤﻮﻯ ﺃﻭ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ،ﺃﻭ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳉﻠﻲ ،ﻫﻲ
ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﺛﺎﺑﺖ ﻟﻠﻤﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻬﻤﺎ ﰲ ﻋﻠﹼﺔ
ﻑ") ،(2ﺩﻟﹼﺖ ﺍﻵﻳﺔ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ
ﺍﳊﻜﻢ ،ﺍﳌﻔﻬﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﳓﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻓﻼ ﺗﻘﻞ ﻟﻬﻤﺎ ﺃ
ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺄﻓﻒ ،ﻭﺩﻟﹼﺖ ﺑﺎﻟﻔﺤﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﲢﺮﱘ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻭﺍﻟﺸﺘﻢ ﻭﳓﻮﳘﺎ.
ﺇ ﹼﻥ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﻃﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺮﺿﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳌﻌﲎ ﺗﺘﻤﺜﹼﻞ ﺃﺳﺎﺳﺎ
ﰲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﻌﻴﺎﺭﺍ ﻭﳏﺮﻛﺎ ﺩﻻﻟﻴﺎ ﻓﺎﻋﻼ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ ﻣﺮﺩﻫﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ
ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﳌﺘﺮﺍﺑﻄﺔ ،ﻭﺍﻟﱵ ﺗﺆﻟﹼﻒ ﻟﻨﺎ ﰲ
ﲏ ﺃﺻﻼ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﻛﺎﻡ ﺍﻷﺧﲑ ﻧﺼﺎ ،ﻓﻤﺪﺍﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻣﺒ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻻ ﻳﻘ ﹼﻞ ﺃﳘﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﳌﺪﺍﺭﻳﻦ ﻣﻌﺎ.
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ،ﺍﻵﻳﺔ.23:
140
.1ا ا
:
ا
ا !م ا ق
&!م ا * &!م ا ا)( & ق '"#$% $ & ق "#$%
ا
-2 :
ا
141
-3ا
2Bوي
:
ا
&!م ا ا)( &!م & ق '"#$% $ 2 &(
ا *
-4ا
:
G0BH
ا
إ<رة
142 ا?#ء ا21@-ء
-5ا7&Jي
:
ا
&*
&ا)P
-6أ 7&M Gا
L6ا
:
G
ا
ا
(ل ا
!م ا
ق
143
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﺍﳌﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ.
144
ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺘﻴﻢ ﺇﱃ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ:
ﻻ ﻳﺸﻚ ﺃﺣﺪ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻠ ﹼﻔﻈﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﺎ ﺇﻧﺘﺎﺟﺎ ﻣﺘﻮﺍﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ،ﺪﻑ
ﺇﱃ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻮﻝ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،ﺇﺫ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﳌﺘﻮﺧﺎﺓ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻠﻔﻮﻅ ﺇﺑﻼﻏﻲ
ﻫﻲ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻓﺘﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﻫـﺬﻩ ﺍﳊﻴﺜﻴﺔ ﻣﻨﻮﻁ
ﺾ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﲤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺗﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﰲ ﺫﺍﺕ ﻭﺭﻫﲔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺴﻖ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻔﻞ ﻟﻨﺎ ﻓ
ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻋﻮﺝ ﻭﻻ ﻋﻮﺹ.
ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﲰﺖ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻠﻔﻈﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻭﺣﺘﻰ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ
ﺣﺪﺙ ﻗﺼﺪﻱ ،ﻓﺎﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻳﺘﻮﺧﻰ ﻣﻦ ﺭﻛﺎﻣﻪ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ ﺍﳌﻨﺠﺰ ﺇﻳﺼﺎﻝ
ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﺘﻤﻊ ﺩﻭﻥ ﺗﻌﺘﻴﻢ ﻭﻻ ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻄﺮﻕ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺇﱃ ﺟﻮﻫﺮ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﳎﺮﺩﺍ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﺎ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﺔ ﻭﻧﺎﺣﺘﺎ ﳊﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻮﻍ ﳏﻮﺭ ﺍﻹﺷﻜﺎﻝ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ
ﻣﻦ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻣﺒﺤﺜﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ "ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ").(1
ﻭﻗﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﻣﻌﻄﻰ ﳜﻀﻊ ﺇﱃ ﺛﻼﺙ ﺭﻛﺎﺋﺰ :ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻭﻣﺎ
ﻧﺴﻤﻌﻪ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ،ﹼﰒ ﻣﺮﺍﺩﻩ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺗﺴﺘﻠﺰﻡ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﺭﺍﺑﻌﺎ ﻫﻮ ﻋﻨﺼﺮ
ﺍﳌﺘﻘﺒﻞ ،ﹼﰒ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﳜﻠﺺ ﺇﱃ ﻟﻔﻆ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺟﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺑﻘﻮﻟﻪ":ﻭﻻ
ﻣﺘﻜﻠﹼﻢ ﺇﻻ ﻭﻫﻮ ﳏﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﻧﺼﺐ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻣﺎ ﰲ ﺿﻤﲑﻩ")،(2ﻭﻫﻲ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﱵ
ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﺼﺪ.
ﻭ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ -ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ -ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻘﺼﺪ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻘﻊ ﰲ ﺻﻤﻴﻢ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ،ﻭﻛﺬﺍ ﰲ ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﺘﻀﻤﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ
ﻭﺣﺘﻰ ﰲ ﺻﻤﻴﻢ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﻳﺆ ﹼﻛﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻋﻨﺪ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻤﻠﻔـﻮﻅ
ــــــــــ
)(1ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ، 1937ﻣﺼﺮ .148/1،
)(2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ .148/1،
145
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ "ﺃﻧﺖ ﻃﺎﻟﻖ" ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪﻳﻦ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺣﻀﻮﺭﻩ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺒﺪﻯ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ
ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺜﲑ ﺟﺪﻻ ﻟﺘﻮﺍﺭﻱ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﺗﺴﻠﹼﻂ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﻱ.
ﻭﻳﻌﺎﰿ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﺒﻌﺪ ﻧﻈﺮ ﻭﺑﺒﺴﻂ ﻣﻨﻬﺠﻲ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺼﻪ:ﺇﺫﺍ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻷﻣﺘﻪ "ﺃﻧﺖ ﻃﺎﻟﻖ" ﻭﻧﻮﻯ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺘﻖ ،ﺻ ﺢ ﺑﺎﻟﻨﻴﺔ ؛ﻷ ﹼﻥ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻄﺎﺀ ﻭﺍﻟﻼﻡ
ﻭﺍﻟﻘﺎﻑ ﻹﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻴﺪ ،ﻳﻘﺎﻝ :ﻟﻔﻆ ﻣﻄﻠﻖ ،ﻭﺍﻃﻠﻖ ﻓﻼﻥ ﻣﻦ ﺍﳊﺒﺲ ،ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﺑﻄﻨﻪ،...ﻓﺈﺫﺍ
ﻗﺎﻝ:ﺃﻧﺖ ﻃﺎﻟﻖ ﻭ ﻧﻮﻯ ﺑﻪ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻘﻴﺪ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻪ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ،ﺇﻟﹼﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ
ﺻﺎﺭﺕ ﻣﺮﺟﻮﺣﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﻑ ،ﻭﺍﺧﺘﺺ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺑﺈﺯﺍﻟﺔ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ،ﻓﺼﺎﺭ
ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﺩﺍﺋﺮﺍ ﺑﲔ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﳌﺮﺟﻮﺣﺔ ﻭﺑﲔ ﺍﺎﺯ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ،ﻓﻼ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺇﱃ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ
ﺍﳌﺮﺟﻮﺣﺔ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻨﻴﺔ).(1
ﻭﺍﳌﻬﻢ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻄﺎﺭﺣﺔ ﺍﳌﺒﺪﺋﻴﺔ ﰲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﻌﲎ ﻗﺪ ﺍﻧﺼﺒﺖ ﻭﺑﻨﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﻫﺎﻡ
ﺃﺿﺤﻰ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﺷﺮﻃﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻧﻈﺎﻡ ﺗﻮﺍﺻﻠﻲ ﻭﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻲ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ﻭﺳﻠﻴﻢ ،ﻭﻫﺬﺍ
ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻭﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﻀﺎﺭﺏ ﰲ ﺭﺅﻯ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻳﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺪ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻘﻲ ﺑﺴﻄﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ
ﻭﻛﺜﺎﻓﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﻳﻨﺔ ﺇﱃ ﺩﺭﺟﺔ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻧﻘﻨﻊ ﻭﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ ﻗﺪﻣﻪ
ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﳌﻌﻀﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﻛﻞ ﺧﻄﺎﺏ ﺗﻮﺍﺻﻠﻲ ﻣﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﺎﻟﺘﲔ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ
ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻼﻓﻆ*.
ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘـﻌﺘﻴﻢ:
ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻟﻘﺼﺪﻳﺔ ﺑﻌﺪﺍ ﺃﺻﻮﻟﻴﺎ ﻭﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺎ ﳏﻀﺎ ﻣﻊ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻷﻭﰱ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻁ ﺍﳌﻮﺍﺿﻌﺔ ﻣﻊ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻘﺼﺪ،ﻭﻻ ﺳﺒﻴﻞ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﻌﺎﱂ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢـ:ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ -ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ
ﻣﻌﻮﺽ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،ﻁ، 2ﺳﻨﺔ، 2004ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.34
*ﺃﻗﺼﺪ ﺑﺎﳌﻠﻔﻮﻅ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ،ﻭﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻼﻓﻆ ﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪﻩ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ.
146
ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻮﻋﻲ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻠﻤﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﳌﺘﻌﻠﹼﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻳﻘﻮﻝ ﻓﺨﺮ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ"ﺍﻋﻠﻢ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳋﻠﻞ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﰲ ﻓﻬﻢ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻳﻨﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﲬﺴﺔ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﰲ
ﺍﻟﻠﻔﻆ:
-1ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ.
-2ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻉ.
-3ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﺎﺯ.
-4ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ.
-5ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ").(1
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻹﻓﺮﺍﺯ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﳌﺴﻦ ﳚﻌﻠﻨﺎ ﻧﺴﻠﹼﻢ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻤﺴﺎﻛﺎ
ﺑﺎﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺍﳌﺘﺤﻜﹼﻤﺔ ﰲ ﺗﻀﻠﻴﻞ ﻭﺗﻌﺘﻴﻢ ﺃﻭ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻳﻌﻜﺲ ﻭﻋﻴﺎ ﻭﺭﻳﺎﺩﺓ ﻭﻧﺒﺎﻫﺔ ﻭﻋﻤﻘﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳉﺎﻋﻞ ﻳﺼﺤﺒﻪ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻣﺎ
ﺳﻠﹼﻤﻨﺎ ﺑﻪ ﺁﻧﻔﺎ ،ﻭﻫﻮ ﻧﻌﺖ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺑﺎﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﳌﺆﺳﺲ ﻭﺍﳌﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﺍﳌﻮﻛﻮﻝ ﻟﻪ ﻣﻬﺎﻡ
ﻛﺸﻒ ﺣﺠﺎﺏ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻓﺎﻷﺻﻮﱄ ﱂ ﻳﻘﺪﻡ ﻟﻨﺎ ﻓﻘﻂ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﲡﺎﻭﺯ
ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺇﱃ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺘﻴﻢ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺸﻌﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﳌﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺺ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﲢﺼﻴﻞ
ﻓﻬﻢ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﻭﺗﻔﺴﲑ ﻣﻘﺒﻮﻝ.
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﹼﻖ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﺍﳋﻠﻞ ﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺑﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺍﳋﻤﺲ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ؛ ﻷﻧﻪ "ﺇﺫﺍ
ﺍﻧﺘﻔﻰ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﻟﻨﻘﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﳌﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻔﻰ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﺎﺯ
ﻭﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ،ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺧﻠﻞ ﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻔﻰ
ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ،ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ").(2
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.35
) (2ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢـ:ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ – ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﻣﻌﻮﺽ
ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1999ﺑﲑﻭﺕ.194/1 ،
147
ﻟﻘﺪ ﺃﻭﻗﻔﻨﺎ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﺿﻪ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺷﻜﻞ ﻭﺭﺳﻢ ﺗﺪﺍﻭﱄ ﺁﺧﺮ ،ﺍﲣﺬ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻮﺍﺻﻔﺔ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻣﺮﺷﺪﺍ ﻟﻪ ،ﻟﻴﺒﲔ ﺑﻪ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﰲ ﺻﻮﺭﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﺿﺪﻳﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺿﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﻟﻴﺆﺳﺲ ﻟﻨﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﻳﻌﺘ ﺪ ﺑﻪ ﻭﻳﻌﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ
ﺍﻟﺘﺤﺎﻭﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻭﺍﺳﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﻨﺺ ،ﻓﺈﻧﻪ ﰲ ﺃﻏﻠﺐ
ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻪ ﻳﺼﻠﺢ ﻷﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﳌﻌﲎ.
ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘـﻌﺎﺭﺽ:
ﲤﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻃﺎﻗﺔ ﺗﻌﺒﲑﻳﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻭﻭﺍﺳﻌﺔ ،ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺣﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺺ
ﺃﻓﻀﻰ ﺇﱃ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﺤﺎﻑ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﺄﳊﻔﺔ ﻋﺪﺓ ﻭﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻛﺎﻥ ﺃﻭﱃ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻋﺪﻡ
ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﹼﰒ ﲢﻘﹼﻖ ﺍﻹﲨﺎﻝ ،ﺣﻴﺚ ﻧﻠﻔﻲ ﺩﻭﺭﺍﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﲔ ﺻﻮﺭ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺟﻠﻴﺎ ،ﻓﺘﺎﺭﺓ ﺑﲔ
ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ،ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺑﲔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﺎﺯ ،ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺑﲔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ،ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ
ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﻟﱵ ﺷﻜﹼﻠﺖ ﺭﻫﺎﻧﺎ ﺻﻌﺒﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻭﻳﻔﺤﺺ
ﺑﺪﻗﺔ ﺻﻮﺭ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻟﻌﻠﹼﻪ ﻳﻀﻴﻖ ﻫﻮﺓ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﻭﺳﻮﺀ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﹼﰎ ﺭﺻﺪ ﻋﺸﺮﺓ
)(1
ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺃﻭ ﺻﻮﺭ – ﺗﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺘﻴﻢ – ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻛﺎﻵﰐ:
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻷﻭﱃ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﻟﻨﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺃﻭﱃ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻋﻨﺪ
ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻔﺮﺩﻩ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻓﺈﻧﻪ ﳜ ﹼﻞ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ ﰲ ﻛﻞ
ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ،ﻣﻨﺤﺖ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ
ﻟﻠﻤﺠﺎﺯ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﳎﺎﺯ ﺇﻥ ﲡﺮﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﻭﺟﺐ ﲪﻠــﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﺇﻥ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﶈﺼﻮﻝ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ.201-195/1 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﻌﺎﱂ ،ﺹ.37-36-35
148
ﺣﺼﻠﺖ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﻭﺟﺐ ﲪﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺎﺯ ،ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻔﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﻼ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﻦ ﲞﻼﻑ
ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺑﲔ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ،ﻓﺎﻹﺿﻤﺎﺭ ﺃﻭﱃ؛ ﻭﻣﺮ ﺩ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﺇﻧﻤﺎ ﳛﺴﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻀﻤﺮ ﻣﺘﻌﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ،ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺍﺳﺄﻝ
ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ" ،ﻓﺈﻥ ﻛ ﹼﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ "ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ" ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ
ﻓﺎﻟﻔﻬﻢ ﻏﲑ ﳐﺘﻞ ﲞﻼﻑ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﳐﺘﻞ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ،ﻓﺎﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺃﻭﱃ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺧﲑ
ﻣﻦ ﺍﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻴﺄﰐ ﺑﻴﺎﻧﻪ ،ﻭﺍﺎﺯ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭﺍﺎﺯ ،ﻓﺎﺎﺯ ﺃﻭﱃ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻻ ﳛﺼﻞ ﺇﻟﹼﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﺗﻔﺎﻕ
ﺃﺭﺑﺎﺏ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻌﺬﹼﺭ ﺃﻭ ﻣﺘﻌﺴﺮ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﺎﺯ ﻓﻴﻜﻔﻲ ﻓﻴﻪ ﺣﺼﻮﻝ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﲤﻨﻊ
ﻣﻦ ﲪﻞ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻭﻫﻲ ﺳﻬﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻨﻘﻞ ،ﻓﺎﻹﺿﻤﺎﺭ ﺃﻭﱃ ،ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﲔ ﻣﺎ ﹼﰎ ﺫﻛﺮﻩ
ﰲ ﺃﻥ ﺍﺎﺯ ﺃﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻞ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ،ﻓﺎﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺃﻭﱃ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺧﲑ ﻣﻦ
ﺍﺎﺯ ﻭﺍﺎﺯ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻞ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﺎﺯ ﻭﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ،ﻓﺎﺎﺯ ﺃﻭﱃ؛ ﻷﻧﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻗﻮﻋﺎ ،ﻭﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﺗـﺪﻝ
149
ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺔ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﺎﺯ ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ،ﻓﺎﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺃﻭﱃ؛ ﻷ ﹼﻥ ﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ
ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﺴﺘﻌﻤﻼ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺭﺩﻩ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ،ﻭﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﺎﺯ ﱂ ﻳﺒﻖ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ﻣﺴﺘﻌﻤﻼ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺭﺩﻩ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻓﻴﻪ ﺃﻛﺜﺮ.
-ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ:
ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ،ﻓﺎﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺃﻭﱃ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺧﲑ
ﻣﻦ ﺍﺎﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﲑ ﻣﻦ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ.
ﻭﺬﺍ ﻳﻔﺮﺽ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺎﺭﺋﺎ ﻣﺘﺒﺼﺮﺍ ،ﺳﻨﺤﺖ ﻟﻪ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﺤﺺ
ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ -ﻭﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻼﻡ -ﹼﰒ ﻓﺤﺺ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻭﻣﺪﻯ ﲢﻘﹼﻖ ﺍﳌﻌﲎ
ﺍﳌﺮﺍﺩ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ ،ﻟﻴﻨﺘﺞ ﻟﻨﺎ ﺭﻛﺎﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ﻭﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﻳﻨﻈﹼﻢ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺒﻴﺔ.ﻭﺍﺳﺘﺸﻌﺎﺭﻩ ﲟﺜﺒﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻻ ﻳﻘﻞ ﺃﳘﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳌﺘﺒﻨﻰ ،ﻓﺎﻟﻨﻔﺎﺫ ﺇﱃ
ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻷﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﺮﻱ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ،ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ
ﻣﻨﺼﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﲰﺢ ﺑﻀﺒﻂ ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ،ﻭﻣﻦ ﹼﰎ ﺳﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻣﺸﺘﺮﻙ ،ﲪﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ
ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﺃﻣﺮ ﺑﻴﺎﻧﻪ.
ﻭﺍﳌﻼﺣﻆ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﻩ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﰲ ﻋﺮﺽ ﻭﺗﺮﺟﻴﺢ ﻭﻋﻼﺝ
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺗﻴﺔ ،ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﺴﻂ ﺗﺄﻣﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻌﺰﻭﻑ ﻋﻦ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ
ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻣﻌﻠﹼﻞ ﻋﻠﻤﻴﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﺗﻘﺮﺭ ﺃ ﹼﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻔﺮﺩﻩ ﰲ ﲨﻴﻊ
ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ،ﲞﻼﻑ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻓﺈﻧﻪ ﳜ ﹼﻞ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺑﲏ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﰲ
ﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ﻭﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳌﻄﺮﻭﺡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﺘﲔ ،ﻫﻮ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺰﻣﲏ ﺍﻟﺬﻱ ﹼﰎ ﻓﻴﻪ ﻣﺪﺍﻭﻟﺔ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﻣﻌﻨﺎﻩ.
ﹼﰒ ﺇ ﹼﻥ ﻣﻨﺎﻁ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ – ﺑﲔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﺍﺎﺯ – ﻓﻤﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﱵ
ﺗﻌ ﺪ ﺻﲑﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ،ﻭﺍﳉﺴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻳﻌﱪ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺇﺫ ﻻ ﳜﻠﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﰲ ﻫﺬﻩ
150
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻳﻦ ،ﺇﻣﺎ ﲡﺮﺩ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﲪﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﺃﻭ
ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻣﻪ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﲪﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺎﺯ ،ﲞﻼﻑ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ ﻋﻠﻰ
ﻛﻼ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﻦ.
ﹼﰒ ﺇﻥﹼ ﺍﳌﻴﺰ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻣﻊ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﰲ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ – ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ – ﻓﻤﺒﲏ ﰲ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﺍﻟﻨﺺ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻌﻴﻦ ﺃﺳﺒﻘﻴﺔ
ﺐ ﻳﺪﺭﻙ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﺭﺩ ﻭﻏﲑ ﳐﺘﻞ ،ﻓﻜ ﹼﻞ ﺫﻱ ﻟ
ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ " ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ " ﻫﻮ ﺃﻫﻠﻬﺎ ،ﲞﻼﻑ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﳐﺘﻞ.
ﻭﻳﻮﺍﺻﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩ ﻭﺍﳌﺆﺳﺲ ﰲ ﻋﺮﺽ ﺃﻃﺮﻭﺣﺘﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ
ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﻣﺘﻜﺄ ﻭ ﻋﺘﺒﺔ ﻭﺩﻟﻴﻼ ﻣﺮﺷﺪﺍ ﳊ ﹼﻞ ﺷﻔﺮﺓ
ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭﺍﺎﺯ ،ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭ ﹼﰎ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻛﻔﹼﺔ ﺍﺎﺯ
ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻻ ﳛﺼﻞ ﺇﻟﹼﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻌﺬﹼﺭ ﻭ ﻣﺘﻌﺴﺮ ،ﰲ
ﺣﲔ ﺍﺎﺯ ﻳﻜﻔﻲ ﻓﻴﻪ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﻟﻴﺘ ﻢ ﻣﻨﻊ ﲪﻞ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻭﻫﻲ ﺳﻬﻠﺔ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.
ﻭﻣﺎ ﺇﻥ ﻧﺘﻮﻏﹼﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﰲ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺍﳌﺴﺎﺀﻟﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﹼﺎ ﻭﺗﺘﺒﺪﻯ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺑﺎﻧﺖ ﻋﻦ
ﳐﺰﻭﻥ ﻧﻈﺮﻱ ﻳﺒﻴﺢ ﺍﳉﺰﻡ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻛﻞ ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﺎﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻦ
ﻭﻋﻲ ﻭﻓﻜﺮ ﺛﺎﻗﺐ ،ﻳﻨ ﻢ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻭﺇﺣﺎﻃﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﻳﻜﻔﻲ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺃﻥ ﻧﺸﲑ ﺇﱃ ﺻﻮﺭﺗﲔ ﻣﻦ ﺻﻮﺭ ﺍﻷﹾﻟﺴﻨﺔ ﰲ ﲡﻠﹼﻴﺎﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻷﻭﱃ ،ﻓﻘﺪ ﺍﺗﻜﺄ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺸﻴﻮﻉ ﻭﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻹﺻﺪﺍﺭ ﺣﻜﻢ
ﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﻜﺎﺀ ﻣﺆﺳﺲ ﻭﻣﺸﺮﻭﻉ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﺮﺍﻋﻲ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﲔ ﺍﺎﺯ ﻭﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ،ﻭﻻ ﺷ
ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﺎﺯ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻗﻮﻋﺎ ﰲ ﺍﻟﻠﹼﻐﺔ ﻭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﻗﺪﻡ
ﻋﻠﻴﻪ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﹼﺔ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﲞﻼﻑ ﺍﻟﻘﻠﹼﺔ.
151
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻨﺠﺪ ﺣﻜﻤﺎ ﻣﺒﻨﻴﺎ ﰲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷﺻﻠﻲ
ﻻ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ،ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺑﲏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳊﻜﻢ ،ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﺎﺯ ﻭ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ،
ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺃﹸﻋﻄﻴﺖ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﻟﻠﺘﺨﺼﻴﺺ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﺴﺘﻌﻤﻼ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ
ﻣﻮﺍﺭﺩﻩ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ،ﻭﰲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﺎﺯ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺭﺩﻩ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ؛ﻷ ﹼﻥ
ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻓﻴﻪ ﺃﻛﺜﺮ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﻋﻲ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺑﺎﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻧﻀﺞ ﺇﱃ ﺣﺪ ﺍﳉﺰﻡ ،ﺑﺄ ﹼﻥ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﻢ ﰲ ﳎﺎﻝ
ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻭ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻻ ﺗﻘ ﹼﻞ ﺃﳘﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﺎ ﹼﰎ ﺭﺻﺪﻩ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﳒﺪ
ﺍﺳﺘﻄﺮﺍﺩﺍﺕ ﻭ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﰲ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻧﻠﻔﻴﻬﺎ ﳏﺮﺭﺓ ﰲ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻣﻔﺼ ﹲﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ،ﻭﻟﻌ ﹼﻞ
ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﳌﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﻋﻴﺔ ﺍﳌﺘﻤﺮﺳﺔ ﰲ ﻓﺤﺺ
ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﻏﲑﻫﺎ ﻗﺎﺻﺮﺓ .
ﻭﺇﻧﻪ ﳊﺮﻱ ﺑﻨﺎ ﻭﳓﻦ ﻧﻌﺮﺽ ﺍﳌﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﺽ
ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻭﺟﻴﻬﺔ ﻭﻫﺎﻣﺔ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﻭﻫﻲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻋﺘﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﰲ
ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﳌﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ ﻟﻴﻌ ﺪ ﺧﻄﻮﺓ ﲡﺎﻭﺯﻭﺍ ﺎ -ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﺯﻣﻨﺎ ﻗﺒﻞ -ﻟﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺳﻮﺳﲑ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺃﳘﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻓﺮﺩﻳﺔ "ﺃﻻ ﻭﺍ ﹼﻥ
ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺬﺍ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻴﻌ ﺪ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻧﺴﺒﻴﺎ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺩﺧﻠﺖ ﻣﻴﺪﺍﻥ
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺧﻠﻔﻮﺍ ﺳﻮﺳﲑ ،ﻭﺍﲡﻬﻮﺍ ﺑﺮﺅﻳﺘﻬﻢ ﳓﻮ
ﺍﻟﻨﺺ").(1
ــــــــــ
) (1ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻋﺮﰊ،ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﳎﻠﺔ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﺩﰊ،ﻉ-271ﺗﺸﺮﻳﻦ،1993ﺩﻣﺸﻖ،ﺹ.34
152
ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ:
ﺗﺘﻮﹼﻓﺮ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻴﻦ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ:
1-1ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ:
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻔﺎﺀ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﲔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ
ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺃﺻﻐﺮ ﻭﺣﺪﺓ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻨﻘﻞ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﱂ ﳝﻨﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ
ﻻ ﻳﺘﺤﺪﺩ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺇﻟﹼﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﳏﺪﺩﺍﺕ ،ﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫـﺎ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﻭﺍﳌﺘﻔﺤﺺ
ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻳﺪﺭﻙ ﺃ ﹼﻥ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﱂ ﻳﻐﻔﻠﻮﺍ ﺃﻟﺒﺘﺔ ﻋﻦ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﰲ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳌﻌﲎ
ﻭﲡﻠﻴﺘﻪ ،ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺎ ﻧﺎﺑﻊ ﻋﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺗﺎﻡ ﻟﻘﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﺧﻄﺎﺑﻴﺎ ﻧﺸﻴﻄﺎ
ﻭ ﺳﲑﻭﺭﺓ ﺗﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻐﻴﺔ ﺑﻌﺎﻣﺔ.
ﻟﺬﻟﻚ ﳒﺪ ﺣﺮﺻﺎ ﻭﻋﻨﺎﻳﺔ ﺎ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﲟﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ
ﺍﺳﺘﺸﻌﺮ ﺃﺻﺤﺎﺎ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺺ ﻭ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﻢ
ﻳﺒﺪﻟﻮﻥ ﺟﻬﺪﺍ ﺇﺿﺎﻓﻴﺎ ﻳﱪﺯﻭﻥ ﻭ ﻳﻔﺼﻠﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﺮﺿﻮﻥ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ
ﻭ ﺻﻮﺭ ﲡﺴﺪﻫﺎ ،ﻓﺎﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻻ ﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺇﱃ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳋﺼﻮﺹ ،ﻭﻣﻦ
ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺇﱃ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ،ﻭﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺇﱃ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﺎﺯ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ
ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺘﻬﺎﻧﻮﻱ ﺑﺄﻧﻬﺎ " ﻣﺎ ﻧﺼﺐ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﺍﺩ ").(1
ﻭﻳﺄﰐ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﻟﻴﺸﻐﻞ ﻓﻀﺎﺀ ﻭﺣﻴﺰﺍ ﻓﺴﻴﺤﺎ ﻟﻄﺎﳌﺎ ﺃﺟﻠﺐ ﻭ ﺃﺭﺧﻰ
ﺑﺴﺪﺍﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺘﺮﻙ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻵﱐ ،ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺗﻨﺎﺯﻉ ﻭ ﺳﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﺍ
ﻹﳚﺎﺩ ﺳﲑﻭﺭﺓ ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﺗﻜﻔﻞ ﻣﻬﻤﺔ ﺳﺪ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﳌﻌﲎ ﺇﱃ ﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ ﻭ ﺁﻟﻴﺔ
ﺗﻌﻴﲔ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺍﺩ ،ﻓﺄﻭﺟﺪﻭﺍ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺴﻤﻴﻮﺯ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻏﻄﹼﻰ ﻭﺭﺩﻡ ﻓﺠﻮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺍﺋﻤــﺎ
ــــــــــ
) (1ﻛﺸﺎﻑ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ،ﺍﻟﺘﻬﺎﻧﻮﻱ،ﲢـ:ﻋﻠﻲ ﺩﺣﺮﺝ ،ﺗﻘﺪﱘ ﻭﺇﺷﺮﺍﻑ ﻭﻣﺮﺍﺟﻌﺔ :ﺭﻓﻴﻖ ﺍﻟﻌﺠﻢ،ﻣﻜﺘﺒﺔ
ﻟﺒﻨﺎﻥ،ﻁ،1ﺳﻨﺔ 1996ﺑﲑﻭﺕ.1315/2 ،
153
ﺗﺸﻜﹼﻞ ﻋﺘﺒﺔ ﻭﺟﺪﺍﺭﺍ ﻣﻨﻴﻌﺎ ،ﻭﺣﺪﻭﻩ ﺑـ"ﺍﻟﺴﲑﻭﺭﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ
ﻛﻌﻼﻣﺔ")،(1ﻭﺑﺄﻧﻪ "ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﻜﹼﻢ ﰲ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﻭﺗﺪﺍﻭﳍﺎ ").(2
ﻭﺍﳌﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﺻﻮﺭ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ ﳝﻜﻨﻪ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ " ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺗﺒﻴﻦ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻭﺗﻠﺨﺺ
ﺍﳌﺴﺘﻔﺎﺩ " ،ﻓﻠﻮ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ :ﺃﻧﺎ ﻗﺎﺗ ﹲﻞ ﻓﻼﻧﺎﹰ ،ﻟﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻭﻋﺪﺍ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ،ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ :ﺃﻧﺎ ﻗﺎﺗ ﹲﻞ
ﻓﻼﻥ ﻟﻮﺟﺐ – ﻫﻨﺎ – ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ؛ ﻷﻧﻪ ﳛﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻗﺮﺍﺭﺍ ﻣﻨﻪ ﺑﺄﻧﻪ
ﻗﺪ ﻓﻌﻞ ﻭﳛﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﻋﺪﺍ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﻔﻌﻞ").(3
ﻭﻗﺪ ﺃﺑﺎﻥ ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺩﻭﺭ
ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﰲ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺣﻴﺚ ﺃﻓﺼﺢ ﻗﺎﺋﻼ ":ﺇﻧﻪ ﺇﻥ
ﻛﺎﻥ ﻧﺼﺎ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﻛﻔﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻭﺇﻥ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ
ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺎﻧﻀﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺇﻣﺎ ﻟﻔﻆ ﻣﻜﺸﻮﻑ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ":ﻭﺁﺗﻮﺍ
ﺣﻘﹼﻪ ﻳﻮﻡ ﺣﺼﺎﺩﻩ " ،ﻭﺍﳊ ﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺸﺮ ،ﻭﺇﻣﺎ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":
ﻭﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻣﻄﻮﻳﺎﺕ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ " ،ﻭﻛﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ":ﻗﻠﺐ ﺍﳌﺆﻣﻦ ﺑﲔ ﺇﺻﺒﻌﲔ ﻣﻦ
ﺃﺻﺎﺑﻊ ﺍﻟﺮﲪﻦ" ،ﻭﺇﻣﺎ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺭﻣﻮﺯ ،ﻭﺣﺮﻛﺎﺕ ،ﻭﺳﻮﺍﺑﻖ ﻭ ﻟﻮﺍﺣﻖ
ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﲢﺖ ﺍﳊﺼﺮ ﻭ ﺍﻟﺘﺨﻤﲔ ﳜﺘﺺ ﺑﺈﺩﺭﺍﻛﻬﺎ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪ ﳍﺎ ) (...ﺃﻭ ﻣﻊ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﻣﻦ
ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ ﻭﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺁﺧﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﺟﺐ ﻋﻠﻤﺎ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ،ﺃﻭ ﺗﻮﺟﺐ ﻇﻨﺎ ").(4
ﻟﻘﺪ ﻛﺸﻒ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﲔ ﻣﻬﻤﺘﲔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻐﻔﻞ ﻋﻨﻬﻤﺎ:
ــــــــــ
)(1ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎﺕ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬﺎ ﻭ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺎ ،ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﻜﺮﺍﺩ ،ﺹ.167
)(2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.168
)(3ﺷﺮﺡ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ ،ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻓﻀﺎﻝ ﺍﺎﺷﻌﻲ ،ﲢـ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﺳﻠﻴﻢ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ، 2007ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.33
)(4ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.340-399/1 ،
154
-1ﻣﺆﺩﻯ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺃ ﹼﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﺇﺣﻼﻝ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ
ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻠﻘﺮﻳﻨﺔ ﺩﻭﺭﺍ ﻟﻼﺳﺘﻨﺠﺎﺩ ﺎ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻻﺳﺘﻨﺠﺎﺩ ﳛﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺪﺩ
ﺩﻻﻻﺕ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﻋﻨﺪ ﻋﺪﻡ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻠﻔﻴﻪ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻳﺆﻛﹼﺪ
ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ " ﻛ ﹼﻞ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻓﺘﺘﻌﻴﻦ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ").(1
-2ﺃﻣﺎ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺣﺎﻃﺔ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﲟﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﺃﻱ ﻗﺮﺍﺭ ﻣﻌﺮﰲ ﺃﻭ ﺗﻜﻠﻴﻔﻲ.
ﺃ -ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻛﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ
ﻟﻔﻈﺎ ﻣﻜﺸﻮﻓﺎ ﻣﺼﺮﺣﺎ ﺑﻪ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ.
ﺏ-ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻳﺘ ﻢ ﺇﺩﺭﺍﻛﻬﺎ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﲟﺰﻳﺪ ﺗﺪﺑﺮ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ
ﺍﳌﺮﺍﺩ.
ﺙ -ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺣﺎﻟﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻭﺗﻌﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪﺓ ،ﻭﻣﺎ ﻳﺘﺒﻊ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻦ
ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﺭﻣﻮﺯ.
ﻓﺎﻟﻔﺤﺺ ﺍﳋﺒﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺣﻪ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺍﻏﺘﺪﻯ ﺭﺩﻓﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ
ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻭﻛﺸﻒ ﺧﺒﺎﻳﺎ ﺍﻹﻧﺒﺎﺀ ،ﻓﻤﺎ ﻻﺡ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﳌﻨﺠﺰ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻟﹼﺎ
ﲟﻨﺒﺊ ﻓﻌﻠﻲ ﻣﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﻟﻴﻼ ﻳﺮﻛﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﳉﺪﻝ ﻭ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ﺍﻟﺪﻻﱄ
ﻭ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﺍﻷﻧﲔ ﻭ ﺍﻟﺼﺪﺍﻡ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﰲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺍﺩ -
ﻧﺎﺟﻢ ﻋﻦ ﺇﻏﻔﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﺃﻭ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﲑ ﻣﺮﺿﻴﺔ.
ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺑﻮﺍﺩﺭ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ –ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻣﺮ -ﺇﱃ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺴﻤﻬﺎ
)(2
ﺇﱃ ﺃﺭﺑﻊ ﻗﺮﺍﺋﻦ:
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.340-339/1 ،
) (2ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﺍﳉﻮﻳﲏ.415/1 ،
155
-1ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﳊﺎﻝ:
ﺗﺸﺒﻪ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﻓﲑﺙ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ
ﻭﺍﳌﻼﺑﺴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ) ،(1ﻓﺎﳌﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":
ﻥ ﺍﷲ ﻣﻌﻨﺎ ﺛﺎﻧﻲ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﺇﺫ ﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺭ ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻻ ﺗﺤﺰﻥ ﺇ ﹼ
")،(2ﻳﺪﺭﻙ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﺃﻭ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ
ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘﱪ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﻣﻼﻙ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻳﻘﻮﻝ ﰲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ":ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺿﺎﺑﻄﻬﺎ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻼﻙ
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ").(3
-2ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ:
ﻱ ﺧﻄﺎﺏ ﺇﺑﻼﻏﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻳﺮﻛﹼﺰ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻗﺮﺍﺀﻢ ﻷ
ﻟﺘﺠﻨﺐ ﺃﻱ ﺍﻧﺰﻳﺎﺡ ﺩﻻﱄ ﻭ ﺃﻱ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻣﻨﺤﺮﻑ ،ﻓﺎﺳﺘﻤﺴﺎﻛﻬﻢ ﺑﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﺻﻬﻢ
ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﲝﺜﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﺠﻬﻢ
ﺃ ﹼﻥ "ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﰲ ﻛ ﹼﻞ ﻣﻮﺿﻊ – ﺇﻧﻤﺎ ﺗﺘﺤﻘﹼﻖ – ﲝﺴﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ").(4
ﻭﻋﻠﻰ ﻭﻓﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻭﺍﳌﻨﺤﻰ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻇﻬﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺮﻛﹼﺰﻭﻥ ﺟﻬﺪﻫﻢ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ
ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻌﺠﻤﻲ ،ﻭﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ،ﻭﺍﻟﺼﺮﰲ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺮﺩﻓﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﺒﺪﺃ
ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ ﻭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ
ﻳﻜﺸﻒ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺨﺒﻮﺀ ﻭ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ":ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻳﺮﺷـﺪ ﺇﱃ
ــــــــــ
) (1ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻋﻨﺪ ﻓﲑﺙ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ:ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﳎﺎﻫﺪ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ،78
ﺧﺮﻳﻒ 1994ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.36-25
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ،ﺍﻵﻳﺔ.40:
) (3ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.271/3 ،
) (4ﳎﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ.12/6 ،
156
ﺗﺒﻴﲔ ﺍﻤﻞ ﻭﺗﻌﻴﲔ ﺍﶈﺘﻤﻞ ﻭﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻏﲑ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻭﲣﺼﻴﺺ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺗﻘﻴﻴﺪ ﺍﳌﻄﻠﻖ
ﻭ ﺗﻨﻮﻉ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻓﻤﻦ ﺃﳘﻠﻪ ﻏﻠﻂ ﰲ
ﻧﻈﺮﻩ ،ﻭﻏﺎﻟﻂ ﰲ ﻣﻨﺎﻇﺮﺍﺗﻪ ،ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ":ﺫﻕ ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻜﺮﱘ " ﻛﻴﻒ
ﲡﺪ ﺳﻴﺎﻗﻪ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﺬﻟﻴﻞ ﺍﳊﻘﲑ ").(1ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺇﳌﺎﺣﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺃﳘﹼﻬﺎ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻟﻴﺲ ﳎﺮﺩ ﺣﺎﻟﺔ ﻟﻔﻆ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﺎﻥ ﺩﻳﻚ " ﻣﺘﻮﺍﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ").(2
ﻭﺑﻮﺍﺩﺭ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﻕ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﻓﻌﺎﻻ ﻭ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎ ﻓﻨﻴﺎ ﺗﻌﻮﺩ ﺟﺬﻭﺭﻩ ﺇﱃ
ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻘﺪ ﺑﺎﺑﺎ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺃﲰﺎﻩ " ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﻨﻒ ﻳﺒﻴﻦ ﺳﻴﺎﻗﻪ ﻣﻌﻨﺎﻩ ") ،(3ﻭﺍﻟﻔﺼﻮﻝ
ﺍﻟﱵ ﺧﺼﺼﻬﺎ ﻭﻋﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﺍﳍﺎﻡ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ
ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻻ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﻠﻔﻈﻪ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺘﻠﻤﻴﺤﺎﺕ ﻭ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﰲ
ﺗﻮﺻﻴﻒ ﻧﺴﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌـﺮﺏ ﻗﻮﻟﻪ ":ﻭﺗﺒﺘﺪﺉ – ﺃﻱ ﺍﻟﻌـﺮﺏ – ﺍﻟﺸﻲﺀ
ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻬﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﺃﻭﻝ ﻟﻔﻈﻬﺎ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺁﺧﺮﻩ ،ﻭﺗﺒﺘﺪﺉ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻳﺒﻴﻦ ﺁﺧﺮ ﻟﻔﻈﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﻋﻦ
ﺃﻭﻟﻪ ").(4
ﻭﳛﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﺒﻜﹼﺮ ﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻳﻌﺘﱪ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ
ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﺃﻱ ﺇﳘﺎﻝ ﳍﺎﺗﻪ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ ﻣﻐﺎﻟﻄﺎﺕ ﻭﺍﳓﺮﺍﻓﺎﺕ ﻋﻠﻰ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ .ﻭﻗﺪ ﻋﺪﻝ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﻋﻦ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺇﱃ ﻟﻔﻆ ﺍﳌﺴﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻤﻞ ﺳﻴﺎﻕ
ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺳﻴﺎﻕ ﺍﳌﻮﻗﻒ ،ﻭﺃﻛﹼﺪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻨﺠﺎﺩ ﺑﻪ ﻟﻔﻬﻢ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻳﻘﻮﻝ
ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ":ﺍﳌﺴﺎﻗﺎﺕ ﲣﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺯﻝ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻌﻠﻮﻡ
ــــــــــ
) (1ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺹ.217
) (2ﺍﻟﻨﺺ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻭ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ،ﻓﺎﻥ ﺩﻳﻚ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻨﻴﲏ ،ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﻁ ،2000ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﺹ.256
) (3ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﺹ.52
) (4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.52
157
ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﻤﻊ ﻭ ﺍﳌﺘﻔﻬﻢ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﱃ ﺃﻭﻝ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭ ﺁﺧﺮﻩ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ،ﻭﻣﺎ ﺍﻗﺘﻀﺎﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﻭﳍﺎ ﺩﻭﻥ ﺁﺧﺮﻫﺎ ،ﻭﻻ
ﰲ ﺁﺧﺮﻫﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻭﳍﺎ...ﻭﻻ ﳏﻴﺺ ﻟﻠﻤﺘﻔﻬﻢ ﻋﻦ ﺭﺩ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻟﻪ ،ﻭﺃﻭﻟﻪ ﻋﻠﻰ
ﺁﺧﺮﻩ ،ﻭﺇﺫ ﺫﺍﻙ ﳛﺼﻞ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﻜﻠﻒ ").(1
ﻭﻳﺘﻀﺎﻡ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻣﻊ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ ،ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ ﻣﺎ
ﺳﺒﻖ ﺇﱃ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻹﺷﻜﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﳊﻜﻢ ،ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻣﺎ ﺳﻴﻖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻌﻄﹼﺎﺭ ﰲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ":ﻭ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﻻﺣﻖ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ
ﺧﺼﻮﺹ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺃﻭ ﺳﺎﺑﻘﻪ ،ﻭﺃ ﻣﺎ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ – ﺑﺎﻟﺒﺎﺀ ﺍﳌﻮﺣﺪﺓ – ﻓﻬﻲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ
ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻳﺴﺒﻖ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﻣﻊ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻏﲑﻩ ﻭﺗﺴﻤﻰ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ")(2ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ
ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ.
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﻔﻜﹼﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﱂ ﻳﻐﻔﻞ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻋﻦ ﺩﻭﺭ ﻭﻣﻬﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﰲ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻭﻫﻲ
ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﻛﹼﺪ ﻭ ﺗﺴﺘﺮﺳﻞ ﺣﻮﳍﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﱪﺕ
ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻧﺼﺎ ﺁﺧﺮ ،ﺃﻭ ﻧﺼﺎ ﻣﺼﺎﺣﺒﺎ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ) ،(3ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺇﳌﺎﺡ ﺇﱃ ﻭﺟﻮﺩ ﺧﻄﺎﺑﲔ
ﺧﻄﺎﺏ ﻣﺘﻮﺍﺭﻱ ﺃﻭ ﻣﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻪ ،ﻭ ﺧﻄﺎﺏ ﻣﻠﻔﻮﻅ.
-3ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﻹﲨﺎﻉ:
ﻧﺒﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ،ﻭﻻ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﺗﺒﻴﻦ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻭﺗﻌﻴﻨﻪ
ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﺳﻘﻴﻢ ﺃﻭ ﺿﻼﻟﺔ ﻏﲑ ﻣﺘﺤﻘﹼﻖ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ
ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻨﺺ.
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.414-413/3 ،
) (2ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﻌﻄﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﺇﻣﺎﻡ ﺗﺎﺝ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ.30/1 ،
) (3ﺍﻟﻨﺺ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻭ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ،ﻓﺎﻥ ﺩﻳﻚ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻨﻴﲏ
ﺹ.256
158
-4ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ:
ﻫﻲ ﺩﻻﻟﺔ ﻣﺪﺭﻛﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﲢﺮﻳﻚ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭ ﺍﻟﺘﻤﺜﹼﻞ ،ﲝﻴﺚ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻬﺎ ﺇﱃ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻭﻗﺪ ﺃﳌﺢ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ
ﻣﻌﺮﺽ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﺁﻧﻔﺎ.
ﺑﻘﻲ ﰲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺃﻥ ﻧﺸﲑ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﱂ ﻳﻠﺘﺰﻣﻮﺍ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰲ
ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ،ﻓﺄﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺁﻧﻔﺎ ﺍﺭﺗﻀﻰ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎ ﺛﻼﺛﻴﺎ
ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻗﺪ ﻭﺍﻓﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﻤﺮﻗﻨﺪﻱ
ﺑﻘﻮﻟﻪ":ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳊﺎﻝ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ
ﻋﻘﻠﻴﺔ").(1
ﰲ ﺣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ –ﻣﻦ ﻗﺒﻞ -ﺍﺭﺗﻀﻰ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎ ﺭﺑﺎﻋﻴﺎ :ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﳊﺎﻝ ،ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻗﺮﻳﻨﺔ
ﺍﻹﲨﺎﻉ ،ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻻ ﳜﺮﺝ ﻋﻦ ﺃﻣﺮﻳﻦ ،ﺍﻷﻭﻝ ﺣﺎﱄ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ
ﻟﻔﻈﻲ ،ﻭﻋﻨﺪ ﺗﻔﺤﺺ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻧﻠﻤﺲ ﺗﺒﻨﻲ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﻔﺨﺮ
)(2
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﰲ ﺍﶈﺼﻮﻝ ﻗﺴﻤﻬﺎ ﺇﱃ ﻗﺴﻤﲔ:
-ﺍﻷﻭﻝ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﺣﺎﻟﻴﺔ :ﻭﺗﺸﻤﻞ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ،ﻭﺍﳍﻴﺌﺎﺕ
ﺍﳌﺨﺼﻮﺻﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻪ ،ﻭﺧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺭﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳋﻄﺎﺏ.
-ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﻣﻘﺎﻟﻴﺔ :ﻭﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﰲ ﻛﻼﻣﻪ ﳑﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺩﻩ.
)(3
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺘﻠﻤﺴﺎﱐ ﺣﺼﺮﻫﺎ ﰲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ:
ــــــــــ
) (1ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﰲ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ،ﺍﻟﺴﻤﺮﻗﻨﺪﻱ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﲢـ:ﳏﻤﺪ ﺯﻛﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ ،ﻁ1
،1984ﺍﻟﺪﻭﺣﺔ ،ﺹ.285
) (2ﺍﶈﺼﻮﻝ ،ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ. 332/1 ،
) (3ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺘﻠﻤﺴﺎﱐ ،ﲢـ:ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1983ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.53-52
159
-1ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ.
-2ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﻴﺔ.
-3ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ.
ﺃﺭﺍﺩ ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻣﺒﲎ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﻣﺜﹼﻞ ﻟﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺍﻟﻤﻄﻠﹼﻘﺎﺕ ﻳﺘﺮﺑﺼﻦ
ﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻗﺮﻭﺀ") ،(1ﺣﻴﺚ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺮﺀ ﺇﺫﺍ ﲨﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻭﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻄﻬﺮ ﻻ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬ
ﺍﳊﻴﺾ .ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﻴﺔ ﻓﻘﺼﺪ ﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﺘﻨﻒ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﻪ –ﺳﺒﺎﻗﺎ ﺃﻭ ﳊﺎﻗﺎ -ﻣﻦ
ﺩﻻﻻﺕ ،ﻭﻗﺪ ﻭﺿﺤﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﺪﻻﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﺍﻣﺮﺃﺓﹰ ﻣﺆﻣﻨﺔﹰ ﺇﻥ ﻭﻫﺒﺖ
ﻲ ﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻨﻜﺤﻬﺎ ﺧﺎﻟﺼﺔﹰ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻗﺪ
ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﻨﺒ
ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻣﺎ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﺯﻭﺍﺟﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﻣﻠﻜﺖ ﺃﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻟﻜﻴﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻚ
ﺣﺮ ﺝ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻏﻔﻮﺭﺍ ﺭﺣﻴﻤﺎ") ،(2ﻓﻘﻮﻟﻪ":ﺧﺎﻟﺼﺔﹰ ﻟﻚ" ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺟﻮﺍﺯ
ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﳍﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﹼﻢ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ.
ﻭﻭﺿﺤﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺮ ﺩ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﻄﺮﻑ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻵﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ
ﺍﻟﻼﺣﻖ ،ﻗﺎﻟﻮﺍ :ﺇ ﹼﻥ ﺍﻵﻳﺔ ﺳﻴﻘﺖ ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻨﱯ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺘﻪ ﻭﻧﻔﻲ ﺍﳊﺮﺝ ﻋﻨﻪ ﻛﻤﺎ
ﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﳛﺼﻞ ﺑﺈﺑﺎﺣﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻪ
ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻭﻻ ﺷ
ﻭﻣﻨﻌﻪ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ ،ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺷﺮﻑ ﻭﻻ ﺭﻓﻊ ﺣﺮﺝ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﳛﺼﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ
)(3
ﺍﻟﻌﻮﺽ ﻋﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻬﺮ.
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.228:
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ،ﺍﻵﻳﺔ.50:
) (3ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺘﻠﻤﺴﺎﱐ ،ﺹ.53
160
ﻭﺃﺩﺭﺝ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﻘﺎﻝ":ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ
ﺺ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔﺍﻟﺴﻴﺎﻗﻴﺔ") (1ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻥ ﳚﻌﻠﻬﺎ ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﺑﻨﻔﺴﻪ .ﻭﻓﻴﻤﺎ ﳜ
ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺑـ ":ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﻌﻨﻴﲔ ﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ
ﻧﺺ ﺃﻭ ﻗﻴﺎﺱ ﺃﻭ ﻋﻤﻞ").(2
)(3
ﺃﻣﺎ ﺷﺮﻳﻒ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ﻓﺎﺭﺗﺄﻯ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻵﰐ:
-1ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ.
-2ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ.
-3ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ.
ﻭﺗﻮﺿﺢ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ﺑﻘﻮﳍﻢ":ﺃﻛﻞ ﺍﻟﻜﻤﺜﺮﻯ ﻣﻮﺳﻰ" ،ﻓﺈﻥ ﺣﺎﻝ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﺍﻟﻜﻤﺜﺮﻯ
ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﺒﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻝ ﻭﲤﻴﺰ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﱘ
ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﲑ ﻭﻋﺪﻡ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ ﺍﻹﻋﺮﺍﺑﻴﺔ .ﻭ ﹼﰎ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ":ﺿﺮﺑﺖ
ﻣﻮﺳﻰ ﺣﺒﻠﻰ" ،ﻓﺘﺎﺀ ﺍﻟﺘﺄﻧﻴﺚ ﰲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺗﺒﻴﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻀﺎﺭﺏ )ﺣﺒﻠﻰ( ﻭﺍﳌﻀﺮﻭﺏ )ﻣﻮﺳﻰ( ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﻟﻠﻌﺒﺎﺭﺓ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻘﺪﱘ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﲑ ﻭﻛﺬﺍ ﻋﺪﻡ ﻇﻬﻮﺭ
ﺲ
ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ.ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﻓﻴﻤﺜﹼﻞ ﳍﺎ ﺑـ":ﺿﺮﺏ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻴﺴﻰ" ،ﺇ ﹼﻥ ﺃﻣ ﻦ ﺍﻟﻠﺒ ﹺ
ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻫﻮ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﻫﻮ ﻋﻴﺴﻰ.
2-2ﻋﺮﻓﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ:
ﻟﻔﺖ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻭﻗﻴﻤﺘﻪ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﺧﺼﺼﻮﺍ ﻟﻪ ﻣﺴﺎﺣﺔ
ﻳﻌﺮﺿﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ ﻭﺃﺛﺮﻩ ﰲ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻭﻗﺪ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻻﺑ ﺪ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻋﻰ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ،ﻭﻻ ﳝﻜـﻦ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﲢﻘﻴﻖ
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.53
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.53
) (3ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ،ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ،ﲢـ:ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻷﺑﻴﺎﺭﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺪﻳﺎﻥ ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ) ،ﺩﺕ ﻁ( ،ﺹ.224-223
161
ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺳﻠﻴﻢ ﺇﻟﹼﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ،ﻭﰲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ﻭﺇﻓﺮﺍﺯﺍﺗﻪ
ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻛﺸﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﱵ ﳛﻮﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ،ﻓﺄﻭﺟﺪﻭﺍ
ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻭﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻓﻴﻌﺘﺮﻱ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭ ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻴﺐ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺿﺢ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺫﻟﻚ
ﺑﻘﻮﻟﻪ " :ﺍﻻﺳﻢ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﺮﻓﻴﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻳﻦ؛ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﺍﻻﺳﻢ ﳌﻌﲎ ﻋﺎﻡ ﹼﰒ ﳜﺼﺺ
ﻋﺮﻑ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ – ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ – ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺳﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﺴﻤﻴﺎﺗﻪ ،ﻛﺎﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﺳﻢ
ﺏ ) (...ﻭﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﻥ ﻳﺼﲑ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﺑﺬﻭﺍﺕ ﺍﻷﺭﺑﻊ ،ﻣﻊ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻟﻜ ﹼﻞ ﻣﺎ ﻳﺪ
ﺷﺎﺋﻌﺎ ﰲ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ﺃﻭﻻ؛ ﺑﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ ﳎﺎﺯ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻟﻐﺎﺋﻂ ) (...ﻓﺼﺎﺭ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻮﺿﻊ
ﻣﻨﺴﻴﺎ ﻭ ﺍﺎﺯ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺑﻌﺮﻑ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ").(1
ﻭﻣﺎ ﻳﺴﺘﻮﻗﻔﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻭ ﺍﻟﺘﺄﺻﻴﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺗﺒﻨﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﺤﺎﻑ ﺍﻻﺳﻢ ﻋﺮﻓﻴﺎ
ﺑﻠﺤﺎﻓﲔ ﺍﻟﻠﺤﺎﻑ ﺍﻷﻭﻝ ﺧﺎﺭﺟﻲ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ﺍﳋﺎﺹ ،ﻓﻠﻔﻆ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﰲ ﻋﺮﻑ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻷﺭﺑﻊ،ﰲ ﺣﲔ
ﻣﻨﺸﺄ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺃﺻﻠﻪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥﹼ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺪﺏ ،ﻓﺎﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺇﱃ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺳﺒﺒﻪ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻭ ﻣﻌﻬﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ.
ﻭ ﺍﻟﻠﺤﺎﻑ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻧﻠﻤﺲ ﻓﻴﻪ ﺍﻧﺘﻘﺎﻻ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﺎﺯﻱ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺷﻴﻮﻉ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻓﻴﻪ ،ﻓﻠﻔﻆ ﺍﻟﻐﺎﺋﻂ ﰲ ﺑﻴﺌﺘﻪ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻄﻤﺌﹼﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ،ﹼﰒ
ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﺎﺯﻱ ﻟﻴﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﳊﺎﺟﺔ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﺄﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﺇﺷﺎﺭﺍﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺩﻋﺎﻣﺎﺕ ﺍﻹﻓﺘﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺺ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻭ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ،ﻓﺈﺫﺍ ﺣﻠﻒ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻓﻘﺪ ﻧ
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.326-325/1 ،
162
ﺭﺟﻞ"ﻻ ﺭﻛﺒﺖ ﺩﺍﺑﺔ"" ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳊﺎﻟﻒ ﳑﻦ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺭﻛﻮﺏ ﻧﻮﻉ ﺧﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ
ﻛﺎﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭ ﻣﻦ ﺟﺮﻯ ﳎﺮﺍﻫﻢ ،ﺣﻤﻠﺖ ﳝﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ ،ﻓﻴﻔﱴ ﰲ ﻛ ﹼﻞ
ﺑﻠﺪ ﲝﺴﺐ ﻋﺮﻑ ﺃﻫﻠﻪ ،ﻭﻳﻔﱴ ﻛ ﹼﻞ ﺃﺣﺪ ﲝﺴﺐ ﻋﺎﺩﺗﻪ")،(1ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺘﺠﻠﹼﻰ ﻭﻋﻲ ﺍﻷﺻﻮﱄ
ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﻭﺃﳕﺎﻁ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ،ﳑﺎ ﻳﺆﻛﹼﺪ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻭ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ
ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ.
ﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺃﻛﹼﺪﻩ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻭ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﻘﺪ ﻧ
ﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ،ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ":ﻭﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﱃ
ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺎﻣﻲ – ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ – ﻭ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﱃ
ﺩﻋﻮﻯ ﻛﻮﺎ ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﹼﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻇﻨﻪ ﻗﻮﻡ ،ﻭ ﻟﻜﻦ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﺼﺮﻑ ﰲ
ﺍﻷﺳﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﲔ:
ﺃﺣﺪﳘﺎ :ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﳌﺴﻤﻴﺎﺕ ،ﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ،ﻓﺘﺼﺮﻑ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﰲ ﺍﳊ ﺞ ﻭ ﺍﻟﺼﻮﻡ
ﻭ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﺲ ،ﺇﺫ ﻟﻠﺸﺮﻉ ﻋﺮﻑ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﻟﻠﻌﺮﺏ.
ﻭ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﰲ ﺇﻃﻼﻗﻬﻢ ﺍﻻﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻪ ،ﻛﺘﺴﻤﻴﺘﻬﻢ ﺍﳋﻤﺮ ﳏﺮﻣﺔ
ﻭ ﺍﶈﺮﻡ ﺷﺮﺎ ،ﻭﺍﻷ ﻡ ﳏﺮﻣﺔ ،ﻭﺍﶈﺮﻡ ﻭﻃﺆﻫﺎ ،ﻓﺘﺼﺮﻓﻪ ﰲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ
ﻭ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﺷﺮﻁ ﺷﺮﻃﻪ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﰲ ﲤﺎﻡ ﺍﻟﺼﻼﺓ ،ﻓﺸﻤﻠﻪ ﺍﻻﺳﻢ ﺑﻌﺮﻑ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺸﺮﻉ").(2
ﻭﺗﻜﺘﻤﻞ ﺇﻓﺮﺍﺯﺍﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺑﻄﺮﺡ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﲢﺼﻞ
ﺑﲔ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ،ﻭﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌ ﺪ ﻣﻌﻴﺎﺭﺍ ﻭ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﺣﺎﲰﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﳌﻘﺎﻡ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ":ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﻋﻦ ﺍﷲ ﺧﻄﺎﺏ ﻗﺪ ﻭﻗــﻊ
ــــــــــ
ﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳉﻴﻞ ،ﺳﻨﺔ ،1973ﺑﲑﻭﺕ.50/3 ،
) (1ﺇﻋﻼﻡ ﺍﳌﻮﻗﹼﻌﲔ ﻋﻦ ﺭ
) (2ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.329-328-327/1 ،
163
ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﺸﻲﺀ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻟﻐﲑﻩ ،ﻭﻭﺿﻊ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻵﺧﺮ ،ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﲪﻠﻪ ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻷ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻗﺪ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻤﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ
ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﺃﻭﱃ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻟﺸﻲﺀ ﻭ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﲞﻼﻓﻪ ،ﻭﺟﺐ ﲪﻠﻪ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﻑ؛ ﻷﻧﻪ ﺃﻭﱃ ﻛﻤﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﳛﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﺪﻝ ﻋﻨﻪ").(1
ﹼﰒ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﺳﺒﻘﻴﺔ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﻟﻠﻌﺮﻑ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻭﰲ
ﺣﺎﻝ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻓﺎﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﻌﺮﻑ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ – ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ – ﺻﺎﺭﺕ ﻣﻨﺴﻴﺔ ﺑﻌﺮﻑ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ.
3-3ﺍﳊﺬﻑ:
ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻤﻌﻦ ﰲ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﻭ ﺍﳌﺴﻤﻮﻉ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻳﺪﺭﻙ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﳜﺘﺰﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﺑﺎﻻﺳﺘﻨﺎﺩ ﺇﱃ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﳊﺬﻑ ،ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻻﻗﻰ ﺭﻓﻀﺎ ﻭ ﻧﻘﺪﺍ ﻋﻨﻴﻔﺎ ﻭ ﻛﺒﲑﺍ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ
ﺍﻟﻮﺻﻔﻴﲔ) ،(2ﹼﰒ ﻋﺎﺩ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻣﺮﺗﻜﺰﺍ ﻓﺎﻋﻼ ﰲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺘﺤﻮﻟﻴﲔ
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﲔ.
ﻭ ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﰲ ﺗﺼﻮﺭ ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﻟﻠﺤﺬﻑ ،ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻠﺤﻆ
ﻣﻌﲎ ﻣﺮﺍﺩﺍ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﻛﻼﻡ ﻏﲑ ﻣﺜﺒﺖ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ،ﳍﺬﺍ ﲡﺪ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﲔ ﻳﻨﺎﺩﻭﻥ
ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﺑﺒﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺑﲎ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺗﻘﺪﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﶈﺬﻭﻓﺎﺕ)،(3ﻓﺎﳉﻤﻞ ﺑﻌﺪ
ﺍﳊﺬﻑ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺮﺍﻛﻴﺐ ﺳﻄﺤﻴﺔ ﺗﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﺗﺮﺍﻛﻴﺐ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﳊﺬﻑ).(4
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ،ﺹ.57
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻋﺒﺪﻩ ﺍﻟﺮﺍﺟﺤﻲ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،ﻁ،1979ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.149
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﲝﺎﺙ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺩﺍﻭﺩ ﻋﺒﺪﻩ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺳﻨﺔ ،1973ﺹ 21ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ.
) (3ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﺹ.126
ﻱ ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﺔ ،-ﻣﻴﺸﺎﻝ ﺯﻛﺮﻳﺎ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ – ﺍﻟﻨﻈﺮ
ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺳﻨﺔ ،1986ﻁ ،2ﺹ.164
) (4ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻠﻲ ،ﺃﲪﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻳﺎﻗﻮﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺳﻨﺔ ،1985ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ،ﺹ.83
164
ﻭ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﳊﺬﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻕ
ﺍﳌﻮﺿﻌﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﳌﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﲔ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺣﺪﺳﺎ)(1؛ ﻟﺬﻟﻚ ﲡﺪ ﻏﻮﻓﻤﺎﻥ
ﻳﺆﻛﹼﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺻﻴﺘﻪ ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻣﻴﺔ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ Implication logique؛ ﻷﻧﻪ ﻗﻮﺓ ﻣﻀﻤﻨﺔ ﰲ
ﺍﻟﻘﻮﻝ)(2؛ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺇﺩﺧﺎﻟﻪ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﰲ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ.
ﻭ ﻗﺪ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﱃ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﻧﻌﺘﻮﻫﺎ ﲟﺼﻄﻠﺤﲔ ﺍﳊﺬﻑ ﻭ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ
ﻭﺍﳌﻼﺣﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﲔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﻤﺎ ﲟﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺳﻴﺒﻮﻳﻪ ،ﻭﻻ
ﺗﻮﺟﺪ ﺗﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻧﺘﻘﺪ ﺍﺑﻦ ﻣﻀﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻠﻂ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﻛﹼﺪ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﲔ ﺇﺫ ﻳﻔﺮﻗﻮﻥ ﺑﲔ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ﻭﺍﳊﺬﻑ ﺣﲔ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ":ﺇ ﹼﻥ
ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻳﻀﻤﺮ ﻭﻻ ﳛﺬﻑ" ،ﻭﺫﻟﻚ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﺃﻣﻜﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﺑﻀﻤﲑ ﻣﺴﺘﺘﺮ ،ﻓﻜﺄﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ
ﺑﺎﳌﻀﻤﺮ ﻣﺎ ﻻﺑ ﺪ ﻣﻨﻪ ﻭﺑﺎﶈﺬﻭﻑ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﲎ ﻋﻨﻪ).(3
ﻓﻬﻢ ﺇﺫ ﻳﻔﺮﻗﻮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﲟﺎ ﺳﻠﻒ ﻓﻬﻢ ﳜﻠﻄﻮﻥ – ﰲ ﻧﻈﺮﻩ – ﺣﲔ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ":ﻫﺬﺍ
ﺍﻧﺘﺼﺐ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﻀﻤﺮ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺇﻇﻬﺎﺭﻩ ،ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻪ ،ﻭ ﻻ ﻳﺘ ﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﻟﹼﺎ
ﺑﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻨﺎﺻﺐ ،ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻨﺼﻮﺏ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﻨﺎﺻﺐ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻨﻮﻥ ﺑﺎﳌﻀﻤﺮ ﺍﻷﲰﺎﺀ
ﻭﻳﻌﻨﻮﻥ ﺑﺎﶈﺬﻭﻑ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ،ﻭﻻ ﻳﻘﻊ ﺍﳊﺬﻑ ﺇﻟﹼﺎ ﰲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﳉﻤﻞ ﻻ ﰲ ﺍﻷﲰﺎﺀ ،ﻓﻬﻢ
ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﰲ ﻗﻮﻟﻨﺎ" :ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺮﺑﺖ ﺯﻳﺪ" ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﳏﺬﻭﻑ ،ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﺿﺮﺑﺘﻪ ،ﻓﺈﻥ ﻓﺮﻕ
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﻄﻮﻉ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺃﺭﺍﺩﻩ ،ﻭﲟﺎ ﻳﻈ ﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﻭ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻩ
ﻓﻬﻮ ﻓﺮﻕ ،ﻟﻜﻦ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﲔ ﳍﺬﻳﻦ )ﺍﻟﻠﻔﻈﲔ( ﻻ ﻳﺄﰐ ﻣﻮﺍﻓﻘﺎ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻕ").(4
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﺮﻧﺴﻮﺍﺯ ﺃﺭﻣﻴﻨﻜﻮ ،ﺗﺮ :ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻮﺵ ،ﺹ.51
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﺳﱳ ﺇﱃ ﻏﻮﻓﻤﺎﻥ ،ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺑﻼﻧﺸﻴﻪ ،ﺗﺮ:ﺻﺎﺑﺮ ﺍﳊﺒﺎﺷﺔ ،ﺹ.165
) (3ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ،ﺍﺑﻦ ﻣﻀﺎﺀ،ﲢـ:ﳏﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﳏﻤﺪ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ،2007،ﻁ 1ﺹ.28
) (4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.28
165
ﻭﻗﺪ ﻧﺒﻪ ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻦ ﺳﻨﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳊﺬﻑ ﻭ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺭ ،ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ":ﻭﺍﷲ ﺃﻓﻌﻞ
ﺫﺍﻙ" ،ﻳﺮﻳﺪ ﻻ ﺃﻓﻌﻞ "،...ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ " ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻫﻠﹶﻬﺎ ،ﻭ" ﺑﻨﻮ ﻓﻼﻥ ﻳﻄﺆﻫﻢ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ "؛ ﺃﻱ
ﺃﻫﻠﻪ ،ﻭ " ﳓﻦ ﻧﻄﺄ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ "؛ ﺃﻱ ﻣﻄﺮﻫﺎ ) .(1ﻭ ﻳﻘﺮﺭ ﺍﺑﻦ ﺟﻨﻲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳊﺬﻑ ﻳﻠﺤﻖ " ﺍﳉﻤﻠﺔ
ﻭﺍﳌﻔﺮﺩ ﻭ ﺍﳊﺮﻑ ﻭ ﺍﳊﺮﻛﺔ ،ﻭ ﻟﻴﺲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﹼﺎ ﻋﻦ ﺩﻟﻴﻞ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ") ،(2ﻭ ﺃ ﹼﻥ
" ﺍﶈﺬﻭﻑ ﺇﺫﺍ ﺩﻟﹼﺖ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺣﻜﻢ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﺑﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﺎ ﳝﻨﻊ ﻣﻨﻪ ")(3؛ ﺃﻱ ﺃ ﹼﻥ ﻛ ﹼﻞ ﲢﻴﲔ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻟﻘﺼﺪ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﳏﺬﻭﻑ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﳌﻌﲎ
ﻭﻻ ﻳﺘﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﻨﺤﻮ –ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﻗﺒﻞ ﺍﳊﺬﻑ.
ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﶈﺬﻭﻓﺎﺕ ﻋﻨﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ﺇﱃ ﺃﻣﺮﻳﻦ ،ﻳﺸﻜﹼﻞ ﺍﻷﻣﺮ
ﺍﻷﻭﻝ ﳏﻮﺭ ﻭﺟﻮﻫﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻗﺼﺪ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﳝﺜﻠﻬﺎ ﻛ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺃﻭﺳﱳ ،ﻭﺟﺮﺍﻳﺲ
ﻭ ﻓﻴﺘﺠﻨﺸﺘﲔ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮ ،Latter Wittgensteinﺃﻣﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻴﻌ ﺪ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﻋﻠﻢ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ،ﺍﻟﺬﻱ ﳝﺜﹼﻠﻪ ﻛ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﻭ ﻓﺮﳚﻪ ،ﻭ ﻓﻴﺘﺠﻨﺸﺘﲔ ﺍﳌﺒﻜﹼﺮ Carlier
)(4
،Wittgensteinﻭ ﻳﻬﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻐﺔFormal Structure
)(5
ﻳﻘﻮﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ﻣﻮﺿﺤﺎ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﻤﺎ ﺗﻘﺪﺭ ﺍﶈﺬﻭﻓﺎﺕ:
ﺃﻭﳍﻤﺎ :ﺃﻥ ﳝﺘﻨﻊ ﲪﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻷﻣﺮ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﻏﺮﺽ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻛﻤﺎ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﱃ "ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ"؛ ﺇﺫ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻭ ﺍﺳﺄﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺍﳊﺬﻑ ﻫﻨﺎ ﺭﺍﺟﻌﺎ ﻟﺬﺍﺕ
ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻭ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻻ ﲢﺘﻤﻞ ﺍﳊﺬﻑ ﻟﻮ ﻧﻄﻖ ﺎ ﺭﺟــﻞ ﻣ ﺮ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﺹ.211
) (2ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ،ﺍﺑﻦ ﺟﻨﻲ. 360/1 ،
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.284/1 ،
) (4ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ،2005 ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ
ﺹ.29-27-26
) (5ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ،ﺹ.380-379
166
ﺑﻘﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﺧﺮﺑﺖ ﻭ ﺑﺎﺩ ﺃﻫﻠﻬﺎ ،ﻓﺄﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻭﺍﻋﻈﺎ ﻣﺬﻛﹼﺮﺍ ،ﺃﻭ ﺃﻥ ﳜﺎﻃﺐ ﻧﻔﺴﻪ
ﻣﺘﻌﻈﺎ ﻭﻣﻌﺘﱪﺍ :ﺳﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮﳍﻢ :ﺳﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﺷ ﻖ ﺃﺎﺭﻙ ،ﻭ
ﻏﺮﺱ ﺃﺷﺠﺎﺭﻙ ،ﻓﻼ ﺣﺬﻑ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺗﲔ.
ﻭﺍﻵﺧﺮ :ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻭ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﺎﳊﺬﻑ ﺭﺍﺟﻌﺎ ﺇﱃ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﺇﱃ ﻏﺮﺽ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻭ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﺃﺣﺪ ﺟﺰﺃﻱ ﺍﳉﻤﻠﺔ
ﻛﺎﳌﺒﺘﺪﺃ ﰲ ﳓﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ " :ﻓﺼﱪ ﲨﻴﻞ " ،ﻭ ﻗﻮﻟﻪ " :ﻣﺘﺎﻉ ﻗﻠﻴﻞ " ،ﻓﻼ ﺑ ﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ
ﳏﺬﻭﻑ ،ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ ،ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ﻭﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﺣﻜﻤﻬﻤﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻻﺳﻢ
ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﲨﻴﻞ ﺻﻔﺔ ﻟﻠﺼﱪ ،ﻭﰲ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ :ﻣﻦ ﻫﺬﺍ؟ ﺗﻘﻮﻝ :ﺯﻳﺪ ،ﻓﺘﻘﺪﻳﺮ ﺍﳌﺒﺘﺪﺃ
ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻫﻨﺎ ﻭﺍﺟﺐ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺃﻭ ﻧﻔﻲ ،ﻭ
ﻛﻼﳘﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺷﻴﺌﲔ؛ ﻣﺜﺒﺖ ﻭﻣﺜﺒﺖ ﻟﻪ ،ﺃﻭ ﻣﻨﻔﻰ ﻭﻣﻨﻔﻰ ﻋﻨﻪ.
ﺇ ﹼﻥ ﺃﺑﺮﺯ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺍﺳﺘﺨﻼﺻﻪ ﻣﻦ ﺗﺼﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳊﺬﻑ ﰲ ﻛﻼ
ﺍﳌﻮﺿﻌﲔ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻗﺴﻂ ﺯﺍﺋﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ،ﻭ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ
ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺘ ﻢ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﲔ؛ ﺍﻷﻭﱃ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺒﺴﻂ ﻧﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﲢﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺣﺪﻩ ﲨﻠﺔ ﻣﻔﻴﺪﺓ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﻟﻠﺤﺬﻑ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺍﻹﺑﻼﻏﻴﺔ ﰲ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ
ﻣﻊ ﻧﺺ ﻣﻦ ﺃﻣﻴﺰ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺟﻮﺍﻣﻊ ﺍﻟﻜﻠﻢ ﻭﺍﻹﳚﺎﺯ ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﳒﺪ ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ ﻳﻀﻴﻒ ﺇﱃ ﺻﻴﻎ
ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﳊﺬﻑ) ،(1ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺣﺬﻑ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﳌﺘﻌﺪﻱ
ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺇﱃ ﺿﻤﲑ
ﳐﺎﻃﺐ ﻏﲑ ﻣﻌﻴﻦ ﺃﻭ ﳏﺪﺩ ،ﻓﲑﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺃﻳﻀﺎ ،ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ":ﻭﺇﺫﺍ ﺭﺃﻳﺖ ﺛ ﻢ
ﺭﺃﻳﺖ ﻧﻌﻴﻤﺎ ﻭﻣﻠﻜﺎ ﻛﺒﻴﺮﺍ")،(2ﱂ ﻳﺮﺩ ﺑﻪ ﳐﺎﻃﺒﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﺑﻞ ﻋﺒﺮ ﺑﺎﳋﻄﺎﺏ ﻟﻴﺤﺼﻞ ﻟﻜﻞ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ ،1977ﺑﲑﻭﺕ.219/2 ،
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﺍﻵﻳﺔ .20
167
ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﺪﺧﻞ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺼﺪ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻭﺻﻒ ﻣﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻭﺍﳌﻠﻚ.
ﻭﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﻌﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﱂ ﳚﻌﻞ ﻟـ ﺗﺮﻯ ﻭﻻ ﻟـ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﻔﻌﻮﻻ ﻇﺎﻫﺮﺍ
ﻭﻻ ﻣﻘﺪﺭﺍ ﻟﻴﺸﻴﻊ ﻭﻳﻌﻢ ،ﻓﻈﺎﻫﺮﺓ ﺣﺬﻑ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﲢﻮﻳﻠﻬﺎ
ﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ
ﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺩﻻﻟﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ) ،(1ﻭﻫﺬﺍ ﺷﺒﻴﻪ ﲟﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻗﻮﻝ
)(2
ﺍﻟﺒﺤﺘﺮﻱ:
ﻉ
ﺴ ﻤ ﻊ ﻭﺍ ﹴ
ﺼ ﺮ ﻭﻳ
ﻆ ﻋﺪﺍ ﻩ ﺃ ﹾﻥ ﻳﺮﻯ ﻣﺒ
ﺠ ﻮ ﺣﺴﺎﺩﻩ ﻭﻏﹶﻴ ﹸ
ﺷ
ﻓﺤﺬﻑ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﻳﺮﻯ ﻭﻟﻠﻔﻌﻞ ﻳﺴﻤﻊ ﻫﻮ ﺣﺬﻑ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺭ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ
ﻫﻮ ﺣﺬﻑ ﻧﺎﻗﻞ ﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﺣﻴﺰ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺇﱃ ﺣﻴﺰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ،ﻻ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ،ﺇﺫ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻦ ﺍﳊﺬﻑ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺫﻛﺮﻩ ﻟﻜﻨﻚ ﲢﺬﻓﻪ ﻹﻳﻬﺎﻡ
ﺼ ﺪ ﺫﻛﺮﻩ).(3
ﺃﻧﻚ ﻻ ﺗﻘ
ﹼﰒ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻘ ﺮ ﺑﺸﺮﻋﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﰲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻓﻬﻮ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ
ﻳﻀﻴﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﺘﺄﺛﺮﺍ ﰲ ﺫﻟﻚ ﲟﺎ ﲤﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ،ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻣﺒﺪﺃ ﻫﺎﻣﺎ ﻫﻮ
"ﺳ ﺪ ﺍﻟﺬﺭﺍﺋﻊ" ،ﻓﺎﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﺗﻌﻄﹼﻞ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ
ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺪﻟﹼﻞ ﻭﻧﱪﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﻨﻮﻋﲔ ﻣﻦ ﺍﳊﺬﻑ ،ﺣﺬﻑ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﳌﻀﺎﻑ
ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻭﺣﺬﻑ ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻣﻘﺎﻣﻪ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻨﺺ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻧﺼﺮ ﺣﺎﻣﺪ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺳﻨﺔ 1994
ﺑﲑﻭﺕ .ﺹ.202
) (2ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺒﺤﺘﺮﻱ ،ﺷﺮﺡ :ﺩ.ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ، 4ﺳﻨﺔ 1407ﻫـ1987-ﻡ
ﺑﲑﻭﺗﺖ .128/1،
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﺎﻳﺔ ﺍﻹﳚﺎﺯ ﰲ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺯﻱ ،ﲢـ :ﻧﺼﺮ ﺍﷲ ﺣﺎﺟﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ،ﻁ 1ﺳﻨﺔ
،2004ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.210
168
ﺃ ﻣﺎ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻘﺪ ﺗﻮﺳﻊ ﲨﺎﻋﺔ ﻓﻴﻪ ﺩﻭﳕﺎ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺗﺪﻋﻮ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﰲ ﺑﻌﺾ
ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﺧﻼﻝ ﺑﺎﳌﻌﲎ ،ﻭﳍﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺃﻧﻜﺮ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ
ﻥ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﷲ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ") (1ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺣﺬﻑ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ "ﺇ ﹼ
ﺍﳌﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ :ﺇ ﹼﻥ ﻣﻜﺎﻥ ﺭﲪﺔ ﺍﷲ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺠﻪ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺑﻠﻔﻆ
ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﺍﳌﺬﻛﹼﺮ ﻋﻦ "ﺍﻟﺮﲪﺔ" ﺍﳌﺆﻧﺚ ،ﻭﻭﺻﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺿﻌﻴﻒ ﺟﺪﺍ.
ﹼﰒ ﺑﻴﻦ ﺃ ﹼﻥ "ﺣﺬﻑ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻻ ﻳﺴﻮﻍ ﺍﺩﻋﺎﺅﻩ ﻣﻄﻠﻘﺎ ،ﻭﺇﻟﹼﺎ
ﺍﻟﺘﺒﺲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﻓﺴﺪ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﻭﺗﻌﻄﹼﻠﺖ ﺍﻷﺩﻟﺔ ،ﺇﺫ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻔﻆ ﺃﻣﺮ ﺃﻭ ﻲ ﺃﻭ ﺧﱪ ﻣﺘﻀﻤﻦ
ﻣﺄﻣﻮﺭﺍ ﺑﻪ ﻭﻣﻨﻬﻴﺎ ﻋﻨﻪ ﻭﳐﱪﺍ ﺇﻟﹼﺎ ﻭﳝﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﺭ ﻟﻪ ﻟﻔﻆ ﻣﻀﺎﻑ ﳜﺮﺟﻪ ﻋﻦ ﺗﻌﻠﻖ
ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻭﺍﳋﱪﻳﺔ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﳌﻠﺤﺪ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ":ﻭﷲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺞ ﺍﻟﺒﻴﺖ" ﺃﻱ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺣﺞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭ"ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ" ﺃﻱ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺘﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻓﺴﺪ
ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻭﺗﻌﻄﹼﻠﺖ ﺍﻷﺩﻟﺔ ").(2
ﹼﰒ ﺁﻝ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻷﺻﻮﱄ ﺇﱃ ﻟﻔﹾﻆ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻭﻫﻲ
"ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻌﻴﻦ ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮﻩ ﻟﻠﻀﺮﻭﺭﺓ ،ﻛﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﻴﻞ :ﺃﻛﻠﺖ ﺍﻟﺸﺎﻩ ﻓﺈ ﹼﻥ
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ :ﺃﻛﻠﺖ ﳊﻤﻬﺎ ،ﻓﺤﺬﻑ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﻻ ﻳﻠﹾﺒﺲ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﺖ :ﺃﻛﻞ ﻓﻼﻥ
ﻛﺒﺪ ﻓﻼﻥ ﺇﺫﺍ ﺃﻛﻞ ﻣﺎﻟﻪ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺃﻛﻞ ﲦﺮﺓ ﻛﺒﺪﻩ ،ﻓﺤﺬﻑ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﻠﺒﺲ،
ﻭﻧﻈﺎﺋﺮﻩ ﻛﺜﲑﺓ).(3
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻁ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻤﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ – ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻨﺤﻮ – ﻓﻘﺪ
ﺍﺷﺘﺮﻁ ﺍﳌﱪﺩ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﶈﺬﻭﻑ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ ﺃﻭ ﻗﺮﻳﻨﺔ ،ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﻋﻨﺪﻩ " ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ:
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ،ﺍﻵﻳﺔ.56:
) (2ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ.24/3 ،
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.24/3 ،
169
ﺟﺎﺀ ﺯﻳﺪ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﻏﻼﻡ ﺯﻳﺪ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻲﺀ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ،ﻭﻻ ﺩﻟﻴﻞ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ
ﺍﶈﺬﻭﻑ")،(1ﻭﺍﺷﺘﺮﻁ ﺍﺑﻦ ﺟﻨﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻟﻘﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ" ،ﻓﺈﻥ ﹸﻓﻬﹺﻢ ﻋﻨﻚ ﰲ
ﻗﻮﻟﻚ :ﺿﺮﺑﺖ ﺯﻳﺪﺍ ،ﺃﻧﻚ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﺬﻟﻚ ﺿﺮﺑﺖ ﻏﻼﻣﻪ ﺃﻭ ﺃﺧﺎﻩ ﺃﻭ ﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﺟﺎﺯ
ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻔﹾﻬﻢ ﻋﻨﻚ ﱂ ﳚﺰ ") ،(2ﻓﻌﻠﹼﻖ ﺍﳊﺬﻑ ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺍﳌﻮﻗﻒ.
)(3
ﻭﻗﺪ ﺃﻧﻜﺮ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﺬﻑ ﺍﳌﻀﺎﻑ ﻗﻮﻝ ﺣﺴﺎﻥ:
ﺴ ﹺﻞ
ﺼﻔﱠ ﻖ ﺑﺎﻟﺮ ﺣﻴﻖ ﺍﻟﺴﻠ
ﺑ ﺮ ﺩﻯ ﻳ ﺴﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﻭ ﺭﺩ ﺍﻟﱪﻳﺺ ﻋﻠﻴﻬﻢ
ﻳ
ﻣﺎ ﻣﺎﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ﺃ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﳏﺬﻭﻓﺎ ﳚﺐ ﲢﻴﻴﻨﻪ ﻷﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ،ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ
ﻣﺎﺀ ﺑ ﺮﺩﻯ ،ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ "ﻳﺼﻔﹼﻖ" ﻭﻫﻮ ﻟﻠﻤﺬﻛﹼﺮ ﻋﻦ "ﺑﺮﺩﻯ" ﻭﻫﻮ
ﻣﺆﻧﺚ ،ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﻣﺬﻫﺒﺎ ﳐﺎﻟﻔﺎ ﺣﻴﺚ ﻗﺪﻡ ﺗﺄﻭﻳﻼ ﺁﺧﺮ ﻣﺴﺘﺴﺎﻏﺎ ،ﻭﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺣﺴﺎﻥ
" ﺃﺭﺍﺩ ﺑﱪﺩﻯ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻛﹼﺮ ،ﻓﻮﺻﻔﻪ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﳌﺬﻛﹼﺮ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺼ ﹼﻔّﻖ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺬﻛﹼﺮ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﺣﺬﻑ ﺍﳌﻀﺎﻑ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺫﻛﹼﺮ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺑﺮﺩﻯ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﻬﺮ") ،(4ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪ
ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﺑﺎﳊﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﲎ.
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺣﺬﻑ ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻓﻤﺸﻬﻮﺭ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﲞﺎﺻﺔ
ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻻ ﳛﺴﻦ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺸﺮﻃﲔ:
ﺃﺣﺪﳘﺎ :ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻳﻌﻠﻢ ﺛﺒﻮﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻻ ﻟﻐﲑﻩ.
ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻗﺪ ﻏﻠﺐ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﻣﻔﺮﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﻛﺎﻟﺒﺮ ،ﻭﺍﻟﻔﺎﺟﺮ
ﻭﺍﳉﺎﻫﻞ ﻭﺍﳌﺘﻘﻲ ،ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺍﻟﻨﱯ ،ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻏﻠﺐ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻓﻴﻪ ﳎﺮﺩﺓ ﻋﻦ
ــــــــــ
) (1ﳑﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﻟﻔﻈﻪ ﻭ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﻣﻌﻨﺎﻩ ،ﺍﳌﱪﺩ ،ﺹ.32
) (2ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ،ﺍﺑﻦ ﺟﻨﻲ.452/2 ،
) (3ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺣﺴﺎﻥ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ،ﺩﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ،ﺑﲑﻭﺕ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺹ.180
) (4ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ.25/3 ،
170
ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ،ﻓﻼ ﻳﻜﺎﺩ ﳚﻲﺀ ﺫﻛﺮ ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﻣﻌﻬﺎ ،ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ":ﺇ ﹼﻥ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﻟﻔﻲ ﻧﻌﻴﻢ ﻭﺇ ﹼﻥ
ﺍﻟﻔﺠﺎﺭ ﻟﻔﻲ ﺟﺤﻴﻢ" ،ﻭﻗﻮﻟﻪ ":ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﺎﺕ ﻭﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﻭﺍﳌﺆﻣﻨﺎﺕ" ،ﻭﻗﻮﻟﻪ":
ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻭﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﻈﺎﳌﻮﻥ" ،ﻭﻫﻮ ﻛﺜﲑ ﺟﺪﺍ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ
ﳛﺴﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ :ﺟﺎﺀﱐ ﻃﻮﻳﻞ ،ﻭﺭﺃﻳﺖ ﲨﻴﻼ ﺃﻭ ﻗﺒﻴﺤﺎ،
ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﺟﺎﺀﱐ ﺭﺟﻞ ﻃﻮﻳﻞ ،ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﲨﻴﻼ ﺃﻭ ﻗﺒﻴﺤﺎ").(1
ﻭﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻄﻮﻝ ﰲ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺃﻗﺴﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ،ﻭﺳﻠﺒﻪ ﻗﻴﻤﺘﻪ
ﺍﻹﺑﻼﻏﻴﺔ ﳑﺎ ﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﺃﺣﺪ ،ﻭﺃﺩﻕ ﻣﺎ ﻧﺆﻛﹼﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﻋﻦ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﻣﻨﻮﻁ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﳌﺴﺘﻤﻊ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺗﺒﻠﻴﻐﻬﺎ ،ﻭﰲ ﻛﻞ ﲨﻠﺔ ﻳﺘﻠﻔﻆ ﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﺎﺋﺾ ﳝﻜﻦ
ﺃﻥ ﳛﺬﻑ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﹼﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﺍﳌﺴﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﲢﻤﻠﻬﺎ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﺃﻭ
ﺍﳉﻤﻞ ،ﻭﻟﻠﻘﺮﺍﺋﻦ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﰲ ﺍﺳﺘﺌﺼﺎﻝ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺴﻘﻴﻢ ﻭﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ.
4-4ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ:
ﺩﺃﺏ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﰲ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﻢ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻷﺟﻞ ﲡﻠﻴﺔ ﺍﳌﻌﻄﻰ ﻋﻠﻰ
ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺇﺣﺴﺎﺳﺎ ﻭﻗﻨﺎﻋﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻻ ﳝﻜﻦ
ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻮﰱ ﺇﻟﹼﺎ ﺇﺫﺍ ﹼﰎ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻭﺇﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﳌﻨﻄﻖ ﻋﻘﻠﻲ ﲝﺔ ﺗﻌﺎﰿ ﰲ ﺧﻀﻤﻪ
ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﳌﺴﻨﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﹼﰎ ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻓﺘﺮﺓ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﺗﻠﺖ
ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ.
ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﻃﺎﻫﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻭﻳﺸﻜﹼﻞ ﺇﺣﺪﻯ ﺩﻋﺎﻣﺎﺕ ﲝﺜﻬﻢ "ﺍﻟﻔﻌﻞ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ" ،ﻭﻳﺒﺪﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﺍﶈﺮﻙ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﰲ
ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻭﻣﻦ ﺻﺮﻳﺢ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﻣﻈﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻋﻨـﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ
ــــــــــ
) (1ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ.27-26/3 ،
171
ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺪﺍﺭ ﺍﺳﺘﻄﺮﺍﺩ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ﺃﲨﻞ ﻓﻴﻪ ﺗﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻟﻠﻜﻼﻡ ،ﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ
ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﺇﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺁﺧﺮ ﻟﺴﺎﱐ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻤﺴﺎﻛﺎ ﻭﺗﺮﺍﺑﻄﺎ.
ﳝﻜﻦ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺆﺩﺍﻫﺎ ﺃﻥ ﲝﺜﻬﻢ ﻭﺟﻬﺪﻫﻢ ﺍﳌﻀﲏ ﺭﻫﲔ ﻣﻨﻬﺞ
ﻭﻣﻨﻄﻖ ﺟﺪﱄ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﹼﰒ ﻋﻘﻠﻨﺘﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍﺕ
ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻴﺔ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﰲ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻨﻮﻁ ﺑﺎﻓﺘﺮﺍﺽ ﻣﻌﻠﻞ ﻭﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕ
ﻇﻨﻴﺔ* ،ﻭﳌﹼﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﲤﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﻭﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻓﺤﺮﻱ ﺑﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺒﺼﺮﻫﺎ ﻟﻌﻠﹼﻨﺎ
ﻧﺴﺘﺸﻒ ﻭﻧﱪﺯ ﳕﻮﺫﺟﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺡ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺗﺄﻛﻴﺪﺍ ،ﻭﻟﺮﲟﺎ ﻳﻜﺸﻒ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ
ﺩﺳﺎﺋﺴﻪ ﻭﻳﺜﺮﻱ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻪ.
)(1
ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺫﻛﺮ ﻭ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﻛﺎﻵﰐ:
-ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ :ﻗﺎﻝ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺜﲑﻭﻥ ،ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﱪﻭﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﺆﻟﹼﻔﺎ ﻣﻦ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺛﻼﺛﺔ؛ ﺧﱪ
ﻭﻃﻠﺐ
ﻭﺇﻧﺸﺎﺀ ،ﻭﻣﺴﺘﻨﺪﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﳏﺾ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻋﻘﻠﻲ ،ﻗﺎﻟﻮﺍ :ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ
ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﺍﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﺃﻭ ﻻ ،ﺍﻷﻭﻝ ﺍﳋﱪ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺇﻥ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺑﻠﻔﻈﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ،ﻭﺇﻥ
ﱂ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻞ ﺗﺄﺧﺮ ﻋﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻄﻠﺐ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﻣﺎ ﺭﺁﻩ ﺍﶈﻘﻘﻮﻥ ﺣﻴﺚ ﺃﺩﳎﻮﺍ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﰲ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ،ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ
ﺧﱪ ﻭﺇﻧﺸﺎﺀ ،ﻓﻤﻌﲎ ﺍﺿﺮﺏ ﻣﺜﻼ ﻫﻮ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﻘﺘﺮﻧﺎ ﺑﻠﻔﻈﻪ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻻ ﻧﻔﺴﻪ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻋﺘﱪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺧﱪﺍ ،ﻭﺍﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍ )ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ( ،ﻭﻃﻠﺒﺎ ،ﻭﻧﺪﺍﺀ ،ﻓﺄﺩﺭﺟﻮﺍ ﺍﻷﻣﺮ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﳘﻊ ﺍﳍﻮﺍﻣﻊ ﰲ ﺷﺮﺡ ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ،ﲢـ:ﺃﲪﺪ ﴰﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ،
ﺳﻨﺔ ،1998ﺑﲑﻭﺕ.47-46/1 ،
• ﻳﻨﻈﺮ ﺹ 178-177ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ.
172
ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﲢﺖ ﺍﻟﻄﻠﺐ ،ﻭﺿﻌﻔﻮﺍ ﺑﺄﻥ ﺍﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭ ﺩﺍﺧﻞ ﲢﺘﻪ ﺃﻳﻀﺎ ،ﻭﺑﺄ ﹼﻥ ﳓﻮ :ﺑﻌﺖ ﻭﺍﺷﺘﺮﻳﺖ
ﺧﺎﺭﺝ ﻣﻨﻪ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺍﻋﺘﱪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺧﱪﺍ ،ﻭﺃﻣﺮﺍ ،ﻭﺗﺼﺮﳛﺎ ،ﻭﻃﻠﺒﺎ ،ﻭﻧﺪﺍﺀ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﳋﺎﻣﺲ :ﻗﺎﻝ :ﺧﱪ ،ﻭﺍﺳﺘﺨﺒﺎﺭ،ﻭﺃﻣﺮ ،ﻭﻲ ،ﻭﻧﺪﺍﺀ ،ﻭﲤﻦ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ :ﻗﺎﻝ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻗﺴﺎﻡ :ﻧﺪﺍﺀ ،ﻭﻣﺴﺄﻟﺔ ،ﻭﺃﻣﺮ ،ﻭﺗﺸﻔﻊ ،ﻭﺗﻌﺠﺐ ،ﻭﻗﺴﻢ
ﻭﺷﺮﻁ ،ﻭﻭﺿﻊ ،ﻭﺷﻚ ،ﻭﺍﺳﺘﻔﻬﺎﻡ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ :ﻗﺎﻝ :ﺗﺴﻌﺔ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﻟﺪﺧﻮﻟﻪ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ :ﻗﺎﻝ :ﲦﺎﻧﻴﺔ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﺸﻔﻊ ،ﻟﺪﺧﻮﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ :ﻗﺎﻝ :ﺳﺒﻌﺔ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﺸﻚ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺴﻢ ﺍﳋﱪ.
ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮ :ﻗﺎﻝ :ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ ،ﺃﻣﺮ ،ﻭﻲ ،ﻭﺧﱪ ،ﻭﺍﺳﺘﺨﺒﺎﺭ ،ﻭﻃﻠﺐ ،ﻭﺟﺤﻮﺩ ،ﻭﲤﻦ
ﻭﺇﻏﻼﻅ ،ﻭﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ،ﻭﻗﺴﻢ ،ﻭﺗﺸﺒﻴﻪ ،ﻭﳎﺎﺯﺍﺓ ،ﻭﺩﻋﺎﺀ ،ﻭﺗﻌﺠﺐ ،ﻭﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ...
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﲨﻠﺔ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺼﺎﺩﻓﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﺣﺺ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻳﺴﺘﻜﺸﻒ ﺍﳌﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ،ﻭﺇ ﹾﺫ ﺗﻘﺮﺭ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺠﺎﺩ ﺑﻜﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀﺍﺕ
ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﻳﺘﺄﻛﹼﺪ ﰲ ﺿﻮﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺇﱃ ﳕﻮﺫﺝ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﻛ ﹼﻞ ﻗﻀﺎﻳﺎ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻘﻄﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺧﻼ ﰲ ﺣﻮﺯﺓ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﳑﺎ
ﺍﻣﺘﺪﺕ ﻟﻪ ﻳﺪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ.
ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ:
ﺼﺮﻳﻦ ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﲔ ﺃ ﹼﻥ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺇﱃ
ﻏﲑ ﺧﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺭﺳﲔ ﻭﻛﺬﺍ ﺍﳌﺘﺒ
ﳕﻮﺫﺝ ﺭﺍﺋﺪ ﻭﻣﺜﺎﱄ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﳍﻴﻦ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﻏﲑﻩ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻬﺘﺪﻱ
ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﻳﻔﺮﺽ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﻌﻴﲔ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻭﺍﻟﺮﻓﺾ ،ﻛ ﹼﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ
ﺗﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺄﻣﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺬﺭ ﻭﺍﳊﻴﻄﺔ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﻮﺽ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺑﺘﻌﻴﲔ
ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺑﺬﻟﻚ .
173
ﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺇﱃ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺗﺄﻣﻠﻮﻩ ﺑﺮﻭﻳﺔ ﻭﲟﺰﻳﺪ ﺑﺴﻂ
ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ ﻭﻛﺬﺍ ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ،ﻭﺍﳌﻼﺣﻆ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻛ ﹼﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻥ
ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎ ﺣﺎﺻﻼ ﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﳌﻨﻬﺞ؛ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﱃ ﺗﺘﺒﻊ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺗﺸﺮﳛﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﻣﻜﻮﻧﺎﺎ ﲝﺜﺎ ﻋﻦ ﻣﺎ ﳝﻴﺰ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺳﻠﻚ
ﻣﺴﻠﻜﺎ ﲡﻤﻴﻌﻴﺎ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﺰﺍﻝ ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﺑﲔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺳﺒﻴﻼ ﻣﺘﻮﺧﻰ.
ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ:
ﻣﻴﺰ ﺍﳉﻮﻳﲏ ﺑﲔ ﺗﻘﺴﻴﻤﲔ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﺗﺼﻨﻴﻔﲔ ﻟﻠﻜﻼﻡ ،ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ
ﺍﳌﺆﻟﱠﻒ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ،ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ،ﻭﺍﳋﱪ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭ ،ﻭﺗﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ
ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺿﺎﻓﻮﺍ ﺇﱃ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ،ﻭﺍﻟﺘﻤﲏ ،ﻭﺍﻟﺘﻠﻬﻒ ،ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ
ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻲ) .(1ﻭﺍﳉﻮﻳﲏ ﱂ ﻳﻘﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﲔ ﺫﺍﻛﺮﺍ ﻭﺍﺻﻔﺎ ﻓﻘﻂ ،ﺇﻧﻤﺎ ﺩﻗﹼﻖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ،ﻭﺍﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪ ،ﻓﺄﻭﻝ ﻣﺎ ﻗﺮﺭﻩ ﺃ ﹼﻥ
ﻣﺎ ﺯﺍﺩﻩ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻭﻥ ﺯﻋﻢ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﻏﲑ ﻣﻮﻓﹼﻘﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺩﻟﹼﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺒﺎﺭﺗﻪ ":ﻓﺰﺍﺩﻭﺍ
ﺑﺰﻋﻤﻬﻢ").(2
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﻓﻬﻮ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﺗﺸﺮﳛﻲ ﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﲑ ﻣﺴﺘﻨﺪﺍ ﺇﱃ
ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﻭﻓﺤﺺ ﻋﻘﻠﻲ ﳏﺾ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺟﺪ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎ ﺑﺪﻳﻼ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻪ" ،ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﻋﻨﺪﻱ
)ﺍﳉﻮﻳﲏ( ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ :ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻃﻠﺐ ،ﻭﺧﱪ ،ﻭﺍﺳﺘﺨﺒﺎﺭ ،ﻭﺗﻨﺒﻴﻪ.
-ﻓﺎﻟﻄﻠﺐ )ﻳﺸﻤﻞ( ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ،ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ.
-ﻭﺍﳋﱪ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺃﻗﺴﺎﻣﺎ ﻭﺍﺿﺤﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ.
-ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ،ﻭﺍﻟﻌﺮﺽ.
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ ،ﲢـ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﺪﻳﺐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ.147-146/1 ،1992
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.147/1 ،
174
-ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻳﺪﺧﻞ ﲢﺘﻪ ﺍﻟﺘﻠﻬﻒ ،ﻭﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻲ ،ﻭﺍﻟﻨﺪﺍﺀ").(1
ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻣﻼﻣﺴﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺮﺑﺎﻋﻲ ﻟﻠﻜﻼﻡ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩ ﻋﻨﺪ
ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ ،ﻣﻊ ﺗﻐﻴﲑ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺑﻨﻴﺎﺗﻪ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺟﻌﻞ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ،ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻗﺴﻤﺎ
ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﻠﺐ ،ﻭﻭﺿﻊ ﲢﺖ ﺍﳋﱪ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ ،ﻭﲢﺖ ﺍﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ
ﻭﺍﻟﻌﺮﺽ ،ﻭﺃﺿﺎﻑ ﻗﺴﻤﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀ ﻢ ﺍﻟﺘﻠﻬﻒ ،ﻭﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﻨﺪﺍﺀ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺑﻮ ﺍﳌﻌﺎﱄ ﻭﲝﻜﻢ ﻣﺎ ﲤﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﺔ ﻗﺪ ﺭﺳﻢ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺎ
ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﳝﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﰲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﳏﺎﻓﻈﺘﻪ ﻋﻠﻰ
ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﲔ ﻣﻊ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺟﺎﺩﺓ ﻟﻮﺿﻊ ﳌﺴﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺑﻨﻴﺎﺗﻪ ،ﺇﻋﺼﺎﻣﺎ ﻣﻨﻪ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘﺠﺪﺩ ﻭﺍﻹﻟﻐﺎﺀ؛ ﻻﺳﺘﻨﺎﺩﻫﺎ ﺇﱃ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻭﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻭﻫﺬﺍ
ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﳒﺪﻩ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﳉﻮﻳﲏ ،ﺣﻴﺚ ﹼﰎ ﺍﻟﻌﺜﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺁﺧﺮ ﻋﺰﻑ ﻭﻋﺪﻝ ﻓﻴﻪ
ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺮﺑﺎﻋﻲ ﺇﱃ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺁﺧﺮ ﺛﻼﺛﻲ ":ﻭﻳﻨﻘﺴﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺇﱃ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺛﻼﺛﺔ:
ﺍﻷﻭﻝ :ﺍﻟﻄﻠﺐ ،ﻭﻳﻀ ﻢ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ،ﻭﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﺍﻻﻟﺘﻤﺎﺱ ،ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺍﳋﱪ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ،ﻭﻳﻨﺪﺭﺝ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻤﲏ ،ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻲ ،ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ ،ﻭﺍﻟﻨﺪﺍﺀ") .(2ﺃﻭ ﺑﺎﺻﻄﻼﺡ ﺗﺎﺝ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻭﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﻲ " ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺇﱃ ﻃﻠﺐ ،ﻭﺧﱪ ،ﻭﺇﻧﺸﺎﺀ").(3
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.147/1 ،
) (2ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺃﺑﻮ ﺣﻴﺎﻥ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ،ﲢـ :ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ –ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﻣﻌﻮﺽ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1993ﺑﲑﻭﺕ.304/2 ،
) (3ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻮﺭﻗﺎﺕ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﹼﻲ ،ﲢـ :ﺃﲪﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻗﺎﺳﻢ ﺍﻟﻄﻬﻄﺎﻭﻱ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ-ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﺼﺮ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.51-50
175
ﺑﻞ ﻣﺎ ﻭﺟﺪﻧﺎﻩ ﻋﻨﺪ ﺗﺄﻣﻞ ﺍﳌﻌﻄﻰ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻛﻞ ﻣﺎ ﹼﰎ ﺫﻛﺮﻩ ﻣﻦ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺕ-ﻭﻳﺒﺪﻭ
ﺃﻧﻪ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ﲤﻠﻴﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ -ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﲨﺎﻝ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﱪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻛﻴﺎﻧﺎ ﻣﺆﻟﹼﻔﺎ ﻣﻦ "ﺧﱪ ﻭﺇﻧﺸﺎﺀ") (1ﻓﻘﻂ ،ﻭﻫﻮ ﺗﻘﺴﻴﻢ
ﲡﻤﻌﻪ ﻗﻮﺍﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﻟﻠﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻭﺳﱳ J.Austin
ﺻﺎﺣﺐ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ.
ﳝﻴﺰ ﺃﻭﺳﱳ ﺑﲔ ﻧﻮﻋﲔ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ،ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻹﳒﺎﺯﻳﺔ )ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ(
Performatifsﻭ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﳋﱪﻳﺔ ،(2)Constatifsﺣﻴﺚ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺍﻷﺧﲑﺓ
ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﳍﺎ ﻟﻠﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ" ،ﻫﻲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﰲ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻭﺍﳌﺴﺎﺭﺍﺕ ﺃﻭ
ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻭﳍﺬﻩ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ )ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ( ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ
ﻛﻮﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺃﻭ ﻛﺎﺫﺑﺔ") ،(3ﰲ ﺣﲔ ﺍﻷﻭﱃ -ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ-ﲞﻼﻓﻬﺎ؛ ﻷﻧﻬﺎ
ﺗﻮﻇﹼﻒ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﳑﺎﺭﺳﺔ ﺃﻭ ﺇﳒﺎﺯ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺟﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ
ﺻﺎﺩﻕ ﺃﻭ ﻛﺎﺫﺏ) ،(4ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ":ﺃﻧﻜﺤﻚ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﺑﻨﱵ" ﻓﻬﻮ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺇﳒﺎﺯ
ﻓﻌﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺇﺧﺒﺎﺭ ،ﻟﺬﻟﻚ ﳒﺪ ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ﻳﺆﻛﹼﺪ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ -ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ-
"ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺇﺫ ﻧﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻟﻨﺼﻨﻊ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻟﺌﻦ ﻧﻘﻮﻝ ﺇ ﹼﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﺻــﺎﺩﻕ ﺃﻭ
ــــــــــ
) (1ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ ﰲ ﺷﺮﺡ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ،ﲢـ:ﺷﻌﺒﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ،
ﺳﻨﺔ ،1999ﺑﲑﻭﺕ.177/1 ،
(2) John Lyons, Sémantique Linguistique, Traduit par Jacques Durand
et Dominique Boulonnais, 1980, Paris, p346.
Et voir Quand dire c est Faire, J.L.Austin, Tra par Gilles Lane,
Seuil1970, p40.
)(3ﻟﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻆ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﺻﺎﺑﺮ ﺍﳊﺒﺎﺷﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳊﻮﺍﺭ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2010ﺳﻮﺭﻳﺔ
ﺹ ).199ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻘﺎﻝ ﳉﻮﻥ ﻻﻳﻨـﺰ ﻣﺘﺮﺟﻢ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻼﻗﻮﻟﻴﺔ (.
(4) John Lyons, Sémantique Linguistique, Traduit par Jacques
Durand et Dominique Boulonnais, p346. Et voir Quand dire c est
Faire, J.L.Austin, p40.
176
ﻛﺎﺫﺏ").(1
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺃﻡ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
-ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ -ﻓﺈ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﱂ ﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻧﻘﺎﻁ ﺍﺋﺘﻼﻑ ﲡﻤﻊ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﲔ ﻣﻌﺎ ،ﺑﻞ
ﻻﺣﻈﻨﺎ ﺍﻻﺋﺘﻼﻑ ﻗﺪ ﺗﻌﺪﻯ ﺍﻟﺴﺠ ﹼﻞ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ )ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﰲ ﺍﻷﲰﺎﺀ :ﺍﳋﱪ ﻭﺍﻹﻧﺸﺎﺀ( ﺇﱃ
ﺍﻟﺴﺠ ﹼﻞ ﺍﻹﻓﻬﺎﻣﻲ ) ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ ( ،ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﺒﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﻦ
ﺍﻵﺗﻴﲔ:
ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ:
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ":ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﻭﺍﳋﱪ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ:
ﺃﺣﺪﻫﺎ :ﺃ ﹼﻥ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﺍﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ،ﲞﻼﻑ ﺍﳋﱪ.
ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺃ ﹼﻥ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺇﻟﹼﺎ ﻣﻘﺎﺭﻧﺎ ﻟﻠﻔﻆ ،ﲞﻼﻑ ﺍﳋﱪ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻭﻗﺪ ﻳﺘﺄﺧﺮ.
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺧﺎﺭﺟﻲ ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﱐ ﺑﻪ
ﺑﺎﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ؛ ﲞﻼﻑ ﺍﳋﱪ.
ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﺳﺒﺐ ﻟﺜﺒﻮﺕ ﻣﺘﻌﻠﻘﻪ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳋﱪ ﻓﻤﻈﻬﺮ ﻟﻪ").(2
ﺗﺼﻮﺭ ﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ :Jacque moeschler
ﻳﻘﻮﻝ ﻣﻮﺷﻼﺭ " :ﳛﺼﻞ ﲤﻴﻴﺰ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺎﺕ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ )ﺍﻹﳒﺎﺯﻳﺔ( ﻋﻦ ﺍﳋﱪﻳﺔ ﲟﺎ ﻳﺄﰐ:
ﺃ -ﺇﻧﻬﺎ ﻏﲑ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ...
ﺏ -ﻻ ﺗﻨﺴﺐ ﺃﻭ ﺗﻌﺰﻯ ﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻠﻔﻌﻞ )ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻨﺠﺰ ﻓﻌﻼ(.
ﺕ -ﺇﳒﺎﺯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻠﻔﻆ ) ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﻮﻝ(" ).(3
ــــــــــ
)(1ﻟﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻆ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﺻﺎﺑﺮ ﺍﳊﺒﺎﺷﺔ ،ﺹ.200-199
)(2ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ ،ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ.298/1 ،
(3)J. Moeschler, Argumentation et conversation pour une analyse
pragmatique du discours, Hatier-Credif, 1985, p26.
ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ،ﳛﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ 2007
ﺍﻷﺭﺩﻥ ،ﺹ.273-272
177
)(1
ﻭﳝﻜﻦ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺍﻵﰐ:
ﻣﻮﺷﻼﺭ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ
-1ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ -1ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﺗﻘﻴﻢ ﲟﺼﻄﻠﺤﻲ
ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﲞﻼﻑ ﺍﳋﱪ. ﲞﻼﻑ ﺍﳋﱪ.
-2ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺧﺎﺭﺟﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﳊﻜﻢ
ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﱐ ﺑﻪ ﺑﺎﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ
ﲞﻼﻑ ﺍﳋﱪ.
-3ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﺳﺒﺐ ﻟﺜﺒﻮﺕ ﻣﺘﻌﻠﹼﻘﻪ ﲞﻼﻑ -3ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﳍﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ
)ﺗﻨﺠﺰ ﻓﻌﻼ(. ﺍﳋﱪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻈﻬﺮ ﻟﻪ.
-4ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﻘﺎﺭﻧﺎ ﻟﻠﻔﻆ-3 ،ﺇﳒﺎﺯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻫﻮ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﲞﻼﻑ ﺍﳋﱪ ﻓﺈ ﹼﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻗﺪ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻠﻔﻆ )ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺇﺫﻥ ﻫﻮ ﻣﻨﺘﺞ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ
ﺍﻟﻘﻮﻝ(. ﻳﺘﺄﺧﺮ.
178
ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﻇﻨﻴﺔ.
ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺒﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﺴﻂ ﺗﺄﻣﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻵﺗﻴﺔ :ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ،ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ
ﻭﺍﻟﺘﻠﻬﻒ ،ﻭﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺫﻫﺐ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺗﻨﻀﻮﻱ
ﲢﺖ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ) ،(1ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﻟﻔﻴﻨﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺷ ﹼﺬ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﻮﺡ ﺍﳌﻌﺮﰲ ،ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﱪ ﺍﳉﻮﻳﲏ
ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ ﺧﱪﺍ) ،(2ﻭﻋﻠﻰ ﺠﻪ ﺳﺎﺭ ﺍﻹﺳﻔﺮﺍﻳﻴﲏ )ﺕ418ﻫـ( ﺣﻴﺚ ﻋ ﺪ ﺑﺪﻭﺭﻩ
ﺍﻟﺘﻠﻬﻒ ﻭﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻲ ﺃﺧﺒﺎﺭﺍ).(3
ﻭﻻ ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻛﺎﻟﻨﺪﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﱪﻩ
ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺇﻧﺸﺎﺀ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺇﱃ ﺣﺪ ﺍﳉﺰﻡ ﺑﺄﻥ ﻛﻮﻥ " ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﲨﻠﺔ
ﻚ ﻓﻴﻪ") ،(4ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﳒﺪ ﻃﺮﺣﺎ ﻭﻣﻨﻮﺍﻻ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺎ ﺁﺧﺮ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺎ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ )ﹶﺃ ﻣ ﺮ( ﻻ ﺷ
ﻳﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﺑﻦ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻭﻧﺪﺍﺀ ﺍﻻﺳﻢ ﻓﻘﺎﻝ " :ﺇﺫﺍ ﻧﺎﺩﻳﺖ
ﻭﺻﻔﺎ ﻓﺎﳉﻤﻠﺔ ﺧﱪﻳﺔ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻧﺎﺩﻳﺖ ﺍﲰﺎ ﻓﺎﳉﻤﻠﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺧﱪﻳﺔ") ،(5ﻭﻗﺪ ﺭﺩﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﻧﻪ "ﻻ
ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻻﺳﻢ ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ").(6
ﻫﺎﺗﻪ ﺍﳊﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻃﺒﻌﺖ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﲡﺎﻩ ﺃﻭ ﺣﻴﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﲡﻌﻠﻨﺎ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﻧﺴﻠﹼﻢ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺩﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﻭﺿﻌﻮﻩ ﱂ ﻳﻜﻦ
ﻣﺮﺿﻴﺎ ﺃﻭ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺣﺎﺳﻢ ،ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺫﻟﻚ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﱃ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﰲ ﻛﺜﲑ
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﺍﳉﻮﻳﲏ.147-146/1 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.147/1 ،
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.147/1 ،
) (4ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺃﺑﻮ ﺣﻴﺎﻥ.304/2 ،
) (5ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.304/2 ،
) (6ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.304/2 ،
179
ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﳛﺮﻙ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﺮﺍﻛﺎ ﺗﻠﻔﻴﻘﻴﺎ ،ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳌﺴﻨﺎﻩ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﺄﻣﻞ
ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ،ﺣﻴﺚ ﻋﺪﻩ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺧﱪﺍ ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﺇﻧﺸﺎﺀ ،ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﻎ ﳏﺾ
ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻱ ،ﻓﻘﺪ ﻓﺴﺮ ﲨﺎﻋﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ "ﻳﺎ ﺯﻳﺪ" ﺑـ ﺃﻧﺎﺩﻱ ﺯﻳﺪﺍ)،(1ﻭﻫﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﲢﺘﻤﻞ
ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ،ﻭﲟﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﺧﱪﻳﺔ ،ﰲ ﺣﲔ ﱂ ﻳﺴﻠﹼﻢ ﻃﺮﻑ ﺁﺧﺮ ﺬﺍ
ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ،ﺫﻟﻚ " ﺃ ﹼﻥ ﺍﳋﱪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻧﺎﺩﻱ ﺯﻳﺪﺍ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻓﺎﻷﻭﻝ ﻳﻨﺸﺊ ﻓﻌﻼ ﻫﻮ
ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﳜﱪ ﻋﻨﻪ ").(2
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻏﺪﺍ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻪ ﺻﻠﹼﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺿﺮﻭﺭﺓ
ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺣﻀﻮﺭ ﺃﻭ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﳌﻌﻴﺎﺭ )ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ( ﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﳎﺪﻳﺎ ﺃﻭ
ﺳﺒﻴﻼ ﻣﺴﻌﻔﺎ ﻭﺣﺎﲰﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻭﻗﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﻮﻥ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﻭﻥ ،ﻓﺒﻌﺪ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﺧﺘﺒﺎﺭ
ﻃﻮﻳﻞ ﻷﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ )ﺍﳋﱪ ﻭﺍﻹﻧﺸﺎﺀ( ﺧﻠﺺ ﺃﻭﺳﱳ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ "ﻟﻘﺪ
ﺍﻛﺘﺸﻔﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﲤﻴﻴﺰ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﺎﺕ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﳋﱪﻳﺔ ")،(3ﺇﺫ "ﻻ
ﻳﻜﺎﺩ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﲜﻼﺀ ﻋﻦ ﺍﳋﱪ").(4
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻋﺪﻡ ﺍﳌﻴﺰ ﺣﺪﺍ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺇﱃ ﺭﻓﺾ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﺪﻳﺚ
ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﳋﱪ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﺑﻘﻮﻟﻪ ":ﻓﺎﳊ ﻖ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﺭ
ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﳋﱪ ﻏﻨـ ﻲ ﻋﻦ ﺍﳊ ﺪ ﻭﺍﻟﺮﺳﻢ") ،(5ﻭﻳﺄﰐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺄﺻﻴﻞ ﻟﻔﻚ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.304/2 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.304/2 ،
(3) Quand dire c est Faire, J.L.Austin, P109.
(4) Quand dire c est Faire, J.L.Austin, P109.
) (5ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ.896/3 ،
180
ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﹼﰒ ﺟﺎﺀ ﻟﻴﺜﺒﺖ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻲ ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﹶﺐ ،ﺇﺫ
" ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺴﻦ ﻓﻴﻪ ﺍﳋﱪ ،ﻭﳝﻴﺰﻩ ﻋﻦ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺴﻦ
ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻣﺮ")(1؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻣﺘﺼﻮﺭﺓ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﺑﺪﻳﻬﻴﺎ.
ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ:
ﺃﻭﱃ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﻧﺸﺎﺀ ،ﻭﺃﻓﺮﺩﻭﻩ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻤﺤﻴﺺ ﳌﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺈﻧﻔﺎﺫ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ؛ ﺃﻱ ﻟﺼﻠﺘﻪ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻫﺪﻑ
ﺍﳌﺸﺮﻉ ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ،ﻓﺨﺼﻮﻩ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻩ ﺑﺒﻌﺪ ﻧﻈﺮ ﻭﺗﺄﻣﻞ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺸﺄﻥ " :ﻧﻈﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﰲ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ،ﻟﻌﺪﻡ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﳊﻜﻢ ﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ").(2
ﻭﻳﺄﰐ ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ "ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ" ،ﻭﺧﺼﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﺸﺎﻏﻞ ﻓﻮﻕ ﻟﺴﺎﱐ
ﻭﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ "ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻻﺑﺘﻼﺀ ﻳﻘﻊ ﻤﺎ ﻭﲟﻌﺮﻓﺘﻬﻤﺎ ﺗﺘ ﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﻳﺘﻤﻴﺰ ﺍﳊﻼﻝ ﻋﻦ
ﺍﳊﺮﺍﻡ") (3ﻭﺃﻓﻀﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﻏﻞ – ﺍﻟﻔﻮﻕ ﻟﺴﺎﱐ – ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺭ ﻟﺴﺎﱐ ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﰲ
ﻣﺪﻭﻧﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ " ﺃﺣ ﻖ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ") ،(4ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﱂ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻦ
ﺧﻮﺍﺀ ﺃﻭ ﻓﺮﺍﻍ ﺇﻧﻤﺎ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ ﺗﺎﻡ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ " ﺧﻄﺎﺏ ﺍﷲ ﻋ ﺰ ﻭﺟ ﹼﻞ ﻭﺧﻄﺎﺏ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﹼﻰ
ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﹼﻢ ﻏﺎﻟﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻻ ﳜﻠﻮﺍ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻣﺮﺍ ﺃﻭ ﻴﺎ ").(5
ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﻘﻄﻊ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺃﺷﻮﺍﻃﺎ ﻭﻳﺘﺠﻨﺐ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ،ﻭﻳﺮﻛﹼﺰ ﰲ
ﻣﺴﺎﺀﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﺇﻟﹼﺎ ﻭﻳﺘﺒﺪﻯ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺃﺑﻨﻴﺘﻪ ﺃﺑﻌـﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺎ
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.897/3 ،
) (2ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ ،ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ.177/1 ،
) (3ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ،ﲢـ :ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺍﻷﻓﻐﺎﱐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺳﻨﺔ 1372ﻫـ ،
ﺹ.11
)(4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.11
)(5ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻠﻤﻊ ،ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺸﲑﺍﺯﻱ ،ﲢـ :ﻋﺒﺪ ﺍﻴﺪ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
.191/1،1988
181
ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻜﹼﺮﻳﻦ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺗﻨﺎﺯﻋﻮﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ –ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﻣﺮ – ﻧﺰﺍﻋﺎ ﻣﺴﺘﻤﺪﺍ ﻣﻦ
ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻭﻣﻠﺨﺺ ﺍﻟﻨـﺰﺍﻉ ﻧﺼﻪ ﻫﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﺼﻴﻐﺔ ﺃﻭ ﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺗﻘﺘﺮﻥ
ﺑﻪ؟).(1
ﻣﺎ ﻧﻠﺤﻈﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﻄﻰ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﻱ ﻟﻠﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﺑﺮﻭﺯ ﺛﻼﺛﺔ ﺁﺭﺍﺀ ،ﳝﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﺍﳉﺰﻡ
ﺑﻨﺒﺎﻫﺔ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﺣﻴﺚ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻧﻔﺘﺢ ﻭﳔﻀﻊ ﺑﻨﺎﺀﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻭﻧﻔﺤﺼﻪ ﲟﺠﻬﺮ ﺍﻟﺘﻔﻜﹼﺮ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﺮ
ﺇﻟﹼﺎ ﻭﺗﺒﺪﻯ ﻭﺗﻮﻃﹼﻦ ﺩﻭﺭ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﻣﺪﻯ ﲢﻜﻤﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﻭﺍﻟﺘﻘﻌﻴﺪ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
ﻓﺎﻷﺻﻮﱄ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﳛﺎﻭﻝ ﺟﻬﺪﻩ ﻻ ﻷﺟﻞ ﺗﻄﻮﻳﻊ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﲟﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﺇﳕﺎ ﳜﻀﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﳋﻠﻔﻴﺘﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﳝﺎﺭﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻟﺘﻨﺴﺠﻢ ﻭﺑﻨﺎﺀﻩ
ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ.
ﻓﺎﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳝﺜﹼﻠﻮﻥ ﻃﺮﻓﺎ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻷﻭﻝ ﰲ ﺍﳌﺴﺎﺀﻟﺔ ﺟﻨﺤﻮﺍ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺩﺍﻻ
ﻟﺴﺎﻧﻴﺎ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻳﻨﻮﺏ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﺃﻛﹼﺪﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ
ﺺ ﺑﻪ")"،(2ﺗﺪ ﹼﻝ ﲟﺠﺮﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭ ﺍﻷﻭﺯﺍﻋﻲ ،ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ" :ﻟﻸﻣﺮ ﺻﻴﻐﺔ ﲣﺘ
ﻛﻮﺎ ﺃﻣﺮﺍ")(3؛ ﻟﻴﺆﻛﹼﺪﻭﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﻭﺇﻧﻄﺎﻕ ﺍﳌﻌﲎ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺪﻟﻮﺍ ﰲ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﻢ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻋﻦ
ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺒﻨﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻨﺎﻩ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺭ ﺁﺧﺮ ﺗﺪﺍﻭﱄ ﻳﺒﺪﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻄﺎﻭﻋﺔ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ
ﻣﻊ ﻣﻨﺤﺎﻫﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ،ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻬﻢ ﺭﺃﻭﺍ ﺃ ﹼﻥ " ﺍﻷﻣﺮ ﻻ ﺻﻴﻐﺔ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻳﺪ ﹼﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﲟﺠﺮﺩﻩ ﻋﻠﻰ
ﻛﻮﻧﻪ ﺃﻣﺮﺍ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻣﺮﺍ ﺑﻘﺮﻳﻨﺔ ﺗﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ") ،(4ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﻭﺟﺪﻭﺍ ﻣﺴﺎﺭﺍ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.415-414-413/1،
) (2ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ،ﲢـ :ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
،1994ﺹ.190
) (3ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺃﺑﻮ ﺣﻴﺎﻥ.282/3 ،
) (4ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.415/1 ،
182
ﺁﺧﺮ ﺑﻨﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺼﻮﺭﻫﻢ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﺊ ﻭﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛﻮﺎ
ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺍﳌﺴﻌﻒ ﻟﻜﺸﻒ ﺍﳌﺨﺒﻮﺀ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﺍﻟﺼﻌﺐ ﲢﺼﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﳎﺮﺩ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ.
ﻭ ﻣﻊ ﺃ ﹼﻥ ﺗﺼﻮﺭﻫﻢ ﻳﺮﻛﻦ ﺇﱃ ﺃﺳﺎﺱ ﺗﺪﺍﻭﱄ ﲝﺔ ﺇﻻ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ ﺭﻛﺒﻬﻢ ﻭﺃﺟﻠﺐ
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﻴﺚ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﰲ ﻧﻮﻉ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻫﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻝ:
ﺍﻓﻌﻞ ،ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﳚﺎﺩ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﺻﺎﺭ ﺃﻣﺮﺍ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺮﻱ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺃﻣﺮﺍ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ
ﻣﻦ ﻗﺎﻝ :ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺷﻴﺌﲔ ،ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ،ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻣﺮﺍ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ
ﺍﻋﺘﱪ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ،ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ،ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﺎﻟﺼﻴﻐﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺮ).(1
ﻭﺣﺮﺍﻛﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺟﻌﻞ ﻏﲑﻫﻢ ﻳﻬﺪﻡ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﻓﻜﺮﻫﻢ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺮﺭ ﺃﺑﻮ
ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺑﻄﻼﻥ ﺗﺼﻮﺭﻫﻢ ،ﻭﻭﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﺰﺍﻣﻬﻢ " ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻓﻌﻞ ﻣﻊ
ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺁﻣﺮﺍ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻫﻮ ﳏﺎﻝ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ") ،(2ﻫﺬﺍ ﺍﳍﺪﻡ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻭﻏﲑﻩ
ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻳﻘﻴﻢ ﻭﻳﺸﻴﺪ ﺻﺮﺣﺎ ﺁﺧﺮ ﺑﺪﻳﻼ ﳝﺜﹼﻞ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ،ﺇﺫ ﺍﻋﺘﱪﻭﺍ " ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻌﲎ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻵﻣﺮ") ،(3ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﻪ
ﻟﻴﺲ ﲟﺮﺳﻮﻡ ﻟﻔﻈﻲ ﻭﺇﳕﹼﺎ ﳐﺒﻮﺀ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺄﺻﻮﺍﺕ ﻭﺃﻟﻔﺎﻅ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﻣﺮﺍ ﻭ ﻻ
ﻴﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻨﻪ.
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺻﻨﻴﻊ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﻧﺘﺎﺟﻪ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻳﻌ ﺪ ﰲ ﺣ ﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﺇﳒﺎﺯﺍ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﻓﻜﺮﻩ ﻭﺗﻮﺟﻬﻪ ،ﺑﻴﺪ
ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﳝﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻴﻊ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻟﻠﻔﻌﻞ ،ﻭﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﲢﻜﻤﻴﺔ
ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺫﻟﻚ ﺃﺎ ﺗﻔﺮﺽ ﺩﻭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻜﻠﹼﻒ ﻭﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﻗﻮﺓ ﻛﻼﻣﻴﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﺄﰐ ﺍﻷﺻﻮﱄ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.415/1 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.415/1 ،
) (3ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.415/1 ،
183
ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻗﺎﺭﺋﺎ ﺧﺒﲑﺍ ﻭﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻟﻴﻤﻴﺰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻹﳒﺎﺯﻱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﺮﺷﺪﻩ
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻧﻠﺤﻈﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
" -1ﺃﻗﻴﻤﻮﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ ").(1
" -2ﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﺷﺌﺘﻢ ").(2
" -3ﻛﻠﻮﺍ ﻣﻤﺎ ﺭﺯﻗﻜﻢ ").(3
" -4ﻓﺎﺻﺒﺮﻭﺍ ﺃﻭ ﻻ ﺗﺼﺒﺮﻭﺍ ").(4
" -5ﻓﺎﺫﻫﺐ ﺃﻧﺖ ﻭﺭﺑﻚ ﻓﻘﺎﺗﻼ ").(5
-6ﺃﻻ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺃﻻ ﺍﳒﻞ).(6
ﺗﺸﺘﺮﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻄﺎﺑﺎﺕ ﰲ ﻭﺣﺪﺓ ﻛﻼﻣﻴﺔ ﺇﳒﺎﺯﻳﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﺗﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺼﺮﻓﻴﺔ
"ﺍﻓﻌﻞ" ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﻗﺪ ﺣﺪﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﺍﳌﺘﻀﻤﻨﺔ،
ﻓﺎﳌﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﺍﻷﻭﱃ ﻫﻮ ﺍﷲ ﻋ ﺰ ﻭﺟ ﹼﻞ ﻭﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ ﻫﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻧﻄﻖ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ،ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ
ﳚﻌﻞ ﺍﳊﺪﺙ ﻏﲑ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻟﻠﻔﻌﻞ "ﺍﻓﻌﻞ" ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﳌﻠﺰﻡ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻔﻌﻞ
"ﺍﻓﻌﻞ" ﻟﻪ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ،ﻭﰲ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ
ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﺘﻬﻜﹼﻢ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ،ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﻣﺪﺭﻛﺔ ﻋﻠﻰ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳊﺪﺙ ﻏﲑ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ.
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.43:
) (2ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺼﻠﺖ ،ﺍﻵﻳﺔ.40:
) (3ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.88:
) (4ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻄﻮﺭ ،ﺍﻵﻳﺔ.16:
) (5ﺳﻮﺭﺓ ﺍﳌﺎﺋﺪﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.24:
) (6ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻣﺮﺅ ﺍﻟﻘﻴﺲ ،ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺎﺝ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ،ﺻﺤﺤﻪ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺷﻨﺐ ،ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ،
ﺳﻨﺔ ،1974ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺹ.81
184
ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﺘﻀﻤﻨﺔ ﰲ ﻓﻌﻞ ﺍﻷﻣﺮ:
ﱂ ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﰲ ﻣﻌﺎﺩﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﱪ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻌﻼ
ﺇﳒﺎﺯﻳﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﺳﺘﻘﺼﻮﺍ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﺘﻀﻤﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻹﳒﺎﺯﻱ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻳﻦ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ
ﺍﻟﺘﺤﻘﹼﻖ ،ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ،ﻭﻳﺄﰐ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻟﻴﻜﺸﻒ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﻳﺒﻴﻦ
ﺍﳌﺴﺎﺀﻟﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺣﻈﻲ ﺎ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺍﳌﻨﺠﺰ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
ﻗﺎﻃﺒﺔ.
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﳜﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻗﺎﺭﺉ ﺃﺻﻮﱄ ﻵﺧﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ
ﻭﰲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﻏﲑ ﺃﻧﻪ ﻳﻈﻞ ﻣﻔﺘﺤﺎ ﻭﳏﻔﻼ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺃﺿﺎﺀ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ
ﺗﺸﻜﹼﻞ ﻗﻄﺐ ﺭﺣﻰ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻭﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﺗﺮﻙ ﻓﺴﺤﺔ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﺍﻵﱐ
)ﺍﳉﺪﻳﺪ( ﻟﻴﺤﺮﻙ ﺍﳌﺴﺎﺀﻟﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻳﻔﺤﺼﻬﺎ ﻗﺼﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﻪ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ
ﺍﻟﺘﺠﻠﹼﻲ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﹼﻖ.
ﺺ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﻭﻝ ،ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﺤﻘﹼﻖ ﻋﺮﻑ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺗﺒﺎﻳﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﳜ
)(1
ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﳒﺎﺯﻳﺔ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺍﻓﺘﺮﻗﻮﺍ ﺇﱃ ﻣﺬﺍﻫﺐ ﺛﻼﺛﺔ:
ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻷﻭﻝ :ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺮﲨﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺇﱃ ﻭﺍﻗﻊ ﻋﻤﻠﻲ ﻭﺍﺟﺐ ،ﻭﻻ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﺇﻟﹼﺎ
ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ،ﻭﲨﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻤﲔ.
ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺫﻫﺐ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺇﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻹﳒﺎﺯﻱ ﻭﲡﺴﺪﻩ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﻔﻴﺪ
ﺍﻟﻨﺪﺏ ﻭﻫﻮ ﻣﻨﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻏﲑﻩ.
ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻳﻌ ﺪ ﻣﺬﻫﺒﺎ ﺗﻮﻓﻴﻘﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﻋ ﺪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺻﻴﻐﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﲔ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﻭﺍﻟﻨﺪﺏ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻖ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﲢـ :ﺃﺑﻮ ﻣﺼﻌﺐ ﳏﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﺪﺭﻱ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻁ ،8ﺳﻨﺔ ،2007ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.169
185
ﻓﺈﺭﻏﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻨﺺ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻼﺣﻆ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ،ﺑﻞ ﺃﳉﺄﺗﻪ ﺇﱃ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘـﺘﺮﺓ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻫﺎﺗﻪ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﱂ
ﲡﺪ ﻣﻨﺤﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﺜﺒﺖ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻹﳒﺎﺯﻱ ﻟﻠﻤﻠﻔﻮﻅ ،ﻭﻣﺎﺩﺍﻡ ﻓﻌﻼ ﻻﺑﺪ
ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻭﻳﺮﺗﺴﻢ ﻭﻳﺘﺤﻘﹼﻖ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈﻧﻔﺎﺫ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﲨﻠﺘﻪ ﻫﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻣﺘﺜﺎﻝ
ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺧﻲ؟ ،ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﻣﺆﻛﹼﺪﺍ ﳌﺎ ﹼﰎ ﺗﻘﺮﻳﺮﻩ
ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺑﻄﻪ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﺑﺎﻟﺘﺤﻘﹼﻖ ﻭﺍﻟﺘﺠﺴﺪ – ﻓﻬﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﱂ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ
)(1
ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮ ،ﻭﻫﻲ ﻛﺎﻵﰐ:
-ﻭﺟﻬﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻷﻭﱃ :ﻧﺎﺩﺕ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﲡﺴﻴﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﲡﺴﻴﺪﺍ ﻓﻮﺭﻳﺎ.
-ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﺭﺗﺄﺕ ﺳﻠﻮﻙ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻴﺴﲑ ﻓﻨﺎﺩﺕ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺧﻲ.
-ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻧﺎﺩﺕ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺑﺼﺮ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻷﺻﻮﱄ
ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﺄﺧﲑ ﻗﺮﺭ ﺍﻟﺘﺮﺍﺧﻲ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺑﺼﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺃﻛﹼﺪﻩ.
-ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺃﺧﲑﺓ ﻧﺰﻋﺖ ﳓﻮ ﻣﺴﻠﻚ ﻣﻐﺎﻳﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻋﻤﺪﺕ ﺇﱃ ﺗﺒﲏ ﻣﻮﻗﻒ ﳏﺎﻳﺪ
ﺇﺫ ﺭﺃﺕ ﺃﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺧﻲ .ﻓﻬﻲ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺳﻠﻜﺖ
ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﻠﻚ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺇﻻ ﺃﺎ ﱂ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﲣﻔﻲ ﺗﺒﻨﻴﻬﺎ ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻓﻀﻠﻴﺔ ﺍﳌﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﱃ ﺇﻳﻘﺎﻉ
ﺍﻟﻔﻌﻞ.
ــــــــــ
)(1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.178
186
ﺗﺼﻮﺭ ﺍﳌﺴﺎﻗﻲ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ:
ﲤﺜﹼﻞ ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﰲ ﻣﲑﺍﺙ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻧﻮﺍﺓ ﺧﺼﻴﺒﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ
ﻛﺎﻥ ﳘﹼﻬﺎ ﺍﻷﻭﺣﺪ ﻭﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻛﺸﻒ ﻧﻘﺎﺏ ﺩﻻﻻﺕ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺑﺈﻳﻐﺎﻝ ﻓﻜﺮ ﰲ ﻣﻘﺎﺻﺪﻳﺘﻪ
ﻭﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﻬﺎﺗﻪ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﻘﺪﱘ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻣﺴﺘﺴﺎﻍ ﻭﺍﻹﺳﻬﺎﻡ
ﰲ ﻓﻚ ﺷﻔﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻭﻗﻔﻨﺎ ﺍﻟﺒﺴﻂ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﳌﺘﻮﺧﻰ ﺃﻣﺎﻡ
ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﻣﻘﺎﺻﺪﻳﺔ ﺗﺸﻜﹼﻞ ﻣﻨﻮﺍﻻ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺎ ﻗﻴﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﻭﻳﻜﻔﻞ ﻣﻮﺿﻌﺔ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺛﺒﺘﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﺟﻬﺎﺽ ﺩﻻﱄ ﺃﻭ ﺧﻨﻮﻉ ﺗﺎﻡ ﻟﻠﺘﺄﻭﻳﻞ.
ﻭﳍﺬﺍ ﻧﻠﻤﺢ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ "ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺗﻔﻮﻳﺖ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ
ﻳﺮﻭﻡ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻟﻴﺸﻬﺪ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺗﻪ") ،(1ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺘﻌﻘﹼﺐ ﻭﺿﺒﻂ ﺩﻻﻟﺔ
ﺍﻟﻨﺺ ﻭﻣﻘﺎﺻﺪﻩ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ ﺗﻮﻗﻔﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺗﺮﺗﺒﻂ
ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ).(2
-ﺍﻷﻭﱃ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻛﻮﻥ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻓﺘﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻥ ﻣﻄﻠﻘﺔ.
-ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻛﻮﻥ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻣﻘﻴﺪﺓ ﻓﺘﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻥ ﺧﺎﺩﻣﺔ ﻟﻸﺻﻠﻴﺔ.
ﻭﳒﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺤﺺ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳋﺒﲑ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺭ ﻣﻌﺮﰲ ﺭﺻﲔ ﻳﺮﻯ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﻨﺎﺀ
ﺑﺎﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﺒﺜﻮﺛﺔ ﰲ "ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻫﻲ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﺎ
ﺑﺎﳌﻌﺎﱐ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺻﻠﺤﺖ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ") ،(3ﹼﰒ ﻣﺎ ﻟﺒﺖ ﺃﻥ ﺃﻋﻠﻦ ﻗﺮﺍﺭﺍ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺎ ﳏﻀﺎ
ﻳﺮﻯ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻘﺼﻮﺩ " ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻔﻘﹼﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺑﻞ ﺍﻟﺘﻔﻘﹼﻪ ﰲ ﺍﳌﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻣﺎ ﺍﳌﺮﺍﺩ
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ:ﻗﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﻧﺸﺄﺓ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ،ﺍﻟﺼﻐﲑ ﻋﺒﺪ
ﺍﻴﺪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻨﺘﺨﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ ،1994ﺹ.182
) (2ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ،ﻣﺼﺮ) ،ﺩ ﺕ ﻁ(.188/1 ،
) (3ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.87/2 ،
187
ﻣﻨﻪ") (1ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﱃ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻣﻦ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ
ﺇﱃ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ.
ﻭﳑﺎ ﺍﻧﺒﲎ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ:
ﺃ-ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﻣﻌﻬﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﳎﺎﺭﻱ ﺧﻄﺎﺎ ،ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﳍﻢ ﰲ "ﻟﺴﺎﻢ ﻋﺮﻑ
ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻓﻼ ﻳﺼ ﺢ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﻋﻨﻪ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ،ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﹼﰒ ﻋﺮﻑ ﻓﻼ ﻳﺼ ﺢ ﺃﻥ
ﳚﺮﻱ ﰲ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻪ") ،(2ﻭﻣﻦ ﺳﻨﻨﻬﺎ ﰲ ﺗﺼﺮﻳﻒ ﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﲣﺎﻃﺐ
ﺑﺎﻟﻌﺎﻡ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﺑﺎﻟﻌﺎﻡ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﳋﺎﺹ " ﻭﺗﺴﻤﻲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﺄﲰﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ
ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺑﺎﺳﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻛ ﹼﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻋﻨﺪﻫﺎ") ،(3ﻭﻗﺪ ﺃﻛﹼﺪ ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ
ﺫﻟﻚ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ﺑﻘﻮﻟﻪ ":ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻼﻣﺎﻥ ﻣﺘﺼﻠﲔ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ
ﺧﺎﺻﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻋﺎﻣﺎ").(4
ﺏ -ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﲢﻮﻻﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻭﺭﺻﺪ
ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﻴﻬﺎ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺗﻌﻔﻲ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻗﺒﻠﻬﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻛﹼﺪ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻓ ﻦ ﺇﻟﹼﺎ ﻭﻫﻢ ﻣﻌﺘﺮﻓﻮﻥ
ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﺼﻄﻠﺤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﻳﺘﻔﺎﳘﻮﻥ ﺎ ﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ) (...ﺃﻟﻔﺎﻅ
ﻳﻌﺒﺮﻭﻥ ﺎ ﻋﻦ ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﻢ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻋﺮﻓﻴﺔ ﻋﺮﻓﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻭﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﺎ ﻏﲑ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻨﻬﺎ
ﰲ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ").(5
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.410/3 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.82/2 ،
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.66/2 ،
) (4ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﺴﺎﺋﻠﻬﺎ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﲢـ:ﻋﻤﺮ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺍﻟﻄﺒﺎﻉ ،ﺩﺍﺭ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ ،1993ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.214
) (5ﺩﺭﺀ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻨﻘﻞ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ.222/1 ،
188
ﺝ -ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻋﻨﺪ ﺇﻣﻌﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺑﲔ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻹﻓﺮﺍﺩﻳﺔ ﻭﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ
ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺒﻴﺔ ﻭﻳﻨﺺ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻹﻓﺮﺍﺩﻳﺔ ،ﻭﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺘﲔ ﻣﻌﺎ ﻳﺼﺎﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ،ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ "ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻹﻓﺮﺍﺩﻱ ﻗﺪ ﻻ
ﻳﻌﺒﺄ ﺑﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﱯ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﺩﻭﻧﻪ").(1
ﺩ -ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻩ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﰲ ﺿﺒﻂ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻠﺤﻆ ﻭﺟﻴﻪ ،ﻭﺍﳌﺘﺘﺒﻊ ﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ
ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺘﻪ ﳚﺪﻫﺎ ﺃﺿﺒﻂ ﻭﺃﴰﻞ ،ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﲟﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻨﺪ ﻏﲑﻩ،ﻭﳝﻜﻦ ﺣﺼﺮﻩ ﰲ ﺍﻷﻧﻮﺍﻉ
)(2
ﺍﻵﺗﻴﺔ:
-1ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ:
ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﲎ ﺑﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﻄﺎﻟﻌﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ "ﻛﻼﻡ
ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻻﺑ ﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﳌﺴﺎﻕ") ،(3ﻭﻫﻮ ﻧﻮﻋﺎﻥ:
-1-1ﺳﻴﺎﻕ ﻟﻐﻮﻱ ﰲ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻹﻓﺮﺍﺩﻱ ،ﻣﺪﺍﺭﻩ ﺃ ﹼﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﺘ ﻢ ﺇﻟﹼﺎ
ﺑﺮ ﺩ ﺃﻭﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺁﺧﺮﻩ ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻃﺮﺍﻓﻪ ،ﻭ"ﻻ ﻳﺼ ﺢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ
ﺑﻌﺾ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺇﻟﹼﺎ ﰲ ﻣﻮﻃﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﲝﺴﺐ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﻻ ﲝﺴﺐ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ").(4
-2-1ﺳﻴﺎﻕ ﻟﻐﻮﻱ ﰲ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ،ﻭﺃﺳﺎﺳﻪ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻣﻼﻙ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ
ﻷ ﹼﻥ "ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺗﻄﻠﻖ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﲝﺴﺐ ﻣﺎ ﻗﺼﺪﺕ ﺗﻌﻤﻴﻤﻪ ﳑﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﺧﺎﺻﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﲝﺴﺐ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻹﻓﺮﺍﺩﻱ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﻄﻠﻘﻬﺎ
ﻭﺗﻘﺼﺪ ﺎ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﻣﺎ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺃﺻـــﻞ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻘﺘﻀﻰ
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.87/2 ،
) (2ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ،ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻃﺒﻌﺔ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﻭﺍﻟﺸﺆﻭﻥ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺹ 235ﻭﺑﻌﺪ.
) (3ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.153/3 ،
) (4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.414-413/3 ،
189
ﺍﳊﺎﻝ").(1ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ﻭﺍﻷﻭﻝ ﻗﻴﺎﺳﻲ" ،ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﰲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ﺇﺫﺍ ﻋﺎﺭﺽ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻲ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﱄ").(2
-3-1ﺳﻴﺎﻕ ﻟﻐﻮﻱ ﰲ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻷ ﹼﻥ "ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺇﱃ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﱄ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻮﺿﻊ
ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻱ").(3
-2ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ:
ﻣﺪﺍﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ "ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ؛ ﺣﺎﻝ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻧﻔﺲ ﺍﳋﻄﺎﺏ
ﺃﻭ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﺃﻭ ﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ ﺃﻭ ﺍﳉﻤﻴﻊ ،ﺇﺫ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﳜﺘﻠﻒ ﻓﻬﻤﻪ ﲝﺴﺐ ﺣﺎﻟﲔ
ﻭﲝﺴﺐ ﳐﺎﻃﺒﲔ ،ﻭﲝﺴﺐ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ").(4
-3ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﻨـﺰﻳﻞ:
ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﻕ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ،ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ "ﻻﺯﻣﺔ ﳌﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﻋﻠﻢ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ") (5ﻭﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻨﺪ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺇﱃ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻭﺃﺯﻣﻨﺔ ﻭﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﻜﻠﹼﻔﲔ؛ ﻷ ﹼﻥ
"ﺍﳌﺴﺎﻗﺎﺕ ﲣﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺯﻝ").(6
-4ﺳﻴﺎﻕ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ:
ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺇﻳﻐﺎﻝ ﻓﻜﺮ ﻭﻧﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻞ ﻭﺗﻔﺎﺭﻳﻖ ﺍﻷﻣﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺃﻭﺟﻪ ﺍﳊﻜـــﻢ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.269/3 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.369/3 ،
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.275/3 ،
) (4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.347/3 ،
) (5ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.347/3 ،
) (6ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.413/3 ،
190
ﻭﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻜﻠﹼﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﰲ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺮﻉ ،ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﳌﺴﺎﻕ
ﺺ ﲟﻌﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﲟﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ") ،(1ﲤﻴﻴﺰﺍ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﺴﺎﻕ ﺍﳊﻜﻤﻲ "ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﳜﺘ
ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﺭﻙ ﲟﻄﻠﻖ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ .ﻭﻳﺸﲑ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﺇﱃ"ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ
)(2
ﺍﻟﱵ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺴﻤﺎﻥ :ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺇﱃ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﻜﻠﹼﻒ"
)(3
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺮﻙ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﻜﻠﹼﻒ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﻨﻮﻳﻊ ﻧﻮﻉ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺇﱃ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻫﻲ:
ﺃ " -ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﰲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ".
ﺏ "-ﻗﺼﺪﻩ ﰲ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻟﻺﻓﻬﺎﻡ".
ﺝ"-ﻗﺼﺪﻩ ﰲ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻟﻠﺘﻜﻠﻴﻒ ﲟﻘﺘﻀﺎﻫﺎ".
ﺩ"-ﻗﺼﺪﻩ ﰲ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﳌﻜﻠﹼﻒ ﲢﺘﻬﺎ".
ﻭﻳﻜﺘﺴﻲ ﺍﳌﻘﺼﺪ ﺍﻷﻭﻝ )ﺃ( ﺃﳘﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺒﺤﺚ ﺍﻷﺻﻮﱄ
ﺇﱃ ﺩﺭﺟﺔ ﺟﻌﻠﻪ –ﺣﺴﺐ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺩﺭﺍﺯ -ﻛﺎﻷﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ "ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﻋﺪﺍﻩ ﻛﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ
ﻟﻪ") ،(4ﻭﻗﺪ ﻗﺴﻤﻪ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:
-1-4ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ :ﺍﻟﱵ"ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﻗﻴﺎﻡ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ") ،(5ﻓﺈﻥ ﻓﻘﺪﺕ
ﺃﻭ ﺍﳔﺮﻣﺖ ﱂ ﲡﺮ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺧﲑ ،ﻭﺗﺴﻤﻰ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺍﳋﻤﺲ ﻭﻫﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﺍﻟﻨﺴﻞ ،ﻭﺍﳌﺎﻝ ،ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ.
-2-4ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﺍﳊﺎﺟﻴﺔ :ﻭﻫﻲ "ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﺍﳌﺆﺩﻱ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺇﱃ ﺍﳊﺮﺝ ﻭﺍﳌﺸﻘﺔ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ
ﺑﻔﻮﺕ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ" ،ﻭﺑﻌﺪﻡ ﻣﺮﺍﻋﺎﺎ ﳛﺼﻞ "ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﺍﳌﺘﻮﻗﻊ ﰲ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ").(6
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.276/3 ،
) (2ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ،ﲢـ:ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ ﺁﻝ ﺳﻠﻤﺎﻥ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ .3/2 ،1997
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ .4/2 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﳛﲕ ﺭﻣﻀﺎﻥ...165 ،
) (4ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ،ﲢـ :ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺩﺭﺍﺯ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ.50/2 ،
) (5ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.7/2 ،
) (6ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.9/2 ،
191
-3-4ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺘﺤﺴﻴﻨﻴﺔ :ﻭﻫﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﺟﻌﺎ "ﺇﱃ ﳏﺎﺳﻦ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻞ ﺍﳌﺼﺎﱀ
ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﳊﺎﺟﻴﺔ ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﺪﺍﺎ ﺑﺄﻣﺮ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻭﻻ ﺣﺎﺟﻲ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺟﺮﺕ ﳎﺮﻯ ﺍﻟﺘﺤﺴﲔ
ﻭﺍﻟﺘﺰﻳﲔ") ،(1ﻓﺎﻟﻐﺮﺽ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﺤﺴﲔ ﻭﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻞ.
-5ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ:
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺣﺎﺿﺮ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﳌﺒﺎﺣﺚ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ؛ ﻷﻥ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﰲ
ﺣ ﺪ ﺫﺍﺗﻪ "ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻛﻠﻴﺎﺕ ﺍﻷﺩﻟﹼﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﺘﻬﺪ ﻧﺼﺐ ﻋﲔ ،ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ
ﺳﻬﻠﺔ ﺍﳌﻠﺘﻤﺲ").(2
ﻭﻳﻄﺮﻕ ﳛﲕ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﺎﺑﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ،ﻳﺸﻜﹼﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻔﻘﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﱵ ﻋﻨﺖ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ
ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﻣﻬ ﻢ ﻭﺧﻄﲑ ﰲ ﺍﻵﻥ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ
ﺍﳌﻌﻘﹼﺪﺓ ،ﻭﳚﻠﻲ ﻣﻨﻌﺮﺟﺎﺎ ،ﻭﳝﻴﺰ ﺑﲔ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺎﻭﺭﺕ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﺖ
ﰲ ﻣﻨﻬﺞ ﻭﻣﺴﺎﻃﺮ ﺗﺄﻭﻳﻠﻪ ،ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻹﺷﻜﺎﱄ":ﺑﺄﻱ ﻣﻌﲎ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﳝﻜﻦ
ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ؟") (3ﻭﺑﻠﻔﻆ ﺁﺧﺮ ":ﲟﺎﺫﺍ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻟﻪ )ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ( ﳑﺎ
ﻟﻴﺲ ﲟﻘﺼﻮﺩ ﻟﻪ").(4
ﺇ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺒﻊ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺿﻊ ﺣﲑﺓ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ
ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﺣﻴﺚ ﳒﺪ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺩﻋﺖ ﺇﱃ ﺿﺮﻭﺭﺓ " ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻤﺎ
ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﻮﻟﻪ") ،(5ﻭﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺭﺃﺕ ﻟﺰﺍﻣﺎ "ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟـﻪ
ــــــــــ
)(1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.9/2 ،
) (2ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.38/1 ،
)(3ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﳛﲕ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،ﺹ.184
)(4ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.297/3 ،
5-Les Limites de L'interprétation, umberto Eco, tra Myriem
Bouzaher
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﳛﲕ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،ﺹGrasset, 1992, paris , p29. .186
192
ﺍﻟﻨﺺ ﰲ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﻣﺆﻟﻔﻪ") ،(1ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻷﺧﲑ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ
ﻭﺟﻮﺏ "ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﻲ ﺍﳋﺎﺹ،
ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﺃﻧﺴﺎﻕ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ" ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻭﺟﻮﺏ "ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ
ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻤﺎ ﳚﺪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺴﺎﻗﻪ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻭ/ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﻏﺒﺎﺗﻪ،
ﻭﻏﺮﺍﺋﺰﻩ ،ﻭﻧﺰﻭﺍﺗﻪ").(2
ﻭﺇﺫﺍ ﲢﺴﺴﻨﺎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﳒﺪﻫﺎ ﻻ ﲣﺘﻠﻒ ﻛﺜﲑﺍ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ
ﻣﺄﺻﻞ ﻭﻣﺴﻄﹼﺮ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺮﺽ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﻭﺗﱪﺯ
ﻣﻨﻄﻘﻬﺎ ﻭﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻋﻮﺟﺎﺟﻬﺎ ،ﹼﰒ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻟﺘﻨﺘﺞ ﻟﻨﺎ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﻧﺴﺐ ﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﻓﻌﻞ
ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ،ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺧﻄﹼﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﺗﺘﺠﺎﺫﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ،ﻻ
ﲣﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﺤﺴﺐ،ﻭﺇﻧﻤﺎ– ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺬﻟﻚ-ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺴﺎﻃﺮﻫﺎ
)(3
ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ،ﻭﻫﻲ:
-1ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺍﳊﺮﰲ:
ﺷﻌﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻭﻋﻤﻮﺩ ﻗﻔﺎﻩ "ﺍﳊﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻄﻠﻘﺎ") ،(4ﻭﻫﻮ ﻳﺆﻛﹼﺪ ﻭﻳﻠ ﺢ
ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺗﺒﺎﻉ"ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﺗﺪﺑﺮ ﻭﻻ ﻧﻈﺮ ﰲ ﻣﻘﺎﺻﺪﻩ ﻭﻣﻌﺎﻗﺪﻩ،ﻭﺍﻟﻘﻄﻊ
ﺑﺎﳊﻜﻢ ﺑﻪ ﺑﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻷﻭﻝ")،(5ﻭﻳﻨﺺ "ﺃ ﹼﻥ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺭﺃﻱ،ﻭﻛﻞ ﺭﺃﻱ
ﺧﺎﻟﻒ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻏﲑ ﻣﻌﺘﱪ").(6
ــــــــــ
(1)Ibid. P29.
(2)Ibid. p29.
)(3ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﳛﲕ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،ﺹ.188
)(4ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.297/2 ،
)(5ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.129/4 ،
)(6ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ .167/4،
193
-2ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻏﲑ ﺍﻟﻨﺼﻲ:
ﻳﺸﻜﹼﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﻴﺾ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﱪﻧﺎﻣﺞ
ﺍﻷﻭﻝ ﻳﺮﻯ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﻛﺎﻣﻨﺔ ﰲ ﺃﻣﺮ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻨﺺ ﺑﻞ ﻣﺘﺤﻜﹼﻢ ﻓﻴﻪ ،ﺇﻣﺎ ﰲ ﻓﻬﻢ
ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻌﺼﻮﻡ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ،ﺃﻭ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻨﺪ
)(1
ﺍﳌﺘﻌﻤﻘﲔ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﻭﻳﺘﻔﺮﻉ ﺇﱃ ﺿﺮﺑﲔ:
-ﺍﻟﻀﺮﺏ ﺍﻷﻭﻝ/ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ:ﻳﺘﻨﻜﹼﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻟﻠﻔﻬﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ،
ﻭﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺟﺎﺯﻣﲔ "ﺃ ﹼﻥ ﻣﻘﺼﺪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ،ﻭﻻ ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺁﺧﺮ ﻭﺭﺍﺀﻩ") ،(2ﻭﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﻘﹼﻞ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳌﻌﺼﻮﻡ" ،ﻓﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﺭﻣﻮﺯ ﺇﱃ ﺑﻮﺍﻃﻦ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﱂ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺘﻌﻠﻤﻨﺎﻫﺎ ﻣﻨﻪ") ،(3ﻭﻳﻨﺴﺐ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ
ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻲ ﺍﳌﻨﺤﺮﻑ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ،ﻳﻘﻮﻝ ":ﻭﻫﺬﺍ ﺭﺃﻱ ﻛﻞ ﻗﺎﺻﺪ ﺇﱃ ﺇﺑﻄﺎﻝ
ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ،ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ").(4
-ﺍﻟﻀﺮﺏ ﺍﻟﺜﺎﱐ/ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻋﱪ ﺍﳌﻘﻮﻻﺕ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ :ﻳﻜﺘﻨـﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ،ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﲔ ﺑﻪ "ﺟﺮﺩﻭﺍ ﺍﳌﻌﺎﱐ
)ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ( ﻓﻨﻈﺮﻭﺍ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺎ ﻭﺍﻃﺮﺣﻮﺍ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ") ،(5ﻭﻳﻌﺰﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺒﺎﺀ
ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺇﱃ "ﺍﳌﺘﻌﻤﻘﲔ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﳌﻘﺪﻣﲔ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ") (6ﺩﻭﻥ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺃﻭ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﻪ.
ــــــــــ
)(1ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ .297/2 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﺹ.190
)(2ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ.297/2 ،
)(3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.323/1 ،
)(4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.297/2 ،
)(5ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.167/4 ،
)(6ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.298/2 ،
194
-3ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻧﺴﺠﺎﻡ:
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﺍﻷﻭﻝ ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻳﻌﺪﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻴﻔﺮﺽ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ
ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﻭﳚﻬﺾ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ –ﻓﺈ ﹼﻥ ﻛﻼ ﺍﻟﻨﻈﺎﻣﲔ ﻟﻘﻴﺎ ﺭﻓﻀﺎ ﻭﻧﻜﲑﺍ
ﻭﺷﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺮ ﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﻤﺎ ،ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻔﻬﻤﺎ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﺑﺄﻗﺴﻰ ﺍﻟﻨﻌﻮﺕ ﻓﺎﺳﺤﺎ ﺑﺬﻟﻚ
ﺍﺎﻝ ﻟﻠﱪﻧﺎﻣﺞ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ،ﺍﳌﻌﺘﱪ ﻭﺳﻄﺎ ﳏﻤﻮﺩﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻣﻴﻞ ﻟﺼﺎﱀ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ
)ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ( ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ،ﻭﻻ ﳍﺬﻩ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺫﻟﻚ" ،ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ
ﺑﺎﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ) (...ﻋﻠﻰ ﺗﺘﺒﻊ ﻭﺗﻐﺎﻝ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ،ﻛﻤﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺇﳘﺎﳍﺎ ﺇﺳﺮﺍﻑ
ﺃﻳﻀﺎ") (1ﻓﻤﺮﺍﻋﺎﺓ ﻛﻼ ﺍﳉﺎﻧﺒﲔ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﺗﻮﺍﺯﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﻳﻨﺘﻔﻲ ﻣﻌﻪ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ
ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻝ ﻓﻨﻨﻈﺮ ﲝﺜﺎ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ "ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﲨﻴﻌﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻻ ﳜﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﲎ
ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،ﻟﺘﺠﺮﻱ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻗﺾ").(2
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻫﻮ "ﺍﻟﺬﻱ ﹶﺃﻣﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﲔ ،ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ
ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻘﺼﺪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ") ،(3ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﻘﹼﺐ ﻟﻠﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻬﺪﻩ
ﺍﳌﺸﻬﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺁﻥ ﺫﺍﻙ ﳜﺘﺰﻝ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﶈﻮﺭﻱ "ﲟﺎ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ؟"
)(4
ﰲ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
-1ﳎﺮﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻲ ﺍﻟﺘﺼﺮﳛﻲ.
-2ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﻠﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ.
-3ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻭﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ.
-4ﺳﻜﻮﺕ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ.
ــــــــــ
)(1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.116/3 ،
)(2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.298/2 ،
)(3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ .298/2،
)(4ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﳛﲕ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،ﺹ.197
195
ﻭﺬ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﻣﻬ ﻢ ﻭﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪﻳﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﺯﲬﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ
ﺭﺣﺒﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻛﻤﺎ ﺗﻌ ﺪ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﺗﺄﻭﻳﻠﻴﺎ ﻗﻴﻤﺎ ﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ،ﺃﺑﺎﻥ –ﻓﻴﻪ
ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ ﻭﺑﺼﲑﺓ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳋﻄﺎﺑﺎﺕ ﻭﻛﺬﺍ ﻓﺴﺎﺩ ﺑﻌﺾ
ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺇﻓﺮﺍﻁ ﺃﻭ ﺗﻔﺮﻳﻂ ﰲ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻓﻬﻢ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﳑﺎ ﺍﺿﻄﺮﻩ
ﺇﱃ ﺑﺴﻂ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻛﻦ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻓﻴﺰﺍﻭﺝ ﺑﲔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﲔ
ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ–ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ -ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺮﺽ ﻟﺴﻠﻄﺔ ﺃﺣﺪﳘﺎ
ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻓﺄﺛﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﺳﻄﻴ ﹶﺔ ﻭﺍﻋﺘﺪﺍﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻲ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺟﻮﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ
ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ.
196
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ:
ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﺍﳌﻨﺠﺰ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ.
197
ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ:
ﻟﺌﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻗﺪ ﺣﻈﻲ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﲝﻆ ﻭﺍﻓﺮ ﻳﺘﻘﺎﺑﻞ ﻓﻴﻪ ﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺚ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﺜﻴﻒ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻻﱄ-ﻓﻬﻮ ﳛﺘ ﹼﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻫﺎﻣﺔ
ﺇﺫ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﳌﻨﺪﳎﺔ ،ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻜﻒ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺄﺛﹼﺮ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ
ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺑﺸﺮﻭﻁ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ.
ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ ﻭ ﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ Anne Reboul-Jaque moeshlerﺇﱃ
ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﳌﻨﺪﳎﺔ ﻫﻲ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ،ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻓﺎﻩ ﺑﺄﻧﻪ
ﻒ ﺯﻳﺪ ﻋﻦ "ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻠﹼﻐﻪ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﻏﲑ ﺻﺮﳛﺔ") ،(1ﻭﻣﺜﹼﻼ ﻟﻪ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ "ﻛ
ﺿﺮﺏ ﺯﻭﺟﺘﻪ" ،ﺍﻟﱵ ﲢﻴﻞ ﺑﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺯﻳﺪﺍ ﻻ ﻳﻀﺮﺏ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻵﻥ )ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ
ﺍﶈﺘﻮﻯ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﺃﻭ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ( ،ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﲢﻴﻞ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﻏﲑ ﺻﺮﳛﺔ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺯﻳﺪﺍ ﺿﺮﺏ ﺯﻭﺟﺘﻪ
ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ )ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﶈﺘﻮﻯ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﺃﻭ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ( ).(2
ﻭﻗﺪ ﻗﺪﻡ ﺃﻭﺯﻭﺍﻟﺪ ﺩﻳﻜﺮﻭ Oswald Ducrotﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﳌﻀﺎﻣﲔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ
ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺎ ﻣﻨﺪﳎﺎ ﻟﻼﻗﺘﻀﺎﺀ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻋﻨﺪﻩ "ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﳋﻄﺎﺏ
ﻭﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻤﻼ ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﺧﺒﺎﺭﻳﺎ ﻣﺜﻞ "ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ
ﺣﻜﻴﻢ" ﻳﻨﺠﺰ ﺑﺼﻔﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻋﻤﻼ ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻗﺘﻀﺎﺋﻴﺎ؛ ﺃﻱ ﻋﻤﻼ ﻣﻘﻨﻨﺎ ﺍﺻﻄﻼﺣﻴﺎ ﰲ
ﺍﻟﻠﻐﺔ") ،(3ﻭﺃﻇﻬﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻴﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ ﺍﻧﺼﺮﺍﻑ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﲔ ﺁﻟﻴﺎ ﺇﱃ ﻭﺻﻒ
ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻞ ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻗﺘﻀﺎﺋﻴﺔ ،ﻭﻧﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻟﹼﺪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺃﻭ ﺗﺴﺘﻠﺰﻣﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ
ــــــــــ
) (3ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ –ﻋﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ،-ﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ ﻭﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ ،ﺗﺮ:ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺩﻏﻔﻮﺱ ﻭﳏﻤﺪ
ﺍﻟﺸﻴﺒﺎﱐ ،ﺹ.47
) (4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.47
) (5ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.49
198
ﳒﺪ ﺳﻌﻴﺎ ﺩﺅﻭﺑﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﲔ ﳓﻮ ﺟﺮﺩ ﻟﻠﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻴﺐ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻟﹼﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ.
ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ –ﻭﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺁﺭﺍﺀ ﻓﺮﳚﻪ
Fregeﻭﺭﺍﺳﻞ Russellﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺑﻮﻋﻲ ﺇﱃ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺑﻌﺪﻩ ﺁﻟﻴﺔ
ﺐ ﺟﺪﻝ ﺭﺣﺐ ،ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺗﻨﺎﺯﻉ ﰲ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻋ ﻘ
ﻛﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﳝﺜﹼﻞ ﺷﺮﻃﺎ ﻟﻠﻤﺤﺘﻮﻯ )ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ( ،ﺃﻡ ﺃﻧﻪ ﳝﺜﹼﻞ ﺷﺮﻃﺎ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﻝ )ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ(
ﲟﻌﲎ ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺑﺄﻧﻪ ﺷﺮﻁ ﻟﻠﻤﺤﺘﻮﻯ ،ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺼﺮﻑ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺇﱃ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀﺍﺕ
ﳏﺘﻮﻳﺎﺕ ﻻ ﲢﺘﻜﻢ ﰲ ﲢﺪﻳﺪﻫﺎ ﺇﱃ ﻣﺒﺪﺇ ﺻﺪﻕ ﺃﻭ ﻛﺬﺏ ﺍﳉﻤﻠﺔ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺮﺭ ﺑﻴﺎﺭ ﺃ ﹼﻥ "ﻣﻠﻚ
ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻜﻴﻢ" ﻓﺈ ﹼﻥ ﲨﻠﺘﻪ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ "ﻣﻠﻚ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ" ،ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻠﺔ
ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺃﻡ ﻛﺎﺫﺑﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻧﺘﺒﻴﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀﻫﺎ ﺻﺎﺩﻕ ﺩﺍﺋﻤﺎ ،ﺫﻟﻚ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺗﻌﻮﺩ
ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ).(1
ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺷﺮﻃﺎ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻓﲑﻭﻥ ﺃ ﹼﻥ ﻛ ﹼﻞ ﲨﻠﺔ ﻧﺘﻠﻔﹼﻆ ﺎ
ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻗﺘﻀﺎﺅﻫﺎ ﻛﺎﺫﺑﺎ ﻫﻲ ﲨﻠﺔ ﻻ ﻣﻌﲎ ﳍﺎ؛ ﺃﻱ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺃﻭ ﻛﺎﺫﺑﺔ
ﻭﻣﻦ ﹼﰎ ﺧﻠﺺ ﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ ﻭﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﻘﺪﻡ
ﺣﻼ ﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﻗﻨﺎﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺳﺠﻞ ﳒﺎﺣﺎ ﻛﺒﲑﺍ
ﻷﻧﻪ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺔ" ،ﻓﺎﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺣﺘﻰ
ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺒﲔ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﺎﳘﻮﺍ").(2
ﻭﻣﺎ ﳚﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻭﻣﻮﻗﻒ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
ﻧﻠﺤﻆ ﺃ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ ﻭﺗﻔﺎﺭﻗﺎ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ ﻓﻴﻜﻤﻦ ﰲ ﻭﺟﻮﺩ ﳏﺘﻮﻯ ﻳﺪﺭﻙ ﺑﺪﺍﻫﺔ ﻣﻦ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.51-50
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.51-50
199
ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﻔﺎﺭﻕ ﻓﻴﺘﺠﻠﹼﻰ ﰲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ
ﻭﻓﻮﻕ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃ ﹼﻥ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﶈﺘﻮﻯ ﺃﻭ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﻏﲑ ﺍﳌﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻠﻔﻮﻅ ﳏﺬﻭﻑ
ﻭﺍﺟﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺻﺪﻕ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﺃﻭ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ،ﺃﻭ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﰲ ﺣﲔ
ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﺩﻛﺮﻭ ﻻ ﻳﻨﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﳏﺬﻭﻑ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﲎ ﻣﻜﺘﺴﺐ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﺪﺙ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳚﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺑﺎﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ
ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﺍﳌﻘﺮﺭ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﻨﻪ ﺇﱃ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﱄ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﻣﻨﺢ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻟﻸﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳌﻨﻈﹼﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻪ ﺑﺄﻧﻪ "ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﻳﻮﺣﻲ ﺑﻪ ﻭﻳﻘﺘﺮﺣﻪ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺰﺀﺍ ﳑﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ
ﺍﳉﻤﻠﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺣﺮﻓﻴﺔ") ،(1ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﻞ ﻳﺘﻨﺎﺹ ﻛﻠﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ
ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﻭﳝﻜﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺫﻟﻚ ﺟﻴﺪﺍ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﰲ ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺍﻵﰐ:
ــــــــــ
) (1ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ،ﻁ ،2005ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ
ﺹ.78
200
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﳌﻨﺠﺰ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ:
ﺳﺒﻖ ﻭﺃﶈﻨﺎ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﻓﻬﻢ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ
ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻣﻘﺼﻮﺩﻩ ،ﻛﻔﻬﻢ ﲢﺮﱘ ﺍﻟﺸﺘﻢ ،ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ،ﻭﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ
ﻑ" ،ﻭﺃﺑﺪﻳﻨﺎ ﰲ ﻣﻮﺭﺩ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﻗﺤﺎﻡ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﺗﻌﺎﱃ":ﻭﻻ ﺗﻘﻞ ﻟﻬﻤﺎ ﺃ
ﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﻋﻤﺎﺩ ﻭﺳﲑﻭﺭﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﳌﻌﲎ.
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﳒﺪ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ
ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﻨﺎﺹ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﺃﻥ ﻳﱰﺍﺡ ،ﻓﺪﻳﻜﺮﻭ –
ﻭﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﲔ ﻭﺍﳌﻨﻄﻘﻴﲔ -ﻳﺼ ﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ Le sous entendu
ﺫﻭ ﻃﺒﻴﻌـﺔ ﻏﲑ ﻟﺴـﺎﻧﻴﺔ De nature extra linguistiqueﲞـﻼﻑ ﺍﳌﻘﺘـﻀﻰ
Le présupposéﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﱪﻩ ﻋﻨﺼﺮﺍ ﻟﺴﺎﻧﻴﺎ ﺻﺮﻓﺎ).(1
ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺇﳊﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺈﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻏﲑ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﳊﺎﻝ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﺍﳌﺴﺘﺘﺮ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ
ﻭﻗﺪ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﱯ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻏﲑ ﻛﺎﻑ ﻭﻻ ﳎﺪ ﻟﺘﺠﻠﻴﺔ
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻔﻴﻞ ﺑﺈﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ.
ﻭﻫﺬﺍ ﲞﻼﻑ ﻣﺎ ﹼﰎ ﺗﻘﺮﻳﺮﻩ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﳒﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺄﻛﻴﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﺎﺻﻴﺔ
ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺒﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﻀﺎﺀ ،ﻓﺈﺩﺭﺍﻛﻪ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻏﲑ ﳑﻜﻦ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﺑﻞ ﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ
ﻣﻠﺰﻡ ﺑﺈﺩﺭﺍﺝ ﻟﻔﻆ ﻟﺴﺎﱐ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﻟﻔﻬﻢ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﳛﻤﻞ
ﻣﻌﲎ ﻏﲑ ﻣﻘﻮﻝ ﺃﻭ ﻣﻌﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﱯ ﻭﺍﳌﻌﺠﻤﻲ؛ ﺃﻱ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﰲ ﺻﻮﺭﺗﻪ
ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﻳﺴﺘﺘﺮ ﺧﻠﻔﻪ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ.
ــــــــــ
(1)- Le dire et le dit, O. Ducrot, Ed, Minuit, 1984, p17.
201
ﹼﰒ ﺇﻥﹼ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻋﻨﺪ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺷﻲﺀ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ
ﻗﺎﻟﻪ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻐﻄﹼﻴﻬﺎ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﺑﺼﻔﺎﺀ ﺫﻫﻦ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺷﺎﻣﻞ ﺳﻮﺍﺀ
ﺃﻛﺎﻥ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎ ﺃﻡ ﻓﻄﺮﻳﺎ ﻟﺼﻮﺭ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻠﻔﹼﻆ ،ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﲡﻨﺐ ﺍﻟﻠﺤﻦ ﺍﻟﺪﻻﱄ Agrammaticalité du sensﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﺼﺤﺐ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ
ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﺎﺙ ﻭﺍﳌﺘﻘﺒﻞ).(1
ﻳﺄﰐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺗﺄﻛﻴﺪﺍ ﳊﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﳏﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﺮﻯ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺃﺣﺪ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﻘﺒﻞ
ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﻭﺍﳌﻄﺎﻟﺐ ﺑﺴﺤﺒﻬﺎ ﻭﺗﺼﻮﺭﻫﺎ ﺩﻭﻥ ﺯﻟﻞ ﻭﻻ ﻋﻮﺯ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﱃ ﺳﲑﻭﺭﺓ ﺧﻄﺎﺑﻴﺔ
Enchaînement discursiveﻭﺑﺎﻧﺘﺤﺎﺀ ﳕﻂ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ Une espèce de
،(2)raisonnementﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺴﲑﻭﺭﺓ ﺍﳋﻄﺎﺑﻴﺔ ﳑﺎ ﻳﻌﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﻭﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ
ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻭﺣﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﻋﻨﺎﺻﺮ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻌﺘﺮﻱ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ.
ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ
Fonction Polémiqueﺑﺸﺮﻁ ﺇﺫﺍ ﹼﰎ ﺇﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻭﺇﳘﺎﻟﻪ) ،(3ﻣﻊ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﳌﺎﺡ
ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﻋﻤﺎﺩﻫﺎ ﻭﺫﺭﻭﺓ ﺳﻨﺎﻣﻬﺎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ؛ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﺷﻒ ﻭﻣﺒﲔ ﳍﺎ ،ﰲ ﺣﲔ
ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﺮﻛﻮﺯﺍ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻜﻼﻡ ﻓﻬﻮ –ﲝﺴﺐ
ﺩﻳﻜﺮﻭ -ﻣﺪﺭﻙ ﺩﻭﻥ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﳑﺎ ﳚﻌﻠﻪ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﰲ
ﺍﻟﺘﺒﺤﺚ ﺍﻷﺻﻮﱄ.
ــــــــــ
(1)- Le dire et le dit, O. Ducrot, p19.
(2)-Ibid. p21.
(3)-Ibid. p21.
202
ﻣﻦ ﹼﰎ ﻳﺘﺒﺪﻯ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺒﻪ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﻟﻼﻗﺘﻀﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﻣﻪ
ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻟﻠﻤﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﻣﺪﺭﻙ ﺩﻭﻥ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﻓﻬﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻭﻳﻮﺍﺯﻱ ﻣﺒﺪﺃﻳﻦ ﺛﺎﺑﺘﲔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﺍﳌﺒﺪﺃ
ﺍﻷﻭﻝ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ،ﻭﺍﳌﺒﺪﺃ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ.
ﻭﻟﺌﻦ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻨﺪ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﻋﻠﻰ ﲡﺬﹼﺭ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻭﺟﻬﺎﺕ
ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺛﺒﺖ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ ﻭﺍﳊﺎﻓﺔ ﻟﻠﺮﻛﻦ ﺍﻟﻀﺎﺭﺏ ﰲ ﺃﲝﺎﺛﻬﻢ –ﻭﺃﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ
ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ -ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﳌﻨﺤﻰ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻵﱐ ﻗﺪ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﻔﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺫﺍﺗﻪ
ﻭ ﺩﻟﻴﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻃﺮﺣﺘﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻭﺭﻳﻜﻴﻮﱐ Orechioni C.Kﺍﻟﱵ ﺃﺑﺪﺕ
ﺑﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﰲ ﻧﻘﺎﻁ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﻣﻊ ﺩﻳﻜﺮﻭ.
ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﱪﺕ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺣﺪﺛﺎ ﻟﻐﻮﻳﺎ Acte de langageﰲ ﺣﲔ ﺍﻋﺘﱪﻩ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﺣﺪﺛﺎ
ﻛﻼﻣﻴﺎ Acte de paroleﺇﻋﺼﺎﻣﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﻭﺣﺪﻩ ﺧﺎﺭﺝ ﻭﺿﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ
ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ) ،(1ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﹼﺪ ﻓﻴﻪ ﺩﻳﻜﺮﻭ –ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺮﺿﻨﺎﻩ ﺁﻧﻔﺎ-
ﺍﻧﺘﻤﺎﺀﻩ ﺇﱃ ﺣﻘﻞ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ Acte de paroleﻷ ﹼﻥ ﻓﻬﻤﻪ ﻭﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ
ﻏﲑ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ Les éléments extras linguistiquesﻛﺎﻟﺴﻴﺎﻕ.
ﻭﺍﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻣﻊ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﻭﺑﺎﻗﻲ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺣﻮﻝ ﺣﺠﻴﺔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺑﺸﻘﻴﻪ ﺍﳌﻮﺍﻓﻖ ﻭﺍﳌﺨﺎﻟﻒ ،ﺣﻴﺚ
ﺳﻠﻚ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻣﺴﻠﻜﺎ ﳐﺎﻟﻔﺎ ﳌﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ،ﻓﻘﺪ ﺃﻧﻜﺮ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻛﻠﻴﺔ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻣﻨﻪ
"ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺪ ﹼﻝ ﺷﻲﺀ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﱂ ﻳﺬﻛﺮ ،ﻭﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﺬﻛﺮ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻓﺈﻧﻤـﺎ
ــــــــــ
(1)-L implicite, Orechioni C.K, éd, Armand Colin, Paris, 1986, p39.
203
ﻧﻨﺘﻈﺮ ﻓﻴﻪ ﻧﺼﺎ ﺁﺧﺮ") ،(1ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﺄﻛﻴﺪﺍ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :ﺇ ﹼﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﹼﺎ ﻣﺎ ﻗﻀﻰ
ﻟﻔﻈﹸﻪ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺃ ﹼﻥ ﻟﻜﻞ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻜﻢ ﺍﲰﻬﺎ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻣﺎ ﻋﺪﺍﻩ ﻓﻐﲑ ﳏﻜﻮﻡ ﻟﻪ ﻻ ﺑﻮﹺﻓﺎﻗﻬﺎ ﻭﻻ
ﲞﻼﻓﻬﺎ") .(2ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃ ﹼﻥ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﲟﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺩﻻﻻﺕ ﻏﲑ
ﻣﻠﻔﻮﻇﺔ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺇﳝﺎﻧﻪ ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺭﻩ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺧﻄﺎﺏ ﺁﺧﺮ ﻭﻣﱴ ﻣﺎ ﲤﻜﹼﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﺒﺤﺚ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺃﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻏﲑ ﳎﺪ ﻭﻻ ﻣﺴﺘﺴﺎﻍ.
ﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺩﻭﳕﺎ ﺗﺒﺤﺮ ﰲ ﺍﻟﻈﻼﻝ ﺍﳍﺎﻣﺸﻴﺔ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﻭﻻﺑ ﺪ ﰲ ﻧﻈﺮﻩ ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﲟﺎ ﻳﻨ
ﺍﻟﺘﺒﺤﺮ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﲣﺎﻃﺒﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﺴﻠﹼﻢ ﺎ ،ﻟﻜﻮﺎ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻭﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻧﻔﺘﺎﺣﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﳋﻄﺎﺑﺎﺕ ،ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ" :ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻗﻮﻟﻜﻢ ﺣﻘﹼﺎ
ﺇﻥﹼ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﹼﻖ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺎ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻋﺪﺍﻩ ﲞﻼﻓﻪ -ﻟﻜﺎﻥ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ:ﻣﺎﺕ ﺯﻳﺪ
ﻛﺬﺑﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﻬﻢ ﺃ ﹼﻥ ﻏﲑ ﺯﻳﺪ ﱂ ﳝﺖ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺯﻳﺪ ﻛﺎﺗﺐ
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳏﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﹼﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﹼﻢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻮﺟﺐ ﺃﻟﹼﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﲑﻩ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ") ،(3ﹼﰒ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﺪﻩ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻵﺗﻴﺔ ":ﻟﻮ ﻋﻤﻞ ﲟﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﳍﺬﻩ
ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻷﺩﻯ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻣﻌﺎﻥ ﻓﺎﺳﺪﺓ ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻣﻘﺮﺭﺍﺎ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ").(4
ﻭﰲ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻣﺎ ﹼﰎ ﻣﻼﻣﺴﺘﻪ ﻣﻦ ﺗﺼﻮﺭ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﻭﺃﺭﻳﻜﻴﻮﱐ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ
ﺍﳊﺎﺻﻞ ﰲ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ-ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﻋﺎﻣﺔ ﻏﲑ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﲟﻔﺮﺩﻫﺎ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﻭﻗﺮﺍﺀﺓ
ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻭﻫﺬﺍ ﳚﻌﻞ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﻧﻀﺞ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ
ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﺃﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ،ﻻ ﰲ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﰲ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﳌﻘﺘﺮﺣﺔ
ــــــــــ
) (1ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺑﲑﻭﺕ.341/2 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.375/2 ،
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.374/2 ،
) (4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.373/2 ،
204
ﻓﻬﻨﺎﻙ ﳒﺪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺗﻔﺮﻳﻘﺎ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﺘ ﻢ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻭﺑﲔ ﻣﺎ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ
ﻹﺩﺭﺍﻛﻪ.
ﻛﻤﺎ ﳒﺪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﺮﺿﺎ ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺎ ﻳﺘ ﻢ ﻓﻴﻪ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﺎﻝ ﻭﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻓﻴﻬﺎ
ﻛﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﱵ ﻧﻈﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﲟﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻛﺎﳌﻨﻄﻮﻕ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﻭﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﳑﺎ ﹼﰎ ﻋﺮﺿﻪ .ﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﺒﻨﺎﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻓﺮﺍﺟﻊ ﺇﱃ ﻓﻜﺮﺓ ﺭﺋﻴﺴﺔ
ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻪ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﳌﺜﻘﻠﺔ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﻋﺪﻡ ﺇﳝﺎﻧﻪ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﻭﺳﻌﻴﻪ ﺍﻟﺪﺍﺋﺐ ﺇﱃ ﺗﻮﻃﻴﻨﻬﺎ
ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺎ ﲟﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ.
ﺃﻓﻀﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺒﺎﺀ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﳌﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﺇﱃ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﺎﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﳌﺨﺒﻮﺀﺓ
ﺍﳌﺸﻌﺮ ﺎ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺑﺎﺕ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻟﺔ
ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻤﲔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻠﻤﺲ ﺍﺗﻔﺎﻗﺎ ﺑﲔ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﻋ ﺪ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﺃﺣﺪ ﺍﳌﺴﻮﻏﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺒﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺈﺑﺮﺍﺯ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺩﻓﻌﻬﻢ ﺇﱃ ﻧﻘﺪ ﻭﻫﺪﻡ
ﺗﺼﻮﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺃﻋﻠﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺔ
ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺩﻻﻻﺕ ﺧﺎﻃﺌﺔ.
ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﳏﻂ ﻧﻜﲑ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻬﻢ ﱂ ﻳﻔﺘﺤﻮﺍ ﺍﺎﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ
ﻟﻠﻤﻔﻬﻮﻡ ﻛﻠﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺃﺣﺎﻃﻮﻩ ﺑﻀﻮﺍﺑﻂ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﻣﱴ ﻣﺎ ﺗﻮﻓﹼﺮﺕ ﺟﺎﺯ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺇﱃ ﻣﺎ
ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻟﻸﻟﻔﺎﻅ ﻣﻦ ﺩﻻﻻﺕ ﻣﺴﻜﻮﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻏﲑ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻭﻣﻌﻠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ
ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ.
ﻭﺇﺫ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﲟﺪﻯ ﺗﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﻛﹼﺪ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻳﻠﻤﺲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﺠﻠﹼﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﰲ ﺣﲔ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺪﻭﻧﺎﺕ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ
ﺃﻣﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﺍﺻﻒ ﻭﻟﻮ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺒﺤﺚ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺗﺼﻮﺭ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﻗﺎﻡ ﺑﻨﺎﺀ ﺣﺼﻴﻔﺎ ،ﻛﺸﻒ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﲟﺎ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﺗﻨﺎﺻﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻤﲔ.
205
ﺗﺼﻮﺭ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﻟﻠﻤﻌﲎ:
ﺇ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺮﺭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﲢﺘ ﹼﻞ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻵﱐ ،ﻓﻬﻲ
ﻣﻮﻛﻮﻝ ﳍﺎ "ﻣﻘﻮﺩ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﺍﳌﻨﺎﻫﺞ
ﻭﺗﻨﻈﲑ ﻃﺮﻕ ﺇﺧﺼﺎﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻌﻜﻒ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ
ﻓﺘﺘﺨﺬ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﺎﺩﺓ ﳍﺎ ﻭﻣﻮﺿﻮﻋﺎ").(1
ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﻭﺍﻟﺸﺎﻏﻞ ﺑﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﻧﺘﻠﻤﺲ ﺃﺛﺮﻩ ﰲ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ
ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻋﻜﻒ ﻭﲤﻜﹼﻦ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﺑﺎﻗﺘﺪﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﻫﻮ
ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﰲ ﲨﻠﺘﻪ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻤﻮﻥ ،ﻭﻗﺒﻞ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﻭﻋﺮﺽ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻻﺑ ﺪ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﻭﻏﲑﻩ ﻣﻦ
ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻌﲎ.
ﻭﺿﻊ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺣﻔﻞ ﺎ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ
ﺯﻣﺎﻧﻪ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ،ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻪ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ
ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻟﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﺧﺮﺍﺓ ﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﱵ ﺩﺷﻨﻬﺎ
ﺃﻭﺳﱳ ،ﻛﻤﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺍﻟﱪﺍﻏﻤﺎﰐ ﳜﺎﻟﻒ ﺗﺼﻮﺭ ﻓﺮﳚﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻓﺴﺮ ﻣﻌﲎ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﰲ ﺣﺪﻭﺩ
ﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪﻩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﰲ ﺣﲔ ﻓﺮﳚﻪ ﻓﺴﺮ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻇ ﹼﻞ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺃﻭﻻ ،ﹼﰒ ﻳﺄﰐ ﺑﻌﺪ
ﺫﻟﻚ ﺗﻌﻘﹼﺐ ﻭﺗﻔﺴﲑ ﺍﳌﻌﲎ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ).(2
ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻭﺍﻻﺑﺘﺪﺍﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﻧﻔﺼﺎﻣﺎ ﻓﻜﺮﻳﺎ ﻭﺍﻧﺸﻄﺎﺭﺍ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﱃ
)(3
ﺗﻮﻃﹼﻦ ﻋﻠﻤﲔ:
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﰲ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﺴﺪﻱ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ،ﻁ،1981،1ﺗﻮﻧﺲ
ﺹ.9
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ،2005 ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ
ﺹ.26-25
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.28-27-26
206
ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ:
ﻭﳝﺜﻠﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﻭﻓﺮﳚﻪ ،ﻭﻓﻴﺘﺠﻨﺸﺘﲔ ﺍﳌﺒﻜﺮ Earlier Wittgenstein
ﻭﻳﻬﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ Formal structureﻟﻠﻐﺔ ،ﻭﳛﺮﺹ ﺃﺷ ﺪ ﺍﳊﺮﺹ ﻋﻠﻰ
ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ﺑﲔ ﺍﳉﻤﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ،ﻟﻌ ﹼﻞ
ﺃﳘﻬﺎ ﻭﰲ ﻃﻠﻴﻌﺘﻬﺎ ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻋﺪﺩﺍ ﻻ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺎ
ﻣﻦ ﺍﳉﻤﻞ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﻳﺆﹼﻟﻔﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﳝﻠﻚ ﺇﻟﹼﺎ ﳐﺰﻭﻧﺎ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ؟.
ﻭﺃﻛﹼﺪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻌﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﺎ ﺃﻳﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ
ﻛﺎﻓﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺗﻘﺮﻳﺮﺍ ﻋﻦ ﺍﳌﻼﻣﺢ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
-ﺇﻥ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﳊﺎﻣﻞ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﻌﲎ.
-ﺇ ﹼﻥ ﻣﻌﲎ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻳﺘﺤﺪﺩ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻌﲎ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﺍﳌﻜﻮﻧﺔ.
-ﺇ ﹼﻥ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﳌﻜﻮﻥ ﰲ ﲨﻠﺔ ﻳﺘﺤﺪﺩ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﺳﻬﺎﻣﻪ ﰲ ﻣﻌﲎ ﺃﻳﺔ ﲨﻠﺔ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ.
-1ﻋﻠﻢ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻗﺼﺪ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ:
ﻭﳝﺜﻠﻪ ﺃﻭﺳﱳ ،ﻭﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﻭﻓﻴﺘﺠﻨﺸﺘﲔ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮ Later Wittgensteinﻧﺎﺩﻭﺍ
ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﺍﳌﺜﺎﱄ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ؛ ﺃﻱ ﺩﺭﺍﺳﺔ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﻣﺴﻜﻨﻬﺎ ﺍﻷﺻﻠﻲ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻋﺎﺓ ﺇﱃ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﳌﺘﻜﻠﻤﲔ
ﻭﻣﻘﺎﺻﺪﻫﻢ.
ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻧﻠﺤﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﲔ ﺃ ﹼﻥ ﲢﺮﻳﻚ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﳝﺜﹼﻞ ﻃﻌﻨﺎ ﰲ ﻣﻘﺘﺮﺣﺎﺕ
ﺍﻵﺧﺮ ،ﻭﰲ ﺍﻵﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﳌﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﻓﻬﻮ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﻭﺗﺮﻣﻴﻢ
ﻣﻌﺮﰲ ﻟﻠﺜﻐﻮﺭ ﺍﳌﻼﺣﻈﺔ ،ﻓﻘﺪ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ
ﻣﻌﺎﳉﺘﻪ ﻟﻠﻘﺼﺪ ،ﻋﻠﻰ ﺣﲔ ﺃ ﹼﻥ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻘﺼﺪﻱ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﺎﳉﺘﻪ ﻟﻠﺒﻨﻴﺔ.
207
ﻭﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﻧﻘﺎﻁ ﺍﺋﺘﻼﻑ ﲡﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﲔ ،ﻭﻧﻘﺎﻁ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﲢﺪﺩ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﻭﺍﳌﺴﺎﺣﺔ
)(1
ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻃﺮﻑ ،ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﱵ ﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ:
-1ﲢﻜﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺩﻻﻟﻴﺔ ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﲢﺪﺩ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﳉﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺗﺴﻤﻰ
ﻣﻌﺎﱐ ﺍﳉﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺑﺎﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ.
-2ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻟﻠﺠﻤﻞ ﺍﻟﱵ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ
ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﻮﻥ.
-3ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﳊﺎﻣﻞ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﲎ ،ﻓﺎﳉﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ
ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﻫﻲ ﺣﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﻘﻞ ﻣﺎ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﺃﻭ ﻛﺎﺫﺑﺎﻥ ﻭﺍﳉﻤﻞ ﰲ
ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻫﻲ ﺣﻮﺍﻣﻞ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻣﺮﻛﺰ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ.
ﺃﻣﺎ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﱵ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ:
-1ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻳﺮﻛﹼﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻐﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺣﲔ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻘﺼﺪﻱ ﻳﺮﻛﹼﺰ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ.
-2ﻳﻀﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﺗﻮﻛﻴﺪﺍ ﻛﺒﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﳉﻤﻠﺔ ،ﰲ ﺣﲔ ﻳﻀﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ
ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺗﻮﻛﻴﺪﺍ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ﻭﻗﺎﺻﺪﻫﻢ.
-3ﻳﺮﻯ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻔﺴﲑ ﻣﻌﲎ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻳﺄﰐ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ ،ﹼﰒ ﺑﻌﺪ
ﺫﻟﻚ ﻳﺄﰐ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﳌﻌﲎ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﻔﺴﺮ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﺃﻣﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ
ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻓﲑﻭﻥ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻟﻪ ﺃﺳﺒﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﲑ ﻣﻌﲎ ﺍﳉﻤﻠﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ
ﻳﻌﲏ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻔﺴﺮ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺹ.34-33
208
ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﻟﻠﻤﻌﲎ:
ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﻋﺮﺽ ﺗﺼﻮﺭ ﺃﻣﺜﻞ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﻛﻤﺎ ﺍﺭﺗﺂﻩ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
ﺟﲑﻭﻟﺪ ﺻﺎﺩﻙ Jerrold M.Sadokﻓﻘﺪ ﺃﺑﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻌﲎ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺇﱃ
ﻗﺴﻤﲔ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﻳﺘﻔﺮﻉ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ،ﻭﻏﲑ
ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻳﺘﻔﺮﻉ ﺇﱃ ﲣﺎﻃﱯ ﻭﻏﲑ ﲣﺎﻃﱯ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﺇﱃ ﻋﺎﻡ ﻭﺧﺎﺹ ،ﻭﻫﺬﻩ
)(1
ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﻳﻮﺿﺤﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﳌﺸﺠﺮ ﺍﻵﰐ:
ﺍﳌﻌﲎ
ﻏﲑﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ
ﺍﳋﺎﺹ ﺍﻟﻌﺎﻡ
-1ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ:
ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﺍﳊﺮﰲ ﻳﻌﲏ ﺑﻪ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﺍﶈﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﻠﺤﺪﺙ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻤﻞ ﳎﻤﻮﻉ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪﻳﺔ )ﺍﻟﺼﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ( ،ﻭﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﺗﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﱵ ﻳﺸﲑ ﳎﻤﻮﻋﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺬﻫﻦ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻤﻞ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺹ.40
209
ﺃﻳﻀﺎ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﱵ ﲢﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﺍﺕ ﺍﳌﺸﲑﺓ) ،(1ﻓﺠﻤﻠﺔ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ
ﺃﺻﻠﻊ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺇﻟﹼﺎ ﺇﺫﺍ ﲢﻘﹼﻖ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﺃ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻠﻜﺎ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺃﺻﻠﻊ ﺍﻟﺮﺃﺱ ،ﻭﺇﻥ
ﻛﺎﻥ ﻣﺪﺭﻛﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪﻱ –ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻭﺍﻟﺼﺮﰲ -ﻭﺍﳌﻌﺠﻤﻲ ﺍﳌﻮﺯﻉ ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ ،ﺣﻴﺚ
ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﺪﻻﻻﺕ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻭﻻ ﺇﱃ ﺃﺻﻮﻝ ﲣﺎﻃﺒﻴﺔ ﻹﺩﺭﺍﻛﻪ ،ﻓﻴﻜﻔﻲ ﻓﻴﻪ
ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻠﻔﻆ.
)(2
ﻭﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻟﱵ ﲤﻴﺰ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﺍﻵﰐ:
-1ﺇﻧﻪ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻗﻮﻝ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻌﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻪ؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﻣﺎ
ﻗﻴﻞ ﰲ ﺣﲔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﻫﻮ ﻣﺎ ﹼﰎ ﺗﺒﻠﻴﻐﻪ ﺃﻭ ﻣﺎ ﹼﰎ ﻧﻘﻠﻪ.
-2ﺇﺫﺍ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﻹﺑﻄﺎﻝ ﺣﺪﺙ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻧﻀﻴﻒ ﺇﱃ ﲨﻠﺔ "ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺒﻘﻊ ﺗﻌﲏ ﺍﳊﺼﺒﺔ" ﻋﺒﺎﺭﺓ "ﻭﻟﻜﻨﻪ ﱂ ﻳﺼﺐ ﺑﺎﳊﺼﺒﺔ" ،ﺇﺫ ﺗﻘﺮﺭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ
ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ :ﺱ ﺗﻌﲏ ﻕ ،ﻭﺱ ﺗﻌﲏ ﻕ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻕ
ﺣﻴﺚ ﺗﺮﻣﺰ ﺱ ﺇﱃ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺃﻭ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﻭﺗﺮﻣﺰ ﻕ ﺇﱃ ﻗﻀﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﻮﻝ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻭﺟﻮﺩ
ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ.
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻧﻘﻀﻪ ﺃﻭ ﺇﻟﻐﺎﺅﻩ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ
ﺇﱃ ﺧﺎﺻﻴﺘﻪ ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻣﻴﺔ ،ﻓﻨﻔﻲ ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﻫﻮ ﻧﻔﻲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ،ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﺒﺪﺍ ﻋﺪﻡ ﻗﺒـﻮﻝ
ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﻭﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﺩﺍﺧﻠﲔ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ.
-3ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﻻ ﻳﺘﻜﺄ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﻣﻨﻄﻮﻕ
ﺍﳉﻤﻠﺔ؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﲟﺎ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻮﻗﻬﺎ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.41ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ،ﺹ.36
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ-ﻋﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ،-ﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ ﻭﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ ،ﺗﺮ:ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺩﻏﻔﻮﺱ
ﻭﳏﻤﺪ ﺍﻟﺸﻴﺒﺎﱐ ،ﺹ .56ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺹ.37-36
210
1-1ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ:
ﳛﺘﻜﻢ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﺇﱃ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ ،ﻓﻬﻮ
ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﻼﺋﻘﻲ؛ ﲟﻌﲎ ﻳﺼﺪﻕ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺎ )ﺃ( ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺃﺧﺮﻯ )ﺏ( ﺇﺫﺍ
ﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﻵﰐ :ﻛﻠﹼﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ )ﺃ( ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻛﺎﻧﺖ )ﺏ( ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ) ،(1ﻓﻬﻮ ﺇﺫﻥ
ﺗﺮﺍﺑﻂ ﺣﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺣﺪﺛﲔ ﻟﺴﺎﻧﻴﲔ )ﺃ( ﻭ )ﺏ( ،ﺣﻴﺚ )ﺃ( ﺗﺘﻀﻤﻦ )ﺏ( ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺻﺪﻕ
)ﺏ( ﺗﺎﺑﻌﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻟﺼﺪﻕ )ﺃ(.
) -ﺃ( :ﻛﺘﺒﺖ ﺷﻌﺮﺍ.
) -ﺏ( :ﻛﺘﺒﺖ ﻛﻼﻣﺎ.
) -ﺃ( ﺗﺘﻀﻤﻦ )ﺏ(.
-ﻛﻠﹼﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ )ﺃ( ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻛﺎﻧﺖ )ﺏ( ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺃﻳﻀﺎ.
-ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ )ﺃ( ﻛﺎﺫﺑﺔ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ )ﺏ( ﻛﺎﺫﺑﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺘﺐ ﺭﻭﺍﻳﺔ
ﺃﻭ ﻗﺼﺔ ...
ﻭﳍﺬﺍ ﺃﻛﹼﺪﺕ ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍﺯ ﺃﺭﻣﻴﻨﻜﻮ ﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﲏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ،ﻭﻫﻲ ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ
ﺍﻻﻧﻔﻜﺎﻙ ،ﻓﺎﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﻣﻠﻔﻮﻅ ﻵﺧﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﻷﻭﻝ
ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﹼﺮ ﻟﻠﺜﺎﱐ).(2
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺹ.45
) (2ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍﺯ ﺃﺭﻣﻴﻨﻜﻮ ،ﺗﺮ :ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻮﺵ ،ﺹ.52
211
2-1ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ:
ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﻫﻮ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﲨﻠﺘﲔ )ﺱ( ﻭ )ﻉ( ،ﺣﻴﺚ )ﺱ( ﺗﻔﺘﺮﺽ )ﻉ( ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ )ﻉ(
ﺻﺎﺩﻗﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻧﺖ )ﺱ( ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻛﻤﺎ ﰲ )ﺱ( ،ﺃﻡ ﻛﺎﺫﺑﺔ ﻛﻤﺎ ﰲ )ﻥ( ).(1
) -ﺱ( :ﺗﻌﺎﰱ ﺯﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺽ.
) -ﻉ( :ﺯﻳﺪ ﻣﺮﺽ.
) -ﻥ( :ﱂ ﻳﺘﻌﺎﻑ ﺯﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺽ.
ﻭﳜﺘﻠﻒ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺄﺛﹼﺮ ﺑﻨﻔﻲ ،ﻓﻔﻲ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ
ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺇﺛﺒﺎﺕ )ﺱ( ﺇﺛﺒﺎﺕ )ﻉ(؛ ﻷ ﹼﻥ )ﺱ( ﻻ ﻳﺘﺤﻘﹼﻖ ﺇﻟﹼﺎ ﺑﺈﺛﺒﺎﺕ )ﻉ( ) .(2ﻭﻳﺆﺩﻱ ﻧﻔﻲ
)ﻉ( ﻛﻤﺎ ﰲ )ﻥ( ﺇﱃ ﺇﻟﻐﺎﺀ )ﺱ( ،ﻭﰲ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻧﻔﻲ )ﺃ( ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻧﻔﻲ )ﺏ(
ﻷﻧﻪ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻧﺜﺮﺍ ،ﺃﻣﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﻓﺈ ﹼﻥ ﺇﺛﺒﺎﺕ )ﺃ( ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺇﺛﺒﺎﺕ
)ﺏ( ،ﺇﺫ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻤﻮﻡ ﻭﺧﺼﻮﺹ )ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﺎﻡ ،ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﺧﺎﺹ(.
ﻳﻀﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ،ﻭﺃ ﻡ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﻓﻼ
ﺩﺧﻞ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ،ﻓﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﻐﻰ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺆﺛﹼﺮ ﺫﻟﻚ ﰲ
ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﻣﺜﻼ :ﺳﻴﺎﺭﰐ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﹼﰒ ﻗﻠﺖ :ﺳﻴﺎﺭﰐ ﻟﻴﺴﺖ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ
ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻮﻟﲔ ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﻭﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﻟﻚ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﰲ
ﺍﳊﺎﻟﲔ).(3
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺁﻓﺎﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﳏﻤﻮﺩ ﺃﲪﺪ ﳓﻠﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،2002 ،ﻣﺼﺮ
ﺹ .28-27ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ،ﺹ.45
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ،ﺹ.46
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﺁﻓﺎﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﳏﻤﻮﺩ ﺃﲪﺪ ﳓﻠﺔ ،ﺹ.29-28
212
ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﻋﻨﺪ ﺃﻭﺳﱳ ﻭﻏﲑﻩ:
)(1
ﻳﻘﺴﻢ ﺃﻭﺳﱳ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:
-ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻴﻪ.
-ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ.
-ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ.
ﻳﺼﻨﻒ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ
ﺇﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺆﻛﹼﺪ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﻠﻔﻮﻇﲔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﲔ ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﻔﻲ ﻛﺬﻟﻚ
ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻠﺰﻣﻪ ﺇﺧﺒﺎﺭ ﻣﺎ ﻣﻨﻄﻘﻴﺎ ،ﻛﺄﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻣﺜﻼ :ﻛ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ،ﻭﻓﻘﻂ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻌﻤﻞ.
ﻭﻳﻀﻊ ﺃﻭﺳﱳ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ
ﺍﳌﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ،ﻭﻫﻮ ﺷﺮﻁ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ،ﺃﻥ ﻧﺜﺒﺖ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻚ ﺃﻧﻚ ﺗﺆﻣﻦ ﲟﺎ
ﺗﻘﻮﻟﻪ .ﻭﻳﻀﻊ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ،ﻓﺄﻥ ﺗﻘﻮﻝ :ﺇ ﹼﻥ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﺯﻳﺪ ﻛﻠﹼﻬﻚ ﳒﺒﺎﺀ
ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃ ﹼﻥ ﻟﺰﻳﺪ ﺃﻃﻔﺎﻻ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺃﻭﺳﱳ ﺍﻋﺘﱪ ﺳﻮﺭﻝ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻗﻲ ﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻏﲑ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻳﻼﺣﻆ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮﺭ ﺳﻮﺭﻝ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﻤﻲ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ) ،(2ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﻻﺻﻄﻼﺡ ﻳﺸﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺃﻭﺳﱳ ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ .ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﻓﺎﻟﻀﻤﲏ
)(3
ﻋﻨﺪﻩ ﻳﺸﻤﻞ ﺻﻨﻔﲔ:
-ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ Présuppositionﻭﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﻭﺳﱳ ﺇﺫ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﺳﱳ ﺇﱃ ﻏﻮﻓﻤﺎﻥ ،ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺑﻼﻧﺸﻴﻪ ،ﺗﺮ:ﺻﺎﺑﺮ ﺍﳊﺒﺎﺷﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳊﻮﺍﺭ،ﻁ2007،1
ﺳﻮﺭﻳﺎ ،ﺹ.145
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.147
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.165-164ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﻴﺔ ،ﺟﺎﻥ ﺳﲑﻓﻮﱐ ،ﺗﺮ:ﻗﺎﺳﻢ ﺍﳌﻘﺪﺍﺩ ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﲢﺎﺩ
ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،1998 ،ﺹ.112
213
ﻳﻌﺘﱪﻩ ﻋﻤﻼ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺫﺍ ﻗﻮﺓ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻳﺘ ﻢ
ﲟﺠﺮﺩ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﰲ ﺃﻭﺳﱳ ﻭ ﺳﻮﺭﻝ ﺟﻌﻼ ﻣﻦ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺷﺮﻃﺎ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﳒﺎﺡ
ﺍﻟﺘﻠﻔﹼﻆ.
-ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ Sous entenduﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ،ﻭﻧﺪﺭﻙ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺍﳉﻤﻠﺘﲔ ﺍﻵﺗﻴﺘﲔ:
)ﺃ( -ﺃﻧﺎ ﳏﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺃﺩﺍﺓ ﺃﻓﺘﺢ ﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﺒﺔ.
)ﺏ( -ﺳﻜﻴﲏ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻱ ﺍﻟﻈﺮﻳﻒ ﻻ ﻳﻔﻲ ﺑﺎﻟﻐﺮﺽ.
-ﳒﺪ ﺃﻥ ﺍﳌﻘﺘﻀﻲ ﰲ )ﺏ( :ﱄ ﺳﻜﲔ ﺳﻮﻳﺴﺮﻱ ﻇﺮﻳﻒ.
-ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻀﻤﺮ )ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ( ﻣﻦ )ﺏ( :ﻫﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﻣﺴﺎﻋﺪﰐ؟.
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺗﺄﻛﹼﺪ ﻭﺗﺮﺳﺦ ﰲ ﻓﻜﺮ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﺘﻀﻰ ﻛﺎﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ
Implication Logiqueﻟﻪ ﻗﻮﺓ ﻣﻀﻤﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺇﱃ
ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﰲ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﳌﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ،ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻀﻤﺮ ﺃﻭ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻓﻬﻮ
ﻋﻤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﺿﻤﲏ ﻭﺗﺪﺍﻭﱄ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ.
ﻭﺍﳌﻼﺣﻆ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮﺭ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﻫﻮ ﺇﺩﻣﺎﺝ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﺒﺪﺃ
ﻟﺘﺤﻴﲔ ﻭﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻓﻬﻮ ﳊﻈﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﳚﺐ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﰲ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﻣﻦ
ﻃﺮﻑ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻭﳍﺬﺍ ﺧﻀﻊ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﻋﻨﺪ ﺩﻳﻜﺮﻭ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﻫﺮﻣﻨﻮﺗﻴﻜﻲ) ،(1ﻓﺎﳌﻌﲎ ﺍﳌﻌﻄﻰ
ﳌﻔﻬﻮﻡ ﺗﻠﻔﻆ ﻫﻮ ﺍﻵﰐ :ﺇﻧﻪ ﺍﳔﺮﺍﻁ ﺷﺨﺺ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﺘﻠﻔﹼﻆ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ
ﺍﳌﺴﺘﻌﻤﻠﺔ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍﺯ ﺃﺭﻣﻴﻨﻜﻮ ،ﺗﺮ:ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻮﺵ ،ﺹ.58
214
ﻭﻗﺪ ﳚﺪﺭ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺃﺳﻠﻔﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﺃﻥ ﻧﺮﺩﻑ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻀﻤﲏ ﻋﻨﺪ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﺑﺎﳌﻔﻬﻮﻡ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﻟﻨﺎ ﺟﲑﻭﻟﺪ ﺻﺎﺩﻙ ،ﻭﻟﻮ ﲡﺎﻭﺯﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﺇﱃ ﻣﺎ ﹼﰎ
)(1
ﻋﺮﺿﻪ ﰲ ﺍﳊﻘﻞ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ -ﻋﻤﻮﻣﺎ -ﻧﻠﻔﻲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻀﻤﲔ ﻋﻨﺪ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺇﱃ ﻗﺴﻤﲔ:
-ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺘﻀﻤﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﻓﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ :ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳌﻌﺠﻢ؛ ﺃﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ
ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ،ﻓﻘﻮﻟﻨﺎ :ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺣﺎﻣﻞ ﻭﻳﻮﺳﻒ ﻣﺒﺘﻬﺞ ،ﺗﺘﻀﻤﻦ:
-ﺇﻣﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻏﲑ ﻣﺒﺘﻬﺠﺔ.
-ﺃﻭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﹼﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﻣﺒﺘﻬﺠﺎ.
-ﺃﻭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻏﲑ ﻣﺒﺘﻬﺞ.
ﻭﻳﺴﻤﺢ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻭﺣﺪﻩ ﺑﺘﻌﻴﲔ ﺃﻱ ﺗﻀﻤﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻀﻤﻴﻨﺎﺕ ﺃﺻﺢ.
-ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺗﻀﻤﻴﻨﺎﺕ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻀﻤﲔ ﺍﳋﻄﺎﰊ :ﳜﻀﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺑﻘﻮﺓ ﻟﻠﺴﻴﺎﻕ ﻭﻫﻮ
ﻳﻮﺟﺪ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻘﻴﻢ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﻻ ﺑﺸﻜﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ،ﻭﻫﻮ ﻏﲑ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﺑﻞ
ﺧﻄﺎﰊ ﻭﺳﻴﺎﻗﻲ ،ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﳑﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ
ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳕﺜﹼﻞ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﺇﱃ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻣﻦ ﻃﺎﻟﺐ ،ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺪﻗﺘﻪ ﻭﺧﻄﹼﻪ
ﺍﳉﻤﻴﻞ ،ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌ ﺪ ﺗﻐﺮﻳﺮﺍ ﺑﺎﻷﺳﺘﺎﺫ ﺇﻟﹼﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺍﻹﻓﻬﺎﻡ ﺩﻭﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﰲ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺫﻟﻚ
ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﺣﺚ ﺿﻌﻴﻒ.
-2ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ:
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺑﺸﻘﻴﻪ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ،ﻓﺎﻷﻭﻝ ﳓﺘﺎﺝ ﻹﺩﺭﺍﻛﻪ ﺇﱃ
ﺑﺴﻂ ﺗﺄﻣﻞ ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺗﻌﺎﻭﻥ ،ﻭﻫﻮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻺﻟﻐﺎﺀ ﻭﻏﲑ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻼﻧﻔﻜﺎﻙ) ،(1ﺃﻣﺎ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺍﻹﻟﻐـﺎﺀ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﺹ.55-54
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺹ.44-43ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ
ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺹ.40-39-38
215
ﳑﻜﻦ )ﺱ( ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻨﻪ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ )ﻉ( ،ﻭ )ﻉ( ﳝﻜﻦ ﺇﻟﻐﺎﺅﻩ ﻛﻤﺎ ﰲ )ﻥ(.
) -ﺱ( :ﺍﻟﺮﻧﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﺒﺎﺹ.
) -ﻉ( :ﺗﻌﲏ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﺎﺹ ﳑﺘﻠﺊ.
) -ﻥ( :ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﳑﺘﻠﺌﺎ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ.
ﻋﺪﻡ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺍﻻﻧﻔﻜﺎﻙ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﱘ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﲑ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻣﻊ
ﻋﺪﻡ ﺍﳌﺴﺎﺱ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﻻ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ؛ ﻻﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ
ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻑ )ﺱ (1ﻭ )ﻉ (1ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳌﻠﻔﻮﻅ ﺇﻟﹼﺎ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻳﺸﺘﺮﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺍﳌﻔﻬﻮ ﻡ.
) -ﺱ :(1ﰲ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﺍﻟﺴﺎﺋﻤﺔ ﺯﻛﺎﺓ.
) -ﻉ :(1ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻓﺔ ﺯﻛﺎﺓ.
ﰲ ﺣﲔ ﳒﺪ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﻘﻊ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ.
) -ﺱ :(2ﺍﺷﺘﺮﻳﺖ ﻫﺎﺗﻔﺎ.
) -ﻉ :(2ﺍﺷﺘﺮﻳﺖ ﺁﻟﺔ.
) -ﻥ :(2ﺍﺷﺘﺮﻳﺖ ﻫﺎﺗﻔﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺍﺷﺘﺮﻳﺖ ﺁﻟﺔ )ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ(.
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﺑﲔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ﻧﻠﺤﻆ ﺃ ﹼﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻔﻬﻮﻣﲔ ،ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ
ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺿﻌﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﰲ ﺗﻔﺴﲑﻩ ﺇﱃ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﺑﻞ ﺇ ﹼﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺩﻭﻥ ﺣﺎﺟﺔ
ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻭﻫﻮ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ )ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ( ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻪ ﻻ ﳛﺘﺎﺝ
ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻠﻘﻮﻟﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﻮﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻬﻮ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻛﻠﹼﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﻋﻠﻰ
ﻣﺒﺪﺇ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ﻭﻣﺒﺪﺇ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ .ﻭﺟﻮﻫﺮ ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ )ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ(
216
ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻳﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺿﻌﺔ Conventionﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻻﺻﻄﻼﺡ ﰲ ﺷﻲﺀ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﻘﻊ ﺗﻌﲏ
ﺍﳊﺼﺒﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺣﲔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺍﻟﺮﻧﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﰲ ﺍﻟﺒﺎﺹ ﺗﻌﲏ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﺎﺹ ﳑﺘﻠﺊ ﻳﻌ ﺪ ﻣﺴﺄﻟﺔ
ﺍﺻﻄﻼﺣﻴﺔ) ،(1ﻭﺬﺍ ﺑﺎﻥ ﻭﲡﻠﹼﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﰲ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ
ﺍﳊﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻴﺔ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺩﻯ ﺑﻪ ﺃﻳﻀﺎ
ﺑﲑﺱ ﻭﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﻭﻏﲑﳘﺎ.
-ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ )ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ( :ﻫﻮ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﲤﻠﻜﻪ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ ﻳﺪ ﹼﻝ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ.
-ﺍﳌﻌﲎ ﻏﲑ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ )ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ( :ﲤﻠﻜﻪ ﻛﻠﻤﺎﺗﻨﺎ ﻭﻋﺒﺎﺭﺍﺗﻨﺎ ﻭﺑﻌﺾ ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﻭﺇﳝﺎﺀﺍﺗﻨﺎ.
-ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻣﻠﺰﻡ؛ ﲟﻌﲎ ﺃﻧﻪ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﲝﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻓﺄﻧﺖ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺴﺤﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺗﻌﲏ ﺍﳌﻄﺮ ،ﺳﻮﻑ ﺗﻠﺰﻡ ﻧﻔﺴﻚ ﲝﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻭﻫﻲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﺳﻮﻑ ﲤﻄﺮ.
-ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻌﲎ ﻏﲑ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ )ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ( ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻠﺰﻣﺎ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﺃ ﹼﻥ ﺇﳝﺎﺀﺓ ﳏﻤﺪ ﺗﻌﲏ ﺃﻧﻪ ﰲ
ﺿﻴﻖ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻻ ﻳﻠﺰﻣﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳏﻤﺪ ﰲ ﺿﻴﻖ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ
ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ.
-ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﰲ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻭﻗﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.
-ﺍﳌﻌﲎ ﻏﲑ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ )ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ( ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭ ﺍﻻﺻﻄﻼﺡ.
ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ:
ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﺨﺎﻃﺒﲔ ﺍﳌﺴﺎﳘﲔ ﰲ ﳏﺎﺩﺛﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﳛﺘﺮﻣﻮﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ
ﻓﺎﳌﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﻳﺘﻮﻗﻌﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻭﻣﺘﻌﺎﻭﻧﺔ
ﻟﺘﻴﺴﲑ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ،ﻭﻳﻘﺘﺮﺡ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﺃﺭﺑﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻣﺘﻔﺮﻋﺔ ﻣﻨﻪ ،ﻻﺑ ﺪ ﺃﻥ ﳛﺘﺮﻣﻬﺎ
ــــــــــ
) (1ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺹ.49
217
)(1
ﺍﳌﺘﺨﺎﻃﺒﻮﻥ ﻭﺃﻥ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮﻫﺎ ،ﻭﻫﻲ:
-1ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻜﻢ:
ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﺴﺎﳘﺔ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻳﻌﺎﺩﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﰲ
ﺍﳌﻘﺎﻡ ﻭﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺎﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﲟﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻭﲟﺎ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺃﻣﺮ ﻣﻄﻠﻮﺏ.
-2ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻨﻮﻉ:
ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺘﺮﺽ ﻧﺰﺍﻫﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﺬﺏ ،ﻭﺃﻥ ﳝﻠﻚ ﺍﳊﺠﺞ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻹﺛﺒﺎﺕ
ﻣﺎ ﻳﺜﺒﺘﻪ؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﻮﻩ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻐﻠﻮﻁ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺩﻟﻴﻞ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻣﻦ
ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻹﳚﺎﰊ.
-3ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ:
ﺍﻟﱵ ﺗﻔﺮﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺫﺍ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺄﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﺃﻗﻮﺍﻝ
ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺣﺪﻳﺚ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻭﺳﻴﺎﻕ ﺍﳊﺎﻝ ﻻﺑ ﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﱘ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ
ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﺩﻭﻥ ﺇﺭﻫﺎﻕ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﲝﺸﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ.
-4ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻜﻴﻒ:
ﺗﻌﲏ ﺃﻥ ﻧﻌﺒﺮ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻭﺑﻼ ﻟﺒﺲ ﻗﺪﺭ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﻭﻧﻘﺪﻡ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺑﺘﺮﺗﻴﺐ ﻣﻔﻬﻮﻡ؛ ﺃﻱ
ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻣﻊ ﺍﻹﳚﺎﺯ.
ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ:
ﲤﺘﺎﺯ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ﺑﺎﻟﺴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﻳﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﳎﺮﺩ ﺃﻧﺴﺎﻕ ﻭﻣﻌﺎﻳﲑ ﻳﻨﺒﻐﻲ
ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺒﲔ ﺍﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﲤﺜﹼﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻧﻪ ﻣﻦ ﳐﺎﻃﺒﻴﻬﻢ ﻓﻬﻲ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺃﻛﺜﺮ
ﻣﻦ ﻛﻮﺎ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻣﻌﻴﺎﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺳﻠﻮﻙ ،ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﳎﺮﺩ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ –ﻋﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ،-ﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ ﻭﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ ،ﺹ .60-56-55ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ
ﺃﻭﺳﱳ ﺇﱃ ﻏﻮﻓﻤﺎﻥ ،ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺑﻼﻧﺸﻴﻪ ،ﺗﺮ :ﺻﺎﺑﺮ ﺍﳊﺒﺎﺷﺔ ،ﺹ .85-84ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ،
ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺹ.87
218
ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺣﺎﻻﺕ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺑﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻻﺕ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ
)(1
ﻗﺪﺭﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻗﺮ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻃﺮﻳﻘﺘﲔ ﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻗﻴﻞ:
ﺃ-ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻮﺍﺿﻌﻴﺔ :ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻣﺎ ﺗﻮﺍﺿﻌﻴﺎ )ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ(.
ﺏ-ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ )ﻏﲑ ﻭﺿﻌﻴﺔ( :ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﳏﺎﺩﺛﻴﺎ ﺃﻭ ﲣﺎﻃﺒﻴﺎ )ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻏﲑ
ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ(.
ﻭﻗﺪ ﻭﺿﺢ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﺗﻄﺒﻴﻘﻲ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻲ ﻧﺼﻪ ،ﻧﻔﺘﺮﺽ ﺃ ﹼﻥ ﺟﺎﻙ
ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻹﳒﻠﻴﺰ ﺷﺠﻌﺎﻥ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺇﱃ ﺑﻮﻝ ،ﳝﻜﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
)(2
ﺛﻼﺛﺔ ﻃﺮﻕ:
-1ﺍﻹﳒﻠﻴﺰ ﺷﺠﻌﺎﻥ.
-2ﺟﻮﻥ ﺇﳒﻠﻴﺰﻱ ﺇﺫﻥ ﻫﻮ ﺷﺠﺎﻉ.
-3ﺟﻮﻥ ﺇﳒﻠﻴﺰﻱ ...ﺇﻧﻪ ﺷﺠﺎﻉ.
ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ :ﺗﺴﺘﻮﰲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻌﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺧﻄﺎﰊ.
ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻳﺒﻠﹼﻎ ﺟﺎﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ،ﻓﻬﻮ ﲟﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﻮﻟﻚ ﺇ ﹼﻥ ﺟﻮﻥ ﺇﳒﻠﻴﺰﻱ ﻭﺇﻧﻪ ﺷﺠﺎﻉ
ﻳﺒﻠﹼﻎ ﺇﻧﻪ ﺷﺠﺎﻉ ﻷﻧﻪ ﺇﳒﻠﻴﺰﻱ ،ﻓﺎﻹﳒﻠﻴﺰ ﺇﺫﻥ ﺷﺠﻌﺎﻥ ،ﻭﺗﺒﻌﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺧﻄﺎﰊ
ﺇﻟﹼﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﻡ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻮﻟﹼﺪﻩ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺗﻮﺍﺿﻌﻴﺔ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﺇﺫﻥ ﻋ ﺪ ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻣﺎ
ﺗﻮﺍﺿﻌﻴﺎ.
ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﺛﺔ :ﺷﺄﺎ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺟﺎﻙ ﻳﺒﻠﹼﻎ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﻘﻮﻝ ،ﲟﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﳎﺪﺩﺍ :ﺇ ﹼﻥ
ﺟﻮﻥ ﺇﳒﻠﻴﺰﻱ ﻭﺇﻧﻪ ﺷﺠﺎﻉ ،ﰲ ﺣﲔ ﻳﺒﻠﹼﻎ ﺃ ﹼﻥ ﺟﻮﻥ ﺷﺠﺎﻉ ﻷﻧﻪ ﺇﳒﻠﻴﺰﻱ ،ﻓﺎﻹﳒﻠﻴﺰ ﺷﺠﻌﺎﻥ
ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﲣﺎﻟﻒ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔﻥ ﺣﻴﺚ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻻﺳﺘﻠﺰﺍﻡ ﺍﳋﻄﺎﰊ ﻓﻴﻬﺎ –ﺇﻥ ﻭﺟﺪ -ﱂ
ﻳﻨﺸﺄ ﺗﻮﺍﺿﻌﻴﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺜﻞ )ﺇﺫﻥ( ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﺘﺒﻴﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﺳﺘﻐﻼﳍﺎ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ –ﻋﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ،-ﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ ﻭﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ ،ﺹ .56
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.58-57-56
219
ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ:
ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﻌﺮﺽ ﺗﺼﻮﺭ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻨﺎﺹ
ﻛﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﺇﺫ ﻣﻨﺤﻪ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﳌﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﳌﺘﻮﻃﹼﻦ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ
ﺣﻴﺚ ﻋﺪﻩ ﻋﻤﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﻟﺰﻭﻡ ﺷﻲﺀ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﻮﻝ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ" ،ﺇﻧﻪ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ
ﻭﻳﻮﺣﻲ ﺑﻪ ﻭﻳﻘﺘﺮﺣﻪ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺰﺀﺍ ﳑﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺣﺮﻓﻴﺔ").(1
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻋﻨﺎﻩ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ؛ ﻷﻧﻪ ﳝﻴﺰ ﻭﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
ﺗﺎﺭﺓ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﻣﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﳉﻤﻠﺔ ،ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ .ﺃﻣﺎ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻓﻴﻌﲏ ﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪﻩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﻻ ﳝﺜﹼﻞ ﺟﺰﺀﺍ
ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳊﺮﰲ )ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ( ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﺍﳌﻌﲎ ﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮ ﺩ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﺇﻳﺼﺎﻟﻪ
ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﹼﻲ).(2
-ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ )ﺃ( :ﻫﻞ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﲔ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﱃ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ؟.
-ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ )ﺏ( :ﻳﺘﻌﻴﻦ ﻋﻠ ﻲ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺬﻛﺮ ﺩﺭﻭﺳﻲ.
ﺇ ﹼﻥ ﺟﻮﺍﺏ )ﺏ( ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ
ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﳉﻤﻠﺔ )ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ( ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﲎ ﺇﺿﺎﰲ ﻣﺮﺍﺩ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﻣﻘﺼﻮﺩ .ﰲ ﺣﲔ
ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻫﻮ ﺷﻲﺀ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻟﻴﺲ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺷﻲﺀ ﻻ
ﺗﻘﺮﺭﻩ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﺗﻘﺮﻳﺮﺍ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﻪ ﻓﻘﻂ) ،(3ﻓﻘﻮﻝ )ﺱ( :ﺃﲪﺪ ﻣﺮﻳﺾ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ
ﻗﻮﻝ )ﻉ( :ﻳﺘﻌﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ،ﻓﺎﳉﻤﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ؛ ﺇﻟﹼﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻻ
ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ﻣﻼﺋﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ.
ــــــــــ
) (1ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺹ.78
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.80-79
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.80
220
ﻭﻫﺬﺍ ﳚﺮﻧﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺬﻛﲑ ﺑﺎﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻀﻤﲔ Implicatureﻭﺍﻻﻗﺘﻀــﺎﺀ
Présuppositionﻛﻮﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻀﻤﻴﻨﻴﺔ ﺑﲔ ﻣﻠﻔﻮﻇﲔ ﺗﻌﲏ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺗﺄﻛﻴﺪ
ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﲔ ﻣﻠﻔﻮﻇﲔ ﺗﻌﲏ ﺃ ﹼﻥ ﺻﺪﻕ ﺍﻷﺧﲑ ﺷﺮﻁ
ﻟﺼﺪﻕ ﺍﻷﻭﻝ).(1
ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﻓﻴﻜﻤﻦ ﰲ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﻭﻝ
ﻳﺘﻮﻟﹼﺪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﻨﻄﻮﻗﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻛﻠﻤﺔ "ﻟﻜﻦ" ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ "ﻣﻦ ﹼﰒ"
ﻭﻻ ﻳﺘﻄﻠﹼﺐ ﻓﻬﻤﻪ ﺍﺳﺘﺪﻻﻻ ﻋﻘﻠﻴﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﻴﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﺎﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﲣﺎﻃﱯ ﻳﺪﺭﻛﻪ
ﺍﳌﺨﺎﻃﹶﺐ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ.
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﳋﺎﺹ:
ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﻔﺮﻳﻖ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﻋﻨﺼﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﲟﻌﲎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ ﻭﻳﺪﺭﻙ ﺩﻭﻥ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ ﺍﳋﺎﺹ
ﻹﺩﺭﺍﻛﻪ ﻻﺑ ﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ:
-ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﺎﺀ.
-ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ :ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﻮﺑﻠﺖ ﺇﻧﻤﺎ
ﻫﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﻋﻨﻪ؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﻻ ﺃﻣﻪ ...ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﻜﻮﺕ
ﻋﻨﻪ ﺍﻧﻀﻮﻯ ﲢﺖ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻋﺎﻡ ،ﻭﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﹼﰎ ﺗﻌﻴﻴﻨﻪ ﻳﺘ ﻢ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﺇﱃ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﳋﺎﺹ).(2
ــــــــــ
) (1ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻭﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ –ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،-ﳏﻤﺪ ﻧﻈﻴﻒ ،ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﻁ ،2010ﺹ.45
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺹ.51
221
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﺑﺎﻗﺘﺪﺍﺭ ﺃﻥ ﳝﺪﻧﺎ ﺑﺘﺼﻨﻴﻒ ﳛﺎﻛﻲ ﰲ ﳎﻤﻠﻪ ﻭﰲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﺎ
ﻋﺮﺿﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻤﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻗﻬﻢ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ ،ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺘﲔ ﻭﺍﳌﻘﺘﺮﺣﲔ ﳝﻜﻦ ﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺇﱃ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻣﻮﻟﹼﺪ ﻳﱰﻉ ﳓﻮ ﻓﺼﻞ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﺪﺭﻛﺔ ﻣﻦ
ﲎ ﲢﻘﻴﻖ ﻣﺪ ﻭﺗﻮﺍﺻﻞ ﺳﻠﻴﻢ ﻭﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﻊ
ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﺘﺴ
ﺃﻱ ﻧﺺ ﺃﻭ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻋﻼﻣﺎﺗﻴﺔ.
ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ:
ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺷﻲﺀ ﻫﺎﻡ ،ﻭﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺡ -ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﻨﻬﺠﺎ -ﻟﻴﺲ ﺑﺪﻋﺎ
ﻭﻻ ﻃﻌﻨﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻘﺘﺪﻯ ﻭﳏﺘﺪﻯ ،ﺣﻴﺚ ﺃﻟﻔﻴﻨﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀﻧﺎ ﰲ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﻨﻌﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﻳﺴﻌﻮﻥ ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ﻹﳚﺎﺩ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ
ﻭﻣﻨﺤﺎﻫﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ،ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﹼﰎ ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻛ ﹼﻞ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺗﻼ ﺗﺼﻨﻴﻒ
ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﻛﺘﺼﻨﻴﻒ ﺃﰊ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﻭﺍﻵﻣﺪﻱ ،ﻭﺗﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ،ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ
ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻛﺜﲑ ،ﺇﺫﻥ ﻻ ﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺡ ﺳﻨﺔ ﻣﺘﺒﻌﺔ.
ﹼﰒ ﻗﺪ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺒﻨﺎﻩ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺭﺳﲔ ﻳﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ
ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻮﺃﻣﺔ ﺑﲔ ﻣﺮﺟﻌﻴﺘﲔ ﻓﻜﺮﻳﺘﲔ ﻣﺆﻃﹼﺮﺗﲔ ،ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﲢﻤﻠﻪ ﻣﻦ
ﻣﺎﺩﺓ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﻭﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﺍﳌﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﳌﻨﺎﻫﺞ ﻭﻃﺮﻕ ﺇﺧﺼﺎﺏ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ :
-ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﻨﺼﻲ :ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ ،ﻭﻳﺸﻤﻞ ﺩﻻﻟﺔ
ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ،ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻀﻤﻦ ،ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ .ﻭ ﹼﰎ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﲢﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ
ﻷﻧﻬﺎ ﻏﲑ ﻣﻘﺼﻮﺩﺓ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﹼﻢ.
222
-ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ :ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺮﺍﺩﺍ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﹼﻢ
ﻭﻳﺸﻤﻞ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻹﳝﺎﺀ.
-ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﱯ :ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻻ ﰲ ﳏ ﹼﻞ ﺍﻟﻨﻄﻖ ،ﻭﻳﺸﻤﻞ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ.
ﻭﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﳌﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻋﺮﺽ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﻳﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ
ﻭﻗﺼﺪ ﺍﳌﻌﺒﺮ ،ﻓﻤﺎ ﹼﰎ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺩﻭﻥ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ
ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺑﻞ ﻳﻠﺰﻡ ﻓﻴﻪ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻓﻴﻠﺘﺤﻖ ﲟﺼﺎﻑ ﻋﻠﻢ
ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ.
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺸﺠﺮ ﺍﻵﰐ:
ا
223
ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﺩﻻﻟﻴﺔ:
ﺳﻴﺘ ﻢ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺙ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺭﺋﻴﺴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺒﺤﺜﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﲰﻴﺔ ،ﻭﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﺗﻄﻌﻴﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ
ﺑﺎﻟﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ.
-1ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ:
ﹼﰎ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﻻ ﲡﻤﻊ ﺍﲰﺎ ﺇﺯﺍﺀ ﻣﺴﻤﻰ
ﻭﻻ ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ،ﺑﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﻣﻮﺭﻭﺛﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺗﺮﺑﻂ ﺗﺼﻮﺭﺍ
ﺑﺼﻮﺭﺓ ﲰﻌﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﺻﻮﺗﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ-ﺃﻱ ﳏﺾ ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺃﺛﺮ
ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻮﺕ؛ ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻤﺜﹼﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﺇﻳﺎﻧﺎ ﺣﻮﺍﺳﻨﺎﻥ ﻓﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ
ﺇﺫﻥ ﻧﺎﲡﺔ ﻋﻦ ﺃﻋﻀﺎﺋﻨﺎ ﻭﻗﺪﺭﺍﺗﻨﺎ ﺍﳊﺴﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺣﺪﺙ ﻭﲰﻴﺖ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻗﺼﺪ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ
ﻋﺮﻓﻨﺎﻩ ﺎ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺣﺪ ﺁﺧﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻋﻲ )ﻭﺣﺪﺍﺕ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻟﻠﻌﻘﻞ( ).(1
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﺬﻱ ﳌﺴﻨﺎﻩ ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﹼﰎ ﺗﺒﺼﺮﻩ ﰲ ﺍﻟﺘﺒﺤﺚ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ
ﻭﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺇﺩﺭﺍﻛﺎ ﺗﺎﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﰲ
ﻣﻌﺮﺽ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻘﻮﻟﻪ":ﻭﻣﻌﲎ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﺫﺍ ﺍﺭﺗﺴﻢ ﰲ ﺍﳋﻴﺎﻝ
ﻣﺴﻤﻮﻉ ﺍﺳﻢ ﺍﺭﺗﺴﻢ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻌﲎ ،ﻓﺘﻌﺮﻑ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﻤﻮﻉ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﻓﻜﻠﹼﻤﺎ
ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺍﳊﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﻔﺘﺖ ﺇﱃ ﻣﻌﻨﺎﻩ").(2
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺘﻀﺎﻡ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻧﻠﻔﻲ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ
ﻗﺪ ﺗﺒﻨﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻭﻓﻨﺪﻭﺍ ﻏﲑﻩ ،ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺆﻻﺀ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﺍﻟﺬﻱ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﳏﺎﺿﺮﺍﺕ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻓﺮﺩﻧﺎﻧﺪ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻨﻴﲏ ،ﺹ.86
) (2ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ ،ﺍﺑﻦ ﺳﻨﺎ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﻮﺩ ﺍﳋﻀﲑﻱ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ،1970 ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ،ﺹ2-1
224
)(1
ﺃﻓﺼﺢ ﰲ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ":ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺑﺈﺯﺍﺀ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ"
"ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻬﺎ ﻭﺿﻊ ﺑﺈﺯﺍﺋﻬﺎ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ")"،(2ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻣﺎ ﻭﺿﻌﺖ
ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻭﺿﻌﺖ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ") ،(3ﻭﱂ ﻳﻜﺘﻒ
ﺬﺍ ﺍﻹﺑﺮﺍﺯ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺑﻞ ﲡﺎﻭﺯﻩ ﺇﱃ ﺣ ﺪ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﳌﺘﻤﺜﹼﻞ ﰲ "ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﺷﺒﺤﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ
ﻭﻇﻨﻪ ﺣﺠﺮﺍ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﻆ ﺣﺠﺮ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺩﻧﺎ ﻣﻨﻪ ﻭﻇﻨﻪ ﺷﺠﺮﺍ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺸﺠﺮ ،ﻓﺈﺫﺍ
)(4
ﺩﻧﺎ ﻭﻇﻨﻪ ﻓﺮﺳﺎ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻔﺮﺱ ،ﻓﺈﺫﺍ ﲢﻘﹼﻖ ﺃﻧﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﻆ ﺇﻧﺴﺎﻥ"
ﻓﺎﺳﺘﻘﺮ ﰲ ﻗﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻻ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ.
ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ:
ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻋﻨﺪ ﺗﻘﺼﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﻌﻘﹼﻠﻪ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺑﺒﺼﲑﺓ ﺇﱃ ﺟﻮﻫﺮ
ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺩﺭﺍﻛﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻘﺼﻮﺍ ﻭﺭﺻﺪﻭﺍ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﳌﻤﻜﻨﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺇﻋﻄﺎﺅﻫﺎ ﻟﻠﺘﺼﻮﺭ
ﺍﻟﺬﻫﲏ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﻖ ﻭﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﺜﹼﻠﻪ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺰﺑﻴﺪﻱ ﻧﻘﻼ
ﻋﻦ ﺍﳌﻔﻜﹼﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﳌﻨﺎﻭﻱ":ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻭﺿﻊ ﺑﺈﺯﺍﺋﻬﺎ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ
)(...ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﻌﲎ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺣﺼﻮﳍﺎ
ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﰲ ﺟﻮﺍﺏ ﻣﺎ ﻫﻮ؟ ﺗﺴﻤﻰ
ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺛﺒﻮﺎ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ ﺗﺴﻤﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻣﺘﻴﺎﺯﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﺗﺴﻤﻰ
ﻫﻮﻳﺔ").(5
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﳝﺪﻧﺎ ﲞﻤﺴﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﻟﻠﺘﺼﻮﺭ ،ﳝﻜﻦ ﺗﻮﺿﻴﺤﻬﺎ ﺑﺎﳌﺜﻠﺜﺎﺕ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﻜﺒﲑ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ ،ﻁ ،1ﻣﺼﺮ.23/1 ،
) (2ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ-ﲢﺮﻳﺮ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ ،ﺹ.44
) (3ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ.99/1 ،
) (4ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﻜﺒﲑ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ.23/1 ،
) (5ﺗﺎﺝ ﺍﻟﻌﺮﻭﺱ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ،ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺰﺑﻴﺪﻱ ،ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻡ ،ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ.498-497/28 ،
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ،ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ،ﺍﻟﺪﺭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ ،1971 ،ﺹ.116
225
ﺃ-ﺗﺼﻮﺭ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻣﻌﲎ.
ّر
1
3 2
&%# د ا89
1
3 2
م ا89
ﺝ-ﺗﺼﻮﺭ ﳛﺼﻞ ﻣﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻭﻳﻨﺘﺞ ﻣﺎﻫﻴﺔ.
ّر
1
3 2
ه =5ال $ا;ا
1
1
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺇﲨﺎﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﺗﻌﺒﲑ ﻟﻐﻮﻱ ﺃﻭ ﻟﻜﻞ ﻣﻌﲎ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ
ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺃﻥ ﳝﻠﻚ ﻓﻜﺮﺓ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﳚﺐ:
-1ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ.
-2ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﺞ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻞ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻳﺪﺭﻙ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﳌﻌﻴﻨﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ
ﻋﻘﻠﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ.
-3ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﰲ ﻋﻘﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ.
ﺇ ﹼﻥ ﺍﳌﺮﺗﻜﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻓﻬﻲ
ﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻓﻜﺮﺓ ﺃﻭ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﺎﺻﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ
ﳏ ﹼﻞ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﳌﻌﲎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﹼﻢ ﺃﻥ ﳜﺎﻃﺐ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﻳﻨﺘﻘﻞ
ﺍﳌﻌﲎ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻊ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺗﻌ ﺪ ﻣﻠﻜﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎﳌﺘﺤﺪﺙ ﺃﻭ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﱰﻋﺔ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﳌﺪﺭﻛﺔ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩ ﻟﻠﱰﻋﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ،ﻓﻬﺬﻩ
ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺗﻌﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻣﻦ ﻣﺜﲑﺍﺕ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺗﻌﻮﻝ
ﻛﺜﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺃﻱ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺒﺎﻃﲏ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ.
227
-2ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ:
-ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳊﺪﻳﺚ:
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﲟﺎ ﻫﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺗﻮﺍﺻﻠﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﳌﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﲢﺪﻳﺪ ﳏﺘﻮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺇﻟﹼﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻜﹼﻞ ﻣﺮﺟﻌﺎ
ﳍﺎ؛ ﲟﻌﲎ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﰲ ﺣ ﺪ ﺫﺍﺎ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﲑ ﺃﻭ ﺗﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ
ﺍﳌﺎﺩﻱ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺗﻌﺎﰿ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺗﻄﺒﻴﻘﻨﺎ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ
ﺇﺷﺎﺭﺎ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﻏﲑ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮﺋﻴﺔ؛ ﺃﻱ ﺇ ﹼﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ
ﺍﳌﻌﲎ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻜﻴﺎﻥ ﳎﺴﺪ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ –ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ -ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﳘﻠﺘﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ ،ﻓﻤﻌﲎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺸﲑ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ
ﻭﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻣﻌﲎ ﺇﻟﹼﺎ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﺷﺎﺭﺎ ﺇﱃ ﺷﻲﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ،ﻓﻌﻼﻗﺔ
ﺍﻹﺭﺟﺎﻉ ﻋﻼﻗﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﻣﻌﺘﱪﺓ ﻟﺘﻔﻬﻢ ﺍﳌﻌﲎ.
ﻭﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﶈﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﻨﻔﺬ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺒﺎﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﰲ ﳎﺎﻝ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺎﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺃﻭﺟﺪﻥ ﻭﺭﻳﺘﺸﺎﺭﺩﺯ Ogden et Richards
)(1
ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻭﺿﻌﺎ ﻣﺜﻠﺜﺎ ﻗﺎﻋﺪﻳﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺧﻄﺎﻃﺘﻪ ﻛﺎﻵﰐ:
ا+Eة أو ا ّر أو ا)"ل
2
228
ﻭﺍﳌﺜﻠﺚ ﻳﻔﺼﺢ ﺑﺄ ﹼﻥ:
-ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﺜﻠﺚ ﳚﺴﺪﻫﺎ ﺍﻟﻀﻠﻊ ﺍﻷﻳﺴﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻭﺍﳌﺪﻟﻮﻝ.
-ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﳌﺮﺟﻊ.
-ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻭﺍﳌﺮﺟﻊ ﺃﻭ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ )ﻁ،ﺍ،ﻭ،ﻝ،ﺓ( ﻭﺍﳌﻮﺿﻮﻉ )ﻃﺎﻭﻟﺔ(
ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ .
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩﻫﺎ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺗﻔﺮﺽ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ
ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﳌﺘﺪﺍﺧﻠﺔ ،ﻛﺎﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻭﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ،ﻭﺑﲔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﳌﺎﺻﺪﻕ ،ﻓﻬﺬﻩ
ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻋﺮﻓﺖ ﺗﺪﺍﺧﻼ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻨﻮﻉ ﺍﻟﺘﺮﲨﺎﺕ.
ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻭﺍﻹﺣﺎﻟﺔ:
ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ Référenceﻭﺍﻹﺣﺎﻟﺔ Dénotationﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﹼﰎ
ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻭﻳﺮﺍﺩ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ "ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ
ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻣﻦ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﻭﺧﺼﺎﺋﺺ ﻭﺳﲑﻭﺭﺍﺕ
ﻭﻧﺸﺎﻃﺎﺕ") ،(1ﰲ ﺣﲔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ "ﲣﺘﺺ ﺑﺎﻷﻗﻮﺍﻝ ﻭﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﻕ
ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﳌﻌﺠﻤﻴﺔ").(2
ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺟﻮﺭﺝ ﻣﻮﻧﺎﻥ G.Mouninﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻫﻮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻣﺘﺮﺟﺮﺝ ،ﻭﻫﻮ ﰲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﳒﺪﻩ
ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻓﻬﻢ ﳛﺪﺩﻭﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻤﻊ ﺑﲔ ﺷﻜﻞ ﻟﻐﻮﻱ ﻭﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ
ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﶈﺴﻮﺱ) ،(3ﻭﻗﺪ ﺟﻨﺢ ﺁﻻﻥ ﺭﻱ A. Reyﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ،ﻓﻘﺪ
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺘﻌﻴﲔ ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﲔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺟﻮﺯﻳﻒ ﺷﺮﱘ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ 19/18
ﺷﺒﺎﻁ/ﺁﺫﺍﺭ ،1982ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﺑﲑﻭﺕ،ﺹ.73
) (2ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.73
(3) Dictionnaire de linguistique, G.Mounin, paris, 1974, p100.
229
ﺍﻋﺘﱪ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ "ﻋﻨﺼﺮﺍ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺩﻻﻟﺔ ﻭﺣﺪﺓ ﻣﻌﺠﻤﻴﺔ ،ﳝﻜﻦ ﲢﻠﻴﻠﻪ ﺧﺎﺭﺝ
ﺃﻱ ﺳﻴﺎﻕ").(1
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﲔ ﻫﻮ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺗﻔﺤﺼﻨﺎ ﺍﻧﻄﺒﺎﻗﻴﺔ ﻭﺣﺪﺓ
ﻣﻌﺠﻤﻴﺔ ﻣﺎ ﻟﻨﺘﺄﻛﹼﺪ ﻣﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﻜﻴﺎﻥ )ﺍﻟﻮﺿﻊ( ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻄﺒﻘﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻨﺤﻦ ﺘﻢ ﺑﺈﺣﺎﻟﺘﻬﺎ
ﻭﺑﺘﻌﻴﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻔﺤﺼﻨﺎ ﺍﻧﻄﺒﺎﻗﻴﺔ ﻭﺣﺪﺓ ﻣﻌﺠﻤﻴﺔ ﻟﻨﺘﺄﻛﹼﺪ ﻣﻦ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻟﻨﺘﺄﻛﹼﺪ ﻣﻦ
ﻫﻮﻳﺔ ﻛﻴﺎﻥ ﺃﻭ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻛﻴﺎﻧﺎﺕ ﻧﻘﻮﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺗﻌﺒﲑﻱ ﺧﺎﺹ ﻓﻨﺤﻦ ﺘﻢ ﺁﻥ
ﺫﺍﻙ ﺑﺈﺭﺟﺎﻋﻬﺎ ﻭﺑﺈﺷﺎﺭﺎ).(2
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺼﻴﻠﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﻣﺎ ﻳﺸﲑ
ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺍﳌﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺍﻹﺣﺎﻟﺔ* ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﺎﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ
ﺫﻫﻦ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﳋﺎﺹ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻴﻪ ،ﻓﺎﳌﻠﻔﻮﻅ "ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ"
ﻣﺜﻼ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻫﻲ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺎ ،ﺃﻣﺎ ﺇﺷﺎﺭﺎ
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺘﻌﻴﲔ ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﲔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺟﻮﺯﻳﻒ ﺷﺮﱘ ،ﺹ.78
) (2ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.76
*ﺗﺘﻘﺎﺭﺏ ﺩﻻﻻﺕ ﻣﺼﻄﻠﺤﻲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻭﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻣﻊ ﻣﺼﻄﻠﺤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﻓﺮﳚﻪ Fregeﻓﺎﳌﻴﺰ
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻛﺎﻥ ﳏﻞ ﺍﻋﺘﺮﺍﺽ ﺑﺮﺗﺮﺍﻧﺪ ﺭﺍﺳﻞ ﺣﻴﺚ ﺭﺃﻯ ﺃﻥ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺗﺘﻮﻟﺪ ﻋﻨﻪ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺗﻘﻮﻡ "ﻋﻠﻰ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃ ﹼﻥ ﻟﻜﻞ ﺗﺼﻮﺭ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻭﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﻪ
ﻭﻻ ﻧﻌﺘﱪﻩ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺇﻻ ﺣﲔ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ" ،ﻣﻌﺘﱪﺍ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻈﺮﺓ ﻓﺮﳚﻪ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻏﲑ
ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺔ ﻣﻊ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ،ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺗﺼﻮﺭ ﳑﺎﺛﻠﺔ ﺑﲔ ﻣﺮﺑﻊ ﻭﺩﺍﺋﺮﺓ ﰲ ﺁﻥ
ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮﺭ ﳑﺎﺛﻠﺔ ﺑﲔ ﺩﻻﻟﺔ ﻭﺩﻻﻟﺔ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀﺍﺕ ﺣﻴﺚ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ،ﻓﺎﻟﻮﺭﻗﺔ
ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻠﻢ ،ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ ،ﻭﻫﺬﺍﻥ ﻳﺴﺘﺪﻋﻴﺎﻥ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ
ﻭﻫﻜﺬﺍ ...ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﳌﺨﺘﻔﻲ ﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ،ﻋﺒﺪ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﻣﺮﺗﺎﺽ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ
ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺳﻨﺔ ، 2005ﺹ.103-104
230
ﻓﺘﻌﲏ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﺑﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ
ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﰊ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻦ ﻓﺎﶈﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺫﻥ ﻫﻮ ﺷﺨﺺ ﻣﻮﺻﻮﻑ
ﺑﺄﻧﻪ ﺻﺪﻳﻖ.
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﳌﺎﺻﺪﻕ:
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ Intensionﻭﺍﳌﺎﺻﺪﻕ Extensionﻣﺮﺗﺒﻄﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﺎﳌﻨﻄﻖ
ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﳘﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﳌﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ
ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﻳﺮﺍﺩ ﲟﻔﻬﻮﻡ ﺍﺳﻢ ﻣﺎ "ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺳﻢ") ،(1ﻣﺜﺎﻟﻪ :ﺣﻴﻮﺍﻥ ﻧﺎﻃﻖ ﺫﻭ ﻗﺪﻣﲔ ،ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﺎﺩﻕ ﺃﻭ ﺍﳌﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺗﺸﻜﹼﻞ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺎﺻﺪﻕ ﻫﻮ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺃﻭ ﺍﳉﺰﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺼﺪﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ).(2
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﻳﺔ ﰲ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﺍﻷﺻﻮﱄ:
ﺃﺷﺎﺭ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﻢ ﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺃﻭ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺇﱃ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﻧﺘﻔﺎﻫﻢ ﻭﻣﻦ ﹼﰎ ﻧﺪﺭﻙ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ
ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺍﺩ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺑﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺸﲑﺍﺯﻱ )ﺕ476ﻫـ( "ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺑﺈﺯﺍﺀ
ﺍﳌﺎﻫﻴﺎﺕ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ") ،(3ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺎﻫﻴﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻝ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ
ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻵﱐ ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻲﺀ.
ــــــــــ
) (1ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺹ.22
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻣﻬﺪﻱ ﻓﻀﻞ ﺍﷲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ ،1985ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.64
) (3ﺍﳌﺰﻫﺮ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ،ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ،ﺷﺮﺡ ﻭﺿﺒﻂ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﳏﻤﺪ ﺃﲪﺪ ﺟﺎﺩ
ﺍﳌﻮﱃ ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺒﺠﺎﻭﻱ ﻭﳏﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳉﻴﻞ ،ﺑﲑﻭﺕ.42/1 ،
231
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﻹﻧﺒﺎﺀ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻔﺴﲑﺍ ﻭﲤﺜﹼﻼ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻫﻮ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ )ﺕ505ﻫـ( ،ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ
ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﺭﺑﻊ ﻣﺮﺍﺗﺐ؛ "ﺇ ﹼﻥ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﰲ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﹼﰒ ﰲ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ،ﹼﰒ ﰲ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ،ﹼﰒ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻓﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺩﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﺍﻟﻠﻔﻆ ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻫﻮ ﻣﺜﺎﻝ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ").(1
ﺃ -ﻓﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺬﻫﲏ ﻫﻮ ﻭﺟﻮﺩ ﺻﻮﺭﺓ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﺍﳌﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ،ﻭﻟﻨﺄﺧﺬ
ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ )ﻛﺮﺓ( ﺗﺼﻮﺭﻫﺎ ﺃﻭ ﻓﻜﺮﺎ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ
ﺍﻟﺬﻫﲏ ،ﻭﻣﺎ ﳝﻴﺰ ﺗﺼﻮﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻷﺷﻜﺎﻝ ﻛ ﹼﻞ ﺍﻟﻜـﺮﺍﺕ ﺍﻟﱵ
ﺭﺁﻫﺎ ﺍﳌﺘﺼﻮﺭ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ.
ﺏ -ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ﻟﻠﺸﻲﺀ )ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ( ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﳌﺮﺋﻲ ﺍﳌﻠﻤﻮﺱ ﻟﻠﻜﺮﺓ ﰲ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ.
ﺕ -ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻫﻮ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ )ﻙ،ﺭ،ﺓ( ﺍﻟﱵ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺎ
ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻭﺗﺴﺘﺪﻋﻴﻬﺎ ﰲ ﺩﻣﺎﻏﻪ ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﺗﻐﻴﻴﺐ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ.
ﺙ -ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ ﻫﻮ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺁﺧﺮ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ
ﻣﻠﻔﻮﻅ ﻣﻘﺮﻭﺀ ،ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﳝﻴﺰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﺃﻧﻪ ﺃﻛﺜﺮ
ﺑﻘﺎﺀ ﻭﺃﻃﻮﻝ ﲞﻼﻑ ﺍﻵﺧﺮ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻬﺎﻡ ﺍﻟﻔﻌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﰲ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ
ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺇﻟﹼﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﱂ ﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ،ﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺍﻵﰐ:
-ﺗﻔﺴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ،ﻓﻬﻲ ﺇﺫﻥ ﺗﺪﺭﺱ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ
ﺧﺎﺭﺝ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﳍـﺎ
ــــــــــ
) (1ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻓﻦ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ،ﻁ ،4ﺳﻨﺔ ،1983ﺹ.47-46
232
ﻭﺟﻮﺩ ﺧﺎﺭﺟﻲ ﻛﺎﻟﻌﺪﻝ ،ﻭﺍﳊﺐ ،ﻭﺍﳊﺮﻭﻑ ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻫﻲ ﻣﻮﻇﹼﻔﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ
ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻨﻜﺮ ﺃ ﹼﻥ ﳍﺎ ﻣﻌﺎﱐ.
-ﹼﰒ ﺇ ﹼﻥ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻏﲑ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻓﻤﻌﲎ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻔﹼﺎﺣﺔ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺗﻔﺎﺣﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺃﻛﻞ
ﺍﻟﺘﻔﺎﹼﺣﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺃﻛﻞ ﺍﳌﻌﲎ.
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﲰﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﲎ naming Theory of meaning
ﳝﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﻭﻏﺴﻄﲔ ﻭﻫﻮﺑﺰ ،ﺗﺮﻯ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ
ﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﳏﺪﺩﺓ ﳚﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺃﲰﺎﺀ ﲝﻴﺚ ﻣﱴ ﲰﻴﻨﺎ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻭﺍﲡﻬﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻨﺮﺍﻩ
ﺃﺩﺭﻛﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻫﻮ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻻﺳﻢ ،ﻭﺃﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺍﻻﺳﻢ ﺑﺎﳌﺴ ﻤﻰ ﺑﺘﻜﺮﺍﺭ
ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﰲ ﲨﻞ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﺃﺣﺴﺴﻨﺎ ﺑﺒﺪﺀ ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎﺀ).(1
ﺇ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻌﲎ ﺍﻻﺳﻢ ﻫﻮ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﱂ ﺗﻠﻖ ﺗﺮﺣﻴﺐ ﻓﺘﺠﻨﺸﺘﲔ ،ﻓﻘﺪ
ﺃﻗ ﺮ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ "ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﲣﻠﻂ ﺑﲔ ﻣﻌﲎ ﺍﻻﺳﻢ ﻭﺣﺎﻣﻠﻪ ،ﻣﻌﲎ ﺍﻻﺳﻢ ﻟﻴﺲ ﻣﺴ ﻤﺎﻩ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﻧﺴﻤﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﺣﺎﻣﻞ ﺍﻻﺳﻢ ،ﺃﻣﺎ ﻣﻌﲎ ﺍﻻﺳﻢ ﻓﺸﻲﺀ ﳐﺘﻠﻒ ،ﺇﻧﻪ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﺎﺕ
ﺍﻻﺳﻢ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻟﻼﺳﻢ ﻣﻌﲎ ﺣﱴ ﺣﲔ ﻳﻐﻴﺐ ﻣﺴﻤﺎﻩ)ﺃﻭ ﺣﺎﻣﻠﻪ( .ﺑﻞ ﻟﻼﺳﻢ ﻣﻌﲎ ﺣﱴ
ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،ﻭﺇﻻ ﳌﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ ﺇ ﹼﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻌﺒﺎﺭﰐ ﻣﻌﲎ
ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ").(2
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﻓﻴﺘﺠﻨﺸﺘﲔ ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﲰﻴﺔ ،ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻞ ﻳﺪﻋﻤﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ »ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺆﻟﹼﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺍﻱ ﻭﺍﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺪﺍﻝ ﻣﺜﻼﹰ ،ﻟﻪ
ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﻣﺘﺤﺼﻠﺔ ،ﻓﺎﺳﺘﺤﻖ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﻟﻪ ﻟﻔﻆ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻣﺴﻤﻮﻉ ﺑﺎﻷﺫﺍﻥ ،ﻓﺎﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺆﻟﹼﻒ ﻣﻦ ﳘﺰﺓ ﺍﻟﻮﺻﻞ ﻭﺍﻟﺴﲔ ﻭﺍﳌﻴﻢ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ــــــــــ
) -(1ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﳏﻤﻮﺩ ﻓﻬﻤﻲ ﺯﻳﺪﺍﻥ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ 1405،ﻫـ ، 1985-ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ . 107
) -(2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ . 109-108
233
ﻼ ،ﻭﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺆﻟﹼﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺍﻱ ﻭﺍﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ
ﺍﳌﺆﻟﹼﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺍﻱ ﻭﺍﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺪﺍﻝ ﻣﺜ ﹰ
ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻭﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﻭﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺍﻟﺬﻱ
ﻫﻮ ﺍﻟﺰﺍﻱ ﻭﺍﻟﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺪﺍﻝ ﻫﻮ ﺍﻻﺳﻢ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﺪ ﺻﺎﺭ ﻣﺴﻤﻰ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻟﻔﻆ
ﺍﳍﻤﺰﺓ ﻭﺍﻟﺴﲔ ﻭﺍﳌﻴﻢ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺎﻥ ﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﺳﻢ ﰲ ﺃﺻـﻞ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ
ﺍﳌﺴ ﻤﻰ «). (1
ﻭﻗﺪ ﺗﺘﻀﺢ ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺍﻵﰐ:
ــــــــــ
) -(1ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺿﺒﻂ ﻭﲣﺮﻳﺞ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ 1414ﻫـ -
1994ﻡ ،ﺑﲑﻭﺕ . 14/1،
234
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ:
ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﳌﻌﲎ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ .
235
ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ:
ﻳﺆﻛﹼﺪ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻵﱐ -ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﺍﻟﺪﻻﱄ -ﺃ ﹼﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺪﳝﺔ ﺍﳌﻌﲎ
ﺃﻭ ﻓﻘﲑﺓ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﱪﺕ ﲟﻔﺮﺩﻫﺎ؛ ﺃﻱ ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ ﻋﻦ ﺷﺒﻜﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﶈﻴﻄﺔ ﺎ ،ﺃﻭ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻡ
ﺗﻠﻌﺐ ﻓﻴﻪ ﺩﻭﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ َﱠﰎ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ
ﺗﺼﺒﺢ ﺛﺮﻳﺔ ﺑﺎﳌﻌﺎﱐ ﻭﻗﺎﺑﻠﺔ ﻷﻥ ﺗﺆﻭﻝ ،ﻭﻗﺪ ﺗﻔﻀﻲ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﳌﻨﻌﺰﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕ ﳏﺪﻭﺩﺓ
ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻓﻀﺎﺀ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﻳﻀﻴﻖ ﺩﺍﺋﻤﺎﹰ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺿﻴﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻘﻴﻢ ﻣﻌﻬﺎ
ﺗﻌﺎﻟﻘﺎ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﹰﺎ ﻳﺘﺴﻊ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﻳﺘﻌﻴﻦ ﺍﳌﺮﺍﺩ).(1
ﳛﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻋﺪﻩ ﻣﻬﻤﺔ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﻫﻮ
ﺷﺒﻜﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻮﺍﻓﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ،ﻓﻨﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ:
-ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﳋﺼﻮﺹ.
-ﻭﻋﻼﻗﺔ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻭﺍﳌﻘﻴﺪ.
-ﻭﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ.
ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻳﺆﻃﺮﻫﺎ ﻭﻳﺪﻋﻤﻬﺎ ﻣﻨﻬﺠﺎﻥ ،ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻧﻘﻠﻲ ﺗﻔﺴﲑﻱ ﻳﺴﺘﻤﺪ
ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﳋﱪﻳﺔ ،ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺗﺄﻭﻳﻠﻲ ﻳﺘﺤﺮﺭ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺛﻘﻞ ﺍﳌﻨﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻘﹼﺐ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻼﺯﻣﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ،
ﻓﺎﻷﻣﺮ ﺩﺍﺋﺮ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ ،ﺑﲔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﻛ ﹼﻞ ﻣﻦ:
-ﺇﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎ ﺑﻘﻮﳍﻢ»:ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃ ﹼﻥ ﻟﻠﻜﺘﺐ ﺍﻹﳍﻴﺔ ﺗﻨـﺰﻳﻼﺕ ﻇﺎﻫﺮﺓ ،ﻭﻫﻲ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ،ﺗﺮ :ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺼﻤﻌﻲ ،ﺹ.15-14
236
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀﺓ ﺍﳌﺴﻤﻮﻋﺔ ،ﻭﳍﺎ ﺗﺄﻭﻳﻼﺕ ﺧﻔﻴﺔ ﺑﺎﻃﻨﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﻔﻬﻮﻣﺔ
ﺍﳌﻌﻘﻮﻟﺔ«) (1ﻓﺎﻟﻈﺎﻫﺮ ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻧﻠﺞ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻦ
ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ.
-ﻭﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ﺑﻘﻮﻟﻪ»:ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺍﻷﻭﻝ ﻧﻘﻞ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ
ﻟﻠﺸﺮﻉ ﻇﺎﻫﺮﹰﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﹰﺎ «).(2
ﺗﻜﻤﻦ ﺧﺼﻮﺑﺔ» ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﰲ ﻛﻮﺎ ﻫﻴﺄﺕ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺭﺅﻳﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ
ﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﻭﻃﺪﺕ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﰲ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺋﻴﺔ
ﺍﻟﱵ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﻹﻣﺴﺎﻙ ﲟﺠﺎﳍﺎ ﺇ ﹼﻻ ﺑﺎﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻼﺯﻣﻴﺔ
ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﳌﻜﻮﻧﺔ ﻟﻠﺤﺪﺙ ﺍﻟﺪﻻﱄ«).(3ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻧﺰﻭﻉ ﺗﺎﻡ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﻗﺪﻣﲔ ﳓﻮ
ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﱵ ﻟﻠﻨﺺ ،ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﺍﳊﺎﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﳋﻔﻲ ﰲ ﺣﺼﻮﻝ
ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ.
ﰲ ﻛﻨﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﳝﻜﻦ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﳕﺎﺭﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ
)(4
ﺍﻗﺘﻀﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﻓﺪﻳﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﲔ:
-ﺍﻷﻭﻝ :ﺍﳌﺮﺗﻜﺰﺍﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﺨﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺳﻴﺎﻕ ﺇﳒﺎﺯﻩ.
-ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺍﳌﺮﺗﻜﺰﺍﺕ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﻳﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ.
ــــــــــ
) (1ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺇﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﻭﺧﻼﻥ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ،ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺧﲑ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺰﺭﻛﻠﻲ ،1928 ،ﻣﺼﺮ.138/4 ،
) (2ﻓﺼﻞ ﺍﳌﻘﺎﻝ ،ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ،ﺹ .17
) (3ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﲔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ -ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺃﲪﺪ
ﺣﺴﺎﱐ ،ﳎﻠﺔ ﳎﻤﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻉ 3ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ -ﲨﺎﺩﻯ ﺍﻷﻭﱃ 1427ﻫـ ،ﺟﻮﺍﻥ ،2006ﺹ.96
) (4ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.97-96
237
ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﳌﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﱂ ﺗﻜﻦ ﲟﻨﺄﻯ ﻋﻦ ﺍﳉﺪﻝ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺪﺛﺘﻪ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﺁﻧﺬﺍﻙ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﱃ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺣﺘﻤﻴﺔ ﻻ ﻣﻨﺎﺹ
ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﻨﻮﻉ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺗﻌﺪﺩﻫﺎ ﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺗﻌﺪﺩ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ﻭﺁﻟﻴﺎﺗﻪ.
ﻭﺗﺄﺳﻴﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﺿﺤﻰ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ
ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺭﻫﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻭﻳﺼﺒﺢ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺴﲑ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﻭﺁﻟﻴﺎﺗﻪ ،ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺩﻭﻥ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ
ﻭﺍﻹﻓﺼﺎﺡ ﻋﻨﻬﺎ.
ﻟﻘﺪ ﻧﺸﺄﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻭﺗﻄﻮﺭﺕ ﰲ ﻛﻨﻒ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺍﳌﺎﺳﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺮﻓﻬﺎ
ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ،ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻟﻜﻲ ﻳﺪﺭﻛﻮﺍ ﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﺘﻤﺤﻴﺺ ﻳﻠﺰﻣﻬﻢ ﻃﺮﻗﺎ
ﻟﻠﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻃﻴﺔ ،ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﺭﺳﻢ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻟﻴﺴﲑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻭﻳﺒﲏ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ ﻭﻓﺘﺎﻭﻳﻪ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻫﻲ
ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻧﻔﺴﻪ.
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﳌﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻗﺴﻤﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺇﱃ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ،ﻳﻘﻮﻝ
ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ»:ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﺼﻴﻐﺘﻬﺎ ﻭﻣﻨﻈﻮﻣﻬﺎ ،ﺃﻭ ﲟﻔﻬﻮﻣﻬﺎ
ﺃﻭ ﺍﻗﺘﻀﺎﺋﻬﺎ ﻭﺿﺮﻭﺭﺎ ،ﺃﻭ ﲟﻌﻘﻮﳍﺎ ﻭﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﳌﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻨﻬﺎ«).(1
-ﻓﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻭﺍﳌﻨﻈﻮﻡ ﺗﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﳋﺼﻮﺹ
ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﳌﺆﻭﻝ...
-ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻔﺤﻮﻯ ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺗﺸﻤﻞ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﻭﺩﻟﻴﻞ ﺍﳋﻄﺎﺏ.
-ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﻗﺘﻀﺎﺅﻩ ﻓﺘﺘﻀﻤﻦ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ.
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.9/1 ،
238
-ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻓﺘﻌﲎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻏﲑ ﺍﻟﻨﺼﻲ ،ﻛﺎﻟﻘﻴﺎﺱ
ﻭﺍﻻﺳﺘﺤﺴﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﺬﺭﺍﺋﻊ ،ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ.
ﻓﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻔﻲ ﺑﻐﻴﺔ ﺇﺭﺳﺎﺀ
ﺩﻋﺎﺋﻢ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺇﱃ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ
ﲜﻌﻠﻪ ﺍﳊ ﺪ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ »ﻓﺎﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ
ﺇﻗﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﳌﺼﻨﻔﺔ ،ﺑﻞ ﰲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﲨﻴﻊ ﺍﻟﻜﺘﺐ ،ﺑﻞ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﳌﺨﺎﻃﺒﺎﺕ« ،ﻭﺍﳊﺎﺟﺔ
ﺇﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ »ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻜﻞ ﺃﻣﺔ ،ﻭﰲ ﻛﻞ ﻟﻐﺔ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ
ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ«).(1
ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﳋﺼﻮﺹ:
ﻧﻠﻤﺢ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﳘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﻟﺪﻯ ﺃﺳﻼﻓﻨﺎ ﺑﺎﺩﻳﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﺮﺻﻬﻢ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ
ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻊ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻭﺇﳚﺎﺩ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻣﻦ ﺑﲔ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺪﻭﻩ ﻭﻳﺸﻜﹼﻞ
ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ ﻭﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﳋﺎﺹ .ﻳﻌ ﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻣﺒﺤﺜﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻭﻣﺴﻠﻜﺎ
ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻟﻚ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻋﲎ ﺑﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﰲ ﻣﺼﻨﻔﺎﻢ ﻭﺣﺮﺻﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﺍﳌﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ
ﻭﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﳏﻮﺭ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻛﻠﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻭﺃﺣﻜﺎﻣﺎ ﻻ ﺗﺘﻐﲑ ﺑﺘﻐﲑ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ،ﰒ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﰲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻗﺮﺍﺋﻦ
ﻟﺘﺒﲔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺗﺸﺮﺣﻪ ﰲ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ.
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﲔ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﳊﺮﺍﱐ ،ﺗﻘﺪﱘ ﻭﺿﺒﻂ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﺭﻓﻴﻖ ﺍﻟﻌﺠﻢ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
.71/1993،1
239
ﻭﲡﺎﻭﺯ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﳋﺎﺹ ﰲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﺇﱃ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺩﻭﺍﻝ ﰲ ﺍﻟﻨﺺ
ﺫﺍﺗﻪ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻴﻎ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻫـﺬﻩ
ﺍﻟﺪﻭﺍﻝ ﻻ ﲣﺮﺝ ﰲ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﻮﱄ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺫﺍﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ »ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﺭﻣﺰﻳﺎ؛ ﻷ ﹼﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻲ ﻟﻸﺷﻴﺎﺀ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺇﱃ ﺭﻣﻮﺯ ﺻﻮﺗﻴﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻻ ﻳﺘ ﻢ ﺇ ﹼﻻ ﻋﱪ ﺍﳌﺮﻭﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺬﻫﲏ ﰲ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ
ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ«).(1
ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺑﺄﻧﻪ »ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻟﻪ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ﺑﺸﻤﻮﻟﻪ ﲨﻴﻊ ﺃﻓﺮﺍﺩﻩ ،ﲝﺴﺐ ﻭﺿﻊ ﻭﺍﺣﺪ ﺩﻓﻌﺔ ﺑﻼ ﺣﺼﺮ«) ،(2ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ
ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﻘﻮﳍﻢ» :ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﰐ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻻ ﻳﻐﺎﺩﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ«).(3ﻭﻳﻤﹶﺜّﻞ ﻟﻪ
ﺑﺎﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﳌﺸﺮﻛﲔ ﻭﻧﻈﺎﺋﺮﻫﻢ؛ ﺃﻱ ﺇﻧﻪ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻸﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ،ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ
ﺍﳌﺎﺻﺪﻕ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ،ﻭﻳﺘﺨﺬ ﺍﻟﺴﻤﺔ ﺍﻻﲰﻴﺔ ﻃﺎﺑﻌﺎﹰ ،ﻭﻫﻮ ﻻ ﳜﺘﻠﻒ ﰲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻋﻨﻪ
ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻖ؛ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻟﻔﻈﹰﺎ ﻛﻠﻴﹰﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﲎ ﳏﺴﻮﺳﹰﺎ ﰲ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﲟﺠﻤﻠﻬﺎ
ﻫﻲ ﺍﳌﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﳌﺸﺨﺼﺔ ﻭﲡﺮﻳﺪﻫﺎ ﻭﲨﻌﻬﺎ ﻛﻠﻴﹰﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﱪ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ.
ﻭﻗﺪ ﺻﺮﺡ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ ﻣﻌﺮﺽ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻟﻔﻆ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﰲ
ﻧﻈﺮﻩ»ﻭﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻭﰲ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻭﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ،ﺃﻣﺎ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﰲ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻓﻼ ﻋﻤﻮﻡ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ
ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺭﺟﻞ ﻣﻄﻠﻖ ،ﺑﻞ ﺇﻣﺎ ﺯﻳﺪ ﻭﺇﻣﺎ ﻋﻤﺮﻭ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺸﻤﻠﻬﻤﺎ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ
ﺍﻟﺮﺟﻮﻟﻴﺔ ،ﻭﺃﻣﺎ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻓﻠﻔﻆ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻗﺪ ﻭﺿﻊ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﻧﺴﺒﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺇﱃ
ﺯﻳﺪ ﻭﻋﻤﺮﻭ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﺎ ﻣﹰﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﺪﻟﻮﻻﺕ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ،ﻭﺃﻣﺎ ﻣـﺎ ﰲ
ــــــــــ
) (1ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻨﺺ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻧﺼﺮ ﺣﺎﻣﺪ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺳﻨﺔ ،1994ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .197
) (2ﺗﻴﺴﲑ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻓﻘﻪ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﲪﺪ ﺍﻷﻃﺮﺵ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺳﻨﺔ .4/1 ،2000
) (3ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﺹ .214
) (4ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.35/2 ،
240
ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴﺴﻤﻰ ﻛﻠﹼﻴﹰﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺯﻳﺪ ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ«).(1
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳋﺎﺹ ﻓﻬﻮ» ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻭﻻ ﻳﺸﻤﻞ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻟﻪ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻞ ﻗﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺃﻓﺮﺍﺩﻩ«)(2ﻭﻫﺬﺍ ﺷﺒﻴﻪ ﲟﺎ ﻋﻨﺎﻩ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﻘﻮﳍﻢ» ﻭﺍﳋﺎﺹ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺘﺤﻠﹼﻞ ﻓﻴﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﺩﻭﻥ ﺃﺷﻴﺎﺀ«) ،(3ﰒ ﺇ ﹼﻥ ﻟﻠﺨﺎﺹ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻳﻌﺮﻑ ﻭﻳﺪﺭﻙ ﺎ ،ﻣﻨﻬﺎ
ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﺮﻁ ،ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ،ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﺑﺪﻝ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻞ ،ﻓﻬﺬﻩ ﺩﻭﺍﻝ ﻭﺑﲎ ﺳﻄﺤﻴﺔ
ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳋﺎﺹ.
ﺻﻴﻎ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻊ
ﺍﻷﲰﺎﺀ :ﺍﳌﻮﺻﻮﻟﺔ ،ﺍﻟﺸﺮﻃﻴﺔ ،ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻣﻴﺔ ،ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ
ﺍﻟﻨﻜﺮﺓ :ﺍﳌﻮﺻﻮﻓﺔ ،ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻨﻔﻲ ،ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺸﺮﻁ ،ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﳌﻌﺮﻑ.
ﺻﻴــﻎ ﺍﳋــﺎﺹ
ﺍﻻﺳﺘﺜﻨــــﺎﺀ
ﺍﻟﺸـــــﺮﻁ
ﺍﻟﺼﻔـــــﺔ
ﺍﻟﻐﺎﻳـــــﺔ
ﺑــﺪﻝ ﺍﻟﺒﻌﺾ
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.35/2 ،
) (2ﺗﻴﺴﲑ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ،ﺃﲪﺪ ﺍﻷﻃﺮﺵ.196/1 ،
) (3ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﺹ.214
241
ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻭﺍﳌﻘﻴﺪ:
ﺍﳌﻄﻠﻖ ﺁﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻌﺎﻥ ﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺺ
ﻭﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﻭﻫﻮ ﻟﻔﻆ »ﺩﺍ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﻫﻴﺔ ﺑﻼ ﻗﻴﺪ«)(1؛ ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﻄﻠﻖ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ﳎﺮﺩﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺪ ،ﻭﺗﻜﻤﻦ ﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﳌﺎﻫﻴﺔ ﻻ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ
ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻕ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻕ ﺃﻓﺮﺍﺩﻩ ،ﻓﻜﺘﺎﺏ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﻫﻴﺔ
ﻣﻄﻠﻖ ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ ﻏﲑ ﻣﻌﲔ ﻫﻮ ﻋﺎﻡ ،ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻘﻴﺪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﺿﻴﻔﺖ ﺇﱃ ﻟﻔﻈﻪ ﻗﺮﻳﻨﺔ) ،(2ﳓﻮ :ﲦﻦ ﲞﺲ ،ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺻﺎﱀ ،ﻛﺘﺎﺏ ﺟﺎﻣﻊ ،ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ،
ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﰲ ﺻﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ.
ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﳎﺎﻟﻪ ﺍﶈﺘﻤﻞ ﻫﻮ ﺍﳉﻨﺲ ﻛﻠﹼﻪ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻪ ﻫﻮ
ﻥ ﺍﷲ ﻳﺄﻣﺮﻛﻢ
ﺑﻌﻀﻪ ،ﻛﻤﺎ ﰲ ﺑﻘﺮﺓ ﺑﲏ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺍﻟﱵ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺍﷲ ﺑﺬﲝﻬﺎ ،ﻓﻘﻴﻞ ﳍﻢ »ﺇ ﹼ
ﺃﻥ ﺗﺬﺑﺤﻮﺍ ﺑﻘﺮﺓ« ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺬﲝﻮﺍ ﺑﻘﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﺘﻢ ﺎ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻷﻣﺮ ،ﺇ ﹼﻻ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻏﲑ ﻣﻌﻴﻨﺔ –ﰲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ -ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻐﺮﺍﻕ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ
ﺍﳉﻨﺲ ﻛﻠﻪ ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺮﺩ ﻭﺍﺣﺪ.
ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺩﻗﻴﻖ ﺟﺪﺍ ،ﺣﱴ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻳﺴﻤﻴﻬﻤﺎ ﲨﻴﻌﺎ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ
ﻭﻳﻔ ﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ،ﺑﺄﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﻟﺒﺪﱄ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ
ﺍﻻﺳﺘﻐﺮﺍﻗﻲ ،ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ »:ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻤﻰ ﻋﻤﻮﻡ ﺍﻟﺸﻤﻮﻝ
ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻫﻨﺎ ،ﻭﻋﻤﻮﻡ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ )ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻄﻠﻖ( ﻭﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﻋﺎﻣﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻣﻮﺍﺭﺩﻩ ﻏﲑ
ﻣﻨﺤﺼﺮﺓ ﻻ ﺃﻧﻪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺎﻡ ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﻤﻮﻡ ﺍﻟﺒﺪﻝ ﺃﻳﻀﺎ«) (3ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﳜﺘﻠﻂ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻴﻬﻤﺎ
ــــــــــ
) (1ﺗﻴﺴﲑ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ.245/1 ،
) (2ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.246/1 ،
) (3ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺃﺑﻮ ﺣﻴﺎﻥ.7/3 ،
242
ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﻋﺮﺽ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻻﺕ،ﻛﻤﺎ ﺃﳌﺢ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﺪ
ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ).(1
ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ:
ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﺎﺯﻓﺔ ﺃﻭ ﺍﳌﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﺷﻲﺀ ﺇﺫﺍ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻭﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ
ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎﻡ ،ﻭﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎﺹ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻳﻌ ﺪ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎ
ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﰲ ﻣﲑﺍﺙ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺑﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ .ﺇﺫ ﺍﲣﺬﺕ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻌﲎ
ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﲡﺮﻳﺪﻳﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺩﻗﺔ ﻭﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭﴰﻮﻻ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﻣﻔﺴﺮﻱ
ﻼ -ﻓﻬﺆﻻﺀ ﺍﺳﺘﻐﺮﻗﺘﻬﻢ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﻭﺗﺮﺍﻛﻴﺐ ﳐﺼﻮﺻﺔ ﻭﻗﻔﻮﺍ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻏﺮﻳﺐ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ-ﻣﺜ ﹰ
ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯﺍ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻧﻈﺮﺓ ﻛﻠﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﳌﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺟﻬﺎﺎ ﻭﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ).(2
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻋﻴﹰﺎ ﻭﺗﻨﺒﻬﺎ ﳌﺸﻜﻠﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺃﺛﺮﻫﺎ ﰲ ﻓﻬﻢ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ،ﻭﻣﻦ
ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻲ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻨﺺ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﺹ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻢ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺇﱃ
ﺳ ﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭﺿﻮﺍﺑﻂ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺎ ﺇﱃ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ).(3
ﻭﻣﻦ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻋﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﺸﻜﹼﻞ ﺗﻨﻈﲑﺍ ﺃﺻﻮﻟﻴﹰﺎ ﺧﺼﺒﹰﺎ ﻭﻣﻔﺮﻗﹰﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻫﻢ
ﳑﻦ ﻋﻨﻮﺍ ﺑﺈﻣﻌﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺭﻏﺒﺔ ﰲ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺇﻓﺮﺍﺯ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﻜﻼﻡ -ﻣﺎ ﺃﻃﻠﻖ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ "ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ" ،ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺟﺎﺀﺕ ﻟﺘﺪﻋﻢ ﺍﳌﻨــﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﻱ
ــــــــــ
) (1ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ،ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ،ﺗﺢ :ﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﻣﻌﻮﺽ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ،
،2001ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.20
) (2ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ – ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﰲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﺒﲎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1988
ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ،ﺹ .71
) (3ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.71
243
ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻲ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﺗﻜﺸﻒ ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺮﻱ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ
ﻭﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻐﻲ ﻣﻦ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺗﻌﺪﺩﻫﺎ ﻧﺘﺎﺝ ﺗﻠﺤﻒ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻠﺤﺎﻓﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﰒ ﺇﻥ ﺇﺣﺴﺎﺱ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺬﻩ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻳﻌ ﺪ ﺩﻋﻤﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﳊﺼﺮ ﺍﺎﻝ ﺍﻹﺩﺭﺍﻛﻲ ﻟﻠﺤﺪﺙ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﰲ ﻛﻞ
ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ،ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﺃﳕﺎﻁ ﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ،ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ
ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﶈﻜﻢ ،ﺃﻡ
ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳋﻔﻲ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻣﻦ ﺍﻤﻞ ﻭﺍﳌﺆﻭﻝ ﻭﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ.
ﺃﻭﻻ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ:
ﻳﻘﺴﻢ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻭﺿﻮﺡ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺇﱃ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ،ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ
ﻭﺍﶈﻜﻢ ،ﻭﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﺎﻝ ﲢﻘﻖ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺩﻭﻥ ﻋﻨﺖ ،ﺣﻴﺚ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ
ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻏﲑ ﻣﻀﻄﺮ ﺇﱃ ﺗﻌﻘﺐ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﺑﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﰲ ﺫﻟﻚ
ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺇﱃ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﻠﻔﻆ.
-1-1ﺍﻟﻨﺺ:
ﻳﺘﺒﻮﺃ ﺍﻟﻨﺺ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺿﻤﻦ ﺳﻠﻢ ﺍﻹﻓﺼﺎﺡ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ
ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻭ»ﺍﳌﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ«) ،(1ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ
ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﺑﺄﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ،ﻭﺫﻟﻚ
ﻟﻮﺿﻮﺡ ﺃﻟﻔﺎﻇﻪ ﻭﺗﻌﻴﻦ ﻣﻘﺼﻮﺩﻩ ،ﻭﺧﹸﻠ ﻮﻩ ﳑﺎ ﻳﻠﺒﺲ ﺍﳌﻌﲎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺨﺎ ﹶﻃﺐ ،ﻣﻦ ﺍﺎﺯ
ﻭﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ،ﻭﻏﲑﳘﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ »ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﻓﺎﺩ ﻣﻌﲎ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ﻣﻊ ﺍﻧﺴﺠﺎﻡ
ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻓﻬﻮ ﻧﺺ«) ،(2ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﳉﻮﻳﲏ» ،ﻭﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ
ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﺈﻓﺎﺩﺓ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ،ﻣﻊ ﺍﳓﺴﺎﻡ ﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﻧﻘﻄــــﺎﻉ ﻣﺴﺎﻟﻚ
ــــــــــ
) (1ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ.208/1 ،
) (2ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ ،ﻧﺸﺮ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻴﻀﻮﻥ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ .376/1
244
ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ«).(1
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﻳﻜﺸﻒ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﰲ ﻋﺮﻑ ﺍﻷﻗﺪﻣﲔ ﺃﻃﻠﻖ
ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻭﺃﺭﻳﺪ ﺑﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻌﺎﻥ:
-ﺍﻷﻭﻝ :ﻣﺎ ﻋﻨﺎﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ )ﺗـ 204ﻫـ( ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻧﺼﺎ ،ﻭﻗﺪ
ﻗﺮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ)،(2ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ
ﺍﳊﺴﲔ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﰲ ﺍﳌﻌﺘﻤﺪ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﺼﺪ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺍﳊﻜﻢ
»ﻭﺃ ﻣﺎ ﺍﻟﻨﺺ ﻓﻘﺪ ﺣﺪﺩﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﺧﻄﺎﺏ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻢ ،ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ
ﻣﺴﺘﻘﻼ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺑﻐﲑﻩ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤﻲ ﺍﻤﻞ ﻧﺼﺎ«).(3
ﺍﳌﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﲔ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺧﻄﺎﺏ ﺃﺩﻯ ﺣﻜﻤﺎ ﻭﻋﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ
ﻧﺺ ﻓﻴﻪ ،ﻻ ﻓﺮﻕ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﲔ ﻣﺎ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﺎﺣﺘﻤﺎﻝ ،ﺃﻭ ﻣﺎ ﺩﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻪ ،ﺑﻞ
ﺇﻥ ﺍﻤﻞ ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻ ﻭﻏﻤﻮﺿﺎ ﺍﻋﺘﱪﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺣﺴﺐ ﺃﰊ
ﺍﳊﺴﲔ –ﻧﺼﺎ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻠﻪ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ
ﺣﻜﻢ ،ﻭﻟﻌﻞ ﺳﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻫﻮ ﺃﻧﻪ »ﻳﻼﺋﻢ ﻭﺿﻊ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻕ؛ ﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ
ﻗﺪ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﻭﻛﺸﻒ ﻋﻨﻪ«).(4
-ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋﺎ ﻭﻗﺒﻮﻻ ﻟﺪﻯ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻫﻮ
»ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ«).(5
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ.279-278/1 ،
) (2ﻧﻔﺎﺋﺲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺷﺮﺡ ﺍﶈﺼﻮﻝ ،ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻧﺰﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﺯ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،ﺻﻴﺪﺍ ،ﻁ ،3ﺑﲑﻭﺕ ،2275/5ﻭﻳﻨﻈﺮ
ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﺹ .21
) (3ﺍﳌﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﲔ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ،ﺗﻘﺪﱘ ﺧﻠﻴﻞ ﺍﳌﻴﺲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ.295-294/1 ،
)(4ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ.204/2 ،
) (5ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.384/1 ،
245
-ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻳﻌﻀﺪﻩ ﺩﻟﻴﻞ ،ﺃﻣﺎ
ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻌﻀﺪﻩ ﺩﻟﻴﻞ ﻓﻼ ﳜﺮﺝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻧﺼﺎ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻨﺺ
ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺃﺻﻼ ،ﻭﺑﺎﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﻻ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ
ﳐﺼﻮﺹ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻌﺘﻀﺪ ﺑﺪﻟﻴﻞ ،ﻭﻗﺪ ﻗﺮﺭ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺤ ﺮﺝ ﰲ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ
ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻯ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺃﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮﺓ ﻭﻗﺒﻮﻻ؛ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﺷﺘﺒﺎﻫﻪ ﺑﺎﻟﻈﺎﻫﺮ).(1
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻋﻤﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺇﱃ ﺗﻨﺼﻴﺐ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ ﺃﺩﺍﺓ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳌﻌﲎ
ﻭﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ،ﻓﺎﻟﺬﻫﻦ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻭﻳﻬﺘﺪﻱ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ
ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻄﺎﺑﻘﻴﺔ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻭﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ،ﻭﻟﻴﺲ ﲝﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﺇﺫ
ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﳚﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﻧﺼﺮﺍﻑ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻄﺎﺑﻘﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻼﺯﻣﻴﺔ
ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻭﺍﺿﺢ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺴﺠﻠﻤﺎﺳﻲ ) 704ﻫـ( ﺑﻘﻮﻟﻪ »ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ
ﻳﺘﺤﺪ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺪﺩ ،ﻓﺈﻥ ﺍﲢﺪ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻨﺺ«) ،(2ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﰲ ﺷﺄﻥ
ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﻨﺔ »ﺇﺫﺍ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻠﻔﻆ ﻣﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﺎﺯﻳﺔ ﻓﻬﻮ ﻧﺺ
ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﻨﺔ«).(3
ﻭﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻋﺎﻡ ﳌﺎ ﻗ ﺪﻣﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﺭﻳﻒ ﻭﺍﲰﺔ ﻟﻠﻨﺺ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﺎﺩﻻﺕ
ﺍﻵﺗﻴﺔ:
-ﺍﻟﻨﺺ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ :ﻣﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ »ﺍﻟﻨﺺ ﻫﻮ
ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ«).(4
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.286-285/1 ،
) (2ﺍﳌﱰﻉ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﰲ ﲡﻨﻴﺲ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ،ﺍﻟﺴﺠﻠﻤﺎﱐ ،ﺗﺮ :ﻋﻼﻝ ﺍﻟﻐﺰﻱ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،1980 ،ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﺹ
.132
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .132
) (4ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ.384/1 ،
246
-ﺍﻟﻨﺺ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺸﲑﺍﺯﻱ »ﺍﻟﻨﺺ ﻫﻮ
ﻛﻞ ﻟﻔﻆ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺇﻻ ﻣﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ«).(1
-ﺍﻟﻨﺺ ﺍﺳﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ،ﲟﻌﲎ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﺑﲔ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ
ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ،ﻣﺴﺘﻔﺎﺩ ﳑﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺍﻟﻨﺺ »ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻮﻯ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻭﺑﺎﻃﻨﻪ«).(2
-2-1ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ:
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻟﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﺻﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺻﻮﺭﻩ ،ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﳌﺪﺍﻟﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻭﻃﺮﻕ
ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺇﻟﻴﻪ ،ﲟﻌﲎ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺪﻝ ﲟﻨﻄﻮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻴﲔ ﻓﺄﻛﺜﺮ ،ﳑﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻰ
ﺗﻐﻠﻴﺐ ﻭﺗﺮﺟﻴﻊ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻓﺈﻥ ﹼﰎ ﺗﻐﻠﻴﺐ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ
ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ ﻓﺬﺍﻙ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﲞﻼﻓﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﳌﺆ ﻭﻝ ،ﺇﺫﻥ »ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﺒﻖ
ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻣﻌﲎ ﻣﻊ ﲡﻮﻳﺰ ﻏﲑﻩ«).(3
ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻨﺺ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ،ﻓﺎﻟﻨﺺ ﻭﺍﺿﺢ ﻗﻄﻌﺎ ﻻ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ
ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻭﻻ ﺗﺄﻭﻳﻞ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻓﻼ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ »ﺍﻟﻨﺺ
ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﻤﻠﻪ«) ،(4ﻭﲡﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺃﻥ
ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﳚﻤﻌﻮﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﲢﺖ ﺍﺳﻢ ﺍﶈﻜﻢ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻤﻞ،
)(5
ﻓﺎﶈﻜﻢ ﻳﺸﻤﻞ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻳﻀﺎ.
ــــــــــ
) (1ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻠﻤﻊ ،ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺸﲑﺍﺯﻱ ،ﺗﺢ :ﻋﺒﺪ ﺍﻴﺪ ﺗﺮﻛﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ .498/1 ،1988
) (2ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ.205/2 ،
) (3ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ،ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ،ﺹ .92
) (4ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ.384/1 ،
) (5ﺃﻣﺎﱄ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﻭﳎﺎﱄ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ،ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺑﻴﻪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1999ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ .80
247
ﻭﻗﺪ ﺣﺼﺮ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﰲ ﲦﺎﻧﻴﺔ
ﻣﻮﺍﺭﺩ ﳛﺘﺎﻃﻮﻥ ﳍﺎ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﻋﻨﺪ
ﻏﲑﻫﻢ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺍﳌﻮ ﺟﻬﺔ ﻟﻠﺨﻄﺎﺏ ﺃﺧﺬ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻮﺟﻪ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺒﺢ
ﲟﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ -ﲟﻌﲎ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻭﻟﻴﺲ ﲟﻌﲎ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ -ﻭﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺫﻛﺮ
)(1
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻫﻲ:
-1ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﺎﺯ:
ﻭﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﺴﺘﻌﻤﻼ ﻓﻴﻤﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ﺃﺻﻼ ،ﻛﺈﻃﻼﻕ ﺍﻷﺳﺪ ﻋﻠﻰ
ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﺍﳌﻔﺘﺮﺱ ،ﻓﺈﻥ ﺻﺮﻓﻬﺎ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺃﻭﱃ ﻣﻦ ﺻﺮﻓﻬﺎ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ
ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﻆ ﺍﻷﺳﺪ ﳎﺎﺯﺍ ،ﻓﻼ ﻳﺼﺮﻑ ﺍﳌﻌﲎ ﺇﱃ ﺧﻼﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﻻ
ﺑﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺪﻣﺖ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﱂ ﳚﺰ ﺻﺮﻓﻪ ﻋﻨﻪ ،ﻳﻘﻮﻝ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﺃﻣﺎ »ﺍﺎﺯ ﻓﻴﻜﻔﻲ
ﻓﻴﻪ ﺣﺼﻮﻝ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﲤﻨﻊ ﻣﻦ ﲪﻞ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ،ﻭﻫﻲ ﻭﺳﻬﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ«).(2
-2ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ:
ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻣﺴﺘﻐﻦ ﻋﻦ ﺇﺿﻤﺎﺭ
ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺃﻭ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍﺕ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ،ﲝﻴﺚ ﳜﺘﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻊ
ﻋﺪﻣﻪ ﻭﺃﻣﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻌﺒﺎﺭﺓ ﻣﻌﻨﻴﺎﻥ ،ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻳﺆ ﺩﻳﻪ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﳏﺬﻭﻑ ،ﻭﺁﺧﺮ ﻻ
ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﺇﻻ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﳏﺬﻭﻑ ،ﻓﺈﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻳﺼﺮﻑ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﻔﻆ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻨﺺ
ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ.
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ-ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﻧﺎﺻﺮ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ،
ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2004ﺑﲑﻭﺕ ﺹ 44ﺣﱴ .60
) (2ﺍﳌﻌﺎﱂ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﺹ .36
248
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺃ ﺩﻯ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺃﻢ ﺭﺃﻭﺍ ﰲ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻛﺬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ
ﺑﻨﺴﺐ ﻣﺎ ﱂ ﻳﺘﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻗﺪ ﻧﺎﻓﺢ ﺃﺣﺪ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﺑﻦ
ﻣﻀﺎﺀ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻘﻮﺓ ﻭﺍﺷﺘﺪ ﺍﻟﻨﻜﲑ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ ،ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺸﺄﻥ »ﻣﻦ ﺑﲎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻠﻔﻆ ﺃﻭ ﻣﻌﲎ ﻋﻠﻰ ﻇﻦ ﺑﺎﻃﻞ ﻗﺪ ﺗﺒﲔ ﺑﻄﻼﻧﻪ ،ﻓﻘﺪ
ﻗﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻐﲑ ﻋﻠﻢ ،ﻭﺗﻮ ﺟﻪ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﳑﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺣﺮﺍﻡ ،ﺍﻹﲨﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ
ﻳﺰﺍﺩ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻔﻆ ﻏﲑ ﺍﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ،ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﳌﻌﲎ ﻛﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺃﺣﺮﻯ
ﻷ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻫﻲ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﻭﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺩﻻﻻﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ«).(1
-3ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺘﻘﺪﱘ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﲑ:
ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻗﺪ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﻣﻌﲎ ﻣﺎ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﺪﺭ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺗﻘﺪﳝﺎ
ﻭﺗﺄﺧﲑﺍ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﻌﲎ ﺁﺧﺮ ،ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻘ ﺪﻡ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ،ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀﺕ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺗﺼﺮﻓﻨﺎ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻡ
ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﺗﺮﺗﻴﺐ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ،ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﳚﻮﺯ ﻟﻨﺎ ﺻﺮﻓﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ.
ﻓﺎﻟﻜﻼﻡ ﺇﺫﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻴﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ ،ﻭﻏﲑ ﻫﺬﺍ ﺩﻋﻮﻯ ﻭﺗﺼﺮﻑ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﺫﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻜﻠﹼﻢ ﻭﻻ ﺇﺟﺎﺯﺓ ،ﻭﺃﻳﻀﺎ ﲢﺮﻳﻒ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻮﺍﺿﻌﻪ ﺩﻭﻥ ﻧﻮﺭ ﻭﻻ
ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺻﺎﺭﻓﺔ.
-4ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ:
ﻳﺮﺍﺩ ﺬﺍ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻟﻔﻈﻴﺔ ﲢﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﺄﻛﻴﺪﹰﺍ ﻛﻤﺎ
ﲢﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻭﺗﺄﺳﻴﺴﹰﺎ ﳌﻌﲎ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺼﺮﻑ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ
ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ؛ ﻷﺎ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻻ ﺗﺼﺮﻑ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴــﺪ ﺇ ﹼﻻ
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ،ﺍﺑﻦ ﻣﻀﺎﺀ ،ﺹ .18
249
ﺑﻘﺮﻳﻨﺔ ،ﺇﺫ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻜﻞ ﻟﻔﻆ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻷﺻﻞ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﰲ
ﺍﳌﺒﲎ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺇﻻ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﺒﺜﹰﺎ ﻭﳍﻮﹰﺍ ﺃﻭ ﻋﺠﺰﺍﹰ ،ﺗﻌﺎﱃ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ
ﻭﱂ ﻳﺮﺽ ﺍﺑﻦ ﺟﲏ ﻟﻠﻌﺮﺏ ﺫﻟﻚ ﻓﺤﻜﻤﺘﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﻌﺪﻫﻢ ﻋﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﻛﺜﻴﺒﺎ
ﻣﻬﻴﻼ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﺣﻜﺎﻡ) ،(1ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻟﻪ ﻣﻌﲎ
ﺟﺪﻳﺪ ،ﺃﻭ ﻳﻘﺎﻝ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﺬﻟﻚ.
-5ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﳋﺼﻮﺹ:
ﺇﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﰲ ﺧﻄﺎﺏ ﻣﺎ ﻟﻔﻆ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﺟﻨﺴﻪ ﺃﻭ ﻧﻮﻋﻪ ﱂ ﳚﺰ ﲣﺼﻴﺺ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ
ﺍﳌﺸﻤﻮﻟﲔ ﺑﺎﳋﻄﺎﺏ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻩ ﲝﻜﻢ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﺑﻞ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﺸﻤﻠﻬﻢ ﺑﻪ ﲨﻴﻌﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ
ﲣﺼﻴﺺ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﺻﺮﻑ ﻟﻠﺨﻄﺎﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻐﲑ ﻗﺮﻳﻨﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻏﲑ ﺟﺎﺋﺰ ،ﻭﺇﳕﺎ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ،ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ
ﺩﻋﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺎ ﺃﻃﻠﻖ ﺃﺭﻳﺪ ﺑﻪ ﻓﺮﺩ ﻣﻘﻴﺪ ﺃﻭ ﻣﻌﲔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﴰﻠﻬﻢ ﺍﳋﻄﺎﺏ،
ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻧﻘﻀﺎ ﻟﻠﺸﻴﻮﻉ ﺍﳌﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻹﻃﻼﻕ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻧﻘﺾ ﻟﻼﺳﺘﻐﺮﺍﻕ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺩﻟﻴﻞ.
ﻭﺗﺼﺪﻳﻘﺎ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ »:ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﻟﻔﻆ ﻟﻐﻮﻱ ﻓﻮﺍﺟﺐ
ﺃﻥ ﳛﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﲢﺘﻪ ،ﻭﻭﺍﺟﺐ ﺃ ﹼﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ
ﻥ ﻋﻠ ﻤﺘ ﻢ ﻓﻴﻬﹺ ﻢ ﺧ ﻴﺮﺍ« ،ﻓﺎﳋﲑ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ
ﻻ ﻳﻔﻴﺪﻩ ﻟﻔﻈﻪ ،ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ » :ﺇﹺ ﹾ
ﺍﻟﺼﻼﺡ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﳔﺺ ﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ
ﺑﻌﺾ ﺇ ﹼﻻ ﺑﻨﺺ ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻓﻴﻬﻢ ،ﻭﱂ ﻳﻘﻞ ﻣﻌﻬﻢ ،ﻭﻻ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻨﺪﻫﻢ ،ﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻘﻂ«).(2
ــــــــــ
) (1ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ،ﺍﺑﻦ ﺟﲏ.2/1 ،
) (2ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺍﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ) ،ﺩ.ﺕ( ،ﻁ.419/1 ،1
-6ﺍﻹﻃﻼﻕ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ:
250
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﰲ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﰲ ﺟﻨﺴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺗﻘﻴﻴﺪﻩ ﺑﻘﻴﺪ
ﱂ ﻳﺮﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺑﻘﺮﺓ ﺑﲏ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ،ﺍﷲ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑ ﺬﺑﺢ ﺑﻘﺮﺓ ﻏﲑ ﻣﻌﻴﻨﺔ
ﻥ ﺍﷲ ﻳﺄﻣﺮﻛﻢ ﺃﻥ ﺗﺬﺑﺤﻮﺍ ﺑﻘﺮﺓ") ،(1ﻓﺘﻜﹼﻠﻔﻮﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺷﺮﻁ –ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ"-ﺇ ﹼ
ﺸ ﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ﺑﺎﻧﺼﺮﺍﻓﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺇﱃ ﻗﻴﺪﻩ ،ﻓ
ﺑﺬﺑﺢ ﺃﻱ ﺑﻘﺮﺓ.
-7ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ:
ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻧﺺ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻔﻈﲔ ﻣﺘﻘﺎﺭﺑﲔ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ
ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺗﲔ ﺃﻭ ﺍﻟﻠﻔﻈﲔ ﻗﺪ ﺟﺎﺀﺍ ﳌﻌﻨﻴﲔ ﳐﺘﻠﻔﲔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﳌﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻞ
ﺃ ﹼﻥ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ،ﺇ ﹼﻻ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺗﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻤﺎ ﻣﻌﲎ
ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻴﺼﺮﻓﻮﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﻳﻔﺎﺭﻗﻮﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ.
ﻭﻗﺎﻋﺪﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻓﻴﻪ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻳﻠﻬﻮ ﻭﻳﻌﺒﺚ
ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﺎﱐ .ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﻭﺃﻛﻴﺪ ﰲ ﺣﻖ ﺍﳊﻜﻴﻢ ﺃﻧﻪ
ﻻ ﻳﻠﻬﻮ ﻭﻻ ﻳﻌﺒﺚ ،ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻐﲎ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﳌﺎ ﺃﺻﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﻓﺘﻘﺮﺭ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ
ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺑﺘﻘﺪﱘ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺇ ﹼﻻ ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺻﺎﺭﻓﺔ.
-8ﺍﻧﻔﺮﺍﺩ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻪ:
ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻷﺻﻞ
ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﺑﲔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﲎ ،ﻓﺈﻥ ﻭﺟﺪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻮﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﰲ ﻣﻌﻨﻴﲔ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﻌﻨﻴﲔ ﺃﺻﻼ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﳎﺎﺯﺍ ً ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺣﺴﻢ ﺍﳋﻼﻑ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ــــــــــ
) (1ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ،ﺍﻵﻳﺔ.67 :
251
ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻷﻭﻝ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﻗﺮﻳﻨﺔ ،ﻓﺈﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ
ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﳎﺎﺯﺍ ،ﻭﻭﺟﺪﻧﺎ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺎ ﻻ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ
ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﳉﺎﻣﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺳﹼﻠﻤﻨﺎ ﺑﻮﻗﻮﻉ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ.
ﳔﻠﺺ ﳑﺎ ﺳﺒﻖ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ :ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ،ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ
ﻭﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ،ﻭﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﺃﻧﻪ ﳜﺘﺺ ﲝﺎﻻﺕ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺬﹼﺭ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ
ﻛﻤﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺍﻵﰐ:
ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ
ﺍﺎﺯ -1 ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ -1
ﺍﻹﺿﻤﺎﺭ -2 ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ -2
ﺍﻟﺘﻘﺪﱘ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﲑ -3 ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ -3
ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ -4 ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ -4
ﺍﳋﺼﻮﺹ -5 ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ -5
ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ -6 ﺍﻹﻃﻼﻕ -6
ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ -7 ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ -7
ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ -8 ﺍﻧﻔﺮﺍﺩ ﺍﳌﻌﲎ -8
ﻭﺍﳉﺪﻭﻝ ﻳﻜﺸﻒ ﻭﻳﻔﺼﺢ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺇﺫﺍ ﺩﺍﺭ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺑﲔ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ
ﻳﻠﺰﻡ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ ﻭﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﲪﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻷﺻﻠﻲ ،ﺇ ﹼﻻ ﺇﻥ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ
ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺪ ﺻﺎﺭﻓﺎ ﺩﻻﻟﻴﺎ ﻭﻧﺎﻗﻼ ﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻔﺮﻋﻲ.
252
3-1ﺍﶈﻜﻢ
ﺇﻥ ﺛﺒﺖ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﲟﻨﻄﻖ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻧﻠﻔﻴﻪ ﺟﻠﻴﺎ ﻟﻠﻌﻴﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﺣﱴ
ﻻ ﻧﻜﺎﺩ ﳒﺪ ﰲ ﳎﺎﻝ ﲢﺮﻳﺮ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎ ﻣﻔﻌﻼ ﰲ
ﺴﺮ ﳎﺎﻟﻪ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ،ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻧﺬﻛﺮ ﺿﺤﻪ ﻭﻳﻔ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻳﻮ
ﺍﶈﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﰎ ﺿﺒﻂ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﲟﻘﺎﺭﻧﺘﻪ ﻣﻊ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ،ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﲢﺪﻳﺪ ﻣﻌﻨﺎﻩ).(1
-ﺍﶈﻜﻢ ﻣﺎ ﻭﺿﺢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻧﻘﻴﻀﻪ.
-ﺍﶈﻜﻢ ﻣﺎ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺇﻻ ﻭﺟﻬﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ،ﻭﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﺍﺣﺘﻤﻞ ﺃﻭﺟﻬﺎ.
-ﺍﶈﻜﻢ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻘﻞ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻞ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺇﻻ ﺑﺮﺩﻩ ﺇﱃ ﻏﲑﻩ.
-ﺍﶈﻜﻢ ﻣﺎ ﺗﺄﻭﻳﻠﻪ ﺗﻨـﺰﻳﻠﻪ ،ﻭﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺘﺄﻭﻳﻞ.
ﺍﶈﻜﻢ ﻣﺎ ﱂ ﺗﺘﻜﺮﺭ ﺃﻟﻔﺎﻇﻪ ،ﻭﻣﻘﺎﺑﻠﻪ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ. -
ﻟﻌ ﹼﻞ ﺃﻫﻢ ﺭﺍﺑﻂ ﳚﻤﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻳﻒ ﻫﻮ ﺃ ﹼﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﶈﻜﻢ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﺣﺘﻤﺎﳍﺎ
ﻷﻧﻮﺍﻉ ﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﻓﻬﻲ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻋﻦ ﻏﲑﻫﺎ ،ﻻ ﺗﻨﺎﺯﻋﻬﺎ
ﺩﻻﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﲞﻼﻑ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﺪﻻﻟﺘﻪ ﺧﻔﻴﺔ ﻭﺗﺘﻨﺎﺯﻋﻬﺎ ﺩﻻﻻﺕ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻭﻣﺘﻌﺪﺩﺓ.
ﺛﺎﻧﻴﺎ -ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ:
ﺑﻌﺪ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﱵ ﳛﺼﻞ ﲟﻮﺟﺒﻬﺎ ﻓﻬﻢ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﺗﻌ ﹼﻘﻞ
ﺍﳌﻌﲎ ،ﻧﻨﺘﻘﻞ ﺇﱃ ﺍﳋﻄﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻘﻮﻡ ﺎ ﺍﻷﺻﻮﱄ ،ﻭﻫﻲ ﻓﻬﻢ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺇﻋﻤﺎﻝ
ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻣﻦ ﺍﳌﺆ ﻭﻝ ،ﻭﺍﻤﻞ ﻭﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ،ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﲰﺔ
ﺧﻔﺎﺀ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﻏﻤﻮﺿﻪ.
ــــــــــ
) (1ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ،ﺹ .466-465ﻭﺍﳌﻨﺨﻮﻝ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﲢـ:ﳏﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﻫﻴﺘﻮ
ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ)، 1ﺩﺕ( ،ﺹ.170
253
.1-2ﺍﻤﻞ:
ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ
ﻭﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ،ﻳﺸﻐﻞ ﺣﻴﺰﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺮﺣﺐ ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺎﻢ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ
ﻳﺸﻜﻞ ﻋﺘﺒﺔ ﻭﻋﺘﻤﺔ ﺧﻄﺎﺑﻴﺔ ﻻﺯﺩﺣﺎﻡ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﻭﺍﺷﺘﺒﺎﻩ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺃﺩﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ
ﻭﺍﳋﻔﺎﺀ ﺑﺎﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﺍﳌﺴﺘﻤﻊ ﺇﱃ ﺑﺴﻂ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻭﻛﻔﺎﺀﺗﻪ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﻣﻌﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ
ﰲ ﺧﻄﺎﺑﺎﺕ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﺫﺍﺗﻪ ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻐﲑﻩ ﻗﺼﺪ ﺍﻹﻣﺴﺎﻙ ﺑﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﳌﻌﻘﻮﻟﺔ ﻭﺍﳊﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺺ.
ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻑ ﺍﻤﻞ ﺑﻌﺪﺓ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ:
-ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺒﺰﺩﻭﻱ »:ﻫﻮ ﻣﺎ ﺍﺯﺩﲪﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺍﺷﺘﺒﻪ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﺷﺘﺒﺎﻫﺎ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ
ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻔﺴﺎﺭ ،ﰒ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﰒ ﺍﻟﺘﺄ ﻣﻞ «).(1
-ﻭﻋ ﺮﻓﻪ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﺑﺄﻧﻪ » ﻟﻔﻆ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﺳﺘﻔﺴﺎﺭ ﻣﻦ ﺍ ﻤﻞ ﻭﺑﻴﺎﻥ
ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺇﻣﺎ ﻟﺘﻮﺣﺶ ﰲ ﻣﻌﲎ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ،ﺃﻭ ﰲ ﺻﻴﻐﺔ ﻏﺮﺑﻴﺔ ،ﳑﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺃﻫﻞ
ﺍﻷﺩﺏ ﻟﻐﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ «).(2
-ﻭﺍﺳﺘﺮﻓﺪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻨﺠﻴﻢ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﳊﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳌﻨﺎﺭ ،ﻓﺄﺑﺎﻥ ﺃﻧﻪ
»ﻣﺎ ﺗﻮﺍﺭﺩﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻣﻦ ﻏﲑ ﺭﺟﺤﺎﻥ ﻷﺣﺪﻫﺎ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﺘﺰﺍﺣﻢ
ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﳌﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ،ﻛﺎﳌﺸﺘﺮﻙ ،ﺃﻭ ﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻛﺎﳍﻠﻮﻉ ،ﺃﻭ ﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﱃ ﻣﺎ
ﻫﻮ ﻏﲑ ﻣﻌﻠﻮﻡ ،ﻛﺎﻟﺼﻼﺓ ،ﻭﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ،ﻭﺍﻟﺮﺑﺎ«).(3
ﺗﺒﺼﺮﻧﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻳﻒ ﺑﺸﻴﺌﲔ:
-ﺍﻷﻭﻝ :ﺃﻥ ﺍﻤﻞ ﺻﻴﻐﺔ ﺧﻄﺎﺑﻴﺔ ﺧﻔﻲ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺫﺍﺎ
ﻛﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﰲ ﻟﻐﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ،ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﻣﺴﺘﻮﺣﺸﺔ ،ﺃﻭ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﺃﻭ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﻟﻔﻆ ..
ــــــــــ
) (1ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺒﺰﺩﻭﻱ ﻣﻊ ﻛﺸﻒ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ.54/1 ،
) (2ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ.168/1 ،
) (3ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﺑﺸﺮﺡ ﺍﳌﻨﺎﺭ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﲟﺸﻜﺎﺓ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ،ﺍﺑﻦ ﳒﻴﻢ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﳊﻠﱯ 1355 ،ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.116/1 ،
254
-ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﱂ ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺑﺈﻇﻬﺎﺭ ﻋﻠﹼﺔ ﺍﳋﻔﺎﺀ ﻭﺍﻹﲨﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﺇﳕﺎ
ﺃﻭﺿﺤﻮﺍ ﻭﺑﻴﻨﻮﺍ ﻛﻴﻒ ﺍﳋﻼﺹ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺒﺰﺩﻭﻱ ﰲ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺳﺒﻞ:
-1ﺍﻻﺳﺘﻔﺴﺎﺭ.
-2ﺍﻟﻄﻠﺐ.
-3ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ.
ﻭﻧﻠﻤﺢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻤﻞ ﺗﻔﻬﻢ ﻭﺗﺪﺭﻙ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺳﻴﺎﻗﲔ:
-ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ :ﺃﻱ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺻﻴﻐﺔ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻭﺩ ﹼﻝ
ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ »ﺍﺳﺘﻔﺴﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻤﻞ«.
-ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺫﺍﺗﻪ ،ﺃﻱ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﹼﻠﻖ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﳝﻜﻦ
ﺿﺢ ﺍﺑﻦ ﻓﻬﻢ ﺍﻤﻞ ﺇ ﹼﻻ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻋﻨﺎﻩ ﺍﻟﺒﺰﺩﻭﻱ ﺑﻘﻮﻟﻪ »:ﰒ ﺍﻟﺘﺄ ﻣﻞ« ،ﻭﻳﻮ
ﺣﺰﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺑﻌﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ »ﺍﻤﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻣﻌﻨﺎﻩ«) .(1ﻭﻗﺪ
ﺑﻴﻦ ﺃ ﹼﻥ ﻃﻠﺐ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻓﻴﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﻣﻮﺿﻌﲔ:
-ﺇﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﺺ ﺁﺧﺮ.
-ﻭﺇﻣﺎ ﻣﻦ ﺇﲨﺎﻉ.
ﻗﺎﻝ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ»:ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺗﻔﺴﲑ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﰲ ﻧﺺ ﺁﺧﺮ ﻗﻠﻨﺎ ﺑﻪ ﻭﺻﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ
) (...ﻓﺈﺫﺍ ﱂ ﳒﺪ ﻧﺼﹰﺎ ﺁﺧﺮ ﻳﻔﺴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻤﻞ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻓﺮﺽ ﻃﻠﺐ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ
ﺫﻟﻚ ﺍﻤﻞ ﰲ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﳌﺘﻴﻘﻦ ﺍﳌﻨﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﲨﻴﻊ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ«).(2
ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺇﻣﺎ ﺑﻨﺺ
ﺁﺧﺮ ﺷﺎﺭﺡ ﻭﻣﻮﺿﺢ ﻭﻣﻔﺴﺮ ،ﺃﻭ ﺑﺈﲨﺎﻉ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻀﻞ ﻋﻦ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ،ﰒ ﻳـﺮﺩﻑ
ــــــــــ
) (1ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ.419/1 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.419/1 ،
255
ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺇﱃ ﺑﻨﺎﺀﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺑﻨﺎﺀ ﺁﺧﺮ ﺣﺼﻴﻔﹰﺎ ﻋﻤﺪ ﻓﻴﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﳌﺒﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻭﺿﺢ ﺃﻧﻪ
» ﺇﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﻟﻔﻆ ﻟﻐﻮﻱ ﻓﻮﺍﺟﺐ ﺃﻥ ﳛﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﲢﺘﻪ
ﻥ ﻋﻠ ﻤﺘ ﻢ ﻓﻴﻬﹺ ﻢ
ﻭﻭﺍﺟﺐ ﺃ ﹼﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻴﺪﻩ ﻟﻔﻈ ﻪ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ » :ﺇﹺ ﹾ
ﺧ ﻴﺮﺍ« ،ﻓﺎﳋﲑ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﻝ ،ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﳔﺺ ﺬﺍ
ﺍﻟﻨﺺ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺑﻌﺾ ﺇ ﹼﻻ ﺑﻨﺺ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻓﻴﻬﻢ ،ﻭﱂ ﻳﻘﻞ ﻣﻌﻬﻢ ،ﻭﻻ
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻨﺪﻫﻢ ،ﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻘﻂ«).(1ﻧﺴﺘﺸﻒ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﻟﺮﺻﲔ
ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﺍﳌﺘﻠﻘﻲ ﻻ ﳛﻖ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻘﻲ ﺩﻻﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﺳﻨﺪ ﻭﻣﻌﲔ ﻳﻜﻮﻥ ﻇﻬﲑﺍ ﻟﻪ ،ﻓﻌﻤﻠﻴﺔ
ﺍﳌﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺭﻫﲔ ﻧﺺ ﺁﺧﺮ ﺃﻭ ﺇﲨﺎﻉ ﳛﺴﻢ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﻠﻔﻈﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳋﻄﺎﺏ.
ﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻧﺸﲑ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﺇﱃ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﳝﺜﻞ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻣﱰﻟﺔ
ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻤﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﳝﺜﹼﻞ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﳋﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ،ﻟﺘﻨﺎﺯﻉ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﻓﻴﻪ ﻭﻋﺪﻡ
ﺍﳌﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ.
.2-2ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ:
ﺇﺫﺍ ﺭﻣﻨﺎ ﲢﺴﺲ ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺴﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﰲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺃﻥ
ﻧﺴﺘﻨﻄﻖ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ –ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ -ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺘﲔ ﳐﺘﻠﻔﺘﲔ ﺯﺍﻭﻳﺔ
ﺍﶈﻜﻢ ﻭﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ .ﲢﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﲑ ﻳﺪﺧﻞ »ﺍﻤﻞ ﻭﺍﳌﺆﻭﻝ ﻛﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ
ﲢﺖ ﺟﻨﺲ ﺍﶈﻜﻢ«).(2
ﰲ ﻇ ﹼﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﲤﺖ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺑﻌﺾ ﺍﳋﻄﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﲢﺪﻳﺪ
ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ .ﺇ ﹼﻥ ﺍﶈﻜﻢ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ »ﺍﳌﻜﺸﻮﻑ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﺷﻜﺎﻝ ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻝ«.
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.419/1 ،
) (2ﻣﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﳉﺒﺎﺭ ،ﺗﺢ :ﻋﺪﻧﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﺯﺭﺯﻭﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.6-5
256
ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ »ﻣﺎ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﻓﻴﻪ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ«).(1
ﻭﻭﺟﻪ ﻭﺻﻒ ﺍﶈﻜﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ »ﺃﺣﻜﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺑﺄﻥ ﺟﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ
ﺻﻔﺔ ﳐﺼﻮﺻﺔ-ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺄﺛﲑ ﰲ ﺍﳌﺮﺍﺩ -ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺆﺛﺮ ﰲ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻫﻲ
ﺃﻥ ﺗﻮﻗﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﺇ ﹼﻻ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﰲ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﻭ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﺭﻑ ﺃﻭ ﺑﺸﻮﺍﻫﺪ
ﺍﻟﻌﻘﻞ«) .(2ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ» :ﻗﻞ ﻫﻮ ﺍﷲ ﺃﺣﺪ«) ،(3ﰲ ﺣﲔ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻭﺻﻒ ﺬﻩ
ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ» ،ﻓﺠﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺔ ﺗﺸﺘﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ-ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﳌﺮﺍﺩ -ﻣﻦ
ﺣﻴﺚ ﺧﺮﺝ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ،ﻟﺸﻲﺀ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ« ،ﻣﺜﻞ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ» :ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﺫﻭﻥ ﺍﷲ«) ،(4ﻓﻈﺎﻫﺮ ﺍﳋﻄﺎﺏ"ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﶈﺎﻝ" ،ﻭﻣﻦ ﹼﰒ
ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﻣﺸﺘﺒﻬﺎ ﻭﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﱃ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﶈﻜﻤﺎﺕ).(5
ﻳﻜﺸﻒ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﳉﺒﺎﺭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﺮﺻﲔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻮﻋﻲ
ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﺎﻧﺘﻈﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺑﺘﺮﺍﺻﻒ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻭﲡﻠﹼﻴﻬﺎ ﲟﻌﻬﻮﺩ ﻣﻦ
ﻟﻐﺔ ﺃﻭ ﺗﻌﺎﺭﻑ -ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ -ﳜﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﳋﻔﺎﺀ ﺇﱃ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﺠﻠﹼﻲ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺎ
ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ»:ﻗﻞ ﻫﻮ ﺍﷲ ﺃﺣﺪ« ،ﺇ ﹼﻥ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﺪﺭﻛﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﳌﺨﺎﻃﺐ
ﻭﻻ ﻳﻜﺘﻨﻔﻬﺎ ﺃﻱ ﻏﻤﻮﺽ ﻳﻠﺠﺊ ﺍﳌﺨﺎ ﹶﻃﺐ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﲞﻼﻑ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﺗﻠﺠﺌﻪ
ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺘﺪﺍﺧﻞ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﺳﻬﺎ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﳉﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺹ
ﳏﻜﻤﺔ ،ﺍﻟﱵ ﻻ ﳝﺎﺭﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻭﻗﺒﻀﺘﻪ.
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.68/1 ،
) (2ﻣﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﳉﺒﺎﺭ ،ﺹ.19
) (3ﻣﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﳉﺒﺎﺭ ،ﺹ.19
) (4ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺧﻼﺹ ،ﺍﻵﻳﺔ .01:
) (5ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ،ﺍﻵﻳﺔ.57:
257
ﻭﺬﺍ ﺍﳉﻬﺪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻲ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻗﺪ ﻭﻓﺮﻭﺍ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ
ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﱐ ،ﺣﻴﺚ ﺑﺪﺍ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﻣﻦ
ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﺇﱃ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻫﻮ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻌﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺜﲑﺍ ﰲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺗﻔ ﻬﻢ ﺍﳋﻄﺎﺏ
ﻓﺎﻟﻨﺺ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﻭﺿﻮﺣﺎ ﺗﺎﻣﺎ ﻻﺣﺘﻤﺎﻟﻪ ﻣﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﰲ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﳌﻐﺎﻳﺮ
ﺍﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺴﺎﻭﻯ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﻨﻴﺎﻥ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮ ،ﰲ ﺣﲔ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ
ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺃﻧﻪ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﺪﻭﺍﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻟﻜﻮﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻓﻴﻪ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ
ﰲ ﺍﳌﻨﺤﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﳌﺆ ﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ ﻳﺪﻧﻮ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻤﻞ ،ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ
ﻓﻴﻪ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ.
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﺒ ﺪﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻄﺒﲔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﲔ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﲔ ﰲ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﳘﺎ ﻗﻄﺒﺎﻥ
ﻳﻨﺪﺭﺝ ﲢﺖ ﺑﻨﻴﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﻣﺒﺪﺃ ﺍﻤﻞ ،ﻭﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﺑﺪﻭﺭﳘﺎ ﻳﻨﺪﺭﺝ ﲢﺖ
ﻧﺴﻘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻲ ﻣﻠﻔﻮﻇﺎﻥ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﳘﺎ :ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻭﺍﳌﺆ ﻭﻝ ،ﻟﻴﻀﻢ ﰲ ﺍﻷﺧﲑ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﶈﻜﻢ
ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ "ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ" ،ﻭﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ "ﺍﻤﻞ ﺍﳌﺆﻭﻝ".
ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ:
ﻳﻌ ﺪ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻣﻬﻤﹰﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻟﻠﻨﺺ ،ﻓﺄﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ
ﻳﻌﻮﻟﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺗﻨﺎﻭﳍﻢ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﺄﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ
ﻳﻠﺠﺌﻮﻥ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﻣﺬﺍﻫﺒﻬﻢ ﻭﺍﲡﺎﻫﺎﻢ ﺍﻟﻌﻘﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻭﺍﳌﺘﻜﻠﻤﻮﻥ
ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ﰲ ﳏﺎﻭﺭﺍﻢ ﺍﳉﺪﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﱃ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻓﻴﺆﻭﻟﻮﻫﺎ ﺗﺄﻭﻳﻼ ﻳﺴﺎﻳﺮ ﺣﺎﻻﻢ ﻭﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﻢ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺻﺮﻑ
ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺍﻟــﺬﻱ
258
ﻳﻮﹼﻓﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﺑﲔ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ).(1
ﺬﺍ ﻋﻤﻞ ﻭﻋﻤﺪ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ »ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﻨﺺ ﺣﱴ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ
ﻣﺘﺠﺪﺩ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﳊﻴﺎﺓ ،ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﲔ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻌﺮ
ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ .ﻭﺫﻫﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﱃ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻜﺎﻥ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﺸﻒ
ﻋﻦ ﺍﳌﻘﺼﺪ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ،ﻓﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﻟﺘﻌﻠﻖ ﺍﳋﻄﺎﺏ
ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ «).(2
ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﺮﻓﻬﺎ
ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﺒﻴﻦ ﺃ ﹼﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﲣﻀﻊ ﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﳌﺆ ﻭﻝ ﺇﺫ ﻻ ﺗﺘﻢ ﺇ ﹼﻻ ﰲ ﺇﻃﺎﺭ ﺛﻘﺎﻓﺔ
ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﻧﻈﺮﻩ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﺴﻨﺪ ﺍﻟﺘﻘﺼﲑ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺇﱃ ﺃﻓﻬﺎﻡ ﺍﳌﺆﻭﻟﲔ
ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﺽ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ،ﺣﻴﺚ ﺃﺑﺼﺮ ﺃ ﹼﻥ
ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﳛﻤﻞ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤﻘﻪ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻋﻲ ﳎﺮﺩ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﰲ
ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺇﱃ ﺍﻹﻏﺮﺍﻕ ﰲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﰲ
ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻭﻣﺮ ﺩ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﺇﱃ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﳌﺆ ﻭﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺺ).(3
ﻭﰲ ﻏﻤﺮﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺳﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻫﺘﺪﻯ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﺍﺭﺳﲔ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ
)(4
ﺛﻼﺛﺔ ﺍﲡﺎﻫﺎﺕ ﺗﺄﻭﻳﻠﻴﺔ:
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ،ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﲔ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ-ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻹﳍﻴﺔ -ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻘﺮﻧﺸﺎﻭﻱ،
ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﺭﺍﻕ ،2003 ،ﻋﻤﺎﻥ ،ﺹ.18
) (2ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺻﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ،ﺩ.ﺕ.ﻁ ﺹ .09
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﺠﺮ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2001ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺹ.47
) (4ﻳﻨﻈﺮ ﳎﻬﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﳏﻤﺪ ﻣﻔﺘﺎﺡ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1990ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﺹ.92
259
-1ﻧﺰﻋﺔ ﺣﺮﻓﻴﺔ ﻗﺼﻮﻯ ﻣﺜﹼﻠﻬﺎ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺍﻵﻳﺎﺕ
ﻼ«).(1
ﻭ»ﻭﳛﺎﺭﺑﻮﻥ ﻛﻞ ﻣﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﻠﻴ ﹰ
-2ﻧﺰﻋﺔ ﺗﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ﺍﲣﺬﺕ ﻣﻦ »ﺍﳌﺼﺤﻒ ﻛﹼﻠﻪ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﺄﻭﻳﻞ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻑ
ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺧﻄﺎﺏ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﺼﺺ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ«) .(2ﻭﳝﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﱰﻋﺔ
ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﲰﺎﻋﻴﻠﻴﺔ .ﻭﺇﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎ ،ﻭﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ.
-3ﺗﻴﺎﺭ ﺛﺎﻟﺚ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻭﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﻭﻳﻌﺎﺭﺽ
ﺍﻟﻨـﺰﻋﺘﲔ ﺍﳌﺘﻄﺮﻓﺘﲔ»ﺍﳊﺮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ«) ، (3ﻭﻣﻦ ﺑﲔ ﺃﻋﻼﻡ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﱰﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ.
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﻧﺸﺄﺓ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺁﻟﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﺣﺪ
ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﺃﻥ ﳛﺪﺩﻩ ﺑﺪﻗﺔ ،ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ »:ﺇ ﹼﻥ ﲝﺚ ﻧﺸﺄﺓ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﰲ
ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﲟﻜﺎﻥ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ
ﻭﺣﱴ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﻓﻮﺻﻠﺖ ﻣﺸﻮﻫﺔ ﻧﺎﻗﺼﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺩﻋﺎ
ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺧﺎﺭﺟﻲ ﱂ ﻳﻨﺸﺄ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﳏﻀﺔ ،ﻭﺇﻥ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
)(4
ﺍﺳﺘﺤﺪﺛﻮﺍ ﺟﻮﻫﺮ ﻓﻜﺮﻢ ﻣﻦ ﻣﺆﺛﺮﺍﺕ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺭﻭﺡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻣﻨﻬﺠﻪ"
ﻭﻳﺮﻓﺾ ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ،ﻭﻳﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻧﺸﺄ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ)،(5
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﺎ ﻳﺆ ﹼﻛﺪ ﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﺃﲰﺎﺅﻫﻢ:
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ ،92ﻭﻣﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺟﻮﻟﺪ ﺯﻳﻬﺮ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻠﻴﻢ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ،
،1955ﻣﺼﺮ ،ﺹ.107
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ ،92ﻣﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺹ .154
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ .92ﻣﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺹ .117
) (4ﻧﺸﺄﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﺳﻨﺔ ،1966ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.329-328/1 ،
) (5ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ .329/1،
260
-ﺍﳌﺎﺗﺮﻳﺪﻱ)ﺕ 333ﻩـ (ﻳﻌ ﺪ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻟﻠﺘﺄﻭﻳﻞ ﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﺖ
ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﻘﺪ ﺣﺪﻩ ﺑﺄﻧﻪ »ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺃﺣﺪ ﺍﶈﺘﻤﻼﺕ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻘﻄﻊ«).(1
-ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ)456ﻫـ( ﻳﻘﻮﻝ» :ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻤﺎ ﺍﻗﺘﻀﺎﻩ ﻇﺎﻫﺮﻩ
ﺐ
ﻭﻋﻤﺎ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ ﺁﺧﺮ؛ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻧﻘﻠﻪ ﻗﺪ ﺻﺢ ﺑﱪﻫﺎﻥ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻧﺎﻗﻠﹸﻪ ﻭﺍﺟ
ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ -ﻓﻬﻮ ﺣﻖ .ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻧﻘﻠﻪ ﲞﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﻃﺮﺡ ،ﻭﱂ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺣﻜﻢ ﻟﺬﻟﻚ
ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺎﻃﻞ«) .(2ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ
ﻭﻛﺬﺍ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻴﺔ ،ﻭﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ.
-ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ)ﺕ505ﻫـ( ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ »ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻳﻌﻀﺪﻩ
ﺩﻟﻴﻞ ﻳﺼﲑ ﺑﻪ ﺃﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻭﻳﺸﺒﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ
ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺻﺮﻑ ﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺇﱃ ﺍﺎﺯ«).(3
-ﻭﻳﺴﺘﺮﻓﺪ ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ )ﺕ595ﻫـ( ﰲ ﺷﺮﺡ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺃﰊ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺑﻘﻮﻟﻪ:
»ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﺎﺯﻳﺔ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻥ ﳜﻞ ﺫﻟﻚ
ﺑﻌﺎﺩﺓ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰲ ﺍﻟﺘﺠﻮﺯ ﻣﻦ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﺸﺒﻴﻬﻪ ﺃﻭ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﺃﻭ ﻻﺣﻘﻪ ﺃﻭ ﻣﻘﺎﺭﻧﻪ ﺃﻭ
ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺕ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﺎﺯﻱ«) ،(4ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴﺎ
ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﻃﻴﺪﺓ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﺎﺯ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ.
-ﻭﻳﻘﺪﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ)728ﻫـ( ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﺟﺎﻣﻌﺎ ﻳﺮﺑﻄﻪ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺒﻴﺌﺎﺕ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩﺓ
»ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﻋﺮﻑ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻔﻘﻬﺔ ﻭﺍﳌﺘﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﶈﺪﺛﺔ ﻭﺍﳌﺘﺼﻮﻓﺔ ﻭﳓﻮﻫﻢ ﻫﻮ ﺻﺮﻑ
ــــــــــ
) (1ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﳊﻠﱯ ،1935 ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.173/2 ،
) (2ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ.42/1 ،
) (3ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.387/1 ،
) (4ﻓﺼﻞ ﺍﳌﻘﺎﻝ ،ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﺪ ﻋﻤﺎﺭﺓ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﻁ -2ﺳﻨﺔ، 1983ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.32
261
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ ﻟﺪﻟﻴﻞ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ«).(1
ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﳌﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺇﲨﺎ ﹰﻻ ﻭﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﺃﺩﺍﺓ
ﻭﺁﻟﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ
ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺃﻭ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﻭﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﱃ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺇﻋﻤﺎﻻ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﳛﻘﻖ
ﻭﺿﻮﺣﺎ ﻟﻠﺮﺅﻳﺔ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻭﻗﺪ ﻋﻤﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺇﱃ ﻭﺿﻊ ﺿﺎﺑﻂ ﺑﻪ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ
ﻭﻫﻮ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺆ ﻭﻝ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ» ،ﻭﻋﺒﺎﺭﺓ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻳﻨﺒﻐﻲ
ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ،ﻭﺑﺪﻭﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺪﺱ
ﻭﺍﻟﺘﺨﻤﲔ«).(2
ﻭﺳﺒﺐ ﻓﺮﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﻫﻮ ﺗﻘﻨﲔ ﻭﺗﻀﻴﻴﻖ ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺆﻭﻝ ﰲ ﻓﺮﺽ ﺳﻠﻄﺘﻪ
ﻭﺑﺴﻂ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻗﻴﺪ ،ﻭﻳﺮﻯ ﺑﻌﺾ ﺁﺧﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﱃ
)(3
ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ )ﺍﳌﺆ ﻭﻝ( ﻳﻜﻮﻥ ﲟﺮﺍﻋﺎﺓ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻣﻮﺭ:
-ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻨﻬﺎ :ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻟﻔﻆ ﻳﺪﺧﻠﻪ
ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳏﺘﻤﻼ ﳌﻌﻨﻴﲔ ﻓﺄﻛﺜﺮ ،ﻫﻮ ﰲ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺃﺭﺟﺢ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ ،ﺇﻣﺎ
ﻟﻘﻮﺓ ﻧﺎﲡﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﱄ.
-ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﺼﲑ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ ﺭﺍﺟﺤﺎﹰ» ،ﲝﻴﺚ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻀﻢ
ﺇﱃ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺆﻭﻝ ﺍﻋﺘﻀﺪ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺑﺎﻵﺧﺮ ﻭﺍﺳﺘﻮﻟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻭﻗﺪﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻤﺎ
ــــــــــ
) (1ﺍﻹﻛﻠﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1947ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.22
) (2ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ –ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،-ﻣﻨﺼﻮﺭ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﺷﻠﺶ ﺍﳊﻠﻔﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2008
ﺹ.182
) (3ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﺇﺩﺭﻳﺲ ﲪﺎﺩﻱ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ ،1998 ،1ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﺹ
.112
262
ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﺟﱪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻗﻮﺓ ﰲ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ«).(1
ﻭﺑﺘﺸﺨﻴﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺗﺼﺒﺢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺃﻭ ﻋﻤﻠﻴﺔ
ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺬﻫﲏ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺗﻄﻤﺌﻦ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﺲ
ﻭﺗﱪﺃ ﺎ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻭﻳﺮﺗﺎﺡ ﳍﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺭﺍﺟﺤﹰﺎ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺧﺎﺭﺝ
ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﺍﳊﺮﺝ ﻭﺍﻧﺘﻔﻰ ﺍﳌﺎﻧﻊ.
ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﲑ:
ﻋﺮﻑ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻋﺪﺓ
)(2
ﻋﺮﻑ ﺧﻼﳍﺎ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻋﺪﺓ ﻣﻌﺎﻥ ،ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳒﺘﺰﺉ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﰲ ﺍﻵﰐ:
-ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻷﻭﱃ :ﻣﺎ ﻋﻨﺎﻩ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻫﻮ ﺍﳌﺂﻝ ﻭﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ.
-ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﲟﻌﲎ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﺮ ﰲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﲔ.
-ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﺍﳌﺘﺄﺧﺮ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ ،ﻭﻫﻮ ﺻﺮﻑ ﻣﻌﲎ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ ﳛﺘﻤﻠﻪ ﻭﻳﻌﻀﺪﻩ ﺩﻟﻴﻞ. .
ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻌﻘﹼﺐ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻬﺪﻩ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﻔﻆ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻭﻟﻔﻆ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻧﻠﻤﺴﻪ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺍﻟﻄﱪﻱ ،ﻭﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﻋﺒﻴﺪﺓ )ﺕ 210ﻫـ(،
»ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﲟﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ«) .(3ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻋﻠﻰ
ﺩﻻﻟﺘﻪ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻴﺔ ﺃﺿﺤﺖ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﻭﺿﺮﻭﺭﻳﺔ .ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺭﺩ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﰲ ﻣﺼﻨﻔﻪ ﲨﻠﺔ
ــــــــــ
) (1ﺷﺮﺡ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﻟﺮﻭﺿﺔ ،ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻄﻮﰲ ،ﺗﺢ :ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ .564-563/2 ،1990
) (2ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺻﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ،ﺹ.39-38
) (3ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ.183/2 ،
263
)(1
ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﳚﻤﻌﻬﺎ ﻫ ﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﲔ ،ﻓﺬﻛﺮ:
-ﺃﺑﻮ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﳌﺎﺗﺮﻳﺪﻱ)ﺕ333ﻫـ(»:ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ
ﻫﺬﺍ) (...ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺃﺣﺪ ﺍﶈﺘﻤﻼﺕ«).(2
-ﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ)ﺕ597ﻫـ(»:ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺍﳋﻔﺎﺀ ﺇﱃ ﻣﻘﺎﻡ
ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﺇﱃ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﺇﱃ ﺩﻟﻴﻞ ﻟﻮﻻﻩ ﻣﺎ ﺗﺮﻙ
ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻠﻔﻆ«.
-ﻭﺍﻟﺮﺍﻏﺐ »ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺃﻋ ﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﻣﻔﺮﺩﺍﺎ
ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺍﳉﻤﻞ ،ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻹﳍﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﲑ
ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﰲ ﻏﲑﻫﺎ«.
-ﻭﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ»:ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﳏﺘﻤﻼﺕ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺮﺍﺩ
ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ«).(3ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺃﻧﻔﺲ ﺗﻔﺮﻳﻖ ﻗﺪﻡ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺄﻭﺟﺰ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻭﺃﺑﻠﻎ ﻟﻔﻆ ﻗﻮﻝ ﺍﳉﺒﻠﻲ
ﰲ ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ »:ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﺎﻟﺪﺭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺑﺎﻟﺮﻭﺍﻳﺔ«).(4
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﺪﺃ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﻇﻞ ﻣﺮﺍﺩﻓﺎ
ﻟﻠﺘﻔﺴﲑ ﻭﻣﺼﺎﺣﺒﺎ ﻟﻪ ،ﰒ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﺰﻣﻦ ﺍﺧﺘﺺ ﻛﻞ ﻃﺮﻑ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﲟﻌﲎ ﻳﻔﺎﺭﻕ ﻏﲑﻩ
ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﺎﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻭﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﲔ ﺗﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺍﻵﰐ:
ــــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.183-173/2 ،
) (2ﺗﺄﻭﻳﻼﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﺃﺑﻮ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﳌﺎﺗﺮﻳﺪﻱ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﺪ ﻣﺴﺘﻔﻴﺾ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ،ﺹ.6-5
) (3ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ)ﻣﻌﺠﻢ ﰲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ( ،ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﻜﻔﻮﻱ ،ﺃﻋﺪﻩ ﻟﻠﻄﺒﻊ ﻋﺪﻧﺎﻥ ﺩﺭﻭﻳﺶ -ﻭﳏﻤﺪ ﺍﳌﺼﺮﻱ،
)ﺩ.ﺕ.ﻁ(.15/2 ،
) (4ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ ،ﺗﺢ :ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ .150/2 ،1980
264
ﺍﻟﺘﺄﻭﻳـــــــﻞ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴــــــﺮ
-1ﺩﻻﻟﺘﻪ ﺍﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﻇﻨﻴﺔ. -1ﺩﻻﻟﺘﻪ ﻗﻄﻌﻴﺔ.
-2ﺩﻻﻟﺘﻪ ﳎﺎﺯﻳﺔ :ﻣﻌﲎ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺃﻭ ﻓﻬﻢ -2ﺩﻻﻟﺘﻪ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻠﻔﻆ.
)(1
-3ﳎﺎﻟﻪ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ :ﻳﻐﻠﺐ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻏﺎﺩﺍﻣﲑ .
265
ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻳﻈﻞ ﺗﻴﻤﺔ ﻭﻣﻨﻬﺠﺎ ﻟﺪﻯ ﺃﺳﻼﻓﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ،ﻭﻛﺬﺍ ﻟﺪﻯ
ﺍﶈﺪﺛﲔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﻋﺮﻑ ﲢ ﻮﻻ ﻭﺣﺮﺍﻛﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﺎﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ،ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ
ﺍﺻﻄﻼﺣﻪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﱃ ﻓﻬﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﲎ ﰲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ »ﲟﺎ ﻭﺭﺍﺀ
ﺍﳌﻨﺘﺞ ﺍﻟﻨﺼﻲ« ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺃﻧﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻣﻘﻮﻟﺔ »ﻻ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻣﻊ
ﺍﻟﻨﺺ« ﺑﺎﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺑﺎﳌﺄﺛﻮﺭ ،ﰲ ﺣﲔ ﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻳﻀﻊ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ
ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ).(1
ﺃﻭ ﲟﻌﲎ ﺁﺧﺮ ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﺃ ﹼﻥ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺏ
ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﻣﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﰲ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ
ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻨﺺ .ﻣﻦ ﻫﻨﺎ »ﻳﻜﺘﺴﻲ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﺃﳘﻴﺔ ﻗﺼﻮﻯ،
ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﳌﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺇﺷﺒﺎﻉ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ
ﺇﱃ ﺳﺒﻞ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﺄﺳﺲ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ«).(2
ﻼ ﰲ ﻋﺪﻡ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﻠﻲ ﺣﺮﺏ »ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﳎﺮﺩ ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﺼﻮﺑﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺎﻋ ﹰ
ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ،ﺃﻭ ﺃﺩﺍﺓ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﺃﻭ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻟﻠﺤﻖ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﳎﺎﻝ ﻟﻠﻔﻬﻢ ﻳﺘﻴﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻭﻳﺴﻤﺢ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ«) ،(3ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺇﺫﻥ ﺧﻼﻑ ﰲ ﺧﺼﻮﺑﺔ
ﺍﻟﻔﻬﻢ ،ﻓﻬﻮ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻃﻠﺐ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﰲ ﺣﲔ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ
ﻭﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﻃﻠﺐ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ.
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻓﻴﺪﻭﺡ ،ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2005
ﺩﻣﺸﻖ ،ﺹ.14
) (2ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.14
) (3ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻋﻠﻲ ﺣﺮﺏ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1985ﺑﲑﻭﺕ ،ﺹ.12-9-8
266
ﺍﺎﺯ:
ﻳﺸﻜﻞ ﺍﺎﺯ ﰲ ﻣﲑﺍﺙ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻧﻮﺍﺓ ﺧﺼﺒﺔ ﻭﻣﺮﺗﻌﺎ ﻧﻀﺮﹰﺍ
ﻭﺁﻟﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻗﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻬﻢ ﻭﻳﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﹰﺍ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺁﺭﺍﺀ
ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺎ ﲟﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮﺍ ﺟﺴﻴﻤﺎ ﻭﻋﻘﺒﺔ ﺻﻠﺪﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ،ﺃﻓﻀﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻹﻧﺒﺎﺋﻲ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﻬﺎﺽ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻲ ﺑﺎﺎﺯ ﺇﱃ ﺗﻮﻟﹼﺪ ﺟﺪﻝ ﻣﻌﺮﰲ
ﺭﺣﺐ ﺑﲔ ﻣﺘﺼﻮﺭﻳﻦ ﻫﺎﻣﲔ ﰲ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﻮﻝ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻨﻬﺾ ﻭﻳﺴﺘﻌﲔ ﺑﺎﺎﺯ ﻟﺪﻋﻢ ﺁﺭﺍﺋﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ* ،ﻭﻫﻲ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﱵ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ
ﻟﺘﺴﺘﻘﻴﻢ ﲝﺎﻝ ﺇ ﹼﻻ ﺑﻪ ،ﻓﻐﺪﺍ ﺭﺩﻓﺎ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻟﺼﺮﻑ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﱃ ﻣﻌﻨﺎﻩ
ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﻭﺍﳌﺪﺭﻙ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ.
ﻭﺍﳌﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻠﺐ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺃﻫﻠﻪ* ﻗﻴﻤﺔ ﺍﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻌﻲ
ﺍﳊﺜﻴﺚ ﺇﱃ ﺇﻟﻐﺎﺋﻪ ﻭﻃﺮﺩﻩ ﻣﻦ ﺳﺠﻞ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﻣﺴﻠﻜﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﻧﺎﺑﻊ
ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺭ ﻭﺇﺣﺴﺎﺱ ﲞﻄﺮ ﺍﳌﺒﺪﺃ ،ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻜﺄ ﻟﻠﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﳌﻌﺎﱐ.ﻭﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻩ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺗﻌﻄﻴﻞ
ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺁﻱ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺁﻱ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻛﺎﻷﲰﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ.
ﻓﺎﻟﻨﺺ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﳚﺐ ﺃﻥ ﳛﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺩﻭﻥ ﲢﺮﻳﻒ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻣﻦ
ﻣﻨﻈﻮﺭﻫﻢ ﻫﻮ ﺇﻣﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﺇﱃ ﻏﲑﻫﺎ ﺑﺎﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ،ﺃﻭ ﺗﻐﻴﲑ ﺣﺮﻛﺔ
ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﲢﺮﻳﻒ ﺍﻟﻠﻔﻆ – ﺃﻭ ﲢﺮﻳﻒ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﻋﻦ ﺟﻬﺘﻪ
ﻭﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻭﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻌﲎ ﻟﻔﻆ ﺁﺧﺮ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﻭﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻘﻴﻢ ﺩﻋﻮﻢ
ﲝﻤﻞ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺍﳌﻮﺍﻓﻖ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺃﻧﻜﺮﻭﺍ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﺎﺯ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟــــﻜﺮﱘ
ــــــــــ
* ﺍﺎﺯ ﻫﻮ ﺳﻼﺡ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﰲ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ .ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻋﺘﺰﺍﱄ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺗﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﺸﻜﻼﺕ
ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﳐﺘﺎﺭ ﻟﺰﻋﺮ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻷﺩﻳﺐ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺹ* .118ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺄﻫﻠﻪ :ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ،ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ،ﻭﺍﺑﻦ ﺧﻮﻳﺰ ﻣﻦ
ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ،ﻭﺩﺍﻭﺩ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺻﺒﻬﺎﱐ ،ﻭﻣﻨﺬﺭ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﻠﻮﻃﻲ ،ﻭﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻹﺳﻔﺮﺍﻳﻴﲏ ،ﻭﻏﲑﻫﻢ.
267
ﻭﺍﺳﺘﻨﺪﻭﺍ ﰲ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﻢ ﺇﱃ ﺣﺠﺞ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ:
-1ﺃ ﹼﻥ ﺍﺎﺯ ﻛﺬﺏ ،ﻭﻫﻮ ﻏﲑ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﷲ ﻣﻨـﺰﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ).(1
-2ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ﻻ ﻳﻌﺪﻝ ﺇﱃ ﺍﺎﺯ ﺇ ﹼﻻ ﺇﺫﺍ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ
ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ ﳏﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ).(2
-3ﺃﻥ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺎﺯ ﱂ ﻳﻈﻬﺮ ﺇ ﹼﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷﻭﱃ
ﻭﺃ ﹼﻥ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﺴﺮﻭﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺑﻴﻨﻮﺍ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﱂ ﻳﺬﻛﺮﻭﺍ ﺃﻥ ﻟﻠﻔﻈﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﻭﳎﺎﺯﺍ ﻛﺎﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ،ﻭﳎﺎﻫﺪ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﱂ ﻳﻄﺎﻟﻌﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﲔ
ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ،ﻛﺎﳋﻠﻴﻞ ،ﻭﺳﻴﺒﻮﻳﻪ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺻﻤﻌﻲ ،ﻭﻏﲑﻫﻢ ،ﻭﺃ ﹼﻥ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﺎﺯ
ﺣﺎﺩﺙ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ) (3ﻭﺍﳉﻬﻤﻴﺔ) (4ﻣﻦ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ).(5
-4ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺃﻣﺮ ﻣﻈﻨﻮﻥ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ ،ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺉ ﺑﺎﻟﻈﻦ ﻏﲑ
ﺟﺎﺋﺰ ،ﻓﺮﲟﺎ ﻳﺆﻭﻟﻮﻥ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺒﺎﺭﺉ ﻓﻴﻘﻌﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺰﻳﻎ ).(6
ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺇﺫﺍ ﺗﺼﻔﺢ ﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻬﺾ ﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﳚﺪ ﻣﺮﺍﺗﻊ
ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻛﺜﺮ ﻧﻀﺎﺭﺓ ﺗﻌﻠﻦ ﺑﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﺪﻡ ﺇﳝﺎﺎ ﺬﺍ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ "ﺳﺪ ﺍﻟﺬﺭﺍﺋﻊ"
ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺩﻋﻮﻯ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺇﱃ ﺑﺎﻃﻨﻪ ﻻ ﺗﺘـﻢ ﺇ ﹼﻻ
ــــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﰲ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﲏ ﺣﺴﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،
ﻋﻴﺴﻰ ﺍﻟﺒﺎﰊ ﺍﳊﻠﱯ ﻭﺷﺮﻛﺎﺅﻩ ،1955 ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.55
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.55
) (3ﺍﳌﻌﺘﺰﻟﺔ »ﲰﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻋﺘﺰﺍﳍﻢ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺩﻋﻮﺍﻫﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﻣﺆﻣﻦ ﻭﻻ ﻛﺎﻓﺮ ...ﺍﻋﺘﺰﺍﻝ
ﻭﺍﺻﻞ ﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﺣﻠﻘﺔ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ« ﰲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﺮﺍﺋﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ،
ﻁ ،1990 ،1ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺹ.153
) (4ﺍﳉﻬﻤﻴﺔ» :ﻓﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﳉﱪﻳﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﳉﱪﻳﺔ ﺍﳋﺎﻟﺼﺔ ،ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺟﻬﻢ ﺑﻦ ﺻﻔﻮﺍﻥ « ،ﰲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺹ .126
) (5ﳎﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻱ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ .96-87/7 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﻟﺼﻮﺍﻋﻖ ﺍﳌﺮﺳﻠﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺹ.231
) (6ﺍﳌﻠﻞ ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ،ﺍﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﱐ ،ﺗﻘﺪﱘ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﻴﺪ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻷﳒﻠﻮ ﻣﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ ،1977 ،1ﺹ.107-106
268
ﺑﺘﺤﻘﻖ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ:
-ﺍﻷﻭﻝ :ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ.
-ﺍﻟﺜﺎﱐ :ﺑﻴﺎﻥ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻭﺇ ﹼﻻ ﻛﺎﻥ ﻣﻔﺘﺮﻳﹰﺎ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻐﺔ. ..
-ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺑﻴﺎﻥ ﺗﻌﻴﲔ ﺫﻟﻚ ﺍﻤﻞ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻋﺪﺓ ﳎﺎﺯﺍﺕ.
-ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺍﳉﻮﺍﺯ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﳌﻮﺟﺐ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ.
ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺲ ﻗ ﺮﺭ ﺍﻵﰐ» :ﻓﻤﻦ ﱂ ﻳﻘﻢ ﺬﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻋﻮﺍﻩ
ﺻﺮﻑ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺩﻋﻮﻯ ﺑﺎﻃﻠﺔ ،ﻭﺇﻥ ﺍ ﺩﻋﻰ ﳎﺮﺩ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮﻩ ،ﻭﱂ
ﻳﻌﻴﻦ ﻟﻪ ﳎﻤﻼ ﻟﺰﻣﻪ ﺃﻣﺮﺍﻥ ،ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺟﻮﺍﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺎﺭﺽ«).(1
ﻓﻘﺪ ﺃﻓﻀﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﺎﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﳊﺠﺎﺟﻲ ﺇﱃ
ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻈﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺑﺪﺍﻩ ﺍﳌﺜﺒﺘﻮﻥ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮﻩ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﻧﺰﻳﺎﺡ ﻭﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇ ﹼﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ
ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻭﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﳌﺪﻟﻮﻝ ﺍﳌﻌﻴﻦ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺩﻻﻟﺔ
ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﺎﺯﺍﺕ.
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻮ ﻻ ﳚﺪ ﺃﻱ ﻣﺴ ﻮﻍ ﻋﻘﻠﻲ ﺃﻭ ﺷﺮﻋﻲ ﺃﻭ ﻟﻐﻮﻱ ﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺇﱃ ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﻭﳎﺎﺯ ،ﻭﻣﻦ ﰒﹼ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺒﲎ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﻭﻣ ﱪﺭﻩ ﺃ ﹼﻥ »ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻻ
ﻣﺪﺧﻞ ﻟﻪ ﰲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎﻩ -ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻛﺪﻻﻟﺔ ﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺴﺮ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ -ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﳌﺎ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﻣﻢ ،ﻭﳌﺎ ﺟﻬﻞ ﺃﺣﺪ ﻣﻌﲎ ﻟﻔــﻆ
ﻭﺍﻟﺸﺮﻉ ﱂ ﻳﺮﺩ ﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻭﻻ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﱂ ﻳﺼﺮﺡ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ
ــــــــــ
) (1ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ.373/4 ،
269
ﺴﻤﺖ ﻟﻐﺎﺎ ﺇﱃ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﳎﺎﺯ ،ﻭﻻ ﻭﺟﺪ ﰲ ﻛﻼﻡ ﻣﻦ ﻧﻘﻞ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻗ
ﻣﺸﺎﻓﻬﺔ ﻭﻻ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺫﻟﻚ«).(1
ﻭﻣﺜﻠﻤﺎ ﻋﲎ ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ﲝﻤﻞ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﺈﻧﻜﺎﺭ ﺍﺎﺯ ﺃﻟﻔﻴﻨﺎ
ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻮﺍﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ،ﻭﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺩﻓﹰﺎ ﺁﺧﺮ
ﻳﺘﺠﻠﻰ ﰲ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻷﺭﺳﻄﻲ ﻟﻴﻨﺘﺼﺮ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﺔ ﺫﺍﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﲣﺎﺫ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﻲ ﺍﳊﻤﻠﻲ) (2ﺁﻟﻴﺔ
)(3
ﺗﺪﻟﻴﻠﻴﺔ ﻭﻣﻄﻴﺔ ﻟﻴﱪﻫﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﳌﺰﻣﻊ ﺇﺛﺒﺎﺎ ،ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ:
-ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ،ﻻ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﳚﻮﺯ ﻧﻔﻴﻪ.
-ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ،ﻭﻛﻞ ﳎﺎﺯ ﻻ ﳚﻮﺯ ﻧﻔﻴﻪ.
-ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ :ﻻ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﲟﺠﺎﺯ.
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺳﺎﻟﺒﺔ ﻛﻠﻴﺔ ،ﻭﻣﻘﺪﻣﺘﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺻﺤﻴﺤﺘﺎﻥ ،ﳚﻮﺯ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﻤﺎ
ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻉ ﺑﲔ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﲔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ:
-ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ :ﺍﺎﺯ ﺟﺎﺋﺰ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
-ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ :ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺟﺎﺯ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺟﺎﺯ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ.
-ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ :ﺍﺎﺯ ﺟﺎﺋﺰ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ.
ــــــــــ
) (1ﺍﻟﺼﻮﺍﻋﻖ ﺍﳌﺮﺳﻠﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺹ.242-241
) (2ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﱐ ﺍﳊﻤﻠﻲ :ﻫﻮ ﻗﻴﺎﺱ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ ،ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺘﲔ )ﻗﻀﻴﺘﲔ( ﲪﻠﻴﺘﲔ ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻠﺰﻡ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ
ﻋﻨﻬﻤﺎ ،ﻭﻗﺪ ﲰﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻻﻗﺘﺮﺍﻥ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﻓﻴﻪ ﺑﻼ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ ﰲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﻛﻞ ﺟﺴﻢ ﻣﺆﻟﻒ ،ﻭﻛﻞ ﻣﺆﻟﻒ
ﳏﺪﺙ ،ﻓﻴﻠﺰﻡ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺟﺴﻢ ﳏﺪﺙ ،ﻓﻬﺬﺍ ﻗﻴﺎﺱ ﻣﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺘﲔ ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ -ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻓﻦ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﺃﺑﻮ
ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﺹ ،98ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻣﻬﺪﻱ ﻓﻀﻞ ﺍﷲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﻁ 3ﺳﻨﺔ ،1985ﺑﲑﻭﺕ/
ﺹ.169
) (3ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﻊ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﺎﺯ ﰲ ﺍﳌﱰﻝ ﻟﻠﺘﻌﺒﺪ ﻭﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ،ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﺣﻘـ :ﺳﺎﺣﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺮﻣﻲ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ،
ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1993ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.39
270
ﻳﺮﻯ ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﹼﰎ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺼﺪﻕ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ ﺟﺪﻟﻴﺎ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺎﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻏﲑ ﻭﺍﺭﺩ ﻭﻻ ﻣﺘﺤﻘﻖ ،ﻓﻌﺒﺎﺭﺓ ﻛﻞ ﺟﺎﺋﺰ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺟﺎﺋﺰ
ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻳﻘﺎﻝ ﺑﻨﻘﻴﻀﻬﺎ؛ ﻷ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﺪﺍﻭﻝ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺃ ﹼﻥ ﻧﻘﻴﺾ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﳌﻮﺟﺒﺔ) (1ﻫﻮ
ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻟﺒﺔ).(2
ﻭﻣﻦ ﹼﰒ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ،ﺍﳌﻮﺟﺒﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ -ﺍﻟﱵ ﺩﺍﺭ ﺣﻮﳍﺎ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﻣﻨﺘﻘﻀﺔ ﺑﺼﺪﻕ
ﻧﻘﻴﻀﻬﺎ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﺳﺎﻟﺒﺔ؛ ﺃﻱ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﳚﻮﺯ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻴﺲ ﲜﺎﺋﺰ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ
ﺇﺫﺍ ﲢﻘﻖ ﺻﺪﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻟﺒﺔ ،ﲢﻘﻖ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﳌﻮﺟﺒﺔ ،ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ :ﻛﻞ ﺟﺎﺋﺰ
ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺟﺎﺋﺰ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻟﺒﺔ ﻛﺜﺮﺓ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ
ﺍﳌﺴﺘﺤﺴﻨﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﻴﲔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺴ ﻤﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ) ،(3ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ ﻗﻮﻝ
)(4
ﺯﻫﲑ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻠﻤﻰ:
ﺡ ﻭﺍﻟ ﺪ ﱘ.
ﺑﻠﻰ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺍﻷﺭﻭﺍ ﻒ ﺑﺎﻟﺪﻳﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﻟﹶـ ﻢ ﻳﻌﻔﹸﻬﺎ ﺍﻟ ﻘ ﺪ ﻡ
ﻗ
ﻓﻘﻮﻟﻪ :ﺑﻠﻰ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ...ﺇﱁ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻳﻨﻘﺾ ﺑﻪ ﻗﻮﻟﻪ )ﱂ ﻳﻌﻔﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﻡ( ﺇﻇﻬﺎﺭﹰﺍ،ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ
ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺷﻌﻮﺭ ،ﰒ ﺗﺎﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻘﻠﻪ ،ﻓﺮﺟﻊ ﺇﱃ ﺍﳊﻖ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺑﻠﻴﻎ ﺟﺪﺍ ﰲ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﳊﺐ
ﻭﺍﻟﺘﺎﺛﺮ ﻋﻨﺪ ﺭﺅﻳﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﳊﺒﻴﺐ ،ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻻ ﳚﻮﺯ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺿﺮﻭﺭﺓ ،ﻭﻣﺜﻠﻪ
)(3
ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﻚ ﻗﻠﻴ ﹸﻞ
ﺲ ﻣﻨ
ﻼ ﻟﻴ
ﻚ ﻭ ﹶﻛ ﱠ
ﺇﹺﻟﻴ ﻼ ﻧ ﹾﻈ ﺮ ﹲﺓ ﹺﺇ ﹾﻥ ﻧ ﹶﻈ ﺮﺗﻬﺎ
ﺲ ﻗﹶﻠﻴ ﹰ
ﹶﺃﹶﻟﻴ
ـــــــــ
) (1ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﳌﻮﺟﺒﺔ :ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﲢﻜﻢ ﺑﺜﺒﻮﺕ ﺻﻔﺔ ﳉﻤﻴﻊ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ.
) (2ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﻊ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﺎﺯ ،ﺹ.39
) (3ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ» :ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺎﻟﻨﻘﺾ ﻟﻨﻜﺜﻪ« ﺍﻹﻳﻀﺎﺡ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﻟﻘﺰﻭﻳﲏ ،ﺷﺮﺡ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ
ﻭﺗﻨﻘﻴﺢ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻨﻌﻢ ﺧﻔﺎﺟﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳉﻴﻞ ،ﻁ ،3ﺑﲑﻭﺕ.37/6 ،
) (4ﺷﻌﺮ ﺯﻫﲑ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻠﻤﻰ ،ﲢـ:ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻗﺒﺎﻭﺓ ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻓﺎﻕ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ،ﻁ، 1980، 3ﺹ.100
) (5ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻴﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻄﺜﺮﻳﺔ ،ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.37/6 ،
271
ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻘﻠﺔ ﻭﻧﻔﺎﻫﺎ ﺇﻳﺬﺍﻧﺎ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﳍﺎ ﺃﻭﻻ ﻗﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺷﻌﻮﺭ ﳌﺎ ﺧﺎﻣﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﳊﺐ.
ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﳌﻘﺘﻀﺐ ﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﺎﺯ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﻠﻤﺢ ﺭﺃﻳﺎ
ﺣﺠﺎﺟﻴﹰﺎ ﺁﺧﺮ ﺍﻫﺘﺪﻯ ﻓﻴﻪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺭ ﺗﻮﻓﻴﻘﻲ ﻣﻔﺎﺩﻩ ﺃ ﹼﻥ »ﺍﺎﺯ ﺍﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮﻙ ،ﻗﺪ
ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻪ ،ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻨـ ﺰﻩ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻟﻌﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﻣـﻦ
ﺃﻧﻜﺮ ﺍﺷﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺎﺯ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﲡﻮﺯ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻭﺫﻟﻚ
ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ«).(1
ﻳﺮﺷﺪﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﺤﻰ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﺎﺯﻳﺔ ﻭﺗﻔﻜﻴﻚ ﺷﻔﺮﺎ
ﺷﻲﺀ ﻳﻨﻤﺎﺯ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﺳﻘﺎﻁ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺄﺧﺬ ﺣﻜﻤﻪ ﻭﻣﻨﺤﺎﻩ ،ﻓﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﺎﺯ ﺑﺸﻲﺀ ﺑﺎﻃﻞ
ﻳﻔﻀﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺑﺎﻃﻠﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﳒﺪ ﺃﺑﺎ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ
ﻷ ﹼﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ» ،ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ
ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﺘﻌﲔ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ«).(2
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈ ﹼﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺃﻣﺮ ﺭﻫﲔ ﻭﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺫﺍﺎ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺩﻭﺭ
ﻓﺎﻋﻞ ﰲ ﺇﻳﻀﺎﺡ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ»:ﺇﻧﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻨﺺ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ،ﻛﻔﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻭﺇﻥ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻓﻼ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﺇ ﹼﻻ ﺑﺎﻧﻀﻤﺎﻡ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺇﻣﺎ ﻟﻔﻆ ﻣﻜﺸﻮﻑ ...ﻭﺇﻣﺎ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ
ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﻭﺭﻣﻮﺯ ﻭﺣﺮﻛﺎﺕ ﻭﺳﻮﺍﺑﻖ ﻭﻟﻮﺍﺣﻖ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﲢﺖ ﺍﳊﺼﺮ ﻭﺍﻟﺘﺨﻤﲔ ،ﳜﺘﺺ
ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ ﺍﳌﺸﺎﻫﺪ ﳍﺎ ...ﺃﻭ ﻣﻊ ﻗﺮﺍﺋﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳉﻨﺲ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺁﺧﺮ ﺣﱴ ﻳﺘﻮﺟﺐ
ﻋﻠﻤﺎ ﺿﺮﻭﺭﻳﹰﺎ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺃﻭ ﺗﻮﺟﺐ ﻇﻨﹰﺎ«).(3
ـــــــــ
) (1ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.105/1 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.340-339/1 ،
) (3ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.340-339/1 ،
272
ﻓﺎﳉﺎﻋﻞ ﻣﻦ ﻣﻴﻞ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺇﱃ ﲢﺪﻳﺪ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﳊﺎﺻﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻠﻔﻈﻴﺔ-
ﺍﻟﱵ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﺎﺏ -ﻫﻮ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﻓﻬﻢ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡ
ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻗﺎﺭﺓ ﻭﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﺆﺩﺍﻫﺎ »ﺃ ﹼﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ
ﺿﺮﺑﺎﻥ :ﻧﺺ ﻭﺍﺿﺢ ﺃﻭ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺭﺍﺟﺢ ،ﻓﺎﻟﻨﺺ ﻛﺎﻑ ﺫﺍﺗﻪ ،ﺩﺍﻟﻪ ﻭﻣﺪﻟﻮﻟـــﻪ ﻭﺍﺿﺤﺎﻥ
ﻭﻣﺮﺟﻌﻴﺘﻪ ﺍﻹﺣﺎﻟﻴﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻻ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺩﻟﻴﻞ ﺁﺧﺮ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ
ﻛﺎﻥ ﺍﺣﺘﻤﺎ ﹰﻻ ﻓﺎﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺇ ﹼﻻ ﺑﻘﺮﻳﻨﺔ ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﺗﻐﺘﺪﻱ ﺭﺩﻓﹰﺎ ﻣﻌﻴﻨﹰﺎ ﻋﻠﻰ
ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ«).(1
ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﳑﺎ ﺳﻠﻒ ﺫﻛﺮﻩ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳔﻠﺺ ﺇﱃ:
.1ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﻔﻮﺍ ﺍﺎﺯ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺪﻓﻬﻢ ﻫﺪﻡ ﺍﻟﻌﻤﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻫﻞ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺁﻱ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﲟﺎ ﻻ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﻭﻳﺴﺎﻳﺮ ﻣﻨﺤﺎﻫﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ،ﻭﻣﺴﺘﻨﺪﻫﻢ ﰲ ﺍﻹﻟﻐﺎﺀ
ﻭﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻫﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺒﺤﺚ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺗﺴﻤﻰ "ﺑﺎﺏ ﺳﺪ ﺍﻟﺬﺭﺍﺋﻊ".
.2ﺃ ﹼﻥ ﲝﺚ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻟﻠﻤﺠﺎﺯ ﻻ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﳉﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻟﻠﻨﺺ ،ﻓﺈ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺒﻐﻴﻪ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﻮﻥ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ
ﺍﻟﱵ ﳛﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ.
ـــــــــ
) (1ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺃﲪﺪ ﺣﺴﺎﱐ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺩﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ،ﳐﻄﻮﻁ ،ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺁﺩﺍﺎ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ،
ﺹ .277
273
ﺍﻟﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﺪﻻﱄ:
ﺗﺘﻌﺪﺩ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺁﻧﻔﺎ
ﺇﱃ ﺑﻌﺾ ﺻﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﻛﻤﺎ ﹼﰎ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﻼﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ
ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻭﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺎﻡ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻐﺮﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ
ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﻮﺻﻴﻒ ﻭﺗﻮﺻﻴﻞ ﺧﻄﺎﺑﻪ ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺐ ،ﻓﻨﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ،ﻭﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻭﺍﳌﺘﺒﺎﻳﻦ
ﻼ ﻳﻌﺮﺿﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻘﺪ ﺧﺼﺺ ﳍﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﰲ ﻣﺼﻨﻔﺎﻢ ﺳﻔﺮﹰﺍ ﻛﺎﻣ ﹰ
ﻕ ﻟﻴﺲ ﺑﻐﺮﻳﺐ ﻋﻦ ﺃﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺣﻮﳍﺎ ﲟﺎ ﻳﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﻭﻋﻲ ﻭﺣﺲ ﻋﻠﻤﻲ ﺭﺍ ﹴ
ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺃﻥ ﻣﻨﻬﺠﻬﻢ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻋﻈﻴﻢ ﻭ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ.
ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑSynonymie :
-1
ﻋﺮﻑ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﶈﺘﺮﺯﺍﺕ ،ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ
ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ » :ﻫﻲ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴ ﻤﻰ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪ«) ،(1ﻭﳜﺮﺝ ﺬﺍ
ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﺍﻻﺳﻢ ﻭﺍﳊﺪ ،ﻓﻠﻴﺴﺎ ﻣﺘﺮﺍﺩﻓﲔ ،ﻭﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﺃﻳﻀﺎ
ﻓﺈﻤﺎ ﺩ ﹼﻻ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻳﻦ ،ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺔ.
ﻭﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﺎﻟﻔﺮﻕ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﲔ
ﻳﻔﻴﺪﺍﻥ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻣﻦ ﻏﲑ ﺗﻔﺎﻭﺕ ﺃﺻﻼﹰ ،ﰲ ﺣﲔ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﺍﳌﺆﻛﺪ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﻓﺈ ﹼﻥ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ ،ﻛﻘﻮﻟﻨﺎ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﻟﻴﻄﺎﻥ ،ﺑﻞ ﺷﺮﻁ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻔﻴﺪﺍ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻷﻭﻝ
)(3
ﻋﻠﻴﻪ)،(2ﲞﻼﻑ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻴﺪ ﺩﻭﻣﺎ،ﻭﻳﺘﺒﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﻣﺎ ﻳﺄﰐ:
ـــــــــ
) (1ﺍﶈﺼﻮﻝ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ.130/1 ،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ .130/1،
) (3ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ،ﺷﻌﺒﺎﻥ ﻫﻮﻳﺪﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻁ ،1993ﺹ.160-159
274
-1ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺑﺄﻟﻔﺎﻅ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺍﳉﻤﻊ ﻳﻔﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻳﻘﻊ ﺑﲔ ﺻﻴﻐﺘﲔ ﺃﻭ ﻟﻔﻈﲔ
ﻓﺄﻛﺜﺮ.
-2ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻱ ﺭﺑﻂ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﲔ ﺍﳌﻔﺮﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻭﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ
ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺘﻌﺪﺩ ﻫﻮ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﲎ.
ﻼ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺩﻑ -3ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﶈﺘﺮﺯﺍﺕ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﻌﺪ ﺟﺎﻧﺒﹰﺎ ﻣﺘﺼ ﹰ
ﻛﺎﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ،ﻭﻳﻘﺎﺭﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ،ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﺷﺌﹰﺎ ﻋﻦ
ﺗﻐﻴﲑ ﺻﻮﰐ.
-4ﻳﺮﺑﻂ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ،ﻭﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻣﻊ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ
ﺍﳌﻔﺮﺩﺓ ﻭﻏﲑﻫﺎ. .
ﻭﻳﻄﻠﻖ "ﺃﻭﳌﺎﻥ "ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻣﺼﻄﻠﺢ "ﻣﺪﻟﻮﻝ ﻭﺍﺣﺪ – ﺃﻟﻔﺎﻅ ﻋﺪﺓ "ﻭﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺎﺕ
ﻋﻨﺪﻩ":ﺃﻟﻔﺎﻅ ﻣﺘﺤﺪﺓ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻭﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺒﺎﺩﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﰲ ﺃﻱ ﺳﻴﺎﻕ")،(1ﻭﻳﱪﺯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ
ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺛﻼﺙ ﻧﻘﺎﻁ ﺭﺋﻴﺴﺔ:
ﺃ – ﺍﳌﺘﻌﺪﺩ ﻭﺍﳌﺘﻐﲑ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻔﻆ )ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ(.
ﺏ – ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻭﺍﳌﺘﺤﺪ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﲎ.
ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﺇﱃ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﻨﻘﻄﺘﲔ ﺑﻘﻮﻟﻪ »ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻛﺜﲑﹰﺍ
ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪﹰﺍ«) ،(2ﻭﻫﻮ ﻳﻌﲏ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ.
ﺟـ -ﺍﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻓﺎﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻣﺸﺮﻭﻁ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﺒﺎﺩﻝ ﺑﲔ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﰲ ﺃﻱ ﺳﻴﺎﻕ ،ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﺩﻝ ﻫﻨﺎ ﻣﻄﻠﻖ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺸﺮﻭﻃﹰﺎ ﺃﻭ ﻣﻘﻴﺪﺍ ﲝﺎﻟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ.
ـــــــــ
) (1ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺳﺘﻴﻔﻦ ﺃﻭﳌﺎﻥ ،ﺗﺮ :ﻛﻤﺎﻝ ﺑﺸﺮ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ،ﻁ ،1988ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ.109
) (2ﺍﳌﻌﺎﱂ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﺹ.29
275
ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﻘﺪﱘ
ﻣﺬ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳍﺠﺮﻱ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭ
)(1
ﺳﻴﺒﻮﻳﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ،ﺣﻴﺚ ﻋﻘﺪ ﻟﻪ ﺑﺎﺑﺎ ﺃﲰﺎﻩ »ﻫﺬﺍ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﻤﻌﺎﱐ«
ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ...»:ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻠﻔﻈﲔ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ«) ،(2ﻭﳝﺜﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺬﻫﺐ ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ،ﻛﻤﺎ
ﺫﻛﺮﻩ ﺍﺑﻦ ﺟﲏ ﰲ ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ»:ﺑﺎﺏ ﰲ ﺗﻼﻗﻲ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺻﻮﻝ
ﻭﺍﳌﺒﺎﱐ« .ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ»:ﻫﺬﺍ ﻓﺼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﺴﻦ ﻛﺜﲑ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ،ﻗﻮﻱ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻑ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﲡﺪ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﲰﺎﺀ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻓﺘﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺻﻞ ﻛﻞ ﺍﺳﻢ ﻣﻨﻬﺎ
ﻓﺘﺠﺪﻩ ﻣﻔﻀﻲ ﺍﳌﻌﲎ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ ﺻﺎﺣﺒﻪ«) ،(3ﻭﳝﺜﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺄﻣﺜﻠﺔ ﻭﺭﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻐﺔ ﻓﻌﻴﻠﺔ
ﻓﻴﻘﻮﻝ»:ﻭﻗﺪ ﻛﺜﺮﺕ ﻓﻌﻴﻠﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻊ ،ﻭﻫﻮ ﻗﻮﳍﻢ :ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ...ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﺤﻴﺘﺔ...ﻭﻣﻨﻬﺎ:
ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ...ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﻴﺒﺔ ...ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﺨﲑﺓ ...ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﺠﻴﺔ ...ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ...ﻭﻣﻨﻬﺎ
ﺍﻟﺴﺠﻴﺤﺔ...ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻴﻘﺔ«).(4
ﻭﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻣﻴﺰﺓ ﰲ ﺭﺃﻱ ﺃﻭﳌﺎﻥ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺧﻄﺮ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ،ﻭﺇﺛﺮﺍﺀ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ
ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﺘﺒﺎﺩﻝ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﻼﻝ ﻭﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﺍﳌﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﳌﻌﲎ ،ﻭﻳﺘﻤﺜﻞ ﺍﳋﻄﺮ
ﰲ ﺣﺸﺪ ﺍﳌﺮﺍﺩﻓﺎﺕ ﺣﺸﺪﹰﺍ ﻻ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﱃ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻃﺎﻗﺎﺗﻪ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻬﺪﻑ
ﺇﱃ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺃﻣﺮ ﺁﺧﺮ ﺫﺍﰐ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻐﺔ).(5
ـــــــــ
) (1ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﺳﻴﺒﻮﻳﻪ ،ﲢـ:ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻫﺎﺭﻭﻥ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳋﺎﳒﻲ ،ﻁ، 1988، 3ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .24/1،
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.24/1.،
) (3ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ،ﺍﺑﻦ ﺟﲏ.113/2 ،
) (4ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.113/2 ،
) (5ﻳﻨﻈﺮ ،ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺳﺘﻴﻔﻦ ﺃﻭﳌﺎﻥ ،ﺹ.116-109
276
ﻭﻛﻐﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﳌﺘﻨﺎﺯﻉ ﺣﻮﳍﺎ ﺃﺛﺎﺭ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﺟﺪ ﹰﻻ ﻭﺍﺳﻌﹰﺎ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ
ﻭﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ ،ﻓﺎﳉﻤﻬﻮﺭ ﺫﻫﺐ ﺇﱃ »ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺳﺒﺒﻪ ﺇﻣﺎ
ﺗﻌ ﺪﺩ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺃﻭ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻭﺗﻜﺜﲑ ﻭﺳﺎﺋﻠﻪ ،ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ
ﺑﺎﻻﻓﺘﻨﺎﻥ ﺃﻭ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﻭﺍﻟﻨﺜﺮ ﻭﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﳛﺼﻞ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻠﻔﻈﲔ
ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﲔ ﻟﻠﻘﺎﻓﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺠﻌﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻭﻗﺪ ﳛﺼﻞ ﺍﻟﺘﺠﻨﻴﺲ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻞ ﻭﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﻭﳓﻮ
ﺫﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺩﻭﻥ ﻫﺬﺍ«).(1
)(2
ﻭﲤﺴﻚ ﺍﳌﺎﻧﻌﻮﻥ ﺍﳌﻨﻜﺮﻭﻥ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﳊﺠﺞ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
-1ﻟﻮ ﻭﻗﻊ ﻟﻌﺮﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﺃﺣﺪﳘﺎ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﺒﺚ.
-2ﺇﻥ ﻣﺎ ﻳﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ﻛﺎﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺒﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ،ﻛﺎﳋﻤﺮ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺭ ﻟﻌﻘﺮﻩ ﺃﻭ ﳌﻌﺎﻗﺮﺗﻪ ،ﺃﻭ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﳊﺎﻟﺔ
ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﺎﻟﻘﻌﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻭﺍﳉﻠﻮﺱ ﻣﻦ ﺍﻻﺿﻄﺠﺎﻉ.
ﺨّﻞ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﻡ ،ﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﻌﻠﻮﻡ ﻟﻜ ﹼﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﺨﺎﻃﺒﲔ -3ﺃﻧﻪ ﻳ
ﻏﲑ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﹶﻤﻪ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻓﻌﻨﺪ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ﻻ ﻳﻌﹶﻠ ﻢ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮ
ﻆ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺣﺬﺭﹰﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﶈﺬﻭﺭ ﻓﺘﺰﺩﺍﺩ ﺍﳌﺸ ﹼﻘﺔ).(2ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺇﱃ ﺣ ﹾﻔ
ﻭﺛـﻤﺔ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻮﻓﹼﻖ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﲔ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﻮﺟﻮﺩ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺷﺮﻭﻃﺎ -ﻭﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻭﺍﺣﺪ
ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺣﻴﺚ ﺻﺮﺡ ﺃ ﹼﻥ »ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﻧﻜﺮﻩ)ﺃﻱ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻑ( ﻭﺯﻋﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻈﻦ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺎﺕ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺍﳌﹸﺘﺒﺎﻳﻨﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻌﻬﻢ :ﺇﻣﺎ ﰲ
ـــــــــ
) (1ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺹ.44
) (2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.45
) (3ﺍﶈﺼﻮﻝ .132/1،
277
ﳊﻨﻄﹶﺔ
ﺍﳉﻮﺍﺯ ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ،ﺃﻭ ﰲ ﻟﻐ ﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺜﻞ»ﺍﻷﺳﺪ ﻭﺍﻟﻠﻴﺚ« ﻭ»ﺍ
ﻭﺍﻟ ﹶﻘﻤﺢ« ﻭﺍﻟﺘﻌﺴﻔﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻴﻮﻥ ﰲ ﺩﻓﻊ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﻻ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﺼﺤﺘﻬﺎ ﻋﻘﻞ
ﻭﻻ ﻧﻘﻞ ﻓﻮﺟﺐ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ).(1
ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ:
ﺫﻫﺐ ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳐﺘﻠﻔﺎ ﻋﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻗﺮﺍﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ،ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺮ –ﰲ ﻧﻈﺮﻩ -ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺪﺓ ﻭﺗﺸﻌﺒﺎ
ﻋﻨﺪ ﺍﶈﺪﺛﲔ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺒﺎﻳﻨﺖ ﺁﺭﺍﺅﻫﻢ ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ،ﻭﺛﺎﺭﺕ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺳﺠﺎﻻﺕ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺩﻻﻟﻴﺔ
ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ) ،(2ﻭﻟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺴﺘﺸﻒ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺠﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﲔ
ﺍﻵﺗﻴﲔ ﻟﻠﺘﺮﺍﺩﻑ:
ﺍﻟﺘﺎﻡ: ﺃﻭ ﹰﻻ -ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ
ﻭﻳﺪﻋﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﻠﻔﻈﺎﻥ ﲤﺎﻡ ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﻭﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﺑﻨﺎﺀ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﺄﻱ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻭﻫﻮ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﻔﻬﻮﻡ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﺍﻟﺘﺎﻡ ،ﻭﺫﻟﻚ ﲝﺴﺐ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﻭﺍﳌﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﻄﻠﻘﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻣﻦ
)(3
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻟﻠﺘﺮﺍﺩﻑ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺍﻵﰐ:
-1ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﺍﻥ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﻣﺘﺮﺍﺩﻓﲔ ﰲ ﻟﻐﺔ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﳝﻜﻦ ﺗﺒﺎﺩﳍﻤﺎ ﰲ ﺃﻱ ﲨﻠﺔ ﰲ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺩﻭﻥ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﳉﻤﻠﺔ.
ـــــــــ
) (1ﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ .131/1،
) (2ﻳﻨﻈﺮ ،ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺯﻫﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2009ﻣﺼﺮ،
ﺹ.160
) (3ﺍﳌﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺹ.161
278
) (2ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﺘﺮﺍﺩﻓﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺇﱃ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ )ﺃﲰﺎﺀ
ﺃﻓﻌﺎﻝ( ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﺒﺎﺩﻝ ﰲ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺩﻭﻥ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﳌﻌﲎ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﻟﻠﺠﻤﻠﺔ.
) (3ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮﻳﺔ ﻓﺈﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﻦ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺪﻻﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ
ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ.
) (4ﻭﻳﺮﻯ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﻳﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﺍﻥ
ﻳﺴﺘﻌﻤﻼﻥ ﻣﻊ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ.
) (5ﻭﻳﺮﻯ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑﻳﻦ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﲔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ
ﺍﺗﺼﺎﻝ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﳌﺜﲑ ﻭﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻓﺬﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ.
) (6ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻓﺈﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ
ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻌﻴﺔ ﻹﺣﺪﻯ ﺍﻟﻜﻠﻤﺘﲔ ﲤﻠﻚ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻌﻲ ﻟﻸﺧﺮﻯ ،ﺃﻭ ﺍﺷﺘﺮﻙ
ﺍﻟﻠﻔﻈﺎﻥ ﰲ ﳎﻤﻮﻉ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰﻳﺔ.
279
ﺛﺎﻧﻴﺎ-ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ:
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺗﻘﺎﺭﺏ ﰲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﻳﺼﻌﺐ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ
ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺸﻌﺮ ﻋﻠﻤﺎﺅﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻓﺨﺼﻮﻩ ﺑﻜﺘﺐ ﻧﺬﻛﺮ
ﻣﻨﻬﺎ :ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻷﰊ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ،ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻠﺜﻌﺎﻟﱯ ،ﺣﻴﺚ ﺃﻣﺎﻃﻮﺍ ﺍﻟﻠﺜﺎﻡ ﻋﻦ
ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺘﺸﺎﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺗﻘﺎﺭﺏ ﰲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳌﺪﺡ
ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﻳﻆ ،ﺃﻥ ﺍﳌﺪﺡ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺤﻲ ﻭﺍﳌﻴﺖ ،ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﻳﻆ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻟﻠﺤﻲ ﻭﺧﻼﻓﻪ ﺍﻟﺘﺄﺑﲔ،
ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻟﻠﻤﻴﺖ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳌﺪﺡ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎﺀ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺜﻨﺎﺀ ﻣﺪﺡ ﻣﻜﺮﺭ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳌﺪﺡ
ﻭﺍﻹﻃﺮﺍﺀ ﺃﻥ ﺍﻹﻃﺮﺍﺀ ﻫﻮ ﺍﳌﺪﺡ ﰲ ﺍﻟﻮﺟﻪ).(1
ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻑ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ،ﻭﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﳒﺪﻫﻢ ﻳﻔ ﺮﻗﻮﻥ ﺑﲔ
ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻌﺮﻧﺎ ﺑﺘﻘﺎﺭﺏ ﺩﻻﻻﺎ ،ﻣﻦ ﺫﻟﻚ »ﺗﻌﺮﺽ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻔﺮﻕ ﺑﲔ
ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ :ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺘﻨﺎﻭﻝ ،ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﳌﺎ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻪ ،ﻓﺎﻟﻌﻤﻮﻡ
ﻣﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﺳﻢ ﻓﺎﻋﻞ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﺪﺭ ،ﻭﳘﺎ ﻣﺘﻐﲑﺍﻥ ،ﻷﻥ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻏﲑ
ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ«).(2
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﻔﺮﻳﻘﻬﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻭﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻭﺍﳉﺰﺋﻲ ﻭﺍﳉﺰﺀ ﻭﺍﳉﺰﺋﻴﺔ،
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ»:ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻜﻠﻲ-ﺑﺎﻟﻴﺎﺀ ﰲ ﺁﺧﺮﻩ -ﻓﻬﻮ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺘﺮﻙ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﲑﻭﻥ ،ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ
ﻭﺍﳉﻬﻞ ،ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ،ﻭﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻄﻠﻘﺎﹰ ،ﻭﺍﳉﺰﺋﻲ ﻗﺴﻴﻤﻪ] ﺃﻱ
ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻨﻊ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﻓﻴﻪ [ ﻛﺰﻳﺪ ﻭﻋﻤﺮﻭ .ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﻞ ﻓﻬﻮ ﳎﻤﻮﻉ ﻣﻦ
ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﳎﻤﻮﻉ ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﲰﺎﺀ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﺻﺪﻕ ﺑﺎﻟﺒﻌـﺾ
ـــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ،ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ،ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ.421 ،
) (2ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ.200-199 ،
280
ﻷﻥ ﻣﺪﻟﻮﻝ ﺍﻤﻮﻉ ﻳﻨﺘﻔﻲ ﺑﻪ ،ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻧﻔﻴﻪ ﻧﻔﻲ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ،ﻭﻻ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻬﻲ
ﻋﻦ ﲨﻴﻊ ﺃﻓﺮﺍﺩﻩ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻱ ﻋﺸﺮﺓ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﺗﺴﻌﺔ ﲞﻼﻑ ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ ،ﻓﺈﻧﻪ
ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺘﻀﻤﻦ ،ﻭﺍﳉﺰﺀ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ :ﻓﻬﻲ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﳊﻜﻢ ﻟﻜﻞ
ﻭﺍﺣﺪ ﲝﻴﺚ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﺮﺩ ،ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﺛﺎﺑﺘﹰﺎ ﻟﻠﻜﻞ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ .ﺗﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﺍﳉﺰﺋﻴﺔ ﻭﻫﻲ
ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻝ»:ﻛﻞ ﺭﺟﻞ ﻳﺸﺒﻌﻪ ﺭﻏﻴﻔﺎﻥ ﻏﺎﻟﺒﺎ« ﺻﺪﻕ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ
ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻜﻞ ،ﺃﻭ »ﻛﻞ ﺭﺟﻞ ﳛﻤﻞ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻓﺒﺎﻟﻌﻜﺲ«).(1
ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲHomonymie - Polysémie :
ﺩﺃﺏ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﻌﺎﳉﺘﻬﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻴﲔ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﻋﺘﺒﺔ ﺃﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺗﻌﻘﹼﻞ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻭﻣﻦ ﺑﲔ ﻣﺎ ﺃﶈﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻳﺸﻜﹼﻞ ﺧﻄﺮﺍ ﺟﺴﻴﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺼﺪ
ﺍﻷﲰﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺮﻱ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺣﺎﻻﺕ ﻋﻨﺪ ﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻓﻘﺪ ﻓﻄﻨﻮﺍ ﺇﱃ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ "ﻳﻜﻮﻥ
ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻛﺜﲑﺍ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻛﺜﲑﺍ ،ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻛﺜﲑﺍ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ،ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﺣﺪﺍ
ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻛﺜﲑﺍ") ،(2ﰒ ﲡﺸﻤﻮﺍ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﻤﺤﻴﺺ ﻭﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻗﺼﺪ ﻓﺮﺯ ﻭﺳ ﻦ ﺇﻃﺎﺭ
ﻧﻈﺮﻱ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻨﻪ ،ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺮﺯﺍ ﻭﺧﻼﺻﺎ ﻟﻠﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﳌﺘﺨﺎﻃﺒﲔ.
ﻭﻳﻌ ﺪ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺘﺒﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻜﹼﻞ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﺒﺼﺮ ﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻨﺺ
ﻟﺘﻌﺪﺩ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻓﻴﻪ ،ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻓﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺑﺄﻧﻪ "ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻴﲔ ﳐﺘﻠﻔﲔ
ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻐﺔ") ،(3ﻣﺜﻞ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻌﲔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻋﲔ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﱵ ﻳﺒﺼﺮ ﺎ ،ﻭﺍﻟﻌﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﻫﻢ ﻭﺍﻟﺪﻧﺎﻧﲑ ،ﻭﻋﲔ ﺍﻟﺒﺌﺮ ﻭﻫﻮ ﳐﺮﺝ ﻣﺎﺋﻬﺎ
ﻭﺍﻟﻌﲔ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ).(4
ـــــــــ
.
) (1ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﰲ ﲣﺮﻳﺞ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﻋﻦ ﺍﻷﺻﻮﻝ،ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ،ﺗﺢ:ﳏﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﻫﻴﺘﻮ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻁ4،1407ﻫـ ﺹ297
) (2ﺍﳌﻌﺎﱂ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﺹ.29
) (3ﺍﻹﺎﺝ ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ،ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ .372/1 ،
) (4ﺍﳌﺰﻫﺮ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ.372/1 ،
281
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﲔ ﻭﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻫﻮ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻭﺟﻮﺩ
ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ،ﺣﻴﺚ ﳒﺪ ﺳﻴﺒﻮﻳﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ":ﺍﻋﻠﻢ ﺃ ﹼﻥ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻠﻔﻈﲔ
ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﳌﻌﻨﻴﲔ") ،(1ﻛﻤﺎ ﳜﺼﺺ ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ﺑﺎﺑﺎ ﺃﲰﺎﻩ":ﺑﺎﺏ ﺃﺟﻨﺎﺱ
ﺍﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻭﺍﻻﻓﺘﺮﺍﻕ ،ﻭﺃ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻩ ،ﻭﻣﻨﻪ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ
ﺍﳌﻌﲎ") ،(2ﻭﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ "ﻭﺗﺴﻤﻲ )ﺍﻟﻌﺮﺏ( ﺑﺎﻻﺳﻢ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﳌﻌﺎﱐ
ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ")-(3ﻓﺈﻧﻨﺎ ﳒﺪ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﺇﻋﺼﺎﻣﺎ –ﻣﻨﻪ -ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ
ﱂ ﻳﻮﺿﻊ ﳌﻌﺎﻧﻴﻪ ﺑﻮﺿﻊ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺑﻞ ﻭﺿﻊ ﻟﻜﻞ ﻣﻌﲎ ﺑﻮﺿﻊ ﺧﺎﺹ ،ﻓﺤﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﳏﺎﻣﻠﻪ
ﰲ ﻧﺺ ﻭﺍﺣﺪ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﳚﻮﺯ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻨﻪ ﺍﳉﻤﻊ ﺑﲔ
ﺍﳌﺘﻨﺎﻗﻀﲔ ﺇﺫ ﻳﻜﻮﻥ ﻛ ﹼﻞ ﻣﻌﲎ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﻨﻴﲔ ﻣﺮﺍﺩﺍ ﻭﻏﲑ ﻣﺮﺍﺩ ﺑﺂﻥ ﻭﺍﺣﺪ).(4
ﻭﻗﺪ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﻊ ﺭﺃﻱ ﺩﺭﺳﺘﻮﻳﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻜﺮ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ
ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ":ﻓﻈ ﻦ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﺍﳌﻌﺎﱐ ،ﻭﱂ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻔﻆ ﻭﺍﺣﺪ
ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﳌﻌﺎﻥ ﳐﺘﻠﻔﺔ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻛﻠﹼﻬﺎ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺧﲑﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ
ﺷﺮﺍ").(5
ﻭﺗﺘﻠﺨﺺ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺩﻋﺖ ﺇﱃ ﻭﻗﻮﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ -ﻋﻨﺪ ﻣﺜﺒﺘﻴﻬﺎ ،-ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺍﺎﺯﻱ ،ﻭﺳﻮﺀ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻟﻘﺮﺽ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺎﱐ
ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ،ﺣﻴﺚ ﳜﺘﻠﻒ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ،ﹼﰒ ﳝ ﺮ ﺯﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﻳﻨﺴﻰ ﺧﻼﻟﻪ
ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻷﺻﻠﻲ ،ﻭﺗﻠﺰﻡ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﺍﳌﻌﻴﻨﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺩﻭﻥ ﺳﻮﺍﻩ ،ﻓﺎﳍﺠﺮﺱ ﺗﻌﲏ ﺍﻟﻘﺮﺩ
ـــــــــ
) (1ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﺳﻴﺒﻮﻳﻪ.24/1 ،
) (2ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﺹ.206
) (3ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﺹ.52-15
) (4ﺍﳌﻨﺎﺭ ﻭﺷﺮﺣﻪ ،ﺍﺑﻦ ﻣﻠﻚ ،ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﺮﻫﺎﻭﻱ ،ﺹ.345
) (5ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻔﺼﻴﺢ ،ﺍﺑﻦ ﺩﺭﺳﺘﻮﻳﻪ .364/1 ،ﻭﺍﳌﺰﻫﺮ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ.384/1 ،
282
ﻋﻨﺪ ﺍﳊﺠﺎﺯﻳﲔ ،ﻭﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﻌﻠﺐ ﻋﻨﺪ ﲤﻴﻢ ،ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺸﺄ ﺗﻌﺪﺩ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻄﻮﺭ
ﺻﻮﰐ ﻛﺎﻟﺴﻐﺐ ﻭﺍﻟﺘﻐﺐ).(1
ﻭﻧﻀﺐ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻭﺻﻞ ﺑﻪ ﺍﳊﺪ ﺇﱃ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ
ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ،ﻳﺘﻌﻠﹼﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻹﺷﻜﺎﻝ ﺍﳉﻮﻫﺮﻱ :ﺇﺫﺍ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﲔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻭﻋﺪﻣﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺫﺍ
ﺍﳌﻌﻮﻝ؟ ،ﻳﻘﺪﻡ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺣﻼ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎ ﻭﺟﻮﺍﺑﺎ ﻣﻌﻠﻼ ،ﻣﺎ ﻣﻠﺨﺼﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺮﺟﺢ ﰲ
)(2
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ،ﺑﺪﻟﻴﻞ:
ﺃ -ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻣﺴﺎﻭﻳﺎ ﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻻﻧﻔﺮﺍﺩ ،ﳌﺎ ﺣﺼﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﲔ ﺃﺭﺑﺎﺏ
ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﰲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ،ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﺳﺘﻔﺴﺎﺭ ﻭﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﻋﻦ ﻣﺮﺍﺩ
ﺍﳌﺘﻜﻠﻢ ﻭﺍﳌﻌﻠﻮﻡ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﳛﺼﻞ ﲟﺠﺮﺩ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻠﻔﻆ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻦ ﺣﺼﻮﻝ
ﺍﻻﻧﻔﺮﺍﺩ .
ﺏ -ﻟﻮ ﺗﺴﺎﻭﻯ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻻﻥ ﻻﻣﺘﻨﻊ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﺎﺩﺓ ﺍﻟﻈﻦ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ
ﺍﻟﻴﻘﲔ ،ﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻩ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ
ﳛﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻟﻨﺎ ،ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻷﺧﺒﺎﺭ ﻣﻔﻴﺪﺍ ﻟﻠﻈﻦ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ
ﺍﻟﻴﻘﲔ.
ﺝ -ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺩ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﰲ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻣﻔﺮﺩﺓ ﻻ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﻭﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﺗﻔﻴﺪ ﻇﻦ
ﺍﻟﺮﺟﺤﺎﻥ.
ـــــــــ
) (1ﻳﻨﻈﺮ ﰲ ﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺃﻧﻴﺲ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻹﳒﻠﻮ ،ﻁ ، 6ﺳﻨﺔ ،1984ﺹ.204-193
) (2ﺍﻹﺎﺝ ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ،ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ .254-253/1 ،ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ﰲ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﺮﺅﻭﻑ ﻣﻔﻀﻲ ﺧﺮﺍﺑﺸﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ،ﻁ ،2005ﺹ.282
283
ﺩ -ﺃ ﹼﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﺍﻟﻼﻓﻆ ﻭﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﻭﻣﺘﻀﻤﻦ ﺍﳌﻔﺴﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻷﺻﻞ
ﻷ ﹼﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﻋﺪﻣﻬﺎ ،ﻭﺗﻀﻤﻨﻪ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺑﺄﻧﻪ:
-ﺭﲟﺎ ﱂ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ،ﻭﻫﺎﺏ ﺍﺳﺘﻔﺴﺎﺭ ﺍﻟﻼﻓﻆ ،ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻼﻓﻆ ﻣﻬﻴﺒﺎ.
-ﻭﺭﲟﺎ ﺍﺳﺘﻨﻜﻒ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻔﺴﺎﺭﻩ.
ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺭﲟﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻏﲑ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﻼﻓﻆ ،ﻭﳛﻜﻲ ﻟﻐﲑﻩ ،ﻭﳛﻜﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻐﲑ ﻵﺧﺮ
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﻭﻗﻮﻉ ﲨﻊ ﻛﺜﲑ ﰲ ﺍﻟﻐﻠﻂ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺟﻬﻞ ﻋﻈﻴﻢ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﻪ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﺍﻟﻼﻓﻆ ﻓﺈﻧﻪ:
-ﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﳌﻨﻔﺮﺩ ،ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺿﺎﺋﻌﺎ .ﻭﺃﻳﻀﺎ
ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺇﺿﺮﺍﺭﻩ ،ﺇﺫ ﻳﺼﲑ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻔﺘﻘﺮﺍ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ.
-ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺮﲟﺎ ﻇﻦ ﺍﻟﻼﻓﻆ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻓﻬﻢ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻓﻴﻀﻴﻊ ﻏﺮﺽ ﺍﻟﻼﻓﻆ.
ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻣﺮﺟﻮﺣﺎ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻷﺻﻞ.
ﻭﺑﻘﻲ ﺃﻥ ﻧﺸﲑ ﺇﱃ ﺃ ﹼﻥ ﺃﺑﺎ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﻳﻌ ﺪ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ،ﻣﺜﻞ
ﺇﻃﻼﻕ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻘﺮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻴﺾ ﻭﺍﻟﻄﻬﺮ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﻫﻞ ﻟﻠﻌﻄﺸﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﻥ ،ﻭﺍﳉﻮﻥ ﻟﻸﺑﻴﺾ
ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ)،(1ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻭﺍﻷﺿﺪﺍﺩ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،ﻭﺑﲔ ﻣﺎ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﳌﺘﻮﺍﻃﺌﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﺎﳌﺸﺘﺮﻙ ﻟﺪﻳﻪ ﻗﺪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺷﻴﺌﲔ ﳐﺘﻠﻔﲔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺪﻝ
ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﻳﻦ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺸﺎﺎ ﻟﻠﻤﺘﻮﺍﻃﺊ ﺣﱴ ﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻭﻳﺘﻌﺴﺮ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ.
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺘﺮﺡ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺪﺍﺧﻞ ﻣﻊ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ
ﻭﺍﳌﺘﻮﺍﻃﺊ ﺍﺻﻄﻼﺡ "ﺍﳌﺸﻜﻞ") ،(2ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﻜﻞ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ
ــــــــ
-1ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ.21-20/1 ،
-2ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻧﻔﺴﻪ.21/1 ،
284
ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻬﺘﺪﻱ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﲟﻌﲎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ
ﻭﻗﻊ ﺑﲔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻀﻮﺀ،ﻛﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻛﻮﺎ ﺟﺴﻤﺎ.ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﳌﺘﻮﺍﻃﺊ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻴﺎﺀ ،ﻣﺘﻐﺎﻳﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻌﺪﺩ ،ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺯﻳﺪ ﻭﻋﻤﺮﻭ ﻭﺑﻜﺮ ﻭﺧﺎﻟﺪ.
285
ﺧﺎﺗــﻤﺔ
286
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﻛﺎﻡ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﳔﻠﺺ ﻭﻧ ﹺﻬﺪﻱ ﺇﱃ:
-ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻗﺪ ﺍﻫﺘﺪﻭﺍ ﻓﻌﻼ ﺇﱃ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻧﺎﺟﻌﺔ ﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﻣﻌﺎﳉﺔ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪ
ﻭﺣﺮﺍﻛﻬﻢ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻳﻌﻤﺪ ﺇﱃ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﺍﳌﺴﻨﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
ﺇﱃ ﺗﻘﻨﲔ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻤﺲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻞ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ
ﹼﰒ ﻓﺤﺼﻪ ﲟﺠﻬﺮ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﺮ ﻛﻲ ﻳﺴﺘﻤﻴﺰ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ .ﻭﻳﻐﺪﻭ –ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ -ﺭﺩﻓﺎ
ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻟﻺﻧﺒﺎﺀ ﲟﺎ ﻳﺒﻐﻴﻪ ﻭﻳﻘﺼﺪﻩ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ .ﻭﻃﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ
ﺍﻷﺻﻮﱄ ﰲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻛﺎﺋﺰ ،ﻭﲞﺎﺻﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﱴ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﻪ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ
ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺼﺎﺋﺐ ﺍﲡﺎﻩ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﻭﻧﺼﻮﺹ ،ﺇﺫ ﺍﲣﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ
ﺩﻭﻥ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻭﺗﻮﻇﻴﻒ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﻧﻔﻌﻴﺔ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ.
-ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﲢﺴﺲ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ﲞﻄﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ
ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﳉﻬﺎﺯ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ ﰲ ﺍﳊﺪﺙ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ،ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﺪﺍﻭﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﱵ
ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﻚ ﺍﳌﻔﻬﻮﻣﻲ .ﻭﺍﳌﻼﺣﻈﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ
ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﻏﺎﻳﺘﻪ ﰲ ﺍﻹﺑﻼﻍ ﻭﺭﺑﻂ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﺎﺙ ﻭﺍﳌﺮﺳﻞ ﺇ ﹼﻻ
ﺇﺫﺍ ﺗﺮﺗﺒﺖ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻃﺒﻘﹰﺎ ﻟﻨﻔﺲ ﺗﺮﺗﺒﻬﺎ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﳌﺘﻜﹼﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺒﺖ
ﺧﻄﺎﺑﻪ،ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻟﺰﺍﻣﺎ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﻡ ﺇﱃ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭﺩﻻﻟﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﳏﺪﺩﺍﺕ
ﺍﺿﻄﺮﺍﺭﻳﺔ ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﳝﻜﻦ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺃﻣﻜﻨﻬﺎ
ﺍﻟﻨﻔﺎﺩ ﺑﺒﺼﲑﺓ ﺇﱃ ﺟﻮﻫﺮ ﻭﺣﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﺍﻵﺗﻴﺔ :
287
-ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ :ﳚﻤﻊ ﺍﳌﺪﺧﻞ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﺔ ﺍﻟﱵ
ﻳﻘﻴﻤﻬﺎ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻣﻊ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺃﺧﺮﻯ )ﺗﻨﺎﻗﺾ ،ﺍﺳﺘﻠﺰﺍﻡ. (..
-ﻧﻠﻔﻲ ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﻌﺎﳉﺘﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ ﻻ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﳌﻘﺎﺻﺪﻳﺔ ،ﻭﻣﺮ ﺩ ﺫﻟﻚ ﺃ ﹼﻥ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺇ ﺍﳌﻀﺎﻳﻔﺔ
ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻼﺯﻡ ﺑﲔ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﻭﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺩﻻﻟﺘﻪ ،ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ
ﺍﻟﺸﺮﻉ ﰲ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﺧﺎﺹ .ﻭﻳﻌﲏ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﳌﻀﺎﻳﻔﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﺃ ﹼﻥ ﺗﻌﻘﹼﻞ ﺃﺣﺪ
ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻏﲑ ﻣﺘﺤﻘﻖ ﺩﻭﻥ ﺗﻌﻘﹼﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﺃﻳﻀﺎ .ﺃﺩﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﻭﺍﳌﻨﻬﺞ
ﺍﻟﺒﺤﺜﻲ ﺇﱃ ﺗﻀﺎﻳﻒ ﻭﺗﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﲟﺎ ﻳﺸﻜﹼﻞ ﺭﺅﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺘﻮﺣﺪﺓ ،ﺻﺎﺭ
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﻧﺘﺎﺟﺎ ﳍﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﻭﻟﻮﺍ ﺑﺎﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ،ﻛﺎﻟﻌﺎﻡ
ﻭﺍﳋﺎﺹ ،ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺎﺯ ،ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺩﻑ ﻭﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ،ﻭﻧﺒﻬﻮﺍ ﻭﻃﺮﻗﻮﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ
ﺍﳋﻄﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻌﻰ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﺗﻐﻄﻴﺘﻬﺎ ،ﻛﺎﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ،ﻭﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ،ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ
ﻭﺍﳊﺬﻑ،ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ ،ﻭﳝﻜﻦ ﻟﻠﻤﺘﻔﺤﺺ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺃﻥ ﻳﺰﻋﻢ ﺩﻭﻥ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﺃ ﹼﻥ
ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﲝﺚ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ،ﻟﻔﻈﺎ ﻭﲨﻠﺔ ،ﻧﺼﺎ ﻭﺳﻴﺎﻗﺎ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻫﻲ
ﳏﻮﺭ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ.
-ﻟﻘﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺇﺩﺭﺍﻛﺎ ﺗﺎﻣﺎ ﻭﺟﺎﺯﻣﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻫﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﻨﺺ ﰲ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻧﻔﺴﻪ
ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻠﻔﻴﻬﻢ ﳜﺼﺼﻮﻥ ﳍﺎ ﰲ ﻣﺪﻭﻧﺎﻢ ﺳﻔﺮﺍ ﻛﺎﻣﻼ ﻳﻌﺮﺿﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ﻭﺃﳕﺎﻁ
ﺗﺸﻜﹼﻠﻬﺎ ﺣﱴ ﻳﻜﺎﺩ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻳﺸﻬﺪ ﻧﺸﺎﻃﺎ ﻭﻣﺴﻠﻜﺎ ﻭﺣﻴﺪﺍ
ﻳﺘﺠﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ،ﻛﻤﺎ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ
ﺑﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ –ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ -ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻣﻔﺎﺭﻗﺎﺕ -ﺣﱴ ﻻ ﺗﻨﻌﺖ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ
ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﻜﺮﺭ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﻗﺪ ﹼﰎ ﻃﺮﻗﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ .-ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ
ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﻻ ﻳﻌ ﺪ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩﺍ ﳌﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻓﻜﺘﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﻀﺒﻂ
288
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟ ﹼﻈﺎﻫﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻳﺰﻳﺪ
ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻻ ﻳﺘﻌ ﺮﺽ ﳍﺎ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻭ ﻻ ﺗﻘﺘﻀﻴﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻨﺤﻮ
ﻭ ﻟﻜﻦ ﻳﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺧﺎﺹ ﻭ ﺃﺩﻟﹼﺔ ﺧﺎﺻﺔ.
-ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﺩﻋﻬﺎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﰲ ﻛﺘﺒﻬﻢ ،ﱂ ﺗﻜﻦ ﻭﻟﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﳋﺎﻟﺺ
ﻭﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍ ﺮﺩ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﲟﻔﺮﺩﻫﺎ ﻭﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻭﺍﺕ
ﻗﺎﺻﺮﺓ ﻋﻦ ﺗﻌﻘﹼﻞ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﺗﻌﻘﻼ ﺗﺎﻣﺎ .ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﰲ ﳎﺎﻝ ﲢﻠﻴﻞ
ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺍﳋﻄﺎﺏ ﲢﻠﻴﻼ ﻟﺴﺎﻧﻴﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﲟﻨﺄﻯ ﻋﻦ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻹﻓﺮﺍﺯﺍﺕ ﺍﳌﺴﻨﺔ ﺍﻟﱵ
ﺷﻬﺪﻫﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻗﺎﻃﺒﺔ ،ﲟﻌﲎ ﺃ ﹼﻥ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎ ﻣﺘﻜﺎﻣﻼ ﻟﻴﺲ
ﻭﻟﻴﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻧﺘﺎﺝ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ،ﺍﳌﺘﺰﺍﻣﻨﺔ ﻭﺍﳌﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻠﺤﻆ
ﻋﻠﻰ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﲔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃﻧﻬﻢ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺫﺍ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰲ ﺗﻨﻈﲑﺍﻢ
ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﺎﻢ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻮﻟﻮﻥ ﻛﺜﲑﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺳﺒﻘﺖ ﺃﻭ ﻭﺍﻛﺒﺖ
ﻋﺼﺮﻫﻢ ،ﻓﻴﺪﺭﺳﻮﻫﺎ ﻭﻳﻮﺍﺯﻧﻮﺍ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﰒ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻣﺎ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻭﺇﻣﺎ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻭﺇﻣﺎ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻧﻈﺮﻱ
ﺟﺪﻳﺪ.
-ﻭﳓﻦ ﻧﺘﺤﺴﺲ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﰲ ﻣﻈﺎﻥ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺃﺩﺭﻛﻨﺎ ﺃ ﹼﻥ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﳌﻌﺮﰲ
ﻭﻣﻨﻄﻖ ﺍﳊﺠﺎﺝ ﻭﻓﺮﺿﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﲰﺎﺕ ﻭﺭﻛﺎﺋﺰ ﻣﺘﻮﻃﹼﻨﺔ ﻓﻴﻪ ،ﺇﺫ ﻻ ﻧﻠﺤﻆ ﺇﺩﺭﺍﻛﺎ
ﻭﺗﺼﻮﺭﺍ ﻟﺴﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﺘﻔﻘﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ -ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ،-ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺸﻌﺮﻧﺎ ﺃ ﹼﻥ
ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻟﹼﺎ ﻣﻌﻄﻰ ﳜﻀﻊ ﰲ ﺑﻨﺎﺋﻪ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ .ﺑﻴﺪ ﺃ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻨﻄﻖ ﻻ ﻳﻌﻮﺯﻩ ﺣﺠﺔ ﺍﻹﻗﻨﺎﻉ ﻭﻻ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﻹﺳﻘﺎﻁ ﻗﺼﺪ ﲤﺜﹼﻞ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﳊﻜﻢ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻈ ﹼﻞ ﻣﻔﺘﺤﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎ ﻭﻧﺎﻓﺬﺓ ﻳﻄ ﹼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺑﻐﻴﺔ ﻣﺰﻳﺪ
ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﻟﻠﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺎ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﺗﻨﺘﻈﻢ.ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻻ ﻳﻀﲑ ﺍﻟﺒﺘﺔ
ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻬﻢ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﳌﺜﻘﻠﺔ ،ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻳﻮﻃﹼﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﻬﻤﺔ /ﻭﻳﺆﻛﹼﺪ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻭﺟﻬﺎﺕ
ﺍﻟﻨﻈﺮ ،ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﳝﺲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯﻩ-ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ -ﺇﱃ
289
ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻀﺮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺇﻃﻼﻗﺎ؛ ﻷﻢ ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻓﻌﺒﺮﻭﺍ ﻋﻨﻪ ﲜﻤﻠﺔ ﺗﻌ ﺪ
ﺭﻛﻴﺰﺓ ﰲ ﳐﺎﺿﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﳌﺸﺎﻉ ﻭﺍﳌﺘﻮﺍﺭﺙ ،ﻭﻫﻲ ﻗﻮﳍﻢ" :ﻻ ﻣﺸﺎﺣﺔ ﰲ ﺍﻻﺻﻄﻼﺡ
)ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ( ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﺣﺪ".
290
ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻊ
291
ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻊ:
ﻣﺼﺮ. -ﺁﻓﺎﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﳏﻤﻮﺩ ﺃﲪﺪ ﳓﻠﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ،2002 ،
-ﺍﻹﺎﺝ ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ،ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﺗﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻔﺠﺎﻟﺔ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻹﺎﺝ ﰲ ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ،ﺍﻟﺴﺒﻜﻴﲔ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺗﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ
1404ﻫـ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺃﲝﺎﺙ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺩﺍﻭﺩ ﻋﺒﺪﻩ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺳﻨﺔ .1973
-ﺇﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﻳﺔ ،ﺳﺎﻣﻲ ﺃﺩﻫﻢ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ،ﺑﲑﻭﺕ )ﺩ ﺕ ﻁ(.
-ﺍﻻﲡﺎﻫﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺭﻭﻣﺎﻥ ﻳﺎﻛﻮﺑﺴﻮﻥ ،ﺗﺮ :ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻛﻢ ﺻﺎﱀ ﻭﺣﺴﻦ ﻧﺎﻇﻢ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ
ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻁ.2002، 1
-ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺒﺎﰊ ﺍﳊﻠﱯ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ 1402ﻫـ
ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﻵﻣﺪﻱ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ،ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﻋﻔﻴﻔﻲ،ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﻁ 2ﺳﻨﺔ 1402ﻫـ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ،ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ،ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺗﺢ:ﺃﰊ ﻣﺼﻌﺐ ﳏﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﺪﺭﻱ،ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻁ8
ﺳﻨﺔ. 2007
-ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳊﻖ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﱐ ،ﺣﻘﹼﻘﻪ ﻭﻋﻠﹼﻖ ﻋﻠﻴﻪ
ﳏﻤﺪ ﺻﺒﺤﻲ ﺣﺴﻦ ﺣﻠﹼﺎﻕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ.2003
-ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﲢﻘﻴﻖ ﳏﻤﺪ ﺭﺷﺎﺩ ﺳﺎﱂ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ .1983
-ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﰲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﻣﻄﺎﻉ ﺍﻟﺼﻔﺪﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ
، 1986ﺑﻐﺪﺍﺩ.
ﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳉﻴﻞ ،ﺳﻨﺔ ،1973ﺑﲑﻭﺕ. -ﺇﻋﻼﻡ ﺍﳌﻮﻗﹼﻌﲔ ﻋﻦ ﺭ
292
-ﺃﺻﻮﻝ ﺗﺮﺍﺛﻴﺔ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ،ﺃﲪﺪ ﻋﺰﻭﺯ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﲢﺎﺩ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﺏ2002 ،
ﺩﻣﺸﻖ.
-ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻵﻣﺪﻱ ،ﲢﻘﻴﻖ ﻋﻤﺎﺭ ﻃﺎﻟﱯ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ،ﺳﻨﺔ
، 1983ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ .
-ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻫﺒﺔ ﺍﻟﺰﺣﻴﻠﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1998ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ،ﲢـ :ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺍﻷﻓﻐﺎﱐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺳﻨﺔ 1372ﻫـ.
-ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ،ﻣﻄﺎﺑﻊ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ1372 ،ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻹﻛﻠﻴﻞ ﰲ ﺍﳌﺘﺸﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1947ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
ﻱ ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﺔ ،-ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ -ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ – ﺍﻟﻨﻈﺮ
ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺳﻨﺔ ،1986ﻁ.2
-ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﺔ)ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﳊﺪﻳﺚ( ﺍﳌﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻷﻋﻼﻡ ،ﻣﻴﺸﺎﻝ ﺯﻛﺮﻳﺎ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ،ﻁ 2ﺳﻨﺔ ،1983ﺑﲑﻭﺕ
-ﺃﻣﺎﱄ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﻭﳎﺎﱄ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ،ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺑﻴﻪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1999ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻷﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ،ﺳﻴﺰﺍ ﻗﺎﺳﻢ -ﻧﺼﺮ ﺣﺎﻣﺪ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ،ﺩﺍﺭ ﺇﻟﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ
،1986ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻷﻟﺴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )ﺍﳉﻤﻠﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ( ،ﻣﻴﺸﺎﻝ ﺯﻛﺮﻳﺎ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ
ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1983ﺑﲑﻭﺕ. ،
-ﺍﻹﻳﻀﺎﺡ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﻟﻘﺰﻭﻳﲏ ،ﺷﺮﺡ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﻭﺗﻨﻘﻴﺢ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻨﻌﻢ ﺧﻔﺎﺟﻲ ،ﺩﺍﺭﺍﳉﻴﻞ
ﻁ ،3ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺃﺑﻮ ﺣﻴﺎﻥ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ،ﲢـ :ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ –ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﻣﻌﻮﺽ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1993ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ ،ﻧﺸﺮ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻴﻀﻮﻥ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ .
-ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺿﺒﻂ ﻭﲣﺮﻳﺞ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
1414ﻫـ 1994 -ﻡ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ ،ﲢـ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﻟﺪﻳﺐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ.1992
293
-ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ،ﺇﻣﺎﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﳉﻮﻳﲏ،ﻣﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺪﻭﺣﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ،ﻁ1399،1ﻫـ ،ﻗﻄﺮ.
-ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ ،1977ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﱪﻫﺎﻥ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ ،ﺗﺢ :ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ .1980
-ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺼﲑﻳﺔ ،ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺳﻬﻼﻥ ،ﻁ ﺑﻮﻻﻕ ،ﺳﻨﺔ 1316ﻫـ ، 1898ﻣﺼﺮ.
-ﺍﻟﺒﲎ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ،ﻧﻮﻡ ﺟﻮﻣﺴﻜﻲ،ﺗﺮ:ﻳﺆﻳﻞ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺰﻳﺰ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ،ﻁ،1ﺳﻨﺔ،1987ﺑﻐﺪﺍﺩ.
-ﺗﺎﺝ ﺍﻟﻌﺮﻭﺱ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ،ﳏﻤﺪ ﻣﺮﺗﻀﻰ ﺍﻟ ﺰﺑﻴﺪﻱ ،ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻡ ،ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ .
-ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻳﻮﺳﻒ ﻛﺮﻡ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻠﻢ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺑﲔ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ-ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻹﳍﻴﺔ-ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ
ﺍﻟﻘﺮﻧﺸﺎﻭﻱ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻮﺭﺍﻕ ،2003 ،ﻋﻤﺎﻥ.
-ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ،ﻋﻠﻲ ﺣﺮﺏ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1985ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﺳﱳ ﺇﱃ ﻏﻮﻓﻤﺎﻥ ،ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺑﻼﻧﺸﻴﻪ ،ﺗﺮ:ﺻﺎﺑﺮ ﺍﳊﺒﺎﺷﺔ،ﺩﺍﺭ ﺍﳊﻮﺍﺭ،ﻁ2007،1
ﺳﻮﺭﻳﺎ.
-ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ،ﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ-ﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ،ﺗﺮ:ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺩﻏﻔﻮﺱ ﻭﳏﻤﺪ
ﺍﻟﺸﻴﺒﺎﱐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺔ :ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﲨﻌﻬﺎ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﻭﻭﻟﺪﻩ ﳏﻤﺪ ،ﲢﻘﻴﻖ ﻋﺎﻣﺮ
ﺍﳉﺰﺍﺭ ﻭ ﺃﻧﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﺯ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ،ﻁ، 1997، 1ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ.
-ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻋﺘﺰﺍﱄ –ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺗﺄﻭﻳﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻷﺩﻳﺐ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.
-ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ،ﺷﺮﻳﻒ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ .1971،
-ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﻜﺒﲑ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ ،ﻁ ،1ﻣﺼﺮ.
-ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺩ.ﳏﻤﺪ ﺃﺩﻳﺐ ﺻﺎﱀ ،ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ
.1984
-ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﰲ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﺴﺪﻱ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
،1981ﻟﻴﺒﻴﺎ -ﺗﻮﻧﺲ.
-ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺟﻮﺩﻳﺖ ﺟﺮﻳﻦ ،ﺗﺮ:ﺩ .ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ،ﺍﳍﻴﺌﺔ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ - .1992ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﺳﻨﺔ ،1984ﺑﲑﻭﺕ .
-ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﻭﺷﺮﻭﺣﻪ ،ﺍﻟﺸﺮﺑﻴﲏ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
294
-ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﺒﲑ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ،ﺍﺑﻦ ﺃﻣﲑ ﺍﳊﺎﺝ ﺍﳊﻠﱯ ،ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻣﲑﻳﺔ،ﺳﻨﺔ 1316ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﰲ ﲣﺮﻳﺞ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﻋﻦ ﺍﻻﺻﻮﻝ ،ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﲪﻴﺘﻮ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔﻁ4
1407ﻫـ.
-ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ،ﻋﺎﺩﻝ ﻓﺎﺧﻮﺭﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1990ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﰲ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﲏ ﺣﺴﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺇﺣﻴﺎﺀ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻋﻴﺴﻰ ﺍﻟﺒﺎﰊ ﺍﳊﻠﱯ ﻭﺷﺮﻛﺎﺅﻩ ،1955 ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﺪﻻﱄ ،ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺯﻫﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺗﻴﺴﲑ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻓﻘﻪ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﲪﺪ ﺍﻷﻃﺮﺵ ﺍﻟﺴﻨﻮﺳﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ،ﺳﻨﺔ .2000
-ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﻭﺷﺮﺡ ﺍﶈﻠﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻨﺎﱐ ،ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ،ﺩﺍﺭ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ)،ﺩ ﺕ ﻁ(.
-ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺘﻔﺘﺎﺯﺍﱐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻀﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﳌﻠﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ﻻﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ 1403ﻫـ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻌﻄﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ﻟﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ
ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺣﺎﺷﻴﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺡ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ ﲪﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ،ﺗﺎﺝ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ.-
-ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﻷﻧﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ،ﺯﻛﺮﻳﺎ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺆﻭﻑ ﻣﻔﻀﻲ
ﺧﺮﺍﺑﺸﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ،ﻁ،2007 ،1ﻟﺒﻨﺎﻥ.
-ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻭﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ –ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،-ﳏﻤﺪ ﻧﻈﻴﻒ
ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ ،ﻁ.2010
-ﺍﳋﺼﺎﺋﺺ ،ﺍﺑﻦ ﺟﲏ ،ﲢـ:ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ، 1956-1952،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺻﺒﺤﻲ ﺍﻟﺼﺎﱀ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﻳﲔ ،ﻁ ،6ﺳﻨﺔ ،1976ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ،ﻣﺎﺯﻥ ﺍﻟﻮﻋﺮ ،ﺩﺍﺭ ﻃﻼﺱ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ ، 1989ﺩﻣﺸﻖ.
-ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺍﳉﺮﺟﺎﱐ،ﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪﻩ –ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺭﺷﻴﺪ ﺭﺿﺎ
ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺳﺘﻴﻔﻦ ﺃﻭﳌﺎﻥ ،ﺗﺮ :ﻛﻤﺎﻝ ﺑﺸﺮ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ،ﻁ ،1988ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
295
-ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻣﺮﺅ ﺍﻟﻘﻴﺲ ،ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺎﺝ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ،ﺻﺤﺤﻪ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺷﻨﺐ ،ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ
ﺳﻨﺔ ،1974ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.
-ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺣﺴﺎﻥ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ،ﺩﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ،ﺑﲑﻭﺕ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( -.ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ،ﺍﺑﻦ ﻣﻀﺎﺀ
ﲢـ:ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﺳﻨﺔ ،1982ﻁ.2
-ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻨﻄﻘﻴﲔ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﳊﺮﺍﱐ ،ﺗﻘﺪﱘ ﻭﺿﺒﻂ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﺭﻓﻴﻖ ﺍﻟﻌﺠﻢ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺑﲑﻭﺕ
ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ .1993
-ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ،ﺍﺑﻦ ﻣﻀﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﻃﱯ ،ﲢـ:ﳏﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﳏﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﻁ، 1ﺳﻨﺔ، 2007ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺇﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﻭﺧﻼﻥ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ،ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺧﲑ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺰﺭﻛﻠﻲ ،1928 ،ﻣﺼﺮ.
-ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ،ﲢـ :ﺃﲪﺪ ﳏﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ) ،ﺩ ﺕ ﻁ(.
-ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،ﲢـ :ﺃﲪﺪ ﳏﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ.
-ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻭﺟﻨﺔ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮ ،ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺍﳌﻘﺪﺳﻲ ،ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ1391 ،ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ،ﺗﺮﲨﺔ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺼﻤﻌﻲ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻁ 1ﺳﻨﺔ 2005ﺑﲑﻭﺕ .
-ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎﺕ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬﺎ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺎ ،ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﻜﺮﺍﺩ ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺰﻣﻦ ، 2003ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ.
-ﺷﺮﺡ ﺗﻨﻘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﰲ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ 1393ﻫـ ،ﻣﺼﺮ.
-ﺷﺮﺡ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ ،ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻓﻀﺎﻝ ﺍﺎﺷﻌﻲ ،ﲢـ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﺳﻠﻴﻢ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ
ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻁ 1ﺳﻨﺔ، 2007ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻠﻤﻊ ،ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺸﲑﺍﺯﻱ ،ﲢـ :ﻋﺒﺪ ﺍﻴﺪ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
.1988
-ﺷﺮﺡ ﳐﺘﺼﺮ ﺍﻟﺮﻭﺿﺔ ،ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻄﻮﰲ ،ﺗﺢ :ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ 1990
-ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﺎﺭ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ،ﺍﳌﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ1315 ،ﻫـ.
-ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻮﺭﻗﺎﺕ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﶈﻠﹼﻲ ،ﲢـ :ﺃﲪﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻗﺎﺳﻢ ﺍﻟﻄﻬﻄﺎﻭﻱ
ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ-ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﺼﺮ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
296
-ﺍﻟﺼﺎﺣﱯ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﺴﺎﺋﻠﻬﺎ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﲢـ:ﻋﻤﺮ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺍﻟﻄﺒﺎﻉ ،ﺩﺍﺭ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ
ﻁ 1ﺳﻨﺔ ،1993ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﺼﻮﺍﻋﻖ ﺍﳌﺮﺳﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻬﻴﺔ ﻭ ﺍﳌﻌﻄﹼﻠﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺣﻘﻘﻪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺪﺧﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،ﻁ، 3ﺳﻨﺔ 1998 1418ﻡ ،ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ .
-ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ،ﲢـ :ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ 1ﺳﻨﺔ
.1994
-ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺻﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔﺩ.ﺕ.ﻁ.
-ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﰲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ-ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﻧﺎﺻﺮ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ ،ﺍﳌﺆﺳﺴـﺔ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2004ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﳌﺨﺘﻔﻲ ﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ،ﻋﺒﺪ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﻣﺮﺗﺎﺽ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ
ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﻁ 2005ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.
-ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ ،ﺍﺑﻦ ﺳﻨﺎ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﻮﺩ ﺍﳋﻀﲑﻱ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ،1970 ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ
-ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ 1399، 5ﻫـ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ – ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﰲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﳌﺒﲎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﲎ ،ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴـﺔ
ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1988ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ.
-ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺗﻴﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺺ ،ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺬﺍﺕ -ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﰐ ،ﺑﻮﻝ ﺩﻳﻜﻮﺭ ،ﺗﺮ :ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ
ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2004ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﳌﻐﺮﺏ.
-ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭ ﺗﺎﺭﳜﻪ ،ﺃﻣﱪﺗﻮ ﺇﻳﻜﻮ ،ﺗﺮ:ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﻜﺮﺍﺩ ،ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻐﺎﳕﻲ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ
ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻁ 1428 ، 1ﻫـ – 2007ﻡ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ .
-ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺃﲪﺪ ﺣﺴﺎﱐ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺩﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ،ﳐﻄﻮﻁ ،ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻭﺁﺩﺍﺎ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ.
-ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﳌﻨﻈﻮﻡ ﰲ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ،ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ،ﺗﺢ :ﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﻣﻌﻮﺽ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،2001 ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻋﻠﻢ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ –ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، -ﺑﻴﺎﺭﺟﲑﻭ ،ﺗﺮ ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﺩﺍﺭ ﻃﻼﺱ ،ﻁ ، 1ﺳﻨﺔ 1988
ﺩﻣﺸﻖ.
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺃﲪﺪ ﳐﺘﺎﺭ ﻋﻤﺮ ،ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻜﺘﺐ ،ﻁ ،5ﺳﻨﺔ ،1998ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
297
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺑﻴﲑﺟﲑﻭ ،ﺗﺮ :ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﺩﺍﺭ ﻃﻼﺱ ،ﻁ، 2ﺳﻨﺔ ، 1992ﺩﻣﺸﻖ.
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻛﻠﻮﺩ ﺟﺮﻣﺎﻥ -ﺭﳝﻮﻥ ﻟﻮﺑﻼﻥ ،ﺗﺮ :ﻧﻮﺭ ﺍﳍﺪﻯ ﻟﻮﺷﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ،1994ﺩﻣﺸﻖ
ﺹ .112
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺇﻃﺎﺭ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻑ ،ﺭ ،ﺑﺎﳌﺮ ،ﺗﺮﺩ ﺻﱪﻱ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ.1999 ،
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ،ﺷﻌﺒﺎﻥ ﻫﻮﻳﺪﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻁ.1993
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ –ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ – ﻓﺮﻳﺪ ﻋﻮﺽ ﺣﻴﺪﺭ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ 2005
ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ،ﺹ .174
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ -ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ،ﻋﺎﺩﻝ ﻓﺎﺧﻮﺭﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﻁ 2
ﺳﻨﺔ ،1994ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺯﻫﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
،2009ﻣﺼﺮ.
-ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﺑﺸﺮﺡ ﺍﳌﻨﺎﺭ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﲟﺸﻜﺎﺓ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ،ﺍﺑﻦ ﳒﻴﻢ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﳊﻠﱯ 1355 ،ﻫـ
ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ،ﲢﻘﻴﻖ ﲨﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﲏ ﻣﺪﻏﻤﺶ،ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻁ،1ﺳﻨﺔ
1422ﻫـ 2002ﻡ ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺃﺑﻮ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﱯ ،ﺣﻘـ:ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻄﺒﺎﻉ ،ﺷﺮﻛﺔ ﺍﻷﺭﻗﻢ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺍﻷﺭﻗﻢ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
،1999ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ.
-ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﰲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻣﺼﺮ )،ﺩ ﺕ ﻁ( .
-ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ – ﺩﺭﺍﺳﺔ ﲢﻠﻴﻠﻴﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻋﺮﺽ ﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ
ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ –ﳏﻤﺪ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،2005ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻭﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ:ﻗﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﻧﺸﺄﺓ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ
ﺍﻟﺼﻐﲑ ﻋﺒﺪ ﺍﻴﺪ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻨﺘﺨﺐ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ.1994
-ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﳏﻤﻮﺩ ﻓﻬﻤﻲ ﺯﻳﺪﺍﻥ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ 1405،ﻫـ ، 1985-ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻓﻮﺍﺗﺢ ﺍﻟﺮﲪﻮﺕ ﺷﺮﺡ ﻣﺴﻠﻢ ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ )ﻣﻊ ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ( ،ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﺍﳌﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻣﲑﻳﺔ ،ﺳﻨﺔ
1322ﻫـ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﻠﻲ ،ﺃﲪﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻳﺎﻗﻮﺕ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺳﻨﺔ ،1985ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ.
298
-ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺼﺒﻮﺭ ﺷﺎﻫﲔ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ،ﻁ)، 3ﺩﺕ( .
-ﰲ ﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺃﻧﻴﺲ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻹﳒﻠﻮ ،ﻁ ، 6ﺳﻨﺔ .1984
-ﰲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺴﺎﻣﺮﺍﺋﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳊﺪﺍﺛﺔ ،ﻁ ،1990 ،1ﻟﺒﻨﺎﻥ.
-ﻗﺎﻣﻮﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﺴﺪﻱ ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ . 1984،
-ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ﺍﶈﻴﻂ ،ﺍﻟﻔﲑﻭﺯ ﺁﺑﺎﺩﻱ ،ﺿﺒﻂ ﻭ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺳﻨﺔ
، 2008ﺑﲑﻭﺕ .
-ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ،ﳛﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻁ،1
ﺳﻨﺔ ،2007ﺍﻷﺭﺩﻥ.
-ﻗﻀﻴﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ –ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ،-ﻣﻨﺼﻮﺭ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﺷﻠﺶ ﺍﳊﻠﻔﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ
ﻁ ،1ﺳﻨﺔ .2008
-ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﺳﻴﺒﻮﻳﻪ ،ﲢـ:ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻫﺎﺭﻭﻥ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳋﺎﳒﻲ ،ﻁ، 1988، 3ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .
-ﻛﺸﺎﻑ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ،ﺍﻟﺘﻬﺎﻧﻮﻱ،ﲢـ:ﻋﻠﻲ ﺩﺣﺮﺝ ،ﺗﻘﺪﱘ ﻭﺇﺷﺮﺍﻑ ﻭﻣﺮﺍﺟﻌﺔ :ﺭﻓﻴﻖ
ﺍﻟﻌﺠﻢ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻟﺒﻨﺎﻥ،ﻁ،1ﺳﻨﺔ 1996ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻛﺸﻒ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ،ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ،ﻣﺼﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﻃﺒﻌﺔ ﺷﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ1394 ،ﻫـ .
-ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﺴﻦ ﻇﺎﻇﺎ.
-ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ)ﻣﻌﺠﻢ ﰲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ( ،ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﻜﻔﻮﻱ ،ﺃﻋﺪﻩ ﻟﻠﻄﺒﻊ ﻋﺪﻧﺎﻥ
ﺩﺭﻭﻳﺶ -ﻭﳏﻤﺪ ﺍﳌﺼﺮﻱ) ،ﺩ.ﺕ.ﻁ(.
-ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﳌﻴﺰﺍﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻜﻮﺛﺮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻃﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ ، 1ﺳﻨﺔ 1998
ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ.
-ﻟﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻆ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﺻﺎﺑﺮ ﺍﳊﺒﺎﺷﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳊﻮﺍﺭ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ2010
ﺳﻮﺭﻳﺔ.
-ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ،ﻋﺎﺩﻝ ﻓﺎﺧﻮﺭﻱ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1988ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ،ﺃﲪﺪ ﻣﻮﻣﻦ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.
-ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻔﻬﺮﻱ ﺍﻟﻔﺎﺳﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ،1985ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ.
-ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻷﺩﰊ :ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻷﺩﺏ ،ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻐﺎﳕﻲ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻁ.1993 ،1
299
-ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺗﺮ :ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻣﺸﺮﻭﺡ ﻭﻣﺼﻄﻔﻰ ﺧﻼﻝ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻴﻤﻨﻞ ،ﻁ1
ﻣﺮﺍﻛﺶ.
-ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ،ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ،ﺗﺮ:ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻬﻨﺴﺎﻭﻱ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺯﻫﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﻁ، 2ﺳﻨﺔ
- .2005ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻣﺸﻜﻼﺕ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺗﺮ :ﲪﺰﺓ ﺑﻦ ﻗﺒﻼﻥ ﺍﳌﺰﻳﲏ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ
ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1990ﺍﳌﻐﺮﺏ .
-ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳌﻌﲎ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺎﺱ ﺻﺎﺩﻕ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ ،1987ﺑﻐﺪﺍﺩ .
-ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﳌﻨﻄﻖ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﺎﻥ ﺑﺪﻭﻱ ،ﳎﻠﺔ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺍﻠﺪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ
ﺳﻨﺔ ،1971ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ.
-ﻣﺒﺎﺣﺚ ﺗﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﺴ ﺪﻱ ،ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ،ﺳﻨﺔ
، 1977ﺗﻮﻧﺲ .
-ﻣﺒﺎﺣﺚ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ،ﻧﻮﺭ ﺍﳍﺪﻯ ﻟﻮﺷﻦ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ
ﻁ. 2000
-ﻣﺒﺎﺣﺚ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺃﲪﺪ ﺣﺴﺎﱐ ،ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﻁ ،1999ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.
-ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺃﲪﺪ ﳏﻤﺪ ﻗﺪﻭﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ ، 2ﺳﻨﺔ ، 1999ﺩﻣﺸﻖ.
-ﳎﻬﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﳏﻤﺪ ﻣﻔﺘﺎﺡ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1990ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ.
-ﳏﺎﺿﺮﺍﺕ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻓﺮﻧﺪﻧﺎﺩ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻨﻴﲏ ،ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ
، 1987ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ .
-ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢـ:ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ – ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ
ﻣﻌﻮﺽ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1999ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢﻘﻴﻖ ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﻮﺩ
ﻣﻌﻮﺽ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ، 2ﺳﻨﺔ 1999-1420ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ .
-ﺍﶈﺼﻮﻝ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢـ :ﻃﻪ ﺟﺎﺑﺮ ﺍﻟﻔﻴﺎﺽ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ
ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ .1983
-ﳐﺘﺼﺮ ﺍﻟﺼﻮﺍﻋﻖ ﺍﳌﺮﺳﻠﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﳉﻮﺯﻳﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1985ﺑﲑﻭﺕ.
-ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ ،1983ﺑﲑﻭﺕ.
300
-ﳐﺘﺼﺮ ﺍﳌﻨﺘﻬﻰ ﻣﻊ ﺷﺮﺣﻪ ﻭﺣﻮﺍﺷﻴﻪ ،ﺍﺑﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ،ﻃﺒﻌﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺍﻷﺯﻫﺮﻳﺔ.
-ﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ –ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ،-ﺟﻴﻔﺮﻱ ﺳﺎﻣﺒﺴﻮﻥ ،ﺗﺮ :ﺃﲪﺪ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﺍﻋﲔ ،ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ
ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1993ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻴﺪ ﺟﺤﻔﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺗﻮﺑﻘﺎﻝ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ. 2000
-ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﻓﺮﺍﻧﻚ ﺑﺎﳌﺮ ،ﺗﺮ :ﺧﺎﻟﺪ ﳏﻤﻮﺩ ﲨﻌﺔ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
1997ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ.
-ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﳏﻤﻮﺩ ﻓﻬﻤﻲ ﺣﺠﺎﺯﻱ ،ﺩﺍﺭ ﻗﺒﺎﺀ 1998ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﻣﻬﺪﻱ ﻓﻀﻞ ﺍﷲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ ،1985ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﺭﻭﻧﺎﻟﺪ ﺇﻳﻠﻮﺍﺭ ،ﺗﺮﺩ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺩﻣﺸﻖ1400 ،ﻫـ-
1980ﻡ ،ﺳﻮﺭﻳﺎ.
-ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ ، 2004ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ –ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻐﺎﳕﻲ –ﻋﻮﺍﺩ ﻋﻠﻲ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻁ،1ﺳﻨﺔ ،1990ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ.
-ﻣﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺟﻮﻟﺪ ﺯﻳﻬﺮ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻠﻴﻢ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ1955 ،
ﻣﺼﺮ.
-ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻻﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺍﳌﻘﺪﺳﻲ ،ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﲢـ :ﺃﺑﻮ
ﺣﻔﺺ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻴﻘﲔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ.1999
-ﺍﳌﺰﻫﺮ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ،ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ،ﺷﺮﺡ ﻭﺿﺒﻂ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﳏﻤﺪ ﺃﲪﺪ
ﺟﺎﺩ ﺍﳌﻮﱃ ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺒﺠﺎﻭﻱ ﻭﳏﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳉﻴﻞ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ،ﲢـ :ﳏﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻼ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳉﻨﺪﻱ
ﺳﻨﺔ ،1971ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ) ،ﺩ ﺕ ﻁ( ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﳌﺴﺘﺼﻔﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ1937
ﻣﺼﺮ.
-ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻠﻤﻊ ،ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺸﲑﺍﺯﻱ ،ﺗﺢ :ﻋﺒﺪ ﺍﻴﺪ ﺗﺮﻛﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ
.1988
301
-ﻣﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﳉﺒﺎﺭ ،ﺗﺢ :ﻋﺪﻧﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﺯﺭﺯﻭﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﳌﻌﺎﱂ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ،ﲢـ:ﻋﺎﺩﻝ ﺃﲪﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ -ﻭﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ
ﻣﻌﻮﺽ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻟﻠﻨﺸﺮ ،ﻁ، 2ﺳﻨﺔ، 2004ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﳌﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﲔ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ،ﺗﻘﺪﱘ ﺧﻠﻴﻞ ﺍﳌﻴﺲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻭﺃﺻﻮﳍﺎ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ،ﻧﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺗﺮ :ﳏﻤﺪ ﻓﺘﻴﺢ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ
ﻁ ،1ﺳﻨﺔ .1993
-ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺘﻠﻤﺴﺎﱐ ،ﲢـ:ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ،ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1983ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ،ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻃﺒﻌﺔ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﻭﺍﻟﺸﺆﻭﻥ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ.
-ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻨﺺ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻧﺼﺮ ﺣﺎﻣﺪ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺳﻨﺔ 1994
ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺍﺑﻦ ﻓﺎﺭﺱ ،ﺣﻘﻘﻪ ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮﻭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﺑﲑﻭﺕ ،ﻟﺒﻨﺎﻥ )ﺩ ﺕ ﻁ( .
-ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺨﺎﻃﺐ ،ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﻋﻠﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﳉﺪﻳﺪ ،ﻁ، 1ﺳﻨﺔ
،2004ﺑﲑﻭﺕ .
-ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ،ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﺠﺮ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2001ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ.
-ﻣﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ،ﻣﺮﺗﺾ ﺟﻮﺍﺩ ﺑﺎﻗﺮ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺮﻭﻕ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،2002ﻋﻤﺎﻥ.
ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻓﻦ ﺍﳌﻨﻄﻖ ،ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ،ﲢـ :ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺩﻧﻴﺎ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﻁ ،2ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﳌﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍﺯ ﺃﺭﻣﻴﻨﻜﻮ ،ﺗﺮ :ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻮﺵ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ) ،ﺩ ﺕ ﻁ(.
-ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ،ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ،2003 ،ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ.
-ﺍﳌﻠﻔﻮﻇﻴﺔ ،ﺟﺎﻥ ﺳﲑﻓﻮﱐ ،ﺗﺮ:ﻗﺎﺳﻢ ﺍﳌﻘﺪﺍﺩ ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﲢﺎﺩ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﺏ.1998 ،
-ﺍﳌﻠﻞ ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ،ﺍﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﱐ ،ﺗﻘﺪﱘ ﻭﺇﻋﺪﺍﺩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻌﻴﺪ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻷﳒﻠﻮ ﻣﺼﺮﻳﺔ ،ﻁ1
.1977
-ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﺪ ﻣﻔﻜﺮﻱ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ 1984 ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ ﻫﺮﻣﺎﻥ ﺑﺎﻭﻝ ﺣﱴ ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﺑﺮﳚﺘﻪ ﺑﺎﺭﺗﺸﺖ ،ﺗﺮ:ﺩ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﺴﻦ
ﲝﲑﻱ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ ﻁ 1425ﻫـ 2004 -ﻡ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .
302
-ﺍﳌﻨﺨﻮﻝ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﱄ ،ﲢـ:ﳏﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﻫﻴﺘﻮ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻁ. 1
-ﺍﳌﱰﻉ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﰲ ﲡﻨﻴﺲ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ،ﺍﻟﺴﺠﻠﻤﺎﱐ ،ﺗﺮ :ﻋﻼﻝ ﺍﻟﻐﺰﻱ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ1980 ،
ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ.
-ﻣﻨﻊ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﺎﺯ ﰲ ﺍﳌﱰﻝ ﻟﻠﺘﻌﺒﺪ ﻭﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ،ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﺣﻘـ :ﺳﺎﺣﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺮﻣﻲ
ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﻁ ،1ﺳﻨﺔ ،1993ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺷﺮﺡ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ،ﺍﻟﺒﺪﺧﺸﻲ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺻﺒﻴﺢ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﻭﻱ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻁ،1ﺳﻨﺔ 1370ﻫـ.
-ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﳋﻄﺎﺏ ،ﺇﺩﺭﻳﺲ ﲪﺎﺩﻱ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻁ ،1998 ،1ﺍﻟﺪﺍﺭ
ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺍﳌﻐﺮﺏ.
-ﻣﻨﻬﺞ ﺍﳌﺘﻜﻠﻤﲔ ﰲ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺅﻭﻑ ﻣﻔﻀﻲ ﺧﺮﺍﺑﺸﺔ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ
ﻁ.2005
-ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ،ﺍﻟﺸﺎﻃﱯ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ،ﻣﺼﺮ) ،ﺩ ﺕ ﻁ(.
-ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﰲ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ،ﺍﻟﺴﻤﺮﻗﻨﺪﻱ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﲢـ:ﳏﻤﺪ ﺯﻛﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﻄﺮ
ﻁ ،1984 1ﺍﻟﺪﻭﺣﺔ.
-ﻧﺜﺮ ﺍﻟﻮﺭﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩ ،ﳏﻤﺪ ﺃﻣﲔ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﲢﻘﻴﻖ ﻭﺇﻛﻤﺎﻝ ﳏﻤﺪ ﻭﻟﺪ ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ
ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻨﺎﺭﺓ ،ﻁ ،3ﺳﻨﺔ ،2002ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ.
-ﳓﻦ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺙ -ﻗﺮﺍﺀﺍﺕ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﰲ ﺗﺮﺍﺛﻨﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ،-ﳏﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ ﺍﳉﺎﺑﺮﻱ ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ،ﻁ
،6ﺳﻨﺔ ،1993ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ.
-ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻋﺒﺪﻩ ﺍﻟﺮﺍﺟﺤﻲ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،ﻁ،1979ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ،ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ 1333ﻫـ ،ﻣﺼﺮ .
-ﻧﺸﺄﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻋﻠﻲ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﺳﻨﺔ ،1966ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺒﻨﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩ ،ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ،ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ
ﻟﻨﺸﺮ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﲔ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﳌﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ.
-ﻧﻔﺎﺋﺲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺷﺮﺡ ﺍﶈﺼﻮﻝ ،ﺍﻟﻘﺮﺍﰲ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻧﺰﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﺯ ،ﺍﳌﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،ﺻﻴﺪﺍ ،ﻁ ،3ﺑﲑﻭﺕ.
-ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ – ﻛﻴﻒ ﻧﻨﺠﺰ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ؟ ،ﺃﻭﺳﺘﲔ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻴﻨﻴﲏ
ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﺳﻨﺔ .1991ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ .
303
-ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ :ﺣﻠﻤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ 1995 ،ﻣﺼﺮ.
-ﺍﻟﻨﺺ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻭ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ،ﻓﺎﻥ ﺩﻳﻚ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻨﻴﲏ
ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﻁ ،2000ﺍﳌﻐﺮﺏ.
-ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ-ﻛﻴﻒ ﻧﻨﺠﺰ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ -ﺃﻭﺳﺘﲔ ،ﺗﺮ :ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﻴﻨﻴﲏ ،ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﺳﻨﺔ ،1991ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ .
-ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻴﺔ-ﺍﳋﻄﺎﺏ ﻭﻓﺎﺋﺾ ﺍﳌﻌﲎ، -ﺑﻮﻝ ﺭﻳﻜﻮﺭ ،ﺳﻌﻴﺪﺍﻟﻐﺎﳕﻲ،ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺍﻟﻌﺮﰊ
ﻁ،2ﺳﻨﺔ .2006
-ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﰲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻓﻴﺪﻭﺡ ،ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ ،2005ﺩﻣﺸﻖ.
-ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺑﻮﻝ ﺟﺮﺍﻳﺲ ،ﺻﻼﺡ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ،ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﳌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ،ﻁ ،2005ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻟﻨﻜﺖ ﰲ ﺇﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﺍﻟﺮﻣﺎﱐ ،ﺗﺢ :ﳏﻤﺪ ﺧﻠﻒ ﺍﷲ ﻭﳏﻤﺪ ﺯﻏﻠﻮﻝ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ ،ﻁ ،2ﺳﻨﺔ
،1968ﻣﺼﺮ.
-ﺎﻳﺔ ﺍﻹﳚﺎﺯ ﰲ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ،ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺯﻱ ،ﲢـ :ﻧﺼﺮ ﺍﷲ ﺣﺎﺟﻲ ،ﺩﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ،ﻁ1
ﺳﻨﺔ ،2004ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ ﰲ ﺷﺮﺡ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻷﺻﻮﻝ ،ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ،ﲢـ:ﺷﻌﺒﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ،ﺩﺍﺭ ﺍﺑﻦ
ﺣﺰﻡ ،ﺳﻨﺔ ،1999ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﻝ ﺷﺮﺡ ﺍﳌﻨﻬﺎﺝ ،ﺍﻹﺳﻨﻮﻱ ﲨﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺻﺒﻴﺢ ،ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﳘﻊ ﺍﳍﻮﺍﻣﻊ ﰲ ﺷﺮﺡ ﲨﻊ ﺍﳉﻮﺍﻣﻊ ،ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ،ﲢـ:ﺃﲪﺪ ﴰﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﺳﻨﺔ ،1998ﺑﲑﻭﺕ.
ـــــــــــــ
ﺍﻼﺕ:
-ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ،ﻋﺎﺩﻝ ﻓﺎﺧﻮﺭﻱ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﱐ–ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ 1980
ﻟﺒﻨﺎﻥ.93،
-ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻭ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ،ﺁﺭﺕ ﻓﺎﻥ ﺯﻭﺳﺖ ،ﺗﺮ :ﺃﻧﻄﻮﺍﻥ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ
5ﺷﺘﺎﺀ ، 1989ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﺑﲑﻭﺕ .
304
-ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﲔ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻋﻴﺪ ﺑﻠﺒﻊ ،ﳎﻠﺔ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ،1ﻁ1
ﺳﻨﺔ 2007ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ.
-ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻧﻘﺪﻳﺎ ،ﻣﻌﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﻲ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻷﺩﻳﺐ ،ﻉ ،58ﺳﻨﺔ ،2005ﺑﻐﺪﺍﺩ.
-ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﻣﺎﺯﻥ ﺍﻟﻮﻋﺮ ،ﳎﻠﺔ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﺩﰊ ،ﺍﻟﻌﺪﺩﺍﻥ ،213-212ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ-1988 ،
ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﱐ . 1989
-ﺍﻟﺘﻌﻴﲔ ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﲔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺟﻮﺯﻳﻒ ﺷﺮﱘ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ 19/18
ﺷﺒﺎﻁ/ﺁﺫﺍﺭ ،1982ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﺑﲑﻭﺕ.
-ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺑﲔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ -ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﳌﻘﺮﻭﺀ ﰲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺃﲪﺪ ﺣﺴﺎﱐ ،ﳎﻠﺔ ﳎﻤﻊ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻉ 3ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ -ﲨﺎﺩﻯ ﺍﻷﻭﱃ 142ﻫـ
ﺟﻮﺍﻥ .2006
-ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ،ﻋﺎﻃﻒ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ، 25ﺳﻨﺔ، 1983ﻟﺒﻨﺎﻥ .
-ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻋﺮﰊ،ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﳎﻠﺔ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﺍﻷﺩﰊ،ﻉ-271ﺗﺸﺮﻳﻦ،1993ﺩﻣﺸﻖ.
-ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ »ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻓﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻲ«،ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻘﺎﻓﻠﺔ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ، 6ﺍﻠﺪ 43
ﲨﺎﺩﻯ ﺍﻵﺧﺮﺓ 1415،ﻫـ ﺩﻳﺴﻤﱪ 1994ﻡ ،ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ .
-ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ،ﺍﳉﻴﻼﱄ ﺣﻼﻡ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ
ﺍﻠﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻭﻝ ،ﳏﺮﻡ -ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻷﻭﻝ 1425ﻩ ،ﺍﺑﺮﻳﻞ –ﻳﻮﻧﻴﻮ ،2004ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ.
-ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ،ﻣﺎﺯﻥ ﺍﻟﻮﻋﺮ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﺩ
،06ﺳﻨﺔ . 1982
-ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﻭﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﺪ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ،ﻣﻨﺬﺭ ﻋﻴﺎﺷﻲ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮ
ﺍﻟﻌﺪﺩ -40ﲤﻮﺯ-ﺁﺏ 1986ﻡ ،ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻹﳕﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﻟﺒﻨﺎﻥ.
-ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳌﻌﲎ ﻋﻨﺪ ﻓﲑﺙ ،ﺟﻮﻥ ﻟﻴﻮﻧﺰ ،ﺗﺮ:ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﳎﺎﻫﺪ ،ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﺍﻟﻌﺪﺩ78
ﺧﺮﻳﻒ 1994ﺑﲑﻭﺕ.
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ:
-
Aspects de la Théorie Syntaxique, Chomsky, tra jean Claude Millner,
ed paris, le seuil, 1978.
-Clefs pour la sémantique ; G. Mounin. Paris. 1972.
305
-
Dictionnaire de didactique des Langues, R.Galisson /D.coste, Hachette
-
Dictionnaire de Linguistique, jean Dubois et autres, Paris, Larousse,
1994.
-Dictionnaire de linguistique, G.Mounin, paris, 1974.
-Essais sur la forme et le sens, Noam Chomsky, tra Joëlle sampy
Seuil1980, Paris.
-écrits sur le signe, Charles Senders Peirce, ed, seuil, 1978.
-éléments de sémantique, John Lyons, traduction j - Durand, librairie
Larousse, paris, 1978.
-Fondements des théories des signes, Charles Morris, in langage. n
°35.Septembre 1974.
-Introduction à la sémiologie, Georges Mounin , ed minuit. Paris ,1973 .
-Quand dire c' est Faire, J.L.Austin, Tra par Gilles Lane, Seuil1970.
-Question de Sémantique, Chomsky, Tra Bernard Cerquiglini , Ed,
Seuil, 1975.
-
La Linguistique Cartésienne, Noam Chomsky, tr: E.Delannoe et
D.Seperber, édition du seuil, paris.
-La sémantique, pierre Guiraud, éd, puf, paris, 1972.
-La pragmatique, Françoise Armengaud, puf ,4 em Edition, 1999.
-Le dire et le dit, Oswald. Ducrot, Ed, Minuit, 1984.
-
Le langage et La pensée, Chomsky, tra Louis jean Calvet, payot, parais.
-Les actes de Langage (essai de philosophie du langage).J.R.Searle,
collection savoir, lecture, Herman, Paris, France.1996, Nouveau tirage.
-Les enjeux de la Sémiotique, Anne Hénault, éd, puf, 1979.
-Les grands courants de linguistique moderne, Leroy (m), université de
Bruxelles, 1971.
-L' implicite, Orecchioni C.K, éd, Armand Colin, Paris, 1986.
-Sémantique, Herbert .E / Brekle, Td Armand Colin, paris 1974.
-Sémantique Linguistique, John Lyons, Traduit par Jacques Durand et
Dominique Boulonnais, 1990, Paris.
-Sémantique linguistique, Lyons(John). tra. J. Durand et Du.
Boulonnais-Librairie Larousse, 1980.
-Sémiotique, dictionnaire raisonné de la théorie du langage, grimas et
courtés paris, éd, hachette, 1979,.
-Structures Syntaxiques, Chomsky, tr: Michel braudeau, paris, le seuil,
1991.
-théorie et pratique du signe- introduction a la sémiotique de Cs
Peirce, Gerrard Deledalle, Ed, Payot, paris1979.
306
ﻓﻬﺮﺳﺖ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎﺕ
307
ﻓﻬﺮﺳﺖ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎﺕ
ﺇﻫــﺪﺍﺀ
ﺃ ﻣﻘﺪﻣـﺔ
26-10 ﻣﺪﺧـﻞ ﻋﺎﻡ ﺇﻟــﻰ:
11 ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ.
15 ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ.
17 ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ.
20 ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
22 ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻌﺮﺏ.
25 ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﳌﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
93-27 ﺍﻟﻔﺼـﻞ ﺍﻷﻭﻝ :ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﻛﻨﻒ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.
29 ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ
31 ﺗﺼﻮﺭ ﺩﻱ ﺳﻮﺳﲑ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ.
33 ﺗﺼﻮﺭ ﺑﲑﺱ.
41 ﺗﺼﻮﺭ ﺷﺎﺭﻝ ﻣﻮﺭﻳﺲ.
47 ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ.
51 ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻴﺔ.
77 ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﳊﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ.
85 ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﲏ ﻟﻠﻤﻌﲎ.
89 ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ.
143-94 ﺍﻟﻔﺼـﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ –ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ -ﻭﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ.
94 ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﺻﻮﱄ.
94 -ﺁﻟﻴﺔ ﺍﳌﻨﻄﻮﻕ ﻭﲢﺮﻳﻚ ﺍﳌﻌﲎ.
116 -ﺁﻟﻴﺔ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﺳﺘﺸﻌﺎﺭ ﺍﳌﻌﲎ.
134 ﺗﻘﺴﻴﻤﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻤﻌﲎ.
137 ﺗﺼﻮﺭ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ.
308
196-114 ﺍﻟﻔﺼـﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ.
145 ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺘﻴﻢ ﺇﱃ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ.
153 -ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ.
161 -ﻋﺮﻓﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ.
164 -ﺍﳊﺬﻑ.
171 -ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ.
187 ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﳌﺴﺎﻗﻲ ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﺎﻃﺒـﻲ.
234-197 ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﻭﺍﻟﻤﻨﺠﺰ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
198 ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﱄ ﺍﳊﺪﻳﺚ.
201 ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﳌﻨﺠﺰ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳊﺪﻳﺚ.
206 ﺗﺼﻮﺭ ﺟﺮﺍﻳﺲ ﻟﻠﻤﻌﲎ.
222 ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﻠﺴﺎﱐ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ ﻟﻠﻤﻌﲎ.
224 ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﱄ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﺩﻻﻟﻴﺔ.
224 -ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﻳﺔ.
228 -ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﻳﺔ.
233 -ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﲰﻴﺔ.
285-235 ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ :ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ.
239 ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﳋﺼﻮﺹ.
242 ﺍﳌﻄﻠﻖ ﻭﺍﳌﻘﻴﺪ.
243 ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ.
274 ﺍﻟﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﺪﻻﱄ.
286 ﺧﺎﺗـﻤﺔ.
291 ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ.
308 ﻓﻬﺮﺳﺖ ﻋﺎﻡ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﺎﺕ.
309
ﻣﻠﺨـــّﺺ ﺍﻟﺮﺳﺎـﻠﺔ:
ﻳﺴﻌﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺇﻟﻰ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﻭﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻭﺗﻌﻘﹼﻞ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺙ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺤﻄﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﻫﺎ
ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻓﺘ ﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ )ﺗـ204ﻫـ( ،ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ ﻷﺑﻲ ﺣﺎﻣﺪ
ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ )505ﻫـ( ﻭﺍﻟﻤﺤﺼﻮﻝ ﻟﻔﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ )606ﻫـ( ،ﻭﺷﺮﺡ ﺗﻨﻘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﻟﻠﻘﺮﺍﻓﻲ
)684ﻫـ( ،ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺎﺕ ﻟﻠﺸﺎﻃﺒﻲ )799ﻫـ( ،ﻭﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﻟﻠﺸﻮﻛﺎﻧﻲ )1250ﻫـ( ،ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺗ ﻢ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ -ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ sémantique
ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻟﻴﺔ –pragmatiqueﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻠﻮ ﻭﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻠﺢ
ﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻰ ﻧﺼﺎ ،ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
ﻧﺬﻛﺮ:
-ﺍﻟﻤﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ .enoncé
-ﺍﻟﻤﻨﻄﻮﻕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ،ﻭﻳﺸﻤﻞ:
-ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ . Présupposition
-ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ .indication
-ﺍﻹﻳﻤﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ.
-ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ . Le sous entendu
-ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ . semiosis-indice
-ﺍﻟﺤﺬﻑ .omission- ellipse
-ﺍﻟﻌﺮﻑ ) tradition-emploiﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ،ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ(.
-ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻣﻲ . Acte de parole
-ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ .contexte
ﺛ ﻢ ﺳﻌﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﺪ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ -ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ -ﺑﻴﻦ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ﻭﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻴﻴﻦ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﻨﻮﺍ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﻭﺍﻫﺘﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ
ﻭﺑﺄﻧﻤﺎﻁ ﺗﺸﻜﻠﻪ ﻛﺠﺮﺍﻳﺲ ، Grice.H.Pﻭﺃﻭﺳﺘﻦ ، J.L.Austinﻭﺁﻥ ﺭﻭﺑﻮﻝ Anne
، Reboulﻭﺟﺎﻙ ﻣﻮﺷﻼﺭ ، Jaque moeshlerﻭﺃﺯﻭﺍﻟﺪ ﺩﻳﻜﺮﻭ Oswald. Ducrot
ﻭﺃﺭﻛﻴﻮﻧﻲ . Orecchioni C.K
310
ﺗﺼﻮﻳﺐ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ )ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﻌﲎ ) (...ﳐﺘﺎﺭ ﺩﺭﻗﺎﻭﻱ-ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻭﻫﺮﺍﻥ(
ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻄﺮ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﳋﻄﺄ
ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ 14 80 ﺃﺻﻠﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ
ﻳﻨﺒﺊ 7 116 ﻳﻨﺒﺆ
ﻗﻮﺍﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ 4 168 ﻗﻮﺍﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮﻙ
ﻳﺘﻜﺊ 1 175 ﻳﺘﻜﺆ
ﲢﺬﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ 13 175 ﺍﻷﺻﻮﱄ
ﻛﺎﺫﺑﺎ، 8 200 ﻛﺎﺫﺑﺎﻥ
ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﻢ 13 200 ﻗﺎﺻﺪﻫﻢ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ 14 200 ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ
ﻣﺒﺪﺃ 15 202 ﻣﺒﺪﺍ
ﻛﻠﻬﻢ 11 205 ﻛﻠﻬﻚ
ﰲ ﺣﲔ ﺃﻭﺳﱳ 2 206 ﰲ ﺃﻭﺳﱳ
ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ 17 211 ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ
ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ، 19 211 ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻥ
ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ،ﺍﳌﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻮ 3-2-1 ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ 223
ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ،ﻭﺍﶈﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ ﺭﺟﻞ ﻳﻮﺻﻒ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ...
ﺑﺄﻧﻪ ﺻﺪﻳﻖ ﻛﺎﻥ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ.
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻲ 04 232 ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻲ
ﻣﺎ 7 243 ﻣﻞ
ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ 12 245 ﺗﻌﺪﺩﺓ
ﺍﳊﺎﻓﺔ 5 246 ﺍﳋﺎﻓﺔ
ﻳﻠﺠﺊ 14 249 ﻳﻠﺠﺆ
ﺗﻠﺠﺌﻪ 14 249 ﺗﻠﺠﺆﻩ
ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ 10 250 ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ
ﻣﻠﻔﻮﻇﺎﻥ ﺍﺛﻨﺎﻥ 11 250 ﻣﻠﻔﻮﻇﲔ ﺍﺛﻨﲔ
ﻒ ﺑﺎﻟﺪﻳﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﹾﱂ ﻳ ﻌﻔﹸﻬﺎ )ﺷﻌﺮ ﺯﻫﲑ ﺑﻦ ﺃﰊ ﺳﻠﻤﻰ ،ﲢـ:ﻓﺨﺮ
ﻗ 11-10 263 ﻗﻮﻝ ﺯﻫﲑ :
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻗﺒﺎﻭﺓ ،ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻓﺎﻕ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ،ﻁ1980، 3 ﻗﻒ ﺑﺎﻟﺪﻳﺎﺭ ﻟﱵ ﱂ ﻳ ﻌﻔﻬﺎ ...
،ﺹ.100
ﺍﻟﺘﺄﺛﺮ 14 263 ﺍﻟﺘﺎﺛﺮ
ﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻭﺍﳌﻌﺪﻭﺩ ﰲ ﺍﻟﺘﺬﻛﲑ ﻭﺍﻟﺘﺄﻧﻴﺚ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺗﻜﺮﺭﺕ ﰲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺃﺣﺪ ﻭﺇﺣﺪﻯ
ﺑﺄﺣﺪ ﻭﺇﺣﺪﻯ ،ﰲ ﺹ 122ﻧﻘﻮﻝ ﺇﺣﺪﻯ ﺩﻻﻻﺕ )ﺱ.(15ﻭﰲ ...-163-154
ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﺿﻊ.
311